انقلابيو اليمن يجبرون القضاة على رفع الإضراب ويمهدون لحل نقابتهم

قاصر يمني أعدمه الحوثيون قبل عام مع 8 آخرين بعد أن أدينوا بتهم باطلة (وسائل التواصل)
قاصر يمني أعدمه الحوثيون قبل عام مع 8 آخرين بعد أن أدينوا بتهم باطلة (وسائل التواصل)
TT

انقلابيو اليمن يجبرون القضاة على رفع الإضراب ويمهدون لحل نقابتهم

قاصر يمني أعدمه الحوثيون قبل عام مع 8 آخرين بعد أن أدينوا بتهم باطلة (وسائل التواصل)
قاصر يمني أعدمه الحوثيون قبل عام مع 8 آخرين بعد أن أدينوا بتهم باطلة (وسائل التواصل)

أجبرت الميليشيات الحوثية نادي القضاة على رفع الإضراب الذي استمر نحو ثلاثة أسابيع للمطالبة بمحاكمة قاتل أقدم على قتل أحد القضاة، ووضع حد للتدخل في عملهم، بعد أن هددتهم بحل ناديهم، ووعدتهم بتنفيذ مطلب صرف رواتبهم شهريا، وإيقاف حملة التحريض عليهم، لكنها رفضت مطلب حل ما تسمى «المنظومة العدلية» التي شكلها محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الميليشيات.
وبحسب ما قاله قاضيان لـ«الشرق الأوسط» فإن قيادة النادي وضعت في مواجهة خيارين إما انتزاع بعض المطالب وإما مواجهة حل النادي واستنساخ نادي قضاة آخر يوالي سلطة الحوثيين، بعد أن فشلت كل مساعي القضاة للقاء قائد الميليشيات عبد الملك الحوثي، وانحياز ما يسمى مجلس القضاء إلى جانب منظومة الحوثي العدلية.
وأوضح القاضيان أن قيادة النادي واجهت حملة من الإرهاب والترويع والتخوين، ويجزم المصدران أن المعركة لم تنته لأن الحوثيين ينون حل النادي بحجة أن تأسيسه وانتخاب قيادته تم دون الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الشؤون الاجتماعية، وأنه غير شرعي ومهدوا لذلك ببيان صدر عما يسمى مجلس النواب وصف فيه نادي القضاة بأنه غير شرعي.
ويقول قاض آخر إن سلطة الحوثيين ستعمل اليوم أو غداً على استهداف النادي عبر الدفع بأحد محاميها لرفع دعوى قضائية عليه إلى مجلس القضاء الأعلى الذي تسيطر عليها عناصر الحوثي، ليقوم المجلس بدوره بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وبعدها سيقومون بإعلان حل النادي.
ويؤكد القاضي أن هناك «خطة معدة مسبقاً لإظهار قرار حل النادي كإجراء قانوني وقضائي، لا كإجراء سلطوي متعمد»، ويكشف القاضي أن قيادة النادي حاولت اللقاء بزعيم الميليشيات للشكوى مما يفعله ابن عمه عبر «المنظومة العدلية» من تدخل سافر في شؤون السلطة القضائية والدفع بوسائل إعلام يمولها للتحريض على القضاة واتهامهم بالفساد لكنه لم يرد على طلبهم، ولهذا استعانوا بمجلس القضاء للخروج بماء الوجه.
إلى ذلك يؤكد القاضي محمد علي أن نادي القضاة كيان نقابي أعطى بنشاطه الأخير في الأيام الفائتة جرعة إنعاشية للحياة النقابية، وأياً كانت النتائج، إلا أنه يخشى أن تسلك سلطة الحوثيين مسلك تعطيل الكيانات النقابية النشطة وإفقادها دورها، في حين يقدم المحامي حسين عبد الله قراءة مغايرة ويقول إنه بغض النظر عن كيفية إنهاء الإضراب، إلا أن الإضراب أوصل رسائل عديدة وقوية، ومنها أن القضاة وأعضاء النيابة والمحامين متحدون وأقوياء في المواجهة، وعندهم القدرة يوما ما لانتزاع حقوقهم كاملة والحفاظ على استقلال القضاء وهيبته.
ويرى المحامي أن إضراب القضاة كسر روتين الخضوع والاستسلام الكامل الذي طغى على كافة القطاعات رغم مصادرة حقوق الجميع تحت ذريعة الحرب. وقال إن الإضراب ثبت شرعية ومشروعية قيادة القضاة ممثلاً بناديهم والتفاف الجميع حوله.
غير أن مصادر قضائية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن النقاشات التي تمت خلف الكواليس بين القضاة وقيادة الميليشيات كانت لقاءات تهديد بحل النادي وإرهاب القضاة باستهدافهم من خلال ما قالوا إنها ملفات بحوزة مخابرات الميليشيات.
ولذلك – بحسب المصادر - أفضت اللقاءات أخيرا إلى قبول الميليشيات بطلب الانتظام بدفع الرواتب شهريا، وإيقاف الحملة الإعلامية ضد القضاة، لكن الميليشيات رفضت مطلب إغلاق القنوات والمحطات الإذاعية التي شاركت في التحريض عليهم أو التحقيق مع الإعلامي محمد العماد الذي يتولى مهمة إدارة هذه الشبكة التي تمول من القيادي محمد الحوثي، كما أن الحوثي رفض بشكل قاطع حل المنظومة العدلية ومحاكم التفتيش التي شكلها للتحقيق واستجواب العاملين في القضاء.
وكان نادي القضاة أصدر بيانا غامضا أعلن فيه وقف تعليق العمل في المحاكم والنيابات ابتداء من تاريخ 18 سبتمبر (أيلول)، ودعوة جميع القضاة بالعودة إلى عملهم، وطالب قيادة الحوثيين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وقال إنه يترقب عن بصر وبصيرة ما تم إنجازه، وما احتاج إتمامه لبعض الوقت، كلاً في مجال اختصاصه، وسيقول كلمته عقب كل ذلك، لا سيما ما تم الاتفاق عليه مع مجلس القضاء الأعلى في الاجتماع المشترك.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.