انقلابيو اليمن يصعّدون جنوباً... وواشنطن تصدّ هجمات صاروخية ومسيّرة

إدانات غربية لسكّ الجماعة عملة معدنية غير قانونية

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء قصف حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء قصف حوثي (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يصعّدون جنوباً... وواشنطن تصدّ هجمات صاروخية ومسيّرة

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء قصف حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء قصف حوثي (أ.ف.ب)

أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا، الخميس، سكّ الحوثيين في اليمن عملة نقدية معدنية مزيفة، فيما واصلت الأولى تصدّيها لهجمات الجماعة الموالية لإيران في البحر الأحمر وخليج عدن، وأعلنت تدمير صاروخ باليستي وطائرتين من دون طيار ومنظومة دفاع جوي.

هذه التطورات واكبها تصعيد ميداني للجماعة الحوثية على خطوط التماس مع القوات الحكومية بين محافظتي تعز ولحج، حيث دارت مواجهة عنيفة سقط خلالها كثير من القتلى والجرحى، وسط تأهب حكومي عسكري لمواجهة التصعيد.

وأوضحت القوات المركزية الأميركية، في بيان، أنه بين نحو الساعة 3:49 إلى 10:00 صباحاً (بتوقيت صنعاء) في 3 أبريل (نيسان)، نجحت القوات في الاشتباك وتدمير صاروخ باليستي مضاد للسفن، إضافة إلى طائرتين مسيّرتين، أطلقها الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران باتجاه السفينة الأميركية «يو إس إس جريفلي» في البحر الأحمر.

وفي حين ذكر البيان الأميركي أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من قبل السفن الأميركية أو التحالف أو السفن التجارية، أفاد بأنه خلال الإطار الزمني نفسه دمرت القوات نظام صواريخ أرض - جو متنقلاً في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تبين أن هذه الأنظمة تمثل تهديداً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة.

ومع ملاحظة انخفاض فاعلية هجمات الجماعة المدعومة من إيران في الأيام الأخيرة، فإن قادتها يؤكدون استمرار عملياتهم تحت مزاعم منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل والسفن الأميركية والبريطانية، نصرةً للفلسطينيين في غزة.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه، مهاجمة 86 سفينة، منذ بدء التصعيد، في حين كانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

فرقاطة دنماركية شاركت في حماية السفن في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

ويشارك الاتحاد الأوروبي - من جهته - في التصدي للهجمات الحوثية، عبر مهمة «أسبيدس» التي أطلقها في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك فيها فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفّذت مئات الغارات على الأرض، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتأمل واشنطن أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية، وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تشن الجماعة هجماتها منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتهدد بتوسيعها إلى المحيط الهندي.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر، بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

هجوم باتجاه لحج

مع تواصل الهجمات الحوثية البحرية، شنّت الجماعة هجوماً عنيفاً على القوات الحكومية المرابطة بين محافظتي تعز ولحج حيث منطقة «كرش»، وذكرت مصادر عسكرية أن مواجهة ضارية دارت بين الطرفين سقط على إثرها من الجانب الحكومي نحو 10 قتلى وجرحى.

وذكرت المصادر أن القوات الحكومة كبّدت المسلحين الحوثيين خسائر في الأرواح وقامت بدحر الهجوم، وسط اتهامات للجماعة بالسعي لنسف التهدئة المستمرة منذ عامين، خاصة أنها تمكنت خلال هذه الفترة من حشد وتجنيد عشرات الآلاف.

اتهم رئيس الحكومة اليمنية الحوثيين بعدم الجدية في السلام وشدد على التكاتف لهزيمتهم (سبأ)

وعلى ضوء هذا التصعيد، عقد رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك اجتماعاً في عدن، مساء الأربعاء، ضمّ قيادات وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، وعدداً من رؤساء الهيئات، وقادة القوات والمناطق والمحاور العسكرية والعمليات المشتركة.

وفي الاجتماع الذي حضره وزير الدفاع اليمني محسن الداعري، أكد أحمد عوض بن مبارك أن المشروع الحوثي الإرهابي المدعوم إيرانياً «يستهدف الجميع دون استثناء».

وتحدث بن مبارك عن رؤية الحكومة وأولوياتها في دعم المؤسسة العسكرية والأمنية وجبهات الدفاع وتعزيز قدرات الردع والجاهزية العالية من أجل الانتصار ضد الحوثي، الذي قال إنه «لن يتوقف دون تنفيذ مشروعه ما لم نتكاتف جميعاً، وتتوحد الجهود لهزيمته».

وتطرق رئيس الوزراء اليمني إلى أبعاد المعركة القائمة مع الحوثيين في الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية والفكرية، وأضاف أن «الميليشيا ليس في خيارها السلام، والرهان المعقود على القوات المسلحة والأمن والمقاومة وكل من يحمل بندقية ضد هذا المشروع الذي يريد العودة باليمن إلى عصور التخلف».

ونقل الإعلام الرسمي عن بن مبارك قوله: «إن السلام هو خيار استراتيجي بالنسبة للدولة والحكومة من أجل تخفيف معاناة الشعب اليمني، لكن ميليشيا الحوثي لا تهتم بمصالح اليمنيين وتعمل دون توقف من أجل مشروعها الطائفي السلالي».

رئيس الحكومة اليمنية مجتمعاً مع قادة الجيش في عدن (سبأ)

وشدّد رئيس الحكومة اليمنية على الاستعداد لدحر الجماعة الحوثية واستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب باعتبار ذلك هو الأساس لتحقيق السلام في بلاده.

وقال بن مبارك: «إن التطورات والتصعيد في البحر الأحمر واستهداف السفن التجارية والملاحة الدولية يؤكد أن دعم الحكومة والمؤسسة العسكرية والأمنية عامل أساسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة والعالم». ووعد بالعمل على توفير كل ما يمكن للارتقاء بمستوى أداء الجيش في جوانب العتاد والتدريب والتأهيل.

إدانة أميركية وأوروبية

في أول ردّ دولي على قيام الحوثيين بسكّ عملة معدنية في صنعاء، أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بيانين، الخميس، هذا الصنيع، بعدّه عملاً غير قانوني.

وقال بيان صادر عن السفارة الأميركية لدى اليمن إن الولايات المتحدة تدين إصدار الحوثيين المصنفين عالمياً بشكل خاص كجماعة إرهابية عملات مزيفة بدلاً من العملة الرسمية اليمنية، وشدّد البيان على أنه «من الضروري منع دخول العملة المزيفة إلى السوق».

ووصف البيان الأميركي تصرفات الحوثيين بأنها «تهدد بمزيد من الانقسام في الاقتصاد اليمني وتقويض سلامة القطاع المصرفي، وتعريض التزام اليمن بالمعايير الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب للخطر».

وأشار البيان إلى أن الخيارات الأحادية الجانب التي تؤدي إلى تعمق تجزئة الاقتصاد اليمني والإضرار بمعيشة الشعب لا تساعد على تحقيق السلام، مؤكداً دعم واشنطن لدور البنك المركزي اليمني في عدن في الحفاظ على استقرار القطاع المالي.

في السياق نفسه، عبّرت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، في بيان، عن قلق الاتحاد العميق إزاء قرار الحوثيين إصدار عملة معدنية فئة 100 ريال يمني، الأمر الذي أدى إلى تصعيد في المجال الاقتصادي.

وقال البيان الأوروبي: «إن القرارات الأحادية الجانب المفضية إلى مخاطر تعميق انقسام الاقتصاد اليمني، وتقوض القطاع البنكي وامتثال البلد بالمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، لا تخدم قضية سلام ورخاء اليمنيين».

وشدّد البيان على أن ما قام به الحوثيون ليس ما يحتاجه اليمنيون، إذ يمثل الانخراط البناء مع جهود السلام التي تقودها «الأمم المتحدة»، والتي تتوخى مفاوضات حول القضايا الاقتصادية المحورية، السبيل الوحيدة للمضي قدماً.

وأكدت البعثة الأوروبية لدى اليمن أن دول الاتحاد ستواصل دعم دور البنك المركزي اليمني والمحافظ أحمد غالب في الحفاظ على استقرار القطاع المالي.

وكان البنك المركزي اليمني، في سياق ردّه على الخطوة الحوثية، أمهل المصارف الخاضعة للحوثيين 60 يوماً لنقل مراكزها الرئيسية إلى مدينة عدن، وتوعد الجهات المخالفة بأنها ستعاقب طبقاً لقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ولائحته التنفيذية.

سك الحوثيون عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني (إكس)

وفي بيان ثالث منفصل، أدانت فرنسا عبر سفارتها في اليمن إصدار الحوثيين عملات مزورة من فئة 100 ريال يمني، وقالت إن هذا الصنيع صادر عن جهة غير معترف بها، مع الالتزامات الدولية التي تلتزم بها الحكومة اليمنية بشأن مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

وأشار البيان الفرنسي إلى أن أحادية الإجراء الحوثي تعمق انقسام البلاد، في وقت يحتاج فيه اليمنيون إلى الوحدة، ولا سيما وحدة العملة.

وأكدت فرنسا أنها تدعم البنك المركزي اليمني الكائن في عدن في مهمته المتمثلة في ضمان استقرار القطاع المالي في اليمن، إضافة إلى دعمها جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، ومن ضمنها المتعلقة بالقضايا الاقتصادية للمفاوضات المستقبلية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.