يمنيون يتهمون الحوثيين بنهب إيرادات «التراث والتنمية»

الجماعة أغلقت بيوت الفن والمؤسسات الثقافية وفاقمت معاناة منتسبيها

TT
20

يمنيون يتهمون الحوثيين بنهب إيرادات «التراث والتنمية»

أفادت مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء بأن الميليشيات الحوثية واصلت ارتكاب جرائم النهب المنظم بحق إيرادات صندوق التراث والتنمية الثقافية الواقع تحت قبضة وسيطرة الجماعة، وذلك في سياق عمليات التحايل على القوانين الخاصة بإنشائه من خلال ضم موارده المستقلة المستقطعة من كبرى الشركات والمصانع إلى الموازنة العامة لما يسمى بالدولة ثم صرفها بعيداً عن اهتمامات وأهداف الصندوق.
واتهمت المصادر العاملة في قطاع الثقافة الواقع تحت سيطرة الجماعة في صنعاء 4 من قيادات الحوثيين، هم المدعو عبد الله الكبسي المعين من قبل الميليشيات وزيراً للثقافة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، ونائبه أحمد حيدر، والمدعو إبراهيم الموشكي المنتحل لمنصب المدير التنفيذي لصندوق التراث، وسليم المطري مسؤول الإيرادات في الصندوق، بأنهم ينهبون منذ العام 2015 بصورة شهرية أكثر من 80 مليون ريال من موارد الصندوق (الدولار نحو 600 ريال).
وأكدت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، عن أن إجمالي ما نهبته تلك القيادات من موارد الصندوق منذ 2015 حتى أبريل (نيسان) الماضي، يقدر بنحو 6 مليارات و80 مليون ريال، بالإضافة إلى مبلغ 117 مليون ريال كانت في حسابات الصندوق قبل انقلاب الجماعة واقتحامها المدن اليمنية.
وأشارت المصادر إلى أن قادة الميليشيات الموكل إليهم إدارة شؤون الثقافة وصندوقها صرفت منذ انقلابها وفرض سيطرتها على مؤسسات الدولة مستحقات شهرين للعاملين والموظفين، بينما واصلت بقية الفترة السطو على تلك الحقوق المالية.
وفي السياق أيضاً، تحدث مهتمون في الشأن الثقافي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عمليات الفساد والتحايل الحوثية المتكررة بحق الثقافة والتراث وغيرها تأتي في إطار جرائم الجماعة التدميرية التي لا حصر لها بحق ذلك القطاع ومنتسبيه.
ولفتت المصادر إلى أن الهدف من إنشاء الصندوق هو دعم الفنانين وبيوت الفن والفرق الخاصة وغيرها من الجوانب المتعلقة بالتراث الثقافي.
وقال مختصون في الشأن الثقافي في صنعاء إن صندوق التراث الذي مارست من خلاله الميليشيات أبشع صور الفساد والسطو والعبث يعد واحداً من أصل 40 صندوقاً حكومياً خصصت لها موارد من الدولة ومساهمات القطاعات التجارية والمنح الخارجية وتحولت جميعها لإثراء جيوب الجماعة وفي سبيل دعم عملياتها العسكرية.
وأشاروا إلى أن ذلك الصندوق له موارده الشهرية الخاصة به منذ تأسيسه حسب إقرار وموافقة مجلس النواب في العام 2002؛ حيث خصصت له نسبة من مبيعات السجائر والمياه المعدنية ومصانع الإسمنت وشركة النفط، والتي تتجاوز أكثر من 80 مليون شهرياً.
وأضافوا أنه كان للفنانين والأدباء والمثقفين والعاملين في التنمية التراثية حوافز شهرية تصرف من ذلك الصندوق، لكن الميليشيات قطعتها عنهم منذ العام 2015. وادعت حينها أن البلد يمر بـ«حرب» وأنها سخرتها جميعها دعماً لجبهاتها القتالية.
وعلى صعيد متصل، شكا فنانون وأدباء وعاملون بمجال التراث بصنعاء، التقت بهم «الشرق الأوسط»، من استمرار الجماعة في نهب مستحقاتهم وحقوقهم المالية وتسخيرها لصالح مجهودها الحربي ولمن تم تعيينهم من قبلها بإدارة ذلك القطاع.
وتحدثوا عن أن الغالبية منهم لم يتلقوا، في ظل استمرار حكم وفساد الانقلابيين أي مساعدات من الصندوق منذ أكثر من 5 سنوات، ولفتوا إلى أن أوضاعهم المعيشية وأسرهم باتت صعبة وحرجة، ومنهم من لا يزالون يعانون من أمراض مختلفة.
ووصف الفنانون والمثقفون ما يجري من فساد وعبث حوثي منظم بأنه تنمية لجيوب قيادات في الجماعة بعيداً عن التنمية الثقافية والحفاظ على التراث اليمني.
وكشفوا عن أن جرائم السطو والنهب الحوثية بحق ذلك القطاع ومنتسبيه المستمرة على مدى سنوات ماضية أسفرت عن إغلاق بيوت الفن وإيقاف عمل غالبية الفرق الفنية والثقافية الخاصة وتحول مئات من العاملين فيها إلى متسولين في بعض شوارع وطرقات مدن سيطرة الميليشيات.
ومنذ اجتياح الحوثيين، حلفاء إيران في اليمن، العاصمة صنعاء ومناطق أخرى وبسط نفوذهم وسيطرتهم على كل مفاصل الدولة؛ بما فيها مؤسسات الثقافة، تعرضت الحياة الفكرية والأدبية والثقافية في اليمن لمأساة وانتكاسة كبيرة، وطالت العشرات من مباني الهيئات والمؤسسات الثقافية سلسلة من الاقتحامات والتدمير والعبث الممنهج، في حين واجه مثقفون وكتاب وأدباء عمليات اعتداء وتشريد واعتقال ومنع واستهداف وتصفية.
وفي مقابل ذلك، عبّر عدد من الأدباء والمثقفين في مناطق سيطرة الميليشيات، بلقاءات سابقة لهم مع «الشرق الأوسط»، عن أسفهم الشديد للوضع السيئ والمتردي الذي وصل إليه المشهد الثقافي اليمني.
وقال أحد الكتاب في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات المدعومة إيرانياً عمدت في السابق من خلال أساليبها الإرهابية إلى تجريف التراث الثقافي اليمني، ولا تزال مستمرة في مساعيها للقضاء على ما تبقى من تنوعه وتعدده؛ بغية فرضها نمطاً ثقافياً أحادياً معادياً للثقافة اليمنية.
وأضاف: «الاضطهاد الحوثي نال على مدى سنوات الانقلاب الماضية من كل الفئات اليمنية بمختلف أطيافها وتوجهاتها، وفي مقدمها الأدباء والمثقفون اليمنيون».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

دمشق تشكل لجنة للتحقيق في أحداث الساحل السوري

دمشق تشكل لجنة للتحقيق في أحداث الساحل السوري
TT
20

دمشق تشكل لجنة للتحقيق في أحداث الساحل السوري

دمشق تشكل لجنة للتحقيق في أحداث الساحل السوري

قالت الرئاسة السورية، اليوم (الأحد)، إن سوريا شكَّلت لجنة مستقلة للتحقيق في الاشتباكات التي وقعت بمنطقة الساحل.

واستمرت الاشتباكات، التي قالت جماعة مراقبة إنها أسفرت بالفعل عن مقتل 1000 شخص، معظمهم من المدنيين، لليوم الرابع على التوالي في معقل الرئيس المخلوع بشار الأسد على الساحل.

بيان الرئاسة السورية
بيان الرئاسة السورية