جبايات حوثية من بوابة «المولد النبوي» رغم نفي زعيم الجماعة

إجبار السكان على الاحتفال وفرض اللون الأخضر

مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
TT

جبايات حوثية من بوابة «المولد النبوي» رغم نفي زعيم الجماعة

مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)

بينما نفى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي فرض أي جبايات مالية لدعم الاحتفالات بمناسبة «المولد النبوي»، واصلت الجماعة إجبار السكان، بمختلف فئاتهم ومهنهم، على التبرع لهذه الاحتفالات، وفرضت إجراءات عقابية على من يرفض التبرع، وتوعَّدت بمحاسبة مسؤولي المنشآت العمومية في حال عدم المشاركة، بالتزامن مع إقرار جبايات مرتفعة على الملابس المستوردة.

وكان الحوثي قد نفى في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن تكون جماعته قد فرضت ضرائب وجبايات مالية جديدة على التجار في مناطق سيطرتها، لتمويل الاحتفال بـ«المولد النبوي» الذي تنظمه سنوياً، وتحشد لصالحه كل الإمكانات والموارد البشرية والمالية، وتعمم بالقوة مظاهر الاحتفال في كافة الشوارع والطرقات والمباني في مناطق سيطرتها.

العبارات غير المفهومة التي ينشرها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» تثير تهكم السكان (إكس)

وانتشرت الزينات والأضواء الخضراء في سائر مناطق سيطرة الجماعة، مع نصب مئات اللوحات الإعلانية التي تحمل شعارات الجماعة الحوثية، ومقتطفات من خطابات زعيمها، أو مقولات مؤسسها حسين الحوثي.

وتسود المجتمع اليمني حالة من السخط بسبب هذه المظاهر الاحتفالية التي تستفز مشاعرهم، بسبب الأوضاع المعيشية التي يقاسونها تحت سيطرة الجماعة. ويمتزج السخط بالتهكم على تلك المظاهر، وعلى مقولات قائد ومؤسس الجماعة؛ خصوصاً أن كثيراً منها يُكتب بلغة ركيكة أو بصياغة غير مفهومة.

وأصدرت الجماعة توجيهات بزيادة جمركية على البضائع المستوردة الخاصة بالملابس والأحذية والحقائب، تحت مبرر دعم منتجات الملابس المحلية.

ووفقاً لتجار في مناطق سيطرة الجماعة، فإن التوجيهات الجديدة تضمنت رفع الجبايات المحصلة كجمارك، عن كل حاوية محملة بالملابس المستوردة أو مستلزماتها إلى نحو 56 ألف دولار (30 مليون ريال يمني).

السكان الذين يرفضون حضور الفعاليات الحوثية عرضة للعقوبة (إعلام حوثي)

واستغرب «نذير قادري» -وهو اسم مستعار لرجل أعمال- ادعاءات الجماعة تشجيع المنتجات المحلية من الملابس، رغم عدم وجود مصانع محلية لصناعة الملابس إلا على نطاق محدود جداً، وفي محال مملوكة لأفراد، وتعمل أغلبها على تجهيزات الأزياء للمدارس والشركات، وبخامات مستوردة أساساً.

وأوضح «قادري» لـ«الشرق الأوسط» أن مالكي هذه المحال يتعرضون بدورهم للابتزاز وفرض الجبايات بشكل يرهق ميزانيتهم ويحد من إيراداتهم، إضافة إلى كونهم يستخدمون الأقمشة ومواد الخياطة المستوردة، والتي تفرض الجماعة عليها جبايات طائلة.

تخضير المدن

وشددت الجماعة الحوثية على مشرفي التحصيل لديها، لإلزام التجار والباعة والشركات التجارية بدفع الأموال المقدرة من القادة المسؤولين عن الموارد المالية، كتبرعات للاحتفال بـ«المولد النبوي»، حسب طبيعة وحجم أنشطتهم وأعمالهم التجارية والخدمية.

وتقول المصادر إن الجماعة فرضت على كبريات المجموعات التجارية اليمنية، مثل «هائل سعيد أنعم وشركاه»، و«إخوان ثابت»، وشركة «درهم»، ومجموعة «الكبوس»، مبالغ كبيرة تصل إلى مليار ريال يمني، أي نحو مليون و900 ألف دولار؛ حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار عند 536 ريالاً.

لقطة جوية لمدينة صنعاء نشرتها الجماعة الحوثية لاستعراض قدراتها على فرض طابعها الطائفي (إعلام حوثي)

وفرضت الجماعة على مالكي المباني الكبيرة والبارزة في المدن والأرياف، وعلى المحال التجارية في عموم الشوارع، استخدام الزينات والأضواء الخضراء، واستخدام الطلاء الأخضر في تلوين الأبواب والنوافذ.

كما ألزمت المدارس والمنشآت العمومية بالاستعداد للاحتفال بـ«المولد النبوي» من خلال مظاهر الزينة والأضواء، وتخصيص جزء من إيراداتها لشرائها.

وكشفت مصادر تربوية أن قادة حوثيين في قطاع التربية والتعليم وجَّهوا مديري المدارس العمومية والخاصة، من خلال تطبيقات المراسلة في وسائل التواصل الاجتماعي، بضرورة رفع تقارير عن استعداداتهم للاحتفالات، وإرفاقها ببيانات التجهيزات والمواد المستخدمة، مع تهديد من يتخلف عن مواكبة الاحتفالات والاستعداد لها بتحمل عواقب ذلك.

جبايات من الطلاب

وأجبر عدد من مديري المدارس الموالين للجماعة الحوثية الطلاب على التبرع للاحتفالات بـ«المولد النبوي»، إما نقداً وإما عيناً.

وحسب المصادر، فإن هؤلاء المديرين سعوا إلى إثبات ولائهم وتفانيهم للاحتفال بـ«المولد النبوي» من خلال إلزام الطلبة بتقديم التبرعات من مصاريفهم اليومية، وبسبب أن غالبية الطلبة لا يحصلون على مصاريف للمدرسة من عائلاتهم بسبب تردي الأوضاع المعيشية، يطلب المديرون منهم التبرع العيني، كجلب مواد غذائية أو أقمشة ومستلزمات خضراء من منازلهم.

الحوثيون ضاعفوا الجبايات للمشاركة في الاحتفالات (إعلام حوثي)

وفي إحدى المدارس في حي سعوان شرق العاصمة المختطفة صنعاء، أُجبر الطلاب على إنفاق مبالغ مالية لشراء وزراعة شتلات أشجار، للمساهمة في تزيين المدرسة والتحضير للاحتفال بـ«المولد النبوي».

وفي كثير من أحياء صنعاء والمدن الأخرى والأرياف، تُجبر العائلات على دفع مبالغ تتراوح بين 10 و20 دولاراً (بين 5 آلاف و10 آلاف ريال يمني)، حسب عدد أفرادها، لدعم الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وبطريقة التعامل مع طلاب المدارس نفسها، يطلب المشرفون الحوثيون المسؤولون عن الجبايات، من كل عائلة تبدي عجزها عن دفع المبلغ المفروض عليها بسبب ظروفها المعيشية، التبرع العيني من غذاء أو أي مستلزمات منزلية.

ويشير علوان الجماعي -وهو من سكان إب النازحين في محافظة مأرب- إلى أن عائلة والده أُجبرت على التبرع بشاشة التلفزيون ليتم استخدامها في إحدى القاعات التي خصصتها الجماعة للاحتفالات بـ«المولد النبوي» في الحي الذي تسكن فيه.

ويضيف الجماعي لـ«الشرق الأوسط» أن والده شعر بالندم بعد أن أجبره القيادي الحوثي على التبرع بالشاشة، بسبب رده عليه بأنه لا يمتلك المال للتبرع، ورغم أنه تلقى وعداً بإعادتها إليه حال الانتهاء من الاحتفال؛ فإنه لا يثق بحدوث ذلك، ويتوقع أنه خسرها تماماً.


مقالات ذات صلة

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.