​اتهامات للحوثيين بنسف العدالة غداة تعديلات قانون القضاء

استنكار رئاسي وغضب في أوساط قانونية

الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)
الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)
TT

​اتهامات للحوثيين بنسف العدالة غداة تعديلات قانون القضاء

الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)
الحوثيون فرضوا تمرير تعديلات على قانون السلطة القضائية لتثبيت قبضتهم (إعلام محلي)

فرضت الجماعة الحوثية تعديلات وصفها قانونيون يمنيون بأنها غير دستورية، واتهموا الجماعة بأنها ترمي إلى استكمال السيطرة على القضاء، وتعيين منتمين إلى سلالة زعيمها في المحاكم، ومنحهم الحق في تقييد نشاط المحامين، ومعاقبتهم بالمنع من ممارسة المهنة.

وقد أثارت الإجراءات الحوثية غضباً يمنياً على مستوى الرئاسة اليمنية والأوساط القانونية، حيث تتهم الجماعة بالسعي إلى فرض نموذج يمكنها من انتهاك العدالة، ومنح عناصرها العبث بالحقوق والحريات والقوانين اليمنية النافذة.

الحوثيون في اليمن يسعون لاستعادة السيطرة السلالية على القضاء (إعلام حوثي)

وفي أول رد رسمي استنكر مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية ما وصفه بـ«الانتهاكات الجسيمة» التي أقدمت عليها الجماعة الحوثية بحق «قانون السلطة القضائية واستقلاليتها المحمية بموجب الدستور، والتشريعات الوطنية والدولية».

وقال المصدر الرئاسي في بيان نقلته وكالة «سبأ» الحكومية إن طرح الجماعة ما سمته «مشروع تعديل قانون السلطة القضائية»، يمثل انتهاكاً صارخاً لاستقلالية القضاء وحياديته، ضمن استهدافها الممنهج للحقوق والحريات المكفولة في الدستور والتشريعات الوطنية والمواثيق والمعاهدات الدولية.

وأضاف المصدر أن «تزامن هذه الإجراءات المدمرة لما تبقى من مؤسسات الدولة مع ذكرى ثورة (26 سبتمبر) هو إمعان في تحدي إرادة الشعب اليمني الذي قدّم كل التضحيات دفاعاً عن النظام الجمهوري ومكتسباته الوطنية، ورفض النظام الإمامي الكهنوتي إلى الأبد».

ووفق المصدر الرئاسي اليمني، تريد الجماعة الحوثية من هذه الإجراءات «تعزيز هيمنة فئة معينة من أتباعها على المؤسسات المغتصبة وفي المقدمة السلطة القضائية، من خلال حصر التعيين على خريجي الحوزات، والموالين لمشروعها الطائفي الهدّام، وإقصاء رجال العدالة الشرفاء، والمحامين المدافعين عن الحقوق والحريات، وإحلال وكلاء شريعة لتنفيذ أجندتها، وتحويل القضاء إلى وسيلة ابتزاز، وإرهاب خصومها الرافضين لمشروعها الانقلابي».

الجماعة الحوثية تُكرس جهدها لتطييف المجتمع اليمني كباراً وصغاراً (إ.ب.أ)

وشدّد المصدر الرئاسي على رفض هذه الخطوة التي وصفها بـ«الاستفزازية»، والتأكيد على عدم مشروعيتها «كونها صادرة عن ميليشيات إجرامية انقلابية لا تملك أي صفة قانونية على السلطة القضائية المستقلة».

تمرير التعديلات

بعد عامين من تشكيل الجماعة الحوثية ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم، منحت الجماعة من خلال التعديل على قانون السلطة القضائية رئيس مجلس حكمها الانقلابي حق تعيين معممين (فقهاء طائفيين) قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة ثلاثة أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هواهم.

وفيما كان محامون ونشطاء يمنيون يطلقون النداءات للجماعة التي تختطف صنعاء، وتدير مجموعة من البرلمانيين تحت اسم مجلس النواب لإيقاف التعديلات المقترحة على قانون السلطة القضائية وقانون المحاماة، فوجئ الجميع بتمرير تلك التعديلات من دون انعقاد جلسة أو مناقشة للمشروع بالمخالفة للدستور.

محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة الحوثية يهيمن على مفاصل القضاء (أ.ف.ب)

وأعلنت نقابة المحامين اليمنيين «بأسف» أن ما يسمى مجلس النواب في صنعاء، الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسين، قد صادق على مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش، وأكدت تمسكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية بُرمتها، وإدانة تمرير المشروع.

هذه الخطوة أتت فيما كان العشرات من النشطاء والمثقفين قد أطلقوا مناشدة لما يسمى مجلس النواب في صنعاء، طالبوا فيها بعدم اعتماد أي تعديلات في مواد أي قانون تتضمن تناقضاً واضحاً مع الدستور، وأكدوا أن التعديلات التي يراد إدخالها على قانون السلطة القضائية تضمنت مخالفات دستورية واضحة.

ردود فعل رافضة

امتد رفض التعديلات الحوثية على قانون القضاء اليمني إلى الشخصيات المحسوبة على الجماعة، ومن بينهم البرلماني عبده بشر الذي أوضح أن أي مشروع لأي قانون ينبغي عرضه على اللجنة الدستورية لتنقية مواده من أي مخالفة، وهو ما لم يتم مع مشروع السلطة القضائية.

وأكد بشر أن تعديلات الجماعة أعطت رئيس مجلس حكمها حق أن يعين بقرار يصدر منه أعضاء في وظائف السلطة القضائية من خارج السلطة القضائية، ووصف ذلك بأنه «اعتداء على استقلالية القضاء الذي لا سلطان عليه».

الجماعة الحوثية تسعى إلى تمكين العناصر الطائفية من السيطرة على ما تبقى من المحاكم (إعلام محلي)

أما القانوني عمر الحميدي، فيؤكد أن الجماعة الحوثية تسعى لتعيين قضاة لا يحملون حتى شهادة ابتدائية بشرط الحصول على تزكية من قيادتهم تحت اسمى فقهاء مشهود لهم بحُسن السيرة، رغم أنهم دفعوا بالمئات من أتباعهم للالتحاق في المعهد العالي للقضاء طوال العشر السنوات الماضية.

ورأى الحميدي أن تعديل قانون المحاماة بحيث يصبح للقاضي الحق في منع المحامي من الترافع لمدة ثلاث سنوات في جميع المحاكم إذا تقدم بدفع لم يناسب رغبة «الفقيه»، تأكيد إضافي على أن الجماعة تريد إحياء دور من كانوا يسمون «وكلاء الشريعة» الذين كانوا يعملون بدلاً عن المحامين باعتبار ذلك من موروث نظام حكم الإمامة (أسلاف الحوثيين) في شمال اليمن.

تقويض القضاء

يرى المحامي منير عبد الجليل أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الفاسدين»، وأجبر القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها من سلطة تقايض الناس بأقوات أولادهم؛ وفق تعبيره.

وأضاف أن التعديلات التي أدخلت على قانون السلطة القضائية «وبتلك الطريقة المفضوحة» نتيجة لتلك التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

يمنيون يخضعون للمحاكمة في صنعاء أمام محكمة حوثية (تويتر)

ويؤكد المحامي عبد الرقيب الحيدري أن تمرير المشروع المعد سلفاً من قِبل ما يسمى مجلس الوزراء (حكومة الانقلابيين في صنعاء) من دون حتى قراءته، وكذا تمريره من قبل ما يسمى مجلس النواب من دون حضور الأعضاء أو عقد جلسة يشير إلى أن الموضوع «فرض أمر واقع» من قِبل سلطة الحوثيين، واستحداث تشريعات خاصة بهم.

من جهته، يصف المحامي سمير الشاحذي التعديلات التي أدخلها الحوثيون على قانون السلطة القضائية بـ«الكارثة» على القضاء ومهنة المحاماة، كما عدّها ترهيباً للمحامين لمجرد تقديمهم الدفوع المكفولة دستوراً وقانوناً.

وذكر الشاحذي أنه وبدلاً من النص على إمكانية التعيين والاختيار للقضاة من المحامين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة مثل كثير من الدول المتقدمة، استعاض نص المشروع «المعيب» عن ذلك بالنص على اختيار من لديهم إجازة علمية في «الفقه».


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.