هجمات حوثية صاروخية في البحر الأحمر بلا أضرار

عقوبات أميركية ضد شركتي شحن بموازاة الضربات الوقائية

سفينة «روبيمار» البريطانية الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)
سفينة «روبيمار» البريطانية الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)
TT

هجمات حوثية صاروخية في البحر الأحمر بلا أضرار

سفينة «روبيمار» البريطانية الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)
سفينة «روبيمار» البريطانية الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن مساعيها لتقليص قدرات الجماعة الحوثية مالياً وعسكرياً، أكدت فشل هجمات صاروخية شنتها الجماعة الموالية لإيران ضد سفن الشحن في البحر الأحمر، وسط تهديدات الجماعة بتوسيع الهجمات إلى المحيط الهندي بعد أن باتت كثير من السفن تسلك طريق الرجاء الصالح تجنباً للملاحة عبر باب المندب.

وإذ تراهن الولايات المتحدة على سياسة إضعاف قدرات الجماعة الحوثية عبر التصدي للهجمات وتنفيذ الضربات الاستباقية، دون الدخول في مواجهة شاملة، ترى الحكومة اليمنية أنه لا بديل عن دعم قواتها لاستعادة مؤسسات الدولة وكل الأراضي الخاضعة للجماعة.

في هذا السياق، أفادت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، السبت، بفشل 3 هجمات صاروخية كانت تستهدف السفن في البحر الأحمر، حيث أكدت عدم وقوع أية أضرار.

وأوضح البيان أنه «بين الساعة 8:30 و10:50 مساءً (بتوقيت صنعاء) في 15 مارس (آذار)، أطلق الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران 3 صواريخ باليستية مضادة للسفن من المناطق التي يسيطرون عليها باتجاه البحر الأحمر. ولم يجرِ الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من قبل السفن الأميركية أو التحالف أو السفن التجارية».

وتقول الجماعة الحوثية إنها هاجمت 73 سفينة منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) عبر أكثر من 400 صاروخ وطائرة مسيرة، بينما أقرت بتلقي مواقعها ما يقارب 500 غارة حظيت الحديدة والمناطق الساحلية الخاضعة للجماعة على البحر الأحمر بالنصيب الأوفر منها.

في غضون ذلك، أفادت وزارة الخزانة الأميركية بأنها فرضت، عقوبات على شركة شحن مسجلة في جزر مارشال، تدعى «فيشنو إنك»، وشركة أخرى تدعى «سييلو ماريتيم ليمتد»، وذلك لدورهما في نقل سلع إيرانية لصالح الحوثيين وقوة القدس التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

فرض الحوثيون إتاوات على قطاع التعليم لدعم المجهود الحربي رغم توقف رواتب المعلمين (إعلام حوثي)

ووفقاً للقرار الأميركي، جرى تجميد جميع ممتلكات وحقوق الشركتين، الموجودة داخل الولايات المتحدة أو التي يسيطر عليها أشخاص أميركيون، فضلاً عن منع التعامل مع الشركتين من قبل أي شخص أميركي أو داخل الولايات المتحدة.

وتأتي هذه العقوبات الأميركية ضمن سلسلة من العقوبات التي تستهدف الجماعة الحوثية وقادتها، وعلى رأسها إدراج الجماعة بشكل خاص على لائحة الجماعات الإرهابية، أملاً في إرغام الأخيرة على التخلي عن تصعيدها في البحر الأحمر وخليج عدن.

تصعيد حوثي

رغم الضربات الغربية ضد الحوثيين وما نجم عنه التصعيد من خسائر اقتصادية لشركات الشحن وتبعات إنسانية، فإن زعيم الجماعة هدد مؤخراً بتوسيع الهجمات البحرية إلى المحيط الهندي، مع مستهل الشهر الخامس من المواجهة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال الحوثي في خطبة متلفزة، الخميس الماضي، إن جماعته مستمرة في تطوير قدراتها العسكرية، وستمنع الملاحة في المحيط الهندي، بالاتجاه المحاذي لجنوب أفريقيا، حتى وقف الحصار على غزة وإنهاء الحرب الإسرائيلية.

وزعم أن الضربات الغربية لن تحد من قدرات جماعته، من حيث «الزخم والقدرة والقوة والمديات»، متبنياً قصف 73 سفينة منذ بدء الهجمات في 19 نوفمبر الماضي.

واعترف زعيم الجماعة الموالية لإيران بمقتل 34 عنصراً من جماعته منذ بدء الضربات الغربية، وتبنى 12 هجوماً خلال أسبوع بـ 58 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، زاعماً أن 3 هجمات وصلت إلى المحيط الهندي، كما أقرّ بتلقي جماعته خلال أسبوع 32 غارة، ووصفها بأنها «فاشلة وتأثيراتها منعدمة».

جندت الجماعة الحوثية خلال 4 أشهر عشرات الآلاف من بوابة مناصرة الفلسطينيين في غزة (إ.ب.أ)

وبسبب التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية تتخوف الأمم المتحدة من عودة القتال إلى اليمن، في ظل تعثر مبعوثها هانس غروندبرغ في إبرام اتفاق موقع لتنفيذ خريطة طريق ترسي السلام في البلاد.

وأدت الهجمات الحوثية إلى إصابة 15 سفينة على الأقل، وقرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات في غرق السفينة البريطانية «روبيمار»، بينما تسببت أخرى في مقتل 3 بحارة وإصابة 4 آخرين في هجوم استهدف في خليج عدن سفينة ليبيرية ترفع علم باربودس في السادس من مارس الحالي، وهو أول هجوم قاتل تنفذه الجماعة.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية تتخذ من الحرب في غزة وسيلة للهروب من استحقاقات السلام الذي تقوده الأمم المتحدة، إلى جانب محاولة تبييض جرائمها المستمرة ضد اليمنيين، بما في ذلك قطع الطرقات، ومنع تصدير النفط وحصار تعز. وترى أن دعم قواتها لاستعادة كامل التراب.

تعقيد مسار السلام

في أحدث التصريحات الحكومية اليمنية بخصوص الهجمات الحوثية البحرية، قال المندوب اليمني الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي إن ذلك «يضع مزيداً من التعقيدات على الوضع الإنساني والمسار السياسي ويكشف موقف هذه الميليشيات الحقيقي من جهود التهدئة وإحلال السلام وعدم اكتراثها للأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة».

وأدان السعدي أمام مجلس الأمن ما وصفه «التصعيد الخطير في وتيرة الهجمات الإرهابية الحوثية» ضد الملاحة الدولية، بما في ذلك استهداف السفينة «ترو كونفيدنس» والذي أدى إلى مقتل 3 من بحارتها وإصابة 4 آخرين، وكذلك استهداف السفينة «روبيمار» قبالة السواحل اليمنية، والتي تحمل ما يقارب 21 ألف طن متري من الأسمدة شديدة السمّية والنفط، ما أدى إلى غرقها على بعد نحو 11 ميلاً من السواحل اليمنية.

سفينة الشحن الأميركية «شامبيون» تعرضت لقصف حوثي وهي تنقل مساعدات إنسانية لليمنيين (رويترز)

ومن جهتها، دعت الولايات المتحدة إلى موقف دولي موحد في وجه هجمات الحوثيين ضد ممرات الشحن التجاري في البحر الأحمر وخليج عدن، وتصعيدهم المستمر الذي يزعزع الاستقرار في المنطقة، ويهدد التجارة العالمية برمتها.

وقال ممثل الشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة؛ روبرت وود، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن «من المؤسف أن التهديدات الحوثية للأمن البحري والشحن التجاري لا تزال متواصلة، وأصبحت تمثل تحدياً عالمياً مع ازدياد عدد البلدان المتضررة من هذا السلوك المزعزع للاستقرار يوماً بعد يوم».

وأوضح وود أن بلاده اتخذت عدداً من الإجراءات لمواجهة هذه الهجمات، ومنها تصنيف جماعة الحوثيين بوصفها «منظمة إرهابية عالمية»، وأكد ضرورة أن يتحدث العالم بصوت واحد لرفض محاولات الحوثيين للتدخل في ممارسة الحقوق والحريات الملاحية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال: «لكن لا يمكننا أن نواجه هذا التحدي بمفردنا، فالاعتداءات الحوثية تؤثر في كل الدول وهذا التصعيد المستمر المزعزع للاستقرار يعرض التجارة الخارجية للخطر في كل أنحاء العالم».

واتهم المسؤول الأميركي إيران بأنه هي من تزود الحوثيين بالأسلحة في انتهاك لقانون حظر دخول الأسلحة الأممي، داعياً طهران إلى أن تكف عن نقل الأسلحة والأنشطة الأخرى التي تيسر الاعتداءات الحوثية في البحر الأحمر.

وجدد المتحدث الأميركي موقف بلاده من السلام في اليمن، وقال: «نعتقد أن الانخراط البناء حول خريطة طريق يمنية هو السبيل الوحيد الذي يفضي إلى نهاية لهذا النزاع، ويستجيب إلى مطالبات اليمنيين بالعدالة إزاء هذه الانتهاكات».

ملايين اليمنيين يعيشون على المساعدات الإنسانية بينما ينفق الحوثيون الموارد على التعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

ومنذ بدء التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن في 19 نوفمبر الماضي ودخول واشنطن وحلفائها على خط المواجهة تحولت الهجمات والضربات الدفاعية إلى روتين شبه يومي.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت تحالفاً دولياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وإلى جانب تنفيذ واشنطن وحلفائها العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة، شاركت بريطانيا في 4 موجات واسعة من الضربات على الأرض، فضلاً عن كثير من عمليات التصدي.

وتشارك 5 دول أوروبية حتى الآن ضمن مهمة «أسبيدس» لحماية سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، تتقدمها فرنسا ثم إيطاليا وألمانيا وهولندا واليونان، لكنها لا تشارك في الضربات على الأرض ضد مواقع الجماعة الحوثية، حيث تكتفي بعمليات التصدي للهجمات.

وفي ضوء التصعيد العسكري المستمر في المياه اليمنية، أبدى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ قلقه الواضح من تعثر التوصل حتى الآن إلى اتفاق موقع بين الحكومة اليمنية والحوثيين، معبراً عن خوفه من عودة القتال من جديد.


مقالات ذات صلة

إدانة أوروبية لتهديدات الحوثيين وقلق من تدهور الاقتصاد اليمني

العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء حيث تفرض الجماعة قيوداً مشددة على السكان (إ.ب.أ)

إدانة أوروبية لتهديدات الحوثيين وقلق من تدهور الاقتصاد اليمني

وسط نداءات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية لزيادة تمويل الاحتياجات الإنسانية في اليمن، أدان «الاتحاد الأوروبي» هجمات الحوثيين العشوائية وتهديدهم الملاحة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مراهقون من خريجي المخيمات الصيفية الحوثية في جبهات القتال (إعلام حوثي)

عودة جرائم قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين

شهدت مناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية في اليمن عودة جرائم قتل الأقارب التي تنفّذها عناصر ممن جرى استقطابهم خلال فترات سابقة للالتحاق بمعسكرات الحوثي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أكثر من مليون مهاجر أفريقي وصلوا إلى اليمن خلال السنوات العشر الماضية (إعلام حكومي)

عجز يمني في شبوة عن مواجهة أفواج المهاجرين غير الشرعيين

أعلنت السلطات المحلية في محافظة شبوة اليمنية عجزها عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي، وطلبت تدخل الحكومة المركزية.

محمد ناصر (تعز)
خاص وكيل وزارة الأوقاف اليمنية الدكتور الرباش خلال جولاته للاطلاع على مخيمات الحجاج اليمنيين (الشرق الأوسط)

خاص بدء توافد الحجاج اليمنيين للأراضي المقدسة عبر 4 مطارات ومنفذ بري

بدأ توافد الحجاج اليمنيين البالغ عددهم نحو 24255 حاجاً للأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج وسط منظومة تسهيلات من مختلف الجهات.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي زوارق القطر تسحب سفينة يونانية تعرضت لهجوم حوثي العام الماضي (رويترز)

الحوثيون يمهدون لاستئناف قصف السفن بحجة محاصرة إسرائيل بحرياً

بالتوازي مع وعيد الحوثيين في اليمن باستمرار هجماتهم بالصواريخ والمسيرات تجاه تل أبيب اتخذت الجماعة قرارا يمهد للعودة إلى مهاجمة السفن بحجة محاصرة إسرائيل بحريا.

علي ربيع (عدن)

الانفلات الأمني في إب اليمنية لمعاقبة منتقدي الفساد

سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)
سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)
TT

الانفلات الأمني في إب اليمنية لمعاقبة منتقدي الفساد

سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)
سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)

تشهد محافظة إب اليمنية ازدياداً في الجرائم ووقائع الانفلات الأمني تثير هلع السكان وخوفهم، وتزامن مقتل شخص في ظروف غامضة بعد انتقاده فساد السلطات الحوثية واتهامها بالوقوف ضده في خلافات عائلية، مع إطلاق سجين متهم بجرائم خطيرة.

وعُثِر، الاثنين الماضي، على جثة فكري الجراني، من سكان مركز المحافظة التي تبعد 193 كيلومتراً عن جنوب صنعاء، خلف جامع عائشة وسط المدينة، وعليها آثار عدة طعنات، في حين التزمت أجهزة أمن الجماعة الحوثية الصمت، وسط مطالبة السكان لها بكشف غموض الجريمة وإلقاء القبض على منفذيها، وحمّلوها المسؤولية الكاملة عن هذه الحادثة وغيرها من الحوادث الأمنية في المحافظة الخاضعة لسيطرتها.

وذكرت مصادر محلية مطلعة في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أن السكان يتهمون أجهزة أمن الجماعة بالتعاطي المستهتر وغير المسؤول مع الجريمة، وعدم تفعيل أدوات التحري والتحقيق، والاكتفاء بزيارة موقعها والتحفظ على الجثة؛ خصوصاً أن الضحية كان يشتكي من تلقيه تهديدات باستهداف حياته وسلامته الجسدية.

وتساور سكان مدينة إب الشكوك بارتباط الجريمة بكتابات للقتيل على مواقع التواصل الاجتماعي هدد فيها بكشف فساد ونهب ممتلكات واستغلال للوظيفة العامة، إلى جانب تصريحه بتلقي تهديدات باستهداف حياته بعد خلافات عائلية حُرم بسببها من أولاده، واشتكى من فساد أجهزة الأمن والقضاء التي رفضت إنصافه وتجاهلت شكاواه.

أجهزة الأمن الحوثية تتساهل في قضايا أمنية خطيرة تشهدها مدينة ومحافظة إب (إكس)

ونقلت المصادر أن الواقعة زادت من استياء وسخط السكان من تدهور الأمن في المحافظة، وتقاعس أجهزة أمن الجماعة الحوثية في أداء مهامها، بل واتهامها في الوقت ذاته بالتواطؤ مع عصابات إجرامية، وتسهيل إفلاتها من المحاسبة والعقاب، وإطلاق سراح متهمين بجرائم خطيرة من السجون.

تهريب السجناء

جاءت هذه الواقعة بعد نحو أسبوع من هروب متهم بالشروع في القتل من سجن في المحافظة، يقول السكان إن قادة أمنيين في الجماعة الحوثية تواطأوا معه مقابل رشوة مالية.

وأوردت مصادر محلية أن المتهم جرى تهريبه من سجن قسم شرطة «مَيْتَم» في مديرية ريف إب، بعد دفع رشوة مالية لقادة أمنيين قُدرت بنحو 5 آلاف و600 دولار (3 ملايين ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً).

سجون محافظة إب شهدت هروب عشرات المتهمين بقضايا خطيرة خلال السنوات الماضية (إكس)

وشهدت محافظة إب خلال السنوات الماضية عدداً من حوادث هروب السجناء، سواء من السجن المركزي، حيث يقضي المتهمون عقوبتهم أو يخضعون للمحاكمة، أو من سجون أقسام الشرطة التي يحتجزون فيها قيد التحقيق فيما ينسب إليهم من اتهامات.

وفي فبراير (شباط) الماضي، تمكن 4 من المتهمين بقضايا جنائية، من الهروب من أحد السجون الاحتياطية التي تديرها الجماعة الحوثية في المحافظة إلى جهة مجهولة، بالتزامن مع جريمة قتل ارتكبها سجين فار في مدينة القاعدة جنوبي المحافظة، ولا يزال الجاني طليقاً.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وجهت مصادر قانونية في مديرية ذي السفال التابعة لمحافظة إب، أصابع الاتهام لقيادات أمنية حوثية بإخراج الجاني من سجن أمن المحافظة بصفقة مشبوهة، جرى فيها نقله إلى سجن قسم شرطة في مدينة القاعدة، حيث تمكن من الهروب رفقة محتجزين آخرين.

معاقبة منتقدي الفساد

شهدت الأسابيع الماضية من الشهر الحالي حوادث أمنية متفرقة اتهمت الجماعة الحوثية بارتكابها أو تدبيرها ضمن ما يقول السكان إنها مساعٍ لترهيبهم ونشر الفوضى والانقسام المجتمعي في أوساطهم.

مستشفى عمومي في إب يحمل اسم أحد رموز الثورة اليمنية فرض الحوثيون هويتهم على مظهره (إكس)

وقال ناشط حقوقي في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» إن طبيعة الجرائم والحوادث الأمنية، إلى جانب ملاحقة الناشطين ومنتقدي الفساد، تجبر السكان على التزام الصمت خوفاً على حياتهم وسلامتهم.

وكشف الناشط، الذي طلب التحفظ على بياناته للحفاظ على سلامته، أن المحافظة تشهد خلال الأشهر الأخيرة وقائع انتهاكات متنوعة مرتبطة بانتقاد الفساد والنافذين الحوثيين.

ويجري، بحسب الناشط، ملاحقة الأفراد بسبب مواقفهم من قضايا الفساد، ليس فقط من خلال الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وحتى عبر الحديث عنها في اللقاءات العامة للسكان والأسواق ووسائل المواصلات في المدن والأرياف.

دخان في ليل مدينة إب بعد غارة أميركية خلال أبريل الماضي (إكس)

وأوضح الناشط أنه رصد ووثق عمليات مداهمة واقتحام للمنازل، جرى فيها انتهاك الحرمات والاعتداء على النساء والأطفال، ووصفه بالتحدي الصارخ لقيم وأعراف المجتمع التي تُجرم مثل هذه الممارسات، على خلفية حديث مالكي هذه المنازل أو ساكنيها عن وقائع فساد.

كانت إحدى الشخصيات الاجتماعية الموالية للحوثيين في المحافظة قد وقعت ضحية عملية اغتيال أشرف عليها أحد القادة الحوثيين أواخر الشهر الماضي، في واقعة عدّها السكان استمراراً لمسلسل تصفية الجماعة للموالين لها.

ووفقاً لمصادر محلية؛ فإن قيادياً حوثياً استغل خلافات بين الشيخ سام الحريمي، وإحدى العائلات على أراضٍ في مديرية حزم العدين، وساندت أفراداً من هذه العائلة لنصب كمين مسلح للحريمي أسفر عن مقتله.