صنعاء تشهد ضرائب مضاعفة... وتدابير لتحسين الإيرادات في عدن

زيادة الأعباء المالية أرهقت التجار والمستهلكين

بدأت الحكومة اليمنية إجراءات لمنع بيع سلع مضربة لدى الجماعة الحوثية (إعلام محلي)
بدأت الحكومة اليمنية إجراءات لمنع بيع سلع مضربة لدى الجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

صنعاء تشهد ضرائب مضاعفة... وتدابير لتحسين الإيرادات في عدن

بدأت الحكومة اليمنية إجراءات لمنع بيع سلع مضربة لدى الجماعة الحوثية (إعلام محلي)
بدأت الحكومة اليمنية إجراءات لمنع بيع سلع مضربة لدى الجماعة الحوثية (إعلام محلي)

بدأت الحكومة اليمنية إجراءاتها لمنع هروب الأموال من مناطق سيطرتها ورفع إيراداتها الضريبية؛ بالتوازي مع فرض الجماعة الحوثية مزيداً من الضرائب في مناطق سيطرتها وسط اتهامات لها بالفساد المالي والإداري والإنفاق على التعبئة والتحشيد.

وذكرت مصادر محلية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية فرضت زيادة عامة في الضرائب تصل إلى 500 في المائة تحت مسمى تحسين الإيرادات، موجهة مشرفيها في جميع إدارات الضرائب في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، بالاهتمام المكثف بالتحصيل، ومراقبة المكلفين، وتفتيش سجلاتهم وبياناتهم بدقة، وملاحقة المتهربين، واتخاذ إجراءات قاسية بحقهم.

أحد مباني مصلحة الضرائب الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

ورغم أن الزيادات شملت مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية، فإنها تتفاوت من حيث النسب التي لم تتضح بعد، ويُحتمل أن تكون العقارات صاحبة النسبة العليا، وأقل منها بنسب متفاوتة عمليات الاستيراد والتصدير، ثم تأتي بعدها التجارة المحلية والزراعة.

وجاءت هذه القرارات بعد أسابيع من فرض زيادة في الضرائب المفروضة على زراعة وتجارة نبتة «القات» في محافظتي الحديدة وحجة، إلى 150 في المائة. (القات نبتة منبهة يمضغها اليمنيون على نطاق واسع، وتصنف دولياً ضمن الممنوعات).

وكانت الجماعة الحوثية قد أقرت خلال العام الماضي تغيير طريقة تحصيل ضريبة القات المعمول بها منذ عقود، والتي كان يجري بها تحصيل مبلغ ثابت عن كل شاحنة لنقل القات تدخل أسواق المدن، واستبدلت بها فرض مبلغ مالي عن كل كيلوغرام من القات، مستحدثة نقاط تحصيل في مختلف الطرق، وشملت إجراءاتها الأرياف والقرى النائية والبعيدة.

ومنذ 3 أسابيع رفعت الجماعة الضريبة المفروضة على القات من أكثر من نصف دولار أميركي إلى ما يقارب الدولار الواحد عن كل كيلوغرام، حيث كانت تفرض 300 ريال عن كل كيلوغرام، لتصبح 500 ريال أخيراً، (الدولار في مناطق سيطرة الجماعة 530 ريالاً يمنياً).

تسببت الضرائب المضاعفة على نبتة القات بأضرار على الباعة والمزارعين اليمنيين (رويترز)

وتسببت هذه الإجراءات، وفق مراقبين، بأضرار على معيشة قطاع واسع من مزارعي وباعة القات، خصوصاً الصغار منهم، والذين كانوا يبيعون القات في الأرياف النائية تجنباً للضرائب، إلا أن وصول نقاط التحصيل ومفتشي الضرائب إلى جميع الأرياف تسبب في تراجع أرباحهم بالنظر إلى محدودية زبائنهم.

ويفسر المراقبون هذه الزيادات في ضرائب القات برغبة الجماعة في زيادة إيراداتها المالية نظراً إلى حجم تجارة وتعاطي القات، وإقبال ملايين اليمنيين عليه، خصوصاً مع اقتراب مواسم رمضان والأعياد الدينية والتي يزيد فيها استهلاك القات بشكل كبير، إلى جانب اعتدال درجة الحرارة خلال الربيع ما يتيح إنتاج محصول وافر منه.

استيراد من الباطن

كشفت وثيقة تداولها اليمنيون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استخدام تجار ومستوردين سجلات وبطاقات ضريبية بأسماء تجار آخرين لتخليص البضائع والسلع المستوردة من المنافذ الجمركية الخاضعة للحوثيين، ما يتسبب بفرض رسوم ضريبية على أصحاب تلك البطاقات عن بضائع لا يعلمون عنها شيئاً، وتهرُّب تجار آخرين من دفع الضرائب.

وأكد الناشطون أن بطاقات ضريبية كثيرة بأسماء أشخاص متوفين يجرى تفعيلها لتمكين مستوردين وتجار من استخدامها، بينما يجري إصدار بطاقات ضريبية بأسماء وهمية أو بأسماء شخصيات تجارية من دون علمها، وهو ما يتسبب بتهرب مستخدمي هذه البطاقات من سداد ضرائب الاستيراد.

كما يجري استغلال البيانات الضريبية لأشخاص زاولوا مهنة التجارة والاستيراد لفترات محدودة من أجل أنشطة أخرى، مثل أصحاب المصانع والمعامل الذين استخدموا تلك السجلات لاستيراد معدات ومواد خاصة بمشاريعهم، ولم يهتموا بإلغاء بياناتهم الخاصة بالاستيراد من سجلات الضرائب.

وثيقة تكشف عن تزوير في استخدام البطاقات الضريبية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (إكس)

مصادر «الشرق الأوسط» في قطاع التجارة والصناعة الذي تديره الجماعة الحوثية ألقت مزيداً من الضوء على الأمر، حيث بينت أن ما يعده بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي اكتشافاً جديداً؛ يعدّ واقعاً يجري التعامل معه في الأوساط التجارية بشكل اعتيادي.

المصادر أشارت إلى أن قادة حوثيين يعملون على امتلاك سجلات وبطاقات ضريبية بتسهيلات يحصلون عليها بحكم انتمائهم إلى الجماعة، ويستخدمونها في الحصول على مبالغ كبيرة من المستوردين الذين يواجهون صعوبات في الحصول على تلك السجلات، بإقناعهم بالاستيراد بأسماء القادة الحوثيين.

ونوهت المصادر بأن هؤلاء القادة الحوثيين يتحولون إلى واجهات للمستوردين الحقيقيين، ويجري تجديد بطاقاتهم بشكل دائم، ويحصلون على إعفاءات ضريبية وجمركية لتستمر البضائع والسلع في الدخول بأسمائهم، بينما لا يزاولون أي نشاط تجاري، بينما يتخفف المستوردون من الضرائب إلى حد كبير.

حظر حكومي

يتهم ناشطون يمنيون القائمين على مصلحة الضرائب التابعة للجماعة الحوثية بتبديد الأموال عبر فعاليات وأنشطة الهدف منها تلميع بعض القيادات، ونهب الأموال بزعم إنفاقها على تلك الفعاليات، ومن ذلك إنفاق مصلحة الضرائب الحوثية 3400 دولار (18 مليون ريال يمني تقريباً) لتنظيم فعالية توعوية للمحاسبين القانونيين.

ومن جهتها، بدأت الحكومة اليمنية بمواجهة حظر المنتجات التي يجري تحصيل ضرائب عليها من قبل الجماعة الحوثية.

وحظرت السلطات التنفيذية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بيع أصناف السجائر المهربة، والسجائر المصنعة محلياً، وتحمل طوابع ضريبية صادرة عن إدارات الضريبة التابعة للجماعة الحوثية، بعد إقرار آلية عمل مشتركة بين وزارة الصناعة والتجارة، ومصلحة الضرائب في محافظة عدن.

وألزمت الجهتان الحكوميتان تجار الجملة والتجزئة وملاك المحال التجارية بالامتناع عن تسويق أو بيع المنتجات المهربة والمنتجات القادمة من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، ملوحة باتخاذ إجراءات الضبط والمعاقبة للمخالفين.

ويهدف هذا الإجراء إلى منع نقل العملات الأجنبية إلى المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية، ومنح المصانع المحلية في المناطق المحررة مساحة لتغطية طلب السوق للسجائر من منتجاتها، وتوفير مليارات الريالات اليمنية التي كانت تهدر بسبب تهريب السجائر.

كما تأتي هذه الخطوة كرد فعل على حظر الجماعة الحوثية السجائر المصنعة في مناطق سيطرة الحكومة، والإجراءات التعسفية بحق كل من يقوم ببيعها في مناطق سيطرة الجماعة.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.