انقلابيو اليمن يوسعون استهداف منتسبي الجامعات الحكومية

إجبار الأكاديميين والطلبة على تنظيم مسيرات تعبوية

مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)
مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يوسعون استهداف منتسبي الجامعات الحكومية

مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)
مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

وسعت الجماعة الحوثية خلال الأيام الأخيرة من استهدافها لمنتسبي الجامعات الحكومية في عموم المناطق اليمنية تحت سيطرتها، إذ أجبرت الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين على المشاركة في مسيرات تجوب شوارع المدن، وتردد الشعارات ذات المنحى الطائفي.

ومع تصاعد تعسف الجماعة الانقلابية بحق مؤسسات التعليم العالي ومنتسبيها أرغمت الجماعة قبل يومين مئات الطلبة والأكاديميين والموظفين في جامعة صنعاء (كبرى جامعات اليمن) على المشاركة في مسيرة طافت الشوارع، ورددت شعارات تمجد الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي.

طلاب في جامعة صنعاء يهتفون بالصرخة الخمينية (إعلام حوثي)

وتُعد هذه المسيرة الثالثة من نوعها خلال أقل من شهر، إذ تجبر الجماعة منتسبي جامعة صنعاء على المشاركة القسرية في المسيرات التي تروج للمشروع الانقلابي، إلى جانب إرغامهم على التبرع للمجهود الحربي.

في السياق نفسه، أجبرت الجماعة الطلبة والمدرسين في جامعتي الحديدة وذمار على الانخراط في مسيرات تزعم الجماعة أنها تدعم «القضية الفلسطينية».

ولاقى استهداف الجماعة للجامعات الحكومة والأهلية ومنتسبيها حالة من الاستياء والرفض، ويرى أكاديميون أن ما يحدث يأتي في سياق «سياسة العبث والتدمير الممنهج» للتعليم العالي.

ويشير «صلاح.م»، وهو مدرس في جامعة صنعاء، إلى أن مناصرة غزة في هذه المسيرات مجرد ذريعة، في حين أن الغاية منها إرغام الطلبة والكادر التعليمي والوظيفي على رفع شعارات الجماعة، وصور كبار قادتها، وترديد «الصرخة الخمينية»، وهتافات أخرى ذات منحى طائفي وسياسي ولا تخدم القضية الفلسطينية.

وطالب صلاح قادة الجماعة الحوثية بالكف عن الاستهداف المتكرر للطلبة وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية والعمل على إيجاد طرق وآليات يُمكِن من خلالها تحسين جودة التعليم الجامعي، ودفع رواتب الموظفين الذين يعانون الويلات والحرمان منذ عدة سنوات.

رفض في إب

كشفت مصادر طلابية في جامعة إب لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة الحوثية حاولت ثلاث مرات تنظيم مسيرات طلابية وأكاديمية في الجامعة، لكنها فشلت بعد أن قوبلت بالرفض من الطلبة والكادر التعليمي.

ونتيجة ذلك الفشل أقامت الجماعة الانقلابية عشرات الفعاليات التعبوية في عدد من قاعات الجامعة تحت عدة مسميات، وأرغمت الطلبة والأكاديميين على الحضور والمشاركة في الفعاليات.

الحوثيون يجبرون منتسبي الجامعات على رفع شعارات تمجد زعيم الجماعة (إكس)

وأشارت المصادر إلى استمرار مساعي الانقلابيين في الاستهداف بـ«التعبئة والتطييف» جميع منتسبي جامعة إب، وغيرها من الجامعات الأخرى بغية تضييق الخناق عليهم لإجبارهم على ترك التعليم والالتحاق بجبهات القتال.

وفي حين أقامت جامعات صنعاء وذمار والحديدة الخاضعة، فعالية واحدة احتفاء بما تسميه الجماعة ذكرى «المولد النبوي»، نظمت الجماعة على مدى الأيام القليلة الماضية في جامعة إب لوحدها نحو خمس فعاليات على صلة بتلك المناسبة.

ومنذ الانقلاب على الشرعية واصلت جماعة الحوثي استهدافها المنظم لقطاع التعليم العالي من خلال ارتكاب سلسلة لا حصر لها من التعسفات والانتهاكات، شمل بعضها الاقتحام وإغلاق أقسام دراسية، وملشنة بعض الجامعات، وفرض تعاليم توصف بأنها «طالبانية».


مقالات ذات صلة

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

العالم العربي مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال لتمويل احتفالاتها بما تسميه «جمعة رجب».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

بعد مصادرة أرباح الودائع أطلقت الجماعة الحوثية وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين في البنوك على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال 17 عاماً

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عنصر حوثي يحمل مجسماً لصاروخ وهمي في صنعاء خلال تجمع لأتباع الجماعة (أ.ف.ب)

الحوثيون يتبنون أولى هجمات السنة الجديدة باتجاه إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران أولى هجماتها في السنة الميلادية الجديدة باتجاه إسرائيل، الجمعة استمرارا لتصعيدها الذي تزعم أنه يأتي لمناصرة الفلسطينيين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

بدأ العام الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل اليمن على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

سكان صنعاء يتخوفون من انهيار معيشي جراء التصعيد مع إسرائيل

تزداد مخاوف السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء يوماً بعد آخر من التدهور للأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».