إدانة لبنانية لاستهداف المدنيين... وواشنطن تسعى للجم التهديد الإسرائيلي

«حزب الله» ينفي لقيادة «يونيفيل» وهوكستين علاقته بصاروخ مجدل شمس

مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)
مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)
TT

إدانة لبنانية لاستهداف المدنيين... وواشنطن تسعى للجم التهديد الإسرائيلي

مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)
مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)

يأتي الإجماع اللبناني على إدانة استهداف المدنيين، ومعظمهم من الأطفال، في بلدة مجدل شمس الواقعة في هضبة الجولان السورية المحتلة، جراء سقوط صاروخ في ملعب لكرة القدم، لقطع الطريق على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي هدّد من واشنطن قبل عودته إلى تل أبيب بتوسعة الحرب ضد «حزب الله»، محملاً إياه مسؤولية استهداف البلدة بصاروخ من صنع إيراني، في حين نفى الحزب أن يكون وراء إطلاقه، وهذا ما أبلغه إلى قيادة القوات الدولية (يونيفيل) العاملة في جنوب لبنان، بقوله إن ما حصل كان نتيجة سقوط صاروخ إسرائيلي مضاد للصواريخ، والموقف نفسه تبلّغه الوسيط الأميركي أموس هوكستين من قيادة الحزب عبر قنوات التواصل المعمول بها بين الطرفين منذ أن توصّل إلى ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

اتصالات هوكستين

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر لبنانية مواكِبة للاتصالات التي انطلقت فور سقوط الصاروخ لاستيعاب التداعيات المترتبة على المجزرة التي أصابت البلدة، أن هوكستين بادر إلى تشغيل محركاته نحو رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الموجود في باريس، وكذلك نحو الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وبطريقة غير مباشرة بقيادة «حزب الله»، وعلى جدول أعماله بند وحيد يتعلق بمنع توسعة الحرب مع تصعيد وتيرة التهديدات الإسرائيلية بتوسعتها باتهام الحزب بوقوفه وراء الصاروخ الذي استهدف البلدة السورية المحتلة.

وكشفت المصادر اللبنانية أن الاتصالات التي تولاها هوكستين تزامنت مع الاتصالات التي قامت بها المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، وقيادة الطوارئ في الناقورة، وقالت إن جميع هؤلاء أعربوا عن قلقهم حيال توسعة الحرب، ودعوا إلى ضبط النفس.

ولفتت إلى أن «حزب الله» جدّد تأييده لمنع توسعة الحرب، وأنه ليس في وارد استدراجه من قبل إسرائيل لتوسعتها، وأكدت أن جميع الذين شملتهم الاتصالات أجمعوا على إدانة استهداف المدنيين أياً كانوا، ونقلت عن الحزب قوله إنه منذ أن قرر مساندة حركة «حماس» في غزة بتصديها للعدوان الإسرائيلي، أخذ على عاتقه عدم التعرض للمدنيين في المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على تخوم الحدود اللبنانية، وبالتالي من غير الجائز استهداف بلدة مجدل شمس المحتلة التي يتمسك أهلها بهويتهم السورية وبانتمائهم العربي ولم يضعفوا أمام الإغراءات التي قدّمها لهم المحتل الإسرائيلي.

موقف جنبلاط

وأكدت المصادر نفسها أن الإجماع اللبناني بعدم التعرض للمدنيين قوبل بارتياح من قبل هوكستين، وتوقفت أمام الموقف الذي أعلنه جنبلاط، وقالت إن تحذيره من لجوء العدو الإسرائيلي منذ زمن بعيد لإشعال الفتن وتفتيت المنطقة واستهداف مكوناتها، جاء في محله، ويأتي في الوقت المناسب لمنع إقحام لبنان في فتنة شيعية-درزية على خلفية ما أصاب الدروز في بلدة مجدل شمس.

وتابعت أن جميع مَن اتصل بهم هوكستين أجمعوا على ضرورة كبح جماح نتنياهو وعدم توفير الذرائع له لتوسعة الحرب، ورأوا ضرورة العمل لتطبيق القرار 1701 والتقيُّد بقواعد الاشتباك وعدم تخطي الخطوط الحُمر. وقالت إن استهداف مجدل شمس جاء بمثابة «شحمة على فطيرة» لفريق الحرب في إسرائيل للتفلُّت من الضغوط الأميركية التي تمارَس على نتنياهو للتوصل إلى وقف النار في غزة الذي من شأنه أن يؤدي لتهدئة الوضع في جنوب لبنان، في ضوء اعتراف الوسيط الأميركي بوجود صعوبة في عدم الربط بينهما.

ولنفترض في أسوأ الاحتمالات، كما تقول المصادر المواكبة، إن الصاروخ سقط عن طريق الخطأ، فإن القيادات اللبنانية المعنية مباشرة بالجهود الرامية لتطويق إسرائيل ومنعها من توسعة الحرب لن تسمح بأن يتفلت الوضع في لبنان على نحو يؤدي إلى إحداث فتنة مذهبية بين الشيعة والدروز، وتتعامل مع موقف جنبلاط، بتضامنه مع ذوي الضحايا الذين سقطوا جراء الصاروخ الذي استهدفهم، على أنه يبقى صمام الأمان لمنع إقحام البلد في فتنة لن تخدم سوى المشروع الإسرائيلي الهادف إلى تفتيت المنطقة.

بين إسرائيل وإيران

استكمالاً للحملة التي شنّها نتنياهو من منبر الكونغرس الأميركي ضد إيران وتحميلها المسؤولية حيال ضرب الاستقرار في المنطقة بتوفيرها كل أشكال الدعم لأذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، ومروراً بـ«الحشد الشعبي» في العراق، وانتهاءً بجماعة الحوثي في اليمن، ومع أن تل أبيب سارعت إلى اتهامها بالوقوف وراء الصاروخ الذي استهدف مجدل شمس، فإنها بادرت للتواصل فوراً بالاتحاد الأوروبي، محملة إيران مسؤولية مباشرة باتهامها بالوقوف وراء الجريمة التي أصابت مجدل شمس.

لذلك، فإن تبادل الحملات بين تل أبيب و«حزب الله» وتحميله مسؤولية استهداف مجدل شمس لن يتوقف ما لم يتقرر تشكيل لجنة تحقيق دولية تحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة قوات الفصل الدولية المعروفة بـ«إندوف» المرابطة بين إسرائيل وسوريا، باعتبار البلدة خاضعة لسيطرتها طبقاً للقرارَين الدوليَّين 242 و338، ويمكنها بما لديها من إمكانات، تحديد المكان الذي أُطلق منه الصاروخ ونوعيته، وما إذا كان ما تبقى من شظاياه يمكن أن يحدد البلد الذي صُنع فيه، وهذا من شأنه أن يضع حداً للتأويلات والتحليلات، لأنه بذلك يمكن أن يُبنى على الشيء مقتضاه تحت إشراف لجنة تحقيق دولية حيادية لديها الجرأة لقول الحقيقة دون مواربة.

فهل تستبق إسرائيل تشكيل لجنة تحقيق دولية حيادية وتلجأ للإطاحة من جانب واحد بقواعد الاشتباك في جنوب لبنان وصولاً لتوسعتها الحرب؟ وماذا سيكون رد فعل طهران بتحذيرها من توسعتها؟ وأين ستقف واشنطن؟ وهل سيكون لها الرد المطلوب لمنع إشعال المنطقة بحرب إقليمية، بينما لا يملك لبنان الرسمي سوى توسيع مروحة اتصالاته لاستيعاب تداعيات ما لحق بمجدل شمس ومنع إسرائيل من استغلالها، وهذا يتطلب من «حزب الله» الوقوف وراء الدولة سعياً لترجيح كفة الحل الدبلوماسي على الخيار العسكري الذي تهدد به إسرائيل وبدأت تتصرف على أنه حاصل لا محالة، رغم أن الحزب ومعه إيران ليسا في وارد توسعة الحرب، وإن كانت الأخيرة سارعت للرد على التهديدات الإسرائيلية في أعقاب انفجار الصاروخ بموقف أقل ما يقال فيه إنها لن تتركه وحيداً؟

لذلك بات جنوب لبنان محكوماً بتوازن الرعب بين إسرائيل و«حزب الله» ومعه إيران، وهو يقف حالياً في مسافة هي أقرب إلى توسعة الحرب، في حال أن إسرائيل ترجمت تهديداتها على الأرض، إلا إذا كانت تستخدمها للضغط نفسياً على لبنان للتجاوب مع شروطها لإعادة الهدوء إلى الجنوب.


مقالات ذات صلة

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللنباني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

زيارة الدبلوماسيين لجنوب لبنان... دعم دولي للمسار الدبلوماسي ولإجراءات الجيش

تابع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، الثلاثاء، التحضيرات للاجتماع المقرر عقده بباريس للبحث في حاجات الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

أطلق القضاء اللبناني سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضيّ ستة أشهر على توقيفه بتهمة «اختلاس أموال عامة وصرف نفوذ وتبييض أموال».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري (رئاسة البرلمان)

لبنان: جعجع يتهم بري بالاستخفاف برأي 65 نائباً

اتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، بالاستخفاف برأي 65 نائباً وبأنه تخطاهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سفير المملكة العربية السعودية لدى بيروت وليد بخاري خلال مشاركته في الجولة إلى الجنوب (قيادة الجيش)

جولة لسفراء في جنوب لبنان ومعاينة ميدانية لخطة حصرية السلاح

نظمت قيادة الجيش جولة ميدانية لعدد من السفراء والقائمين بأعمال السفارات والملحقين العسكريين للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.