اليمن يبدأ معركة إيقاف تسرب الموارد خارج البنك المركزي

إغلاق معابر التهريب وتغيير شامل في المنافذ الرسمية

القرارات الجريئة لمجلس الوزراء اليمني تنتظر التنفيذ (سبأ)
القرارات الجريئة لمجلس الوزراء اليمني تنتظر التنفيذ (سبأ)
TT

اليمن يبدأ معركة إيقاف تسرب الموارد خارج البنك المركزي

القرارات الجريئة لمجلس الوزراء اليمني تنتظر التنفيذ (سبأ)
القرارات الجريئة لمجلس الوزراء اليمني تنتظر التنفيذ (سبأ)

بدأت الحكومة اليمنية معركة ضبط الموارد المالية، وإيقاف تسربها إلى خارج البنك المركزي، وبينها الرسوم الجمركية والضريبية ومبالغ شراء الوقود واستهلاك الكهرباء والمياه، إلى جانب عائدات قطاع الاتصالات التي تسببت في خسارة الخزانة العامة مليارات الريالات اليمنية، وفق ما أكدته أربعة مصادر حكومية.

الحكومة -في ثاني اجتماع لها بعد تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيساً للوزراء- أقرت جملة من الإجراءات الهادفة إلى معالجة الاختلالات في المنافذ البرية والبحرية، وتصحيح المخالفات القائمة، استناداً إلى تقرير اللجنة الوزارية بشأن الاختلالات في المنافذ البرية والبحرية التي رأَسها وزير الدفاع.

رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

واستناداً إلى التقرير، وجَّهت الحكومة وزراء الدفاع والمالية والزراعة والثروة السمكية والداخلية والصناعة والتجارة والنقل والمياه والبيئة، ورئيسي جهازي الأمن السياسي، والأمن القومي (المخابرات) وجميع رؤساء الجهات الحكومية الأخرى التي يوجد لها ممثلون في المنافذ البرية والبحرية، بإجراء عملية تدوير وظيفي فوري لكافة القيادات والموظفين العاملين في تلك الفروع والجهات التابعة لها في المواني البرية والبحرية، ومعالجة أوضاع العاملين بالمنافذ والمكلفين بالعمل من قبل القيادات المحلية، بالإضافة إلى المتعاقدين والمستعان بهم والبالغين أحد الأجلين، ووضع الحلول المناسبة.

ومنحت الحكومة اليمنية هذه الجهات مهلة شهر حداً أقصى لتنفيذ هذه المهام. وهي خطوة إذا ما تم تنفيذها ستشكل -وفق المصادر- ثورة في مواجهة الفساد والتلاعب بالإيرادات العامة الذي كان سيد الموقف طوال السنوات التسع الماضية.

لكن الأهم في جملة القرارات الحكومية هو إغلاق كل المنافذ غير الرسمية التي تُستخدم لتهريب البضائع والوقود، والتي يجني القائمون عليها مليارات الريالات شهرياً، وفق تقدير المصادر الحكومية، وتذهب هذه العائدات لصالح جهات نافذة محلية أو عسكرية أو أمنية.

معالجة الاختلالات

وافق مجلس الوزراء اليمني ضمن الإصلاحات، على مشروع قرار بشأن معالجة الاختلالات في الجوانب العسكرية والأمنية في المنافذ البرية والبحرية؛ حيث ألزم وزيرَي الدفاع والداخلية، ورؤساء الأجهزة الأمنية المعنية، بإسناد حراسة وحماية المنافذ البرية والبحرية إلى قوات أمنية متخصصة؛ حسب القانون، والعناية بتدريبها وتأهيلها وتزويدها بالإمكانات وبما يمكِّنها من تأدية مهامها على أكمل وجه، ووقف تدخلاتها في عمل الجهات المدنية، وتحديد حجم الوجود من القوات المسلحة والأمن في المنافذ، بالقدر الذي يتناسب مع المهام والمسؤوليات الموكلة إليها.

كما وجَّه بالالتزام بالعمل في المنافذ البرية من خلال بوابة رسمية واحدة للدخول من الدول المجاورة إلى أراضي البلاد، وإغلاق جميع البوابات غير الرسمية، ووجَّه وزيرَي الدفاع والداخلية بتفعيل دور قوات حرس الحدود وخفر السواحل لأداء مهامها في مكافحة التهريب والرقابة الحدودية.

تُهدر مليارات الريالات في المنافذ الحدودية التي لا تخضع لسيطرة وزارة النقل (إعلام حكومي)

كما صادق مجلس الوزراء اليمني على مشروع قرار إصلاح الاختلالات في البنية التحتية للمنافذ البرية والبحرية، وتوفير متطلبات العمل اللازمة لها؛ حيث وجَّه الوزراء ورؤساء الأجهزة المركزية والهيئات والمصالح العامة الموجودة فروعها في هذه المنافذ، بإصلاح الاختلالات في البنية التحتية في كل منفذ؛ حسب الاختصاص، وبما يمكِّن العاملين من إنجاز المهام والأنشطة المسندة إليهم والقيام بمسؤولياتهم وواجباتهم، وتسليم المواقع العامة للمنافذ البرية لوزارة النقل، وتوفير ما تحتاج إليه المنافذ من إمكانات التشغيل والصيانة والتطوير.

المصادر الحكومية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الملف سيكون من أصعب الملفات التي سيواجهها رئيس الحكومة الجديد؛ نظراً لحجم المصالح التي تشكَّلت خلال السنوات الماضية لأطراف محسوبة على الشرعية، أو لصالح واجهات اجتماعية وشخصيات عسكرية وأمنية، ورأت أن النجاح في هذه الخطوة من شأنه أن يرفد الخزانة العامة بمليارات الريالات، ويقوي من خططها لمواجهة تراجع أسعار العملة الوطنية في مقابل الدولار.

الكهرباء... الثقب الأسود

وفق المصادر الحكومية اليمنية، فإن التوجيهات شملت قطاع الكهرباء الذي يوصف بأنه الثقب الأسود في جدار الموارد المالية؛ حيث تنفق الحكومة شهرياً نحو 50 مليون دولار لتغطية نفقات شراء الوقود، ودفع إيجار محولات التوليد التابعة للقطاع الخاص في محافظات عدن ولحج وأبين فقط؛ حيث تم تشكيل لجنة مناقصات للإشراف على شراء الوقود، وأقرت استئجار سفينة توليد للكهرباء بقدرة 100 ميغاواط لتغطية العجز في محطات التوليد الحكومية، والاستغناء عن مولدات القطاع التجاري الحالية؛ لأنها متهالكة وتستهلك من الوقود أكثر من قيمتها.

يستنزف قطاع الكهرباء في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية أكثر من نصف مليار دولار سنوياً (سبأ)

وحسب مصادر الحكومة، فإن من ضمن خطوات جمع موارد الدولة، ستتولى المؤسسة العامة للكهرباء، بإسناد من قوات الحزام الأمني، تنفيذ عملية فصل شاملة للتيار الكهربائي عن المتخلفين عن السداد، وسيمتد الأمر كذلك إلى قطاع مياه الشرب.

وبيَّنت المصادر أن قطاعاً عريضاً من السكان لا يدفعون فواتير استهلاك التيار الكهربائي والمياه في عدن، منذ نحو 10 سنوات، إلى جانب عملية الربط العشوائي، وقد تسبب ذلك في خسائر كبيرة؛ حيث تتولى الحكومة تغطية تلك النفقات على حساب مشاريع التنمية، بعد أن تولت السعودية تغطية وقود محطات توليد الكهرباء لعدة سنوات.

وخلال الاجتماع، استعرض رئيس الحكومة اليمنية تقييماً أولياً حول مستوى أداء بعض الوزارات والجهات الحكومية، بناء على نتائج زياراته الميدانية ولقاءاته مع المواطنين. وأكد أن أحد أهم معايير تقييم عمل الوزراء والمسؤولين الحكوميين ومستوى أدائهم، هو مقدار ما يبذلونه من جهود في التجاوب مع احتياجات المواطنين، بالاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية، بوصفها عنواناً رئيسياً للعمل في هذه المرحلة.

وشدد بن مبارك على أن الحكومة وهي تنهض بمسؤولياتها في إيجاد حلول للمشكلات الملحة التي تمس حياة ومعيشة المواطنين، فإنها في الوقت نفسه لا تدعي أن لديها حلولاً جاهزة وسحرية لحلها، ولن تنزلق إلى إعطاء وعود لن تستطيع الوفاء بها.

وقال إن الصعوبات الاقتصادية الاستثنائية لا تحتمل وجود أي تقصير في الأداء، أو هدر في الموارد من أي نوع كان. والتزم بأن الحكومة -بناء على توجيهات ودعم مجلس القيادة الرئاسي- ستكون حاسمة في هذا الأمر.

ووجَّه رئيس الحكومة اليمنية الوزارات والجهات المعنية، بالتسريع في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وفق الموجهات الرئاسية، والعمل على ضمان مبدأ الشفافية في كافة الخطوات وتجسيد النزاهة، وكفاءة الأداء، وترشيد الإنفاق.

ونبَّه بين مبارك الوزراء إلى أهمية النزول الميداني لتلمُّس معاناة المواطنين بشكل مباشر، وتخفيف الأعباء عنهم، باعتبارها مهمة وطنية وأخلاقية، وتجسيداً حياً للعلاقة الوثيقة والالتزام المهني بين المسؤول والمواطن.

وفي خطوة إضافية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، اعتمد مجلس الوزراء مشروع قرار بشأن لائحة مكافحة تهريب العملات والأموال والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، بناء على العرض المقدم من وزير المالية.

ويهدف القرار إلى تحقيق مستويات أعلى من الحفاظ على النظام المالي والاستقرار النقدي للعملة الوطنية، من خلال مكافحة تهريب ونقل العملات الأجنبية بشكل مخالف للقوانين، ومكافحة تهريب ونقل المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، ومنع المخالفات التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

العالم العربي بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

قال رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

وسّعت الجماعة الحوثية من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

تشكّل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب، وسط مساعٍ أممية للمساعدة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية والاقتصاد الذي قد يخسر 657 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (عدن)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».