هدوء بحري في مستهلّ الشهر الخامس من الهجمات الحوثية

غروندبرغ في الرياض واليمن يدعو لتفادي كارثة «روبيمار»

هدد الحوثيون بتوسيع هجماتهم البحرية إلى المحيط الهندي (أ.ف.ب)
هدد الحوثيون بتوسيع هجماتهم البحرية إلى المحيط الهندي (أ.ف.ب)
TT

هدوء بحري في مستهلّ الشهر الخامس من الهجمات الحوثية

هدد الحوثيون بتوسيع هجماتهم البحرية إلى المحيط الهندي (أ.ف.ب)
هدد الحوثيون بتوسيع هجماتهم البحرية إلى المحيط الهندي (أ.ف.ب)

شهد نهار الاثنين هدوءاً بحرياً في مستهل الشهر الخامس منذ بدء الهجمات الحوثية ضد السفن، إذ لم تسجل أي حوادث أو ضربات غربية خلال 24 ساعة في البحر الأحمر وخليج عدن، رغم تهديد الجماعة الموالية لإيران قبل أيام بتوسيع المواجهة إلى المحيط الهندي.

تزامن ذلك مع عودة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى المنطقة مستهلاً تحركاته من الرياض، حيث يأمل أن تكلل مساعيه بدعم دولي وإقليمي للمضي في جهود إبرام خريطة طريق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية لإحلال السلام.

وكانت ناقلة تحمل شحنة من الغاز المسال قد نجت، الأحد، من قصف صاروخي حوثي في خليج عدن، بعد أن دوى انفجار على مسافة 200 متر من جانبها الأيمن، وفق ما ذكرته وكالة بحرية بريطانية.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ودخول واشنطن وحلفائها على خط المواجهة تحولت الهجمات والضربات الدفاعية إلى روتين شبه يومي.

وأدت الهجمات الحوثية إلى إصابة 15 سفينة على الأقل، وقرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات في 18 فبراير (شباط) الماضي في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في مقتل 3 بحارة وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» وهي سفينة شحن ليبيرية ترفع علم باربادوس في السادس من مارس (آذار) الحالي، وهو أول هجوم قاتل تنفذه الجماعة.

تحرك أممي

وفي خضم التصعيد البحري وتجمد مساعي السلام اليمني، واصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ تحركاته من الرياض، الاثنين، بعد عودته إلى المنطقة عقب إدلائه بإحاطته، الخميس الماضي، أمام مجلس الأمن.

وأفاد مكتب غروندبرغ في بيان بأنه التقى في الرياض، السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وبحث معه التطورات الراهنة باليمن، والوضع الإقليمي والتداعيات المحتملة.

وأوضح البيان أن اللقاء ناقش سبل ضمان استمرار الدعم الإقليمي المتضافر لجهود الوساطة التي ترعاها الأمم المتحدة من أجل السلام في اليمن.

وكان المبعوث الأممي قد عبَّر أخيراً خلال إحاطة أمام مجلس الأمن عن مخاوف متصاعدة من نسف جهوده لتحقيق السلام بين الجماعة الحوثية والحكومة اليمنية الشرعية، وعودة القتال.

يخشى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ من عودة القتال في اليمن (الأمم المتحدة)

وإذ يأمل المبعوث أن يجري الفصل بين مساعي السلام التي يقودها وبين التصعيد البحري القائم بين الجماعة الحوثية والقوات الغربية، انتهز فرصة وجوده في الولايات ليعقد لقاءات مع المسؤولين في واشنطن.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية تتخذ من الحرب في غزة وسيلة للهروب من استحقاقات السلام الذي تقوده الأمم المتحدة، إلى جانب محاولة تبييض جرائمها المستمرة ضد اليمنيين، بما في ذلك قطع الطرقات، ومنع تصدير النفط وحصار تعز. وترى أن دعم قواتها لاستعادة كامل التراب اليمني، الحل الأمثل بدلاً من الضربات الغربية.

وفي خطبة سابقة لزعيم الجماعة المدعومة من إيران عبد الملك الحوثي هدد بتوسيع الهجمات من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي لمنع الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، حتى وقف الحصار على غزة وإنهاء الحرب الإسرائيلية، وزعم أن الضربات الغربية لن تحد من قدرات جماعته، من حيث «الزخم والقدرة والقوة والمديات».

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

تلافي الكارثة

في غضون ذلك، جددت الحكومة اليمنية دعوتها لمساندة دولية لتلافي كارثة غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، والتي كانت تحمل مواد سامة إضافة إلى الوقود.

وذكر الإعلام الرسمي أن وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي، شارك عبر تقنية الاتصال المرئي، في الاجتماع الوزاري للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن.

دعا وزير المياه والبيئة في اليمن إلى إسناد دولي لتلافي كارثة غرق السفينة «روبيمار» (سبأ)

واستعرض الاجتماع، الذي ضم وزراء البيئة بالدول المطلة على البحر الأحمر، وأمين عام الهيئة، حادثة غرق السفينة «روبيمار» والتأثيرات المحتملة على البيئة البحرية ومستجدات الوضع بهذا الجانب.

ونقلت وكالة «سبأ» اليمنية أن الاجتماع شدد على ضرورة تضافر الجهود لمواجهة المشكلات البيئية التي تهدد دول الإقليم للحيلولة دون وقوع حوادث التلوث البحري الذي يمثل تهديداً مباشراً للبيئة في منطقة البحر الأحمر.

واستعرض الوزير الشرجبي في الاجتماع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية ممثلة بخلية إدارة أزمة السفينة «روبيمار» واللقاءات المتعددة التي عُقدت مع كل الأطراف المعنية بالحادثة ومستجدات الأوضاع بخصوص تلوث البيئة البحرية، وتدمير الثروة السمكية، وتراجع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي حين دعا الوزير الشرجبي إلى مساندة الحكومة اليمنية ودعمها بشتى الوسائل من أجل مواجهة تبعات الآثار السلبية المحتملة، اتخذ مجلس الهيئة البحرية قراراً بدعم ومساندة اليمن في كل الجهود الرامية إلى إزالة الخطر البيئي الناجم عن أي تسرب للأسمدة أو الوقود من السفينة والعمل على تعزيز مركز الطوارئ البيئية في اليمن وتقديم الدعم الفني اللازم.

وكان زعيم الجماعة الحوثية، قد تبنى، الخميس الماضي، قصف 73 سفينة منذ بدء الهجمات، في حين أفادت تقارير غربية بهجمات جديدة أيام الجمعة والسبت والأحد في البحر الأحمر وخليج عدن.

السفينة البريطانية «روبيمار» قبل غرقها في البحر الأحمر إثر قصف حوثي (أ.ب)

ومنذ تدخل الولايات المتحدة ضد الحوثيين، شنت ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) نحو 500 غارة على الأرض أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وإلى جانب ذلك، نفذت القوات الأميركية إلى جانب سفن أوروبية العشرات من عمليات الاعتراض والتصدي للهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، والزوارق والغواصات الصغيرة غير المأهولة.

وفي أحدث تصريح لوزير دفاع الجماعة الحوثية محمد العاطفي، هدد بأن هجمات الجماعة ضد السفن الأميركية والبريطانية الحربية أو التجارية لن تتوقف، وأنها باتت لها «اليد الطولى في مياه اليمن الإقليمية» وفق زعمه.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).