​حملة جبايات جديدة تستهدف متاجر الذهب والمجوهرات في صنعاء

إغلاق محلات واختطاف مالكيها بمبرر التخلف عن دعم الجبهات

عناصر مسلحة حوثية تتجول في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر مسلحة حوثية تتجول في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

​حملة جبايات جديدة تستهدف متاجر الذهب والمجوهرات في صنعاء

عناصر مسلحة حوثية تتجول في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر مسلحة حوثية تتجول في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

بدأت في صنعاء حملات جباية جديدة لجمع الأموال من متاجر الذهب والمجوهرات تحت أسماء متعددة، منها تحصيل مخالفات، وتحصيل تبرعات لتنظيم الفعاليات ذات المنحى الطائفي، وغرامات على التخلف عن دعم المجهود الحربي ورفد الجبهات.

وذكرت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن حملات جباية حوثية استهدفت خلال الأيام الماضية نحو 40 محلاً تجارياً لبيع الذهب والمجوهرات في مديرية معين غرب العاصمة المختطفة، وتحديداً في شارع الرياض ومحيطه وسوق السنينة، وفي شارع جمال الواقع في مديرية التحرير وسط المدينة، إلى جانب محلات أخرى في مجمعات تجارية في عدة مناطق.

وأجبرت الجماعة الحوثية عبر حملتها مُلاك محلات بيع الذهب الكبيرة والمتوسطة والأصغر في المناطق المستهدفة بصنعاء على دفع مبالغ مالية بالقوة تحت اسم «مخالفات» وأخرى «تأديبية»، تبدأ بنحو 93 دولاراً، وتصل إلى أكثر من 460 دولاراً (ما بين 50 ألف ريال و250 ألف ريال حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 530 ريالاً).

ويكشف (عبد الله. م)، وهو تاجر مصوغات في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق مشرفي الجماعة لعددٍ من المحلات خلال يومين من انطلاق حملة الجباية الجديدة، واختطاف ملاك بعضها، ثم الإفراج عنهم بعد إلزامهم بدفع المبالغ المفروضة عليهم.

تجار ذهب في متجر بصنعاء (أرشيفية - غيتي)

ولفت التاجر إلى تصاعد غير مسبوق لوتيرة الجبايات الحوثية بحق تجار المجوهرات والذهب، وضد عموم السكان في العاصمة صنعاء خلال الآونة الأخيرة.

وتُجبر الجماعة، وفقاً للتاجر، ملاك متاجر المجوهرات والذهب في صنعاء على دفع مبالغ تقديرية، بحسب حجم وكمية المجوهرات التي يمتلكها كل منهم، متهماً إياها بالتضييق على ما تبقى من تجار المجوهرات والذهب في صنعاء وبقية المناطق تحت سيطرتها لإحلال طبقة جديدة من أنصارها وقادتها.

واشتكى مُلاك متاجر المجوهرات والذهب الذين طالهم التعسف الحوثي من البطش والابتزاز، مبينين أن الجماعة تواصل، بين فينة وأخرى، شن حملات ضدهم لجمع إتاوات نقدية بالقوة تحت أسماء متعددة؛ أبرزها تمويل الجبهات، ودعم إقامة الفعاليات.

ودفع الاستهداف الحوثي المستمر كثيراً من تجار المجوهرات والذهب في صنعاء وغيرها من المناطق تحت سيطرة الجماعة إلى إغلاق متاجرهم، بينما أوقف آخرون أنشطتهم التجارية ولجأوا إلى تسريح العاملين فيها، احتجاجاً على ذلك السلوك الذي يطالهم في كل مرة لنهب ما تبقى من أموالهم، طبقاً للمصادر.

يمنيون يتبضعون في إحدى أسواق صنعاء (أ.ف.ب)

ويطالب التجار في صنعاء بوضع حدّ لمثل تلك التعسفات الحوثية المتكررة ضد من تبقى من العاملين في قطاع الذهب المجوهرات، وجميع السكان في المناطق تحت سيطرة الجماعة.

وسبق للجماعة الانقلابية تنفيذ موجة ابتزاز وتعسف استهدفت متاجر بيع المجوهرات في صنعاء منتصف العام قبل الماضي، ما دفع أكثر من 22 متجراً إلى الإغلاق، تخوفاً من عمليات الجباية والسطو المنظمة التي ينفذها مسلحو الجماعة.

وسعت الجماعة الحوثية منذ انقلابها وسيطرتها على العاصمة صنعاء ومدن أخرى إلى مضاعفة حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان والتجّار في المناطق التي تحت سيطرتها، وسنَّت تشريعات رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات الحرب، وإثراء نفسها وقادتها.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء اليمني يزور طريق العبر ويشيد بمشاريع «البرنامج السعودي»

المشرق العربي رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك اطّلع على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر (الشرق الأوسط)

رئيس الوزراء اليمني يزور طريق العبر ويشيد بمشاريع «البرنامج السعودي»

اطلع رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر، ومشروع إعادة تأهيل منفذ الوديعة، اللذين ينفذهما «البرنامج السعودي».

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي يهدف مشروع الاستجابة للأمن الغذائي إلى استغلال مياه الأمطار في توسيع الرقعة الزراعية (إعلام محلي)

وكالة أممية تعالج ندرة المياه والتصحر في اليمن

ينفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشروعاً لمواجهة انعدام الأمن الغذائي في اليمن.

محمد ناصر (تعز)
الخليج جانب من توقيع الاتفاقية بين مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (واس)

«مركز الملك سلمان للإغاثة» يوقّع اتفاقية لتمكين المرأة اليمنية في مشاريع الطاقة المتجددة

وقّع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أمس، اتفاقية تعاون مشترك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمكين المرأة اليمنية في مشاريع الطاقة المتجددة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)

هل تستطيع مصر تعويض خسائر قناة السويس مع ازدياد الاضطرابات الإقليمية؟

حاويات شحن تمر عبر قناة السويس (رويترز)
حاويات شحن تمر عبر قناة السويس (رويترز)
TT

هل تستطيع مصر تعويض خسائر قناة السويس مع ازدياد الاضطرابات الإقليمية؟

حاويات شحن تمر عبر قناة السويس (رويترز)
حاويات شحن تمر عبر قناة السويس (رويترز)

شَكَت مصر مجدداً من تراجع عائدات قناة السويس، إثر استمرار التوترات في منطقة البحر الأحمر، مما أثار تساؤلات بشأن قدرة القاهرة على تعويض نزيف الخسائر الدولارية مع ازدياد الاضطرابات الإقليمية.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، الأحد، إن بلاده «فقدت ما بين 50 و60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإنه «لا بديل عن إنهاء الصراع في المنطقة لتعويض خسائر قناة السويس»، كما اقترحوا «استطلاع آراء الشركات الكبرى بشأن سد تخفيف مخاطر الملاحة المحتملة، لا سيما مع توقعات بامتداد أمد الحرب».

وتصاعدت التوترات في منطقة البحر الأحمر، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة في الممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية إلى تغيير مسارها متجنبةً المرور في البحر الأحمر، مما كان له تداعيات على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية.

وسبق أن أشارت القاهرة مراراً، وفي أكثر من مناسبة، إلى تراجع عائدات «قناة السويس». وقال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، في يوليو (تموز) الماضي، إن «بلاده تخسر ما بين 500 و550 مليون دولار شهرياً، بسبب توترات البحر الأحمر».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وبلغت إيراداتها العام الماضي 10.3 مليار دولار، حسب الإحصائيات الرسمية. لكنَّ هذه العائدات شهدت تراجعاً في الشهور الأخيرة، بسبب توترات البحر الأحمر، حيث انخفضت حصيلة رسوم المرور في قناة السويس بمعدل 7.4 في المائة، لتسجل 5.8 مليار دولار، مقابل 6.2 مليار دولار في الفترة بين يوليو (تموز) الماضي ومارس (آذار) من العام الحالي.

يؤكد الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية، اللواء عصام الدين بدوي، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا بديل عن استعادة الاستقرار الإقليمي ووقف الحرب في غزة لاستعادة حركة الملاحة في قناة السويس»، مشيراً إلى أن «شركات الشحن لديها مخاوف من التعرض لهجمات حال مرورها في البحر الأحمر، وبالتالي يتجه معظمها لتحويل المسار حتى وإن كانت التكلفة أكبر».

واتفق معه الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ بدء حرب غزة كان متوقعاً أن تتأثر الملاحة في قناة السويس، لا سيما مع بدء هجمات الحوثي ضد السفن المارة في البحر الأحمر»، مشيراً إلى أنه «كان يجب توقع الأزمة، ووضع سيناريوهات للتعامل معها من بينها تخفيض الرسوم لتشجيع بعض الشركات على العبور في القناة، في ضوء حسابات المخاطر والتكلفة».

لكنَّ نافع أكد في الوقت نفسه أن «التخفيضات قد تؤتي نتيجة مع بعض شركات الشحن التي تضع التكلفة في المقدمة، لكنَّ الأمور المتعلقة بالسلامة والأمن والتي تهم شركات الشحن الكبرى لن تفلح سياسة التخفيضات في مجابهتها».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة، مع شركات الشحن، أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات، لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وتحدَّث رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع، عن «اعتماد الهيئة استراتيجية مرنة وخطة تسويقية للحد من التداعيات»، كما أعلنت القناة «توفير حزمة من الخدمات البحرية والملاحية الخاصة مثل خدمات الإنقاذ البحري وخدمات صيانة وإصلاح السفن».

ويرى نافع أن «اللقاءات الفردية والخطط التسويقية لن تضع حداً لنزيف الخسائر ما دامت الاضطرابات الإقليمية مستمرة». لكن في الوقت نفسه يقترح «استطلاع آراء شركات الشحن الكبرى بشكل علمي لوضع تصور لمصفوفة المخاطر التي تواجههم، وسبل طمأنتهم، لا سيما مع اجتماعات زيادة سخونة الصراع في المنطقة».

وقال نافع: «قد يتطلب الأمر فرض تخفيضات في رسوم عبور القناة، أو التأمين على سفن الشحن، أو حتى التأمين المادي لعبور الحاويات في البحر الأحمر»، مضيفاً أن «كل ما سبق أمور تنبغي دراساتها بعناية وتقييمها وفق المكاسب والخسائر، لوضع تدابير قد تسهم في الحد من التداعيات وإن لم تقضِ عليها بشكل كامل».

وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».