مصر تُصعّد ضد إسرائيل: تحاول التغطية على إخفاقها في غزة

القاهرة نفت وجود أنفاق مع القطاع

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

مصر تُصعّد ضد إسرائيل: تحاول التغطية على إخفاقها في غزة

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

في ظل حديث إسرائيلي عن تمديد البقاء العسكري في محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر، بزعم العثور على أنفاق، صعّدت مصر من لهجتها ضد إسرائيل، التي اتهمها مصدر مصري رفيع المستوى بـ«محاولة التغطية على إخفاقها في قطاع غزة، عبر ادّعائها وجود أنفاق عاملة بين مصر والقطاع».

ومحور فيلادلفيا هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويُعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية السلام» الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، «العثور على عشرات من مسارات الأنفاق تحت الأرض، منها نفق يبلغ ارتفاعه 3 أمتار في محور فيلادلفيا».

وتزامنت المزاعم الإسرائيلية مع «مخطط»، لتمديد البقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي، كشف عنه رئيس القسم الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي الميجر جنرال إليعازر توليدانو، خلال جلسة للحكومة، الأحد، بقوله إن «الجيش لا يعتزم الانسحاب من محور فيلادلفيا؛ لما له من أهمية استراتيجية في الحرب على قطاع غزة».

ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، الاثنين، عن المسؤول العسكري الإسرائيلي، إن «الطريق لا يزال طويلاً لإكمال المهمة في المعبر الحدودي، ويمكن اكتشاف المزيد من الأشياء هناك».

لكن مصدراً مصرياً رفيعاً نفى لـ«الشرق الأوسط» «صحة الأنباء التي يتم تداولها في وسائل إعلام إسرائيلية بشأن وجود أنفاق عاملة على الحدود بين مصر وغزة»، وعَدّ «ترديد تلك المزاعم هروباً إسرائيلياً من إخفاقها في قطاع غزة».

وشدّد المصدر على أن «إسرائيل لم تقدّم أدلة على وجود أنفاق عاملة على حدود القطاع، وتستغل الأنفاق المغلقة بغزة لبثّ ادّعاءات مغلوطة لتحقيق أهداف سياسية».

وأضاف أن «فشل إسرائيل في تحقيق إنجاز في قطاع غزة يدفعها لبثّ ادّعاءات حول وجود أنفاق؛ لتبرير استمرار عدوانها على القطاع»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تغضّ النظر عن عمليات تهريب السلاح من داخلها إلى الضفة الغربية، بهدف إيجاد مبرّر للاستيلاء على أراضي الضفة، وممارسة المزيد من عمليات القتل والإبادة للفلسطينيين».

ويرى اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن «تمسّك إسرائيل بالسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، الذي تم تدميره، يأتي بداعي أن السيطرة ضرورية من الناحية العسكرية لتضييق الخناق على حركة (حماس) من جهة، ومنع التهريب وإغلاق الأنفاق من جهة أخرى».

وأشار الدويري لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب تحرص على دعم هذه الادّعاءات من خلال الإعلان بين الحين والآخر عن وجود أنفاق على الحدود المصرية مع قطاع غزة»، بما يعزّز مزاعمها بأن «وجودها في هذه المنطقة يُعدّ الوسيلة الوحيدة لمنع أي محاولات للتأثير على الأمن الإسرائيلي انطلاقاً من هذه الحدود».

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها حديث الأنفاق «توتراً» بين مصر وإسرائيل، حيث سبق أن نفت مصر أكثر من مرة مزاعم إسرائيلية مماثلة عن «استخدام الأنفاق الحدودية في التهريب». وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إنه في إطار جهود مصر لمكافحة «الإرهاب» في سيناء، «عملت على تقوية الجدار الحدودي مع قطاع غزة الممتدّ لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبح هناك 3 حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب، لا فوق الأرض ولا تحت الأرض».

وتشير المواقف الإسرائيلية إلى أنها «غير عازمة على الانسحاب من (محور فيلادلفيا)، وأنها تنوي البقاء فيه لفترة طويلة»، وفق الدويري، الذي يرى أن ذلك «من شأنه أن يزيد من تعقيد فرص التوصل إلى حل لأزمة غزة على المدى المنظور».

وبشأن الموقف المصري من المزاعم الإسرائيلية قال الدويري إن «القاهرة متمسكة بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا»، مشيراً إلى أن «كل ما تثيره بشأن وجود أنفاق على الحدود، مجرد ادّعاءات لخدمة الموقف الإسرائيلي».

وأكّد أنه «بات من الواضح أن إسرائيل لا ترغب في التحرك في مسار حل أزمة غزة، بل على العكس تماماً، فإنها تتحرك في مسار توسيع دائرة الصراع في المنطقة، غير عابئة بتأثيرات ذلك على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».

ومنذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أصبح «محور فيلادلفيا» مثار تجاذبات بين البلدين، إثر تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ألمح فيها إلى رغبته في «السيطرة على الشريط الحدودي»، لتردّ مصر، عبر رئيس هيئة الاستعلامات، محذّراً من أن «أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجِدّي للعلاقات بين البلدين».

وعَدّ المسؤول المصري محور فيلادلفيا «خطاً أحمر ينضم إلى سابقه، الذي أعلنته مصر مراراً، وهو الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين قسراً أو طوعاً إلى سيناء، وهو ما لن تسمح القاهرة لإسرائيل بتخطّيه».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

إسرائيل تعلن القضاء على قائد في وحدة «الرضوان» التابعة لـ«حزب الله»

أعلنت إسرائيل، الاثنين، القضاء على علي جمال الدين جواد القائد في وحدة «الرضوان» التابعة لـ«حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يتحدث في أثناء مشاركته بمؤتمر صحافي في بغداد بالعراق في 4 يونيو 2023 (رويترز)

العراق وإيطاليا يدعوان إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط

دعا وزيرا خارجية إيطاليا والعراق، الاثنين، إلى الدبلوماسية وخفض التصعيد في الشرق الأوسط، وقالا إنهما يشعران بقلق عميق إزاء ازدياد التوتر في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم العربي محاولات مصرية لاحتواء التصعيد الجاري في المنطقة على خلفية سياسة الاغتيالات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

مصر تطلب من أميركا الضغط على إسرائيل للانخراط بجدية في محادثات غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية إن الوزير بدر عبد العاطي طلب من نظيره الأميركي أنتوني بلينكن الضغط على إسرائيل «للانخراط بجدية» في محادثات وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نازحون ينتظرون الحصول على مساعدات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وسط الحرب المستمرة في غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: إنهاء عمل 9 موظفين للاشتباه في مشاركتهم بهجوم 7 أكتوبر على إسرائيل

قالت الأمم المتحدة، الاثنين، إنها ستُنهي عمل 9 موظفين بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ربما شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (جني٤)

اليمن: مدينة زبيد التاريخية أحدث «ضحايا» الانقلابيين

زاوية صوفية في زبيد من القرن السابع الهجري (إعلام محلي)
زاوية صوفية في زبيد من القرن السابع الهجري (إعلام محلي)
TT

اليمن: مدينة زبيد التاريخية أحدث «ضحايا» الانقلابيين

زاوية صوفية في زبيد من القرن السابع الهجري (إعلام محلي)
زاوية صوفية في زبيد من القرن السابع الهجري (إعلام محلي)

على الرغم من مرور 24 عاماً على وضع مدينة زبيد اليمنية على قائمة التراث العالمي المُعرّض للخطر، فإن إهمال الانقلابيين الحوثيين فاقم من هذا الخطر الذي تتعرض له جميع مواقع التراث الإنساني؛ إذ تم العبث بالطابع المعماري لمدينة صنعاء القديمة، وفُتح الباب أمام العبث بالمواقع الأثرية والاتجار بالقطع الأثرية.

وأفاد شهود في مدينة زبيد التابعة لمحافظة الحُديدة (غرب) بسقوط الجزء الشمالي من أسقف السوق القديم في المدينة التاريخية بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الماضية، وبينوا أن السكان قاموا بإغلاق منافذ الممر لمنع حركة التجول خشية أن تحدث انهيارات أخرى.

جانب من مدينة زبيد التاريخية في محافظة الحديدة (إعلام محلي)

ووفق المصادر، أبلغ السكان، الأسبوع الماضي، الجهات المختصة في المحافظة وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية الخاضعة للحوثيين، عن أضرار جسيمة في الجزء الشمالي من الممر ونبهوا إلى أنه آيل للسقوط دون أي تحرك جاد من تلك الجهات.

كما ناشد السكان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) التدخل وإنقاذ معالم المدينة حتى لا يتم إسقاطها من قائمة التراث العالمي.

وكانت الأمطار الغزيرة التي شهدتها المدينة قبل 4 أعوام أدت إلى انهيار عدد من المواقع الأثرية، وتضرر كثير من المنازل في هذه المدينة التاريخية، وناشد مثقفون ونشطاء الأمم المتحدة التدخل لإنقاذ المدينة التاريخية جراء الأضرار التي لحقت بمنازلها.

وأُدرجت مدينة زبيد التاريخية على قائمة التراث العالمي من قبل «اليونسكو» عام 1993، لكنها نقلت في عام 2000 إلى قائمة التراث العالمي المُعرّض للخطر؛ بسبب مخالفات البناء والعبث بمعالمها الأثرية، وكانت عاصمة لليمن على مدار القرون الـ13 الميلادي والـ14 والـ15.

سقف ممر أحد أسواق المدينة القديمة في زبيد انهار نتيجة الإهمال (إعلام محلي)

وعُدّت المدينة من أشهر المراكز الفكرية على مستوى العالم الإسلامي؛ حيث يوجد فيها 85 مدرسة علمية إسلامية كانت تضم كل المدارس الفكرية والدينية التي تمثل المذاهب المختلفة، ولا تزال بعض تلك المدارس موجودة بأسمائها الحقيقية حتى اللحظة، ولا تزال مكتباتها تضم دوراً من المخطوطات النادرة وأمهات الكتب في مختلف العلوم، كما يوجد بها العديد من الرموز والمواقع الأثرية التي لا تزال شاهدة على المدينة التي ذاع صيتها على مستوى المنطقة.

تدخل أممي

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة قد أعلنت اعتزامها ترميم 400 من المنازل التاريخية في 4 مدن يمنية خلال العام الحالي، وفق ما ذكره خالد صلاح، مدير مكتب «اليونسكو» لدول الخليج واليمن، الذي بيّن أن الخطة تشمل مدينة صنعاء القديمة وعدن وزبيد وشبام حضرموت، بواقع 100 منزل في كل مدينة.

وذكر مدير مكتب «اليونسكو» أن هناك نقاشاً مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع حول آلية تنفيذ مشاريع الصرف الصحي بمدينة صنعاء القديمة، التي قال إنها «تحتاج إلى تدخل عاجل، لتغيير الشبكة المنتهي عمرها الافتراضي، ما قد يتسبب بكارثة كبيرة، كون الأرض تحت المنازل صارت رخوة ومعرضة للهبوط».

وأكد المسؤول الأممي أن «اليونسكو» تسعى في الوقت الراهن للضغط على المانحين لزيادة الدعم لليمن من أجل التوسع في تنفيذ المشاريع التنموية، بما فيها الثقافية، والحفاظ على التراث المادي واللامادي والمعالم والمدن الأثرية والتاريخية.