شاعر وتشكيلي يمني يعرض بيع مكتبته لتغطية تكاليف معيشته

صبري الحيقي (الشرق الأوسط)
صبري الحيقي (الشرق الأوسط)
TT

شاعر وتشكيلي يمني يعرض بيع مكتبته لتغطية تكاليف معيشته

صبري الحيقي (الشرق الأوسط)
صبري الحيقي (الشرق الأوسط)

تلقى الوسط الثقافي اليمن صدمة جديدة بإعلان شاعر وناقد تشكيلي بارز يعيش في صنعاء عرض مكتبته التي تضم 10 آلاف عنوان للبيع، لتغطية تكاليف معيشته وأسرته بعدما استنفد كل قدرته على الصمود طيلة ستة أعوام من قطع الميليشيات الحوثية رواتب الموظفين.
ومنذ سبتمبر (أيلول) 2014 لم تول الجماعة الحوثية التي انقلبت على السلطة الشرعية وأشعلت حرباً في اليمن أي اهتمام بالمبدعين في المجالات كافة، بل سخرت عائدات صندوق التراث لصالح مجهودها الحربي، في موقف يعيد إلى الأذهان واقعة إغلاق أبرز مكتبة في المدينة وتحويل دار الكتب إلى معرض لبيع الملابس.
منذ أيام أبدى الشاعر والناقد والفنان التشكيلي صبري الحيقي رغبته في بيع مكتبته التي تزخر بما يربو على 10 آلاف عنوان لتغطية نفقات معيشته، بعدما خرج من المنزل الذي كان يستأجره وانتقل إلى منزل آخر.
أكثر من ثلاثة عقود ونصف العقد من رفده الساحة الثقافية بإبداعه شعراً وفناً تشكيلياً ونقداً، حيث برز في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كرمز ثقافي وإبداعي متميز، يجد الحيقي اليوم نفسه كحال عشرات الآلاف من اليمنيين، عاجزاً عن دفع إيجار المنزل الذي يسكنه أو تحمل نفقات معيشته، وفق مثقفين وناشطين تضامنوا معه، وذكروا أن صندوق التراث في صنعاء «لم يعد مرتبطاً بوزارة الثقافة وأصبح مرتبطاً بما يسمى مكتب رئاسة الجمهورية الذي يديره القيادي الحوثي المتنفذ أحمد حامد»، ولم يعد الصندوق في خدمة المثقفين منذ صعود الحوثيين إلى السلطة في صنعاء بقوة السلاح.
وناشد هؤلاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي من أجل «الالتفات إلى مبدع كبير ساهم في إثراء الساحة الأدبية والثقافية والفنية والنقدية قبل أن بدأ يعاني من انقطاع المرتب منذ ما يزيد على ست سنوات»، وظل يقاوم إحباطات الواقع إلى الحد الذي أصبح يفكر جدياً في عرض مكتبته للبيع.
ويصف الشاعر اليمني محمد اللوزي صديقه الحيقي بأنه «اسم تفرد في الساحة الثقافية والإبداعية، وشكل حضوراً حيوياً، قدم ما يستحق أن نلقي له بالاً ونوقره، ومع ذلك يقابل بالجحود والنكران وهو اليوم يضيق به المكان، ولا يتسع لمكتبته الثرية بمختلف أنواع الفنون والفكر والثقافة». تشهد مكتبته على تميزه، على صبره في التقاط الكلمة وجعلها ناضجة كتفاحة، وصقلها كماسة تلمع فناً، يضيف اللوزي: «واليوم تحاصره الجدران، فكنوزه المعرفية أكبر من أن يتسع لها المكان والوقت».
انقلاب الميليشيات الحوثية على الحكومة الشرعية كان منعطفاً بارزاً في تاريخ البلاد السياسي، وينسحب ذلك على الثقافي أيضاً، فالجماعة المدعومة من إيران اتخذت موقفاً عدائياً من الإبداع والمبدعين والأنشطة الثقافية والفنية، وأغلقت الصحف المستقلة والمعارضة وحجبت عشرات المواقع الإلكترونية، وحولت وزارة الثقافة إلى منتدى لحشد المقاتلين وأوكلت إلى القيادية الحوثية ابتسام المتوكل مهمة قيادة ما سمتها «الجبهة الثقافية» بعد منحها رتبة عقيد في الداخلية.
في السياق نفسه، بسط القيادي الحوثي المتنفذ أحمد حامد على موارد صندوق التراث، الذي كان يعنى برعاية المبدعين والمثقفين، وحول جزءاً من أمواله لدعم نشاط تلك الجبهة والجزء الآخر يستخدم في دعم جبهات القتال.
ويقول أدباء وكتاب يمنيون إن غياب الأنشطة الثقافية والصحف التي تهتم بالإنتاج الأدبي والمعرفي ووقف موازنة اتحاد الأدباء والكتاب وتحويل المراكز الثقافية إلى مواقع للخطاب الطائفي وما يعرف بالزوامل الحربية (الأناشيد) أغلق الباب تماماً أمام أي نشاط في الجوانب الأدبية أو الفنية.
وزاد من بؤس هذا الواقع - بحسب كتّاب يمنيين - قطع رواتب الموظفين بمن فيهم الأدباء والفنانون والرسامون، مما جعل هؤلاء يعيشون أوضاعاً مأساوية.
من جهتها، تؤكد وزارة الثقافة في الحكومة اليمنية على أنها حاولت ورغم استيلاء الحوثيين على الموارد الرئيسية لصندوق التراث على تخصيص مبالغ شهرية متواضعة لدعم المبدعين، لكن قرار الميليشيات منع تداول الطبعة الجديدة من العملة في مناطق سيطرتهم تسبب في إيقاف هذه المبالغ لأن ما يصل إلى هؤلاء المبدعين هو نصف المبلغ فيما يذهب النصف الآخر عمولة تحويل.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.