«هدنة غزة»: غياب «حماس» لا يعرقل المفاوضات... وتنسيق مصري - قطري لإحداث «اختراق»

مصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» إصرار الوسطاء على التوصل لاتفاق «متوازن»

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: غياب «حماس» لا يعرقل المفاوضات... وتنسيق مصري - قطري لإحداث «اختراق»

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)

لليوم الثاني على التوالي، تواصلت بالقاهرة، مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، بمشاركة وفد أمني إسرائيلي، بينما لم يصل وفد من حركة «حماس» للمشاركة في المفاوضات غير المباشرة، التي تجري بوساطة مصرية وقطرية وأميركية، وتستهدف التوصل إلى اتفاق بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار، وتبادل للأسرى، وإدخال المساعدات.

وبينما رجحت مصادر مطلعة على مسار المفاوضات أن تشهد الأيام المقبلة وصول وفد من حركة «حماس»، لافتة إلى أنه «لا سقف زمنياً للمفاوضات الجارية حالياً»، أكد مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن غياب الحركة الفلسطينية عن مفاوضات القاهرة حتى الآن «لا يحول دون تقدمها»، مؤكدين أن مصر وقطر لديهما «قنوات اتصال مفتوحة» مع قيادات «حماس»، وأن إقرار اتفاق للتهدئة يمثل «مصلحة لجميع الأطراف».

ويأتي استئناف المفاوضات في القاهرة في أعقاب تعثر جولات سابقة عدة استضافتها العاصمتان المصرية والقطرية على مدى الأسابيع الأخيرة، وحال جمود مواقف طرفي الصراع دون التوصل إلى اتفاق بشأن التهدئة في القطاع الذي يشهد أزمة إنسانية طاحنة جراء استمرار الحرب نحو 6 أشهر، ولم يتوقف القتال إلا لأسبوع واحد فقط بعد هدنة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دامت أسبوعاً بوساطة مصرية وقطرية وأميركية.

وبموازاة مفاوضات القاهرة، يتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الأردنية عمّان، مساء الاثنين، للقاء عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني. ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، فإن الزعيمين سوف يناقشان «جهود وقف إطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

غياب «حماس»

أفادت مصادر مطلعة على مجريات المفاوضات الجارية حالياً في القاهرة بأن المفاوضات «تجري وفق البنود المخطط لها منذ مفاوضات الدوحة الشهر الماضي»، لافتة إلى أن «حماس» «لم تقدم عرضاً جديداً يختلف عما أبلغت به الوسطاء في جولة الدوحة الأخيرة»، وأن الحركة «أبدت تمسكاً واضحاً بموقفها المطالب بوقف الحرب، وعودة النازحين لشمال غزة، وتيسير دخول المساعدات عبر المعابر البرية لجميع مناطق القطاع».

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن عدم وصول وفد من حركة «حماس» للمشاركة في المفاوضات الجارية بالقاهرة «لا يعرقل سير المفاوضات»، وتوقعت المصادر استمرار المفاوضات «عدة أيام»، مؤكدة أنه «لا سقف زمنياً محدداً لانتهائها»، كما شددت على وجود «إرادة قوية من جانب الوسطاء للتوصل إلى اتفاق متوازن يحظى بقبول الطرفين، ويمهد السبيل نحو خطوات أكثر تقدماً لاستدامة التهدئة».

وأضافت المصادر أن تنسيقاً «رفيع المستوى» يجري بين القاهرة والدوحة، وأن الدور الأميركي «في قلب ما يجري» من جهود بهدف إحداث «تقدم واختراق» نحو إبرام اتفاق.

يشار إلى أن مسؤولاً في «حماس» أكد، الأحد، أن الحركة لم تتخذ بعد قراراً بشأن ما إذا كانت سترسل وفداً إلى مفاوضات جديدة في الدوحة أو القاهرة بهدف التوصل إلى هدنة في الحرب مع إسرائيل في غزة، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

قنوات اتصال مفتوحة

ومن جانبه، أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة والجامعة الأميركية في مصر، والمتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية الدكتور طارق فهمي، أن عدم مشاركة وفد من «حماس» في مفاوضات القاهرة «لا يؤثر بشكل كبير على مسار التفاوض»، مشيراً إلى أن الوسطاء في القاهرة والدوحة لديهم «قنوات اتصال وخطوط مفتوحة على مدار الساعة مع قيادات الحركة» للتباحث بشأن ما يمكن أن يقود إلى إقرار اتفاق يحقق مصلحة جميع الأطراف.

وتوقع فهمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ألا يطول غياب وفد من «حماس» عن المفاوضات، مشيراً إلى أن الحركة «قد تتعرض لضغوط إقليمية من أجل التجاوب مع جهود التهدئة»، خصوصاً في أعقاب الخطاب «الذي بدا متشدداً» بعد زيارة قيادات حركتي «حماس» و«الجهاد»، الأسبوع الماضي، إلى إيران.

وعدَّ أستاذ العلاقات الدولية استمرار المفاوضات وعودتها إلى القاهرة ومشاركة وفد إسرائيلي يضم قادة أجهزة «الشاباك» و«الموساد» وممثلين لملف الأسرى الإسرائيليين وممثلاً للجيش «مؤشراً على وصول التفاوض إلى مرحلة جادة على طريق حسم اتفاق»، كما أنه «يعكس رغبة إسرائيلية في المضي قدماً في هذا المسار»، بغض النظر عن مستوى التفويض الممنوح لقادة تلك الأجهزة من رئيس الوزراء الإسرائيلي.

كانت حركتا «حماس» و«الجهاد»، أكدتا، الأسبوع الماضي، عقب اجتماع بين رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية وأمين عام «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة في طهران، أن نجاح أي مفاوضات «يعتمد على وقف الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من غزة، وحرية عودة النازحين، وإدخال المساعدات».

وقال القيادي في حركة «حماس» محمود المرداوي إن ما قدمته «حماس» في 14 مارس (آذار) هو مقترح «واضح وشامل» جاء بناءً على مفاوضات باريس الأولى والثانية وحوار كامل مع الوسطاء، مضيفاً: «قدمنا مقترحات نأخذها في الحسبان، وكل التداعيات التي اكتنفت مشوار الوسطاء على مدار أشهر طويلة، نحن ما زلنا متمسكين بها».

وشدد القيادي في «حماس» في تصريحات، الأحد، لوكالة أنباء «العالم العربي» على أن «أي مفاوضات لا تأخذ في الحسبان ضرورة وقف إطلاق النار والانسحاب والإغاثة والإعمار وعودة النازحين تعد منقوصة، وهدفها استعادة الأسرى والمحتجزين فقط، وهو مطلب نتنياهو ودون ثمن، وهذا لن يتحقق مطلقاً، وهو يراهن على أوهام».

تفاوض تحت الضغط

وفي السياق نفسه، رأى أستاذ العلاقات الدولية والسياسي الفلسطيني الدكتور أسامة شعث أن حركة «حماس» لا تريد أن تظهر في صورة المهزوم، خصوصاً أنها تتفاوض تحت ضغط الحرب المستمرة منذ 6 أشهر، وإحكام الحصار الإسرائيلي على القطاع، وفي ظل استمرار عمليات الاغتيالات والتجويع والتهجير لسكان غزة.

وأضاف شعث لـ«الشرق الأوسط» أن كل طرف (إسرائيل وحماس) يحاول أن يبدو في صورة «القوي والمسيطر»، مؤكداً أن ما يظهر في وسائل الإعلام «لا يعبر بالضرورة عما يجري حقيقة على طاولة التفاوض»، معرباً عن اعتقاده أن وسطاء التهدئة لديهم من الأدوات والاتصالات ما يمكنهم من إدارة عملية التفاوض بكفاءة، سواء بحضور كل الأطراف أو عبر قنوات الاتصال مع المعنيين في الطرفين.

وأشار الأكاديمي الفلسطيني إلى أن التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى يمثل حالياً «مصلحة» لحكومة نتنياهو التي تريد تخفيف الضغوط الداخلية والدولية عليها، فضلاً عن رغبتها في التفرغ للجبهة اللبنانية، إذ لا تريد أن تخوض حرباً مفتوحة على جبهتي غزة وجنوب لبنان.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد قالت، الاثنين، إن رئيس «الموساد» ديفيد برنياع أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه لن يتسنى إبرام صفقة لتبادل المحتجَزين مع «حماس»، دون تنازلات بشأن عودة المدنيين الفلسطينيين إلى شمال غزة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي منح رئيس جهاز «الموساد»، ورئيس الوفد المفاوض في مباحثات تبادل الأسرى مع «حماس»، صلاحيات أكبر من الماضي، في محاولة للتوصل إلى اتفاق قريب يؤدي لإطلاق سراح المحتجَزين الإسرائيليين.


مقالات ذات صلة

تل أبيب تُصعّد وتيرة المجازر في شمال غزة

المشرق العربي 
فلسطينية تودع أمس قتلى غارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)

تل أبيب تُصعّد وتيرة المجازر في شمال غزة

صعّدت إسرائيل من وتيرة المجازر الناجمة عن قصفها المتكرر لشمال غزة، وقتلت، أمس، عشرات الفلسطينيين. وتضغط تل أبيب، من دون إعلان رسمي، بقوة لإفراغ شمال القطاع من

كفاح زبون (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي دخان يتصاعد من قرية بجنوب لبنان بعد غارة إسرائيلية (ا.ف.ب)

 11 قتيلاً و48 جريحاً في غارات إسرائيلية على منطقة صور جنوب لبنان

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الأحد)، مقتل 11 شخصاً وإصابة 48 آخرين في غارات إسرائيلية استهدفت بلدات في منطقة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية فلسطينية تنتحب أمام جثث ضحايا غارة إسرائيلية يوم الأحد في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:33

عشرات القتلى في تصعيد إسرائيلي شمال غزة

كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة في مسعى لإفراغه من سكانه، ورفعت من وتيرة القصف، الأحد؛ ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى.

كفاح زبون (رام الله)
أوروبا أفراد من الشرطة الهولندية في أمستردام (أ.ف.ب)

هولندا: التحقيق مع 45 مشتبهاً بهم في أعمال عنف شهدتها أمستردام

أعلنت الشرطة الهولندية الأحد أنها تحقّق مع 45 شخصاً تشتبه في ارتكابهم جرائم عنف لها صلة باضطرابات شهدتها أمستردام على خلفية مباراة كرة قدم الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود مع قطاع غزة (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، مقتل ضابط وجندي، وإصابة ثالث بجروح خطيرة في اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هيئة بحرية: تقرير عن واقعة غرب المخا باليمن

البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

هيئة بحرية: تقرير عن واقعة غرب المخا باليمن

البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقت تقريراً عن واقعة في البحر الأحمر على بعد 25 ميلاً بحرياً إلى الغرب من المخا في اليمن، حسب «رويترز».