انقلابيو اليمن يستولون على مراكز تعليم دينية في صنعاء مختلفة مذهبياً

سعي لإحكام السيطرة وفرض الأفكار الطائفية

أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)
أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يستولون على مراكز تعليم دينية في صنعاء مختلفة مذهبياً

أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)
أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)

عادت جماعة الحوثي في اليمن من جديد لاستهداف ما بقي من مراكز العلوم الدينية وتحفيظ القرآن التابعة للسلفيين في المناطق التي تحت سيطرتها، ضمن مساعيها لفرض السيطرة المذهبية وتحويلها إلى مراكز للتعبئة ونشر الأفكار الطائفية.

وكشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام مجاميع حوثية مسلحة قبل أيام بتنفيذ سلسلة مداهمات مباغتة استهدفت مراكز علوم شرعية تتبع جمعية الإحسان الخيرية في جنوب صنعاء وهي «مسجد الفاروق، ومركز خديجة لتحفيظ القرآن، ومؤسسة الفتاة لتعليم العلوم الشرعية».

دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

وباشر المسلحون الحوثيون في أثناء عملية الدهم، طبقاً للمصادر، بطرد العشرات من الطلاب الذين كانوا يتلقون العلوم الشرعية، ويدرسون في حلقات القرآن الكريم فيها، قبل أن يقوموا بإغلاق المراكز تمهيداً لتحويلها إلى أماكن لبث الأفكار المتطرفة والتحريض على العنف والطائفية.

وندّد مدرسون وطلاب في المراكز المغلقة بالممارسات غير المبررة التي ارتكبها مسلحو ومشرفو الجماعة بحق المباني التابعة لجمعية الإحسان بصنعاء، وذكر بعضهم لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة ترمي إلى استكمال إزاحة وتغييب ما تبقى من تلك المراكز لجهة اختلافها مذهبياً.

وبحسب أحد المدرسين في تلك المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية، كانت الجماعة الحوثية سعت أكثر من مرة لمساومة القائمين على المراكز لإجبارهم على تدريس «الملازم الحوثية» ذات المنحى الطائفي مقابل السماح بمواصلة أنشطة الجمعية والمراكز التابعة لها.

تنديد واستنكار

استنكر ناشطون حقوقيون جريمة الاستيلاء الحوثي بقوة السلاح على المراكز التابعة لجمعية الإحسان السلفية في صنعاء، ووصفوا ما قامت به الجماعة بأنه «جرائم وانتهاكات لا تسقط بالتقادم».

وأشار سميح وهو باحث اجتماعي في صنعاء في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مواصلة جماعة الانقلاب ارتكاب الانتهاكات ضد ما تبقى من مراكز تعليم دينية هدفها استكمال مخطط تطييف شامل للمجتمع، ما قد ينذر بعواقب كارثية.

مقر تابع لفرع جمعية الإحسان السلفية في محافظة إب اليمنية (فيسبوك)

وطالب الناشطون اليمنيون بإعادة فتح المراكز التي داهمتها وأغلقتها جماعة الحوثي وإعادة الطلبة الذين تعرضوا للطرد منها، وهم ممن كانوا يتلقون مُختلف المعارف والعلوم الدينية، وسرعة محاسبة المتورطين، مؤكدين أن هذا السلوك يندرج ضمن الممارسات التي تعمق الطائفية والمذهبية وتُفكِك النسيج المجتمعي.

وسبق للجماعة الحوثية أن شنت على مدى السنوات الماضية حرباً شعواء ضد المراكز الدينية المختلفة مذهبياً ودور التحفيظ في عموم المناطق تحت سيطرتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما حدث في صنعاء من عمليات دهم وإغلاق استهدفت مركز «عمار بن ياسر» لتحفيظ القرآن بحي النور في مديرية الصافية، ومركز «معاذ بن جبل» في منطقة جدر، ومركزاً لتحفيظ القرآن يتبع مسجد السنة في حي سعوان، ومركزاً نسائياً لتحفيظ القرآن في منطقة ضبوة جنوب المدينة.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعترض مسيّرة انطلقت من اليمن

المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يتفقدون موقع سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض مسيّرة انطلقت من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، اعتراض سلاح الجو الإسرائيلي لطائرة مسيرة، أُطلقت من اليمن صوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي دخان يتصاعد من محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات إسرائيلية (رويترز)

إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

سارعت إيران إلى الاطمئنان على الحوثيين وشَدّ أزرهم إثر الضربات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة، فيما أكدت الجماعة مضيها في التصعيد، وعدم تأثر قدرتها العسكرية.

علي ربيع (عدن)
الاقتصاد «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

ضمن السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، يقود «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» برئاسة الدكتور عبد الله بن محفوظ مبادرة «رؤية سعودية وتنمية يمنية».

أسماء الغابري (جدة)
العالم العربي مسلحون حوثيون يردّدون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

حملة يمنية تدعو إلى ملاحقة قادة الانقلاب بصفتهم «مجرمي حرب»

أطلق الناشطون اليمنيون حملة واسعة تسلط الضوء على جرائم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مع دعوة المجتمع الدولي إلى ملاحقة قادة الميليشيا بصفتهم «مجرمي حرب»

علي ربيع (عدن)
العالم العربي القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 

الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

بدعوى مواجهة هجوم إسرائيلي متوقع استنفر الحوثيون قوتهم في ثلاث محافظات يمنية ودفعوا بها نحو محافظة إب التي تشهد احتقاناً شعبياً غير مسبوق نتيجة انتهاكاتهم.

محمد ناصر (تعز)

حملة يمنية تدعو إلى ملاحقة قادة الانقلاب بصفتهم «مجرمي حرب»

مسلحون حوثيون يردّدون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يردّدون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)
TT

حملة يمنية تدعو إلى ملاحقة قادة الانقلاب بصفتهم «مجرمي حرب»

مسلحون حوثيون يردّدون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يردّدون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

أطلق الناشطون اليمنيون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على جرائم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران منذ انقلابها على التوافق الوطني واجتياح صنعاء، في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، مع دعوة المجتمع الدولي إلى ملاحقة قادة الجماعة بصفتهم «مجرمي حرب» وعدم إفلاتهم من العقاب.

وأعاد الناشطون اليمنيون عبر حساباتهم التذكير بآلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة خلال أعوام الانقلاب، بما في ذلك القتل والتعذيب في السجون والاختطاف وتجنيد الأطفال واستغلال النساء وزراعة الألغام وتقييد حرية المجتمع ونهب الأموال ومصادرة الممتلكات، فضلاً عن تطييف المجتمع وتدمير المؤسسات الحكومية وسرقة المساعدات وتجويع الشعب.

وبالتزامن مع الحملة، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إنه آن الأوان لكشف الغطاء عن جرائم ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، التي استهدفت اليمنيين دون استثناء، ووزَّعت الحزن والألم في كل منزل، ولم يسلم من ظلمها وبطشها وإرهابها أحد.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ودعا الوزير اليمني للمشاركة في الحملة التي بدأت، الأحد، إلى رصد أسماء قادة الحوثيين الذين ارتكبوا ما وصفه بـ«أبشع الجرائم والانتهاكات من قتل واعتقال وتعذيب وتشريد ونهب وتفجير للمنازل وتجنيد للأطفال واغتصاب للنساء، وزراعة الألغام».

ووصف الحملة بأنها ليست «توثيقاً لجرائم الميليشيا الحوثية، بل خطوة نحو تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، ولإخبار العالم أن حقوق اليمنيين لن تضيع، وأن دماء الأبرياء ستظل شاهدة حتى يُحاسب كل مجرم»، وفق تعبيره.

دعوة المجتمع الدولي

ودعا الإرياني في تصريح رسمي المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إنصاف الضحايا وتحقيق العدالة والحرية للشعب اليمني الذي قال إنه «عانى القمع والتعذيب والدمار الذي مارسته ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران»، مشدداً على اتخاذ خطوات جادة لملاحقة قيادات الجماعة بصفتهم «مجرمي حرب»، ومحاسبة كل من شارك في ارتكاب هذه الجرائم، ومحاكمتهم أمام المحاكم الدولية.

وأوضح أن بلاده شهدت، منذ انقلاب الميليشيا الحوثية أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات بحق السكان؛ إذ طالت جميع فئات المجتمع دون استثناء، ولا يمكن تجاهلها، ولا بد من محاسبة مرتكبيها أمام العدالة الدولية، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب.

وأشار الإرياني إلى أن مواطنيه تعرَّضوا لأبشع صور القمع، من قتل واختطاف وتعذيب، إلى جانب التهجير القسري لملايين المدنيين، وتفجير المنازل وتدمير البنية التحتية، حيث لم تسلم المدارس والمستشفيات والمرافق العامة من التدمير، إضافة إلى معاناة الملايين الذين قال إنهم «ذاقوا مرارة الفقر والجوع بسبب الحصار الذي فرضته الميليشيا على المدن، وفي مقدمها مدينة تعز».

وأكد الوزير اليمني أن انتهاكات الحوثيين طالت النساء، وقال إنه تم تسجيل الآلاف من حالات الاختطاف والإخفاء القسري، والتعذيب النفسي والجسدي، والتحرش والاعتداء الجنسي، إضافة إلى التجنيد القسري لعشرات الآلاف من الأطفال، وزراعة الألغام في المناطق المأهولة بالسكان، التي أدت إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء.

وشدد الإرياني على أن الشعب اليمني لن ينسى تضحياته، وسجل الحوثيين الأسود الحافل بالجرائم والانتهاكات المروعة التي قال إنها «تمثل انتهاكاً صارخاً لجميع القوانين الدولية»، بدءاً من اتفاقيات جنيف ومروراً بمعايير حقوق الإنسان.

وأكد الوزير اليمني أن الشعب في بلاده لن يتنازل عن حقه في العدالة، وأن دماء الأبرياء التي أُريقت ستظل شاهدة على وحشية الحوثيين حتى يتحقق القصاص.