تمرد داخلي واحتجاجات تعكّر نشوة الحوثيين بالتصعيد البحري

الجماعة تحشد داخلياً باتجاه مأرب وشبوة

احتجاجات قبلية في صنعاء للمطالبة بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين (إعلام محلي)
احتجاجات قبلية في صنعاء للمطالبة بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين (إعلام محلي)
TT

تمرد داخلي واحتجاجات تعكّر نشوة الحوثيين بالتصعيد البحري

احتجاجات قبلية في صنعاء للمطالبة بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين (إعلام محلي)
احتجاجات قبلية في صنعاء للمطالبة بالإفراج عن رئيس نادي المعلمين (إعلام محلي)

تبدو الجماعة الحوثية منتشية بقدرتها على حشد المؤيدين لها بسبب المواجهة بينها وبين الغرب بعد هجماتها البحرية المتكررة، إلا أنها تواجه تمرداً وأزمات داخلية تواجهها بالاعتقالات واحتجاجات قبلية متنوعة تعمل على احتوائها سلمياً، في نفس الوقت الذي تصعد فيه عسكرياً باتجاه عدد من المحافظات.

ودفعت الجماعة خلال الأيام الماضية بحشود عسكرية من محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) باتجاه محافظة مأرب مهددة بمهاجمة المحافظة وإنهاء سيطرة القوات الحكومية عليها بعد أن وصفتها بالعميلة، زاعمة أنها تساهم في العدوان على غزة.

حشود حوثية باتجاه محافظة مأرب اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية (إكس)

كما شنت الجماعة خلال الأيام الماضية هجوماً واسعاً على عدد من المناطق المحررة في محافظة شبوة مع توجيه حشود ضخمة لمقاتليها في محافظة الجوف (شمال شرقي)، بالتوازي مع اتهام القوات الحكومية بشن هجمات ضد ميليشياتها في عدد من المحافظات.

وحذرت الحكومة اليمنية من استمرار التصعيد في جبهات تعز وشبوة والجوف وصعدة، والذي يتمثل في الهجمات وإطلاق النار والتحشيد المتواصل للمقاتلين والعربات والأسلحة والذخائر، بحسب وكالة «سبأ» الرسمية.

وذكرت الحكومة على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني أن هذا التصعيد الحوثي يأتي في إطار استثمار التعاطف الشعبي مع مأساة الشعب الفلسطيني لحشد المقاتلين وجمع الأموال، وتوجيه تلك الإمكانات للتصعيد القتالي وقصف المدن والقرى وقتل اليمنيين.

واتهم الإرياني الجماعة الحوثية بشن هجمات على مواقع ألوية «العمالقة» في مديريتي حريب وبيحان في محافظة شبوة، وفي اتجاه سلسلة جبال رشاحة الاستراتيجية في مديرية البقع في محافظة صعدة (شمال) إلى جانب عملية واسعة على امتداد جبهات الأجاشر، والأبتر، وطيبة واليتمة والغريميل في محافظة الجوف المجاورة.

أزمات داخلية وتمرد

في موازاة ذلك، كشفت مصادر مطلعة عن أن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية اعتقل أخيراً سبعة من قيادات الجماعة، بعد رفضهم التخلي عن مناصبهم، لصالح قيادات أخرى.

ولم تذكر المصادر أسماء قيادات الجماعة المعتقلين، لكنها أشارت إلى أن هذه الاعتقالات تشير إلى وجود انقسامات وتوترات داخل الجماعة، مرجحة عدم تأثيرها في الوقت الراهن على تماسك الجماعة وقدرتها في تنفيذ عملياتها العسكرية بشكل موحد وفعال، أو تصدع جبهتها الداخلية.

اعتقلت الجماعة الحوثية أخيراً عدداً من العائدين إلى مناطق سيطرتها رغم إعلانها العفو عنهم (إعلام حوثي)

وفي سياق متصل، أكدت مصادر محلية أن الجماعة اختطفت عشرات العائدين من المحافظات المحررة، بعد أن رفضوا وضعهم تحت الإقامة الجبرية وأشكال الرقابة المفروضة عليهم والمتمثلة في الإفصاح بشكل أسبوعي عن أماكن وجودهم وتنقلاتهم والحضور إلى مراكز تابعة للجماعة للإدلاء بتلك المعلومات.

ووفقاً للمصادر، فإن من جرى استدعاؤهم كانوا قد رفضوا المشاركة في دورات طائفية تعقدها الجماعة بشكل دائم لجميع الأفراد والقيادات والمسؤولين والموظفين العموميين الذين لا ينتمون إلى العائلات المكونة للجماعة الحوثية والسلالة المؤسسة لها، بهدف اختبار ولائهم وجدية إيمانهم بمشروعها.

وسبق للجماعة الحوثية الإعلان عدة مرات عن عفو عام لكل النازحين من مناطق سيطرتها، ومن أعلنوا ولاءهم للحكومة الشرعية، ومن قاتلوا في صفوف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وتولى القيادي محمد البخيتي استقبالهم وإجراء حوارات معهم أمام وسائل الإعلام.

احتجاجات قبلية

تواجه الجماعة الحوثية احتجاجات قبلية متنوعة ومتعددة على خلفية عدد من القضايا ذات البعد الحقوقي والاجتماعي، وإذ تلجأ القبائل إلى الاعتصام في الميادين العامة؛ تلجأ الجماعة إلى اتخاذ تدابير لاحتواء تلك الاحتجاجات ومنعها من التصعيد.

تسبب التصعيد الحوثي خلال الأسابيع الماضية في نزوح عشرات العائلات اليمنية (إعلام حكومي)

واحتشد المئات من أبناء قبائل الحدا المنتمية إلى محافظة ذمار، وقبائل أخرى من محافظة إب، وعشرات المعلمين والتربويين في ميدان «السبعين» وسط العاصمة صنعاء، للمطالبة بالإفراج الفوري عن القيادي التربوي أبو زيد الكميم، ما اضطر الجماعة إلى إيفاد شخصيات اجتماعية مقربة منها تنتمي إلى محافظة ذمار لإقناع المحتجين برفع الاعتصام.

ووافق المحتجون على رفع اعتصامهم بعد تحديد مهلة للإفراج عن رئيس نادي المعلمين، وإلا فسيعودون إلى تصعيد احتجاجاتهم.

واختطفت الجماعة رئيس نادي المعلمين في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من منزله في العاصمة صنعاء ونقلته إلى جهة مجهولة، بعد أربعة أشهر من تأسيسه اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين اليمنيين، مطلع يوليو (تموز) الماضي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، وتنظيم إضراب شامل للمعلمين في معظم المدارس في مناطق سيطرة الجماعة.

كما تظاهر المئات من أهالي منطقة حراز التابعة لمديرية صعفان الواقعة في ريف صنعاء الغربي، في ميدان «السبعين» للمطالبة بالقبض على عناصر تابعة للجماعة متهمة بقتل أحد أبناء المنطقة، وتقديمهم للمحاكمة، وبالمثل تعاملت الجماعة مع هذا الاحتجاج بمحاولة التهدئة، وأوفدت عدداً من الشخصيات الاجتماعية الموالية لها وقياداتها الأمنية للتفاوض مع المحتجين.

من احتجاجات قبيلة خولان الطيال على قرار محكمة حوثية بإعدام وسجن عدد من أبنائها (إعلام محلي)

وتمكنت الوساطة من إقناع أهالي حراز بإنهاء وقفتهم الاحتجاجية، بعد أن وعدتهم بتحديد السادس من الشهر الحالي موعداً للالتزام بضبط الجناة وإحالتهم للقضاء.

وتأتي هذه الاحتجاجات بعد نحو نصف شهر من سعي الجماعة الحوثية لإنهاء احتجاج قبلي على قرار أصدرته محكمة حوثية بحق 23 شخصاً من أبناء قبائل خولان الطيال تضمن أحكاماً بالإعدام والحبس، في قضية قتل لم يكونوا متورطين فيها.

واحتجت قبائل خولان الطيال على الحكم باعتباره صدر بحق 23 فرداً من أبنائها جرى تسليمهم كرهائن في مبادرة صلح قبلي لواقعة مقتل شخص في اشتباك بالأسلحة النارية بين مسلحين ينتمون لها وآخرين ينتمون إلى قبيلة أخرى، ولم يكن للرهائن علاقة بالاشتباك أو شاركوا فيه.

وتتهم قبائل خولان الطيال، التي تنتمي إلى محافظات صنعاء ومأرب والبيضاء، المحكمة الحوثية بالتواطؤ مع القبيلة الأخرى خارج أطر القانون والعدالة.


مقالات ذات صلة

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
TT

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الأحد، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة في الشرق الأوسط، عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان: «خلال العام الماضي، شهدت المنطقة دماراً واسع النطاق وتجريداً للأشخاص من صفتهم البشرية»، داعية جميع الأطراف إلى «احترام كرامة كل شخص متضرّر من هذا النزاع... وتحمُّل مسؤولياتهم، بموجب القانون الإنساني الذي يوفّر إطاراً للحد من المعاناة أثناء النزاع».

وأضافت: «أصبح المدنيون مجرّد أعداد، إذ طغت الخطابات المتضاربة بشأن النزاع على طابعهم الفريد، لكنّ وراء هذه الأرقام أفراداً، أطفالاً وآباء وأشقاء وأصدقاء يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون، كل يوم، الحزن والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم».

وتابعت: «شهد هذا العام قلوباً محطَّمة وأسئلة بلا إجابات»، لافتة إلى أن «شمل العائلات تشتّت، ولا يزال كثير من أحبائها محتجَزين، رغم إرادتهم. وقُتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين في جميع أنحاء المنطقة».

ويصادف الاثنين الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، والذي أدى إلى اندلاع حرب بين الحركة والدولة العبرية في قطاع غزة امتدّت إلى لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حرباً ضد «حزب الله».

وقالت اللجنة الدولة للصليب الأحمر: «بينما نقترب من مُضي عام على الهجمات، التي وقعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتصعيد واسع النطاق للأعمال العدائية الذي أعقب ذلك، لا يزال الناس في المنطقة يعانون وطأة الألم والمعاناة والخسارة التي لا تُطاق وتتجاوز الحدود».

وكرّرت دعوتها جميع الأطراف إلى «تحمل مسؤولياتهم، بموجب القانون الدولي الإنساني»، مؤكدة أنّه من خلال الالتزام بهذا القانون «يمكن للأطراف المتحاربين أن يخفّفوا المعاناة الإنسانية، ويمهدوا لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً».