اليمن: هجمات الحوثيين تزيد المعاناة وترفع أسعار السلع

وسط مخاوف من أزمة في مخزون المواد الغذائية الأساسية

 بعد حادثة اختطاف السفينة «غالاكسي ليدر» تضاعفت رسوم الشحن إلى موانئ اليمن (إكس)
 بعد حادثة اختطاف السفينة «غالاكسي ليدر» تضاعفت رسوم الشحن إلى موانئ اليمن (إكس)
TT

اليمن: هجمات الحوثيين تزيد المعاناة وترفع أسعار السلع

 بعد حادثة اختطاف السفينة «غالاكسي ليدر» تضاعفت رسوم الشحن إلى موانئ اليمن (إكس)
 بعد حادثة اختطاف السفينة «غالاكسي ليدر» تضاعفت رسوم الشحن إلى موانئ اليمن (إكس)

في وقت يحذر فيه خبراء اقتصاديون يمنيون من اندلاع أزمة في مخزون السلع الغذائية مع ارتفاع أسعارها بفعل التصعيد الحوثي المستمر في البحر الأحمر وباب المندب، أفاد السكان في أكثر من مدينة بوجود ارتفاعات سعرية جديدة في مختلف السلع، وهو ما يفوق أوضاعهم المادية والمعيشية المتدهورة وعدم مقدرتهم على تأمين ولو جزءاً بسيطاً منها.

وأكدت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مختلف السلع الأساسية باتت تشهد يوماً بعد آخر ارتفاعاً متصاعداً في الأسعار في ظل استمرار التصعيد الحوثي ضد الملاحة الدولية واستمرار أعمال النهب والابتزاز الذي تشنه الجماعة ضد التجار والمواطنين.

بائعان يستقبلان زبوناً في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)

وبرزت في الأيام الأخيرة مخاوف عدة لدى اليمنيين في مناطق نفوذ الجماعة الحوثية من اندلاع أزمة غذاء تضاف إلى سابقاتها من الأزمات المتعددة التي خلفها الانقلاب والحرب الحوثية المستمرة منذ أزيد من 9 سنوات.

وقاد الارتفاع الأخير لأسعار السلع إلى حالة من الإقبال الملحوظ من جانب كثير من السكان لشراء احتياجاتهم بدافع الخوف من انعدامها، وسط اتهامات مباشرة للحوثيين بوقوفهم خلف تلك الارتفاعات الجديدة من جهة استهدافهم المستمر للسفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، وشنهم مزيداً من حملات البطش والجباية.

وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خصوصاً ذات الكثافة السكانية العالية منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب من انفلات أمني يرافقه تصاعد غير مسبوق لمنسوب الجرائم بمختلف أشكالها.

صدمة ارتفاع الأسعار

ويقول سكان في محافظتي إب وذمار لـ«الشرق الأوسط» إنهم جابوا في اليومين الماضيين أسواقاً ومحال بيع المواد الغذائية والاستهلاكية لشراء ما يحتاجون إليه لكنهم صدموا بارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية كالقمح والسكر والزيت والأرز والسمن... وغيرها.

يمنيتان بالقرب من صنعاء تجلبان الماء على رأسيهما بسبب شح المياه وانقطاع الخدمات (إ.ب.أ)

وأبدى «حميد ع.» وهو موظف تربوي في مدينة إب لـ«الشرق الأوسط»، معاناته الشديدة من ذلك الارتفاع الجنوني والمفاجئ لأسعار المواد الأساسية في عاصمة المحافظة ومناطق أخرى متفرقة.

وتقول أم معتز الصباحي، وتقطن في مدينة ذمار، إنها لاحظت خلال الأيام الأخيرة، زيادة يومية في أسعار السلع والمواد الغذائية الضرورية، لافتة إلى أن طبق البيض الواحد زاد في قيمته ما بين 200 إلى 300 ريال (الدولار نحو 530 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين).

بينما ارتفع سعر علبة الجبن الصغيرة 50 ريالاً، ومعجون الطماطم 100 ريال، والسكر 50 ريالاً، كما طالت الزيادة السعرية الأخيرة بقية المنتجات الغذائية والاستهلاكية ومنها الألبان والمعلبات والمياه المعدنية ومساحيق الغسيل والمعقمات والأدوات المنزلية... وغيرها.

وعزا عاملون في مراكز تجارية الأسباب التي تقف وراء ارتفاع الأسعار إلى الأحداث الجارية حالياً في البحر الأحمر بفعل التصعيد الحوثي، إضافة إلى موجة النهب والابتزاز التي تمارسها الجماعة ضد كبار التجار والمستوردين بنقاط التفتيش وفرض مبالغ ضخمة على الحاويات والناقلات التي تحمل بضائع مستوردة من الخارج، ما ضاعف من تكاليف البضائع، وكذا ارتفاع أسعارها.

ميناء الحديدة ضحية استهداف الحوثيين السفن التجارية (إعلام حوثي)

وصعَّدت الجماعة الحوثية أخيراً من حدة إجراءاتها التعسفية وتضييقها المستمرّ على أصحاب المحلات التجارية لإجبارهم على دفع إتاوات لتمويل عملياتها العسكرية.

التحذير من أزمة أوسع

ويؤكد اقتصاديون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن استمرار التصعيد الحوثي المتعمد في البحر الأحمر وباب المندب سيقود بشكل مباشر وغير مباشر إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي لملايين اليمنيين.

ويحذرون من أزمة هي الأشد فتكاً باليمنيين تتمثل في نقص حاد في مخزون السلع الأساسية والغذائية وارتفاع أسعارها بشكل كبير، بفعل ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين البحري، وعزوف كثير من شركات الشحن العالمية عن التوجّه إلى موانئ اليمن المطلة على البحر الأحمر، بعد أن نجحت الجماعة الحوثية في إشعاله وعسكرته.

وسبق أن حذر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، من المخاطر الجسيمة للهجمات المتكررة التي يشنها الحوثيون على السفن المدنية وناقلات النفط، مؤكداً أن تكرار هذه الهجمات تهدد بهجرة الشركات الملاحية من البحر الأحمر.

تفيد التقارير الدولية بأن 15.3 مليون يمني يحتاجون إلى المياه النظيفة (رويترز)

ونقل الإعلام الرسمي عن الإرياني القول إن الأخطر من الخسائر المباشرة للهجمات التي ينفذها الحوثيون، هي الآثار المترتبة لتلك الهجمات على المدى الطويل، جراء دفع شركات الشحن العالمية وناقلات النفط والغاز للإبحار خارج البحر الأحمر.

وأكد الوزير اليمني أن الناقلات اتخذت مساراً بديلاً نحو ممرات عبور دولية آمنة، جراء ارتفاع أسعار الشحن البحري، وتكاليف التأمين، وعزفت عن الإبحار في هذا الممر الدولي الأكثر استخداماً بالعالم بقرابة 12 في المائة من حركة الشحن والتجارة الدولية.

وشدد الإرياني على أن اليمن، وبوجه خاص المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة الحوثيين، يعتمد بشكل رئيسي على استيراد المواد الغذائية والاستهلاكية، ويستورد 80 في المائة من احتياجاته عبر ميناء الحديدة على البحر الأحمر.

وأوضح أن ارتفاع أسعار الشحن البحري، وتكاليف التأمين سيؤدي لارتفاع أسعار المواد الغذائية في بلد يعاني من أزمة إنسانية، وتعتمد غالبية سكانه على المساعدات الغذائية جراء ظروف الحرب والانقلاب.


مقالات ذات صلة

نقاط تفتيش حوثية تبتز المسافرين وتنتهك خصوصياتهم

العالم العربي حافلة نقل عام في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)

نقاط تفتيش حوثية تبتز المسافرين وتنتهك خصوصياتهم

اشتكى يمنيون في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى من تعرضهم للابتزاز وانتهاك الخصوصية، على أيدي مسلحين تابعين للجماعة الحوثية في نقاط التفتيش بين المحافظات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
الولايات المتحدة​ دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

أثار قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب إعادة تقييم مشاريع المساعدات الأميركية، حالة من عدم اليقين بشأن التزام واشنطن على المدى الطويل فيما يتعلق بوكالات الإغاثة.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم العربي مقر الأمم المتحدة في نيويورك (رويترز)

الأمم المتحدة تعلّق عملياتها في صعدة بعد احتجاز حوثيين لموظفيها

قال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، الاثنين، إن المنظمة الدولية أوقفت جميع عملياتها في محافظة صعدة اليمنية بعد احتجاز جماعة الحوثي المتمردة المزيد من موظفيها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حديث لوزير المالية اليمني على هامش اليوم التمهيدي للقمة العالمية للحكومات (الشرق الأوسط)

اتفاق مرتقب بين اليمن وصندوق النقد العربي لجدولة الديون

قال سالم بن بريك، وزير المالية اليمني، إن بلاده تستعد لتوقيع اتفاقية مع صندوق النقد العربي لإعادة جدولة الديون.

«الشرق الأوسط» (دبي)
العالم العربي «هيئة الزكاة» الحوثية تنفق مليارات الريالات سنوياً لدعم عناصر الجماعة (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن ينفذون حملة إحلال جديدة في الوظائف النسائية

امتدّت حملة الإحلال الوظيفي التي تنفذها الجماعة الحوثية في اليمن إلى القطاع النسائي، حيث شرعت في استبعاد عشرات العاملات بالقطاعات الإيرادية.

محمد ناصر (تعز (اليمن))

نقاط تفتيش حوثية تبتز المسافرين وتنتهك خصوصياتهم

حافلة نقل عام في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)
حافلة نقل عام في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)
TT

نقاط تفتيش حوثية تبتز المسافرين وتنتهك خصوصياتهم

حافلة نقل عام في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)
حافلة نقل عام في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)

اشتكى يمنيون في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى من تعرضهم للابتزاز وانتهاك الخصوصية، على أيدي مسلحين تابعين للجماعة الحوثية، في نقاط التفتيش الواقعة على الطريق الرابطة بين محافظات صنعاء وذمار وإب.

وأفادت المصادر «الشرق الأوسط» بأن جماعة الحوثيين حولت المئات من نقاط التفتيش التابعة لها الواصلة بين المدن والمحافظات تحت سيطرتها، إلى أداة قمعية تنتهك حرية المسافرين في التنقل وتعبث بهواتفهم وأمتعتهم، إلى جانب استخدام هذه النقاط في فرض الإتاوات غير القانونية.

وكان الانقلابيون الحوثيون فرضوا عقب اجتياحهم صنعاء قيوداً مشددة على تنقل السكان بين المحافظات، وأقاموا عدداً من الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش في الطرق الواصلة بين المدن والمحافظات؛ لقمع المسافرين والتنكيل بهم وابتزازهم مالياً.

ومع استمرار تدهور الطرق التي أرهقت المسافرين والسائقين وزادت من حدة معاناتهم، تحدث 3 يمنيين، سافروا أخيراً من صنعاء إلى إب، عن تعرضهم وأسرهم للابتزاز والتعسف من قبل مسلحين حوثيين في عدد من نقاط التفتيش التي مروا بها.

سيارات أجرة في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

ووفق المصادر، فقد عبث مسلحو الجماعة الحوثية بأمتعة وحقائب المسافرين، وأخضعوا هواتفهم للفحص والتدقيق، بالإضافة إلى سيل من الأسئلة والتحقيقات والاستجوابات لمعرفة مصدر قدومهم، والى أين سيذهبون، والغرض من السفر.

ووفقاً لحديث المسافرين، فإنهم تعرضوا لهذه الانتهاكات في نقاط تفتيش على الطريق بين محافظتي ذمار وإب، خصوصاً في النقاط الموجودة قبل مدخل مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، والتي يُديرها مسلحون استقدمتهم الجماعة من خارج المحافظة التي تحمل الاسم نفسه.

توقيف واحتجاز

ويؤكد مسافرون انتقلوا عبر حافلة من تعز إلى صنعاء تعرضهم للتوقيف والاحتجاز لنحو ساعتين في نقطة تفتيش حوثية وسط مدينة ذمار؛ وذلك بسبب وجود صور بعض القيادات في الحكومة الشرعية بهاتف أحد المسافرين وصلت إليه دون اختياره عبر مجموعة «واتساب».

وفي حين باشر الانقلابيون استجواب المسافرين لمعرفة ما إذا كان لبعضهم أي تواصل مع الحكومية الشرعية، قال «مُفيد.م»، وهو أحد الركاب على متن الحافلة، إن مسلحي الجماعة لم يقتنعوا بإجاباتهم، لكنهم سمحوا لهم فيما بعد بمواصلة السفر، بعد دفع مبالغ مالية.

المسافرون إلى أرياف محافظة تعز يقضون أوقاتاً طويلة في طرق وعرة (إكس)

واستنكر ناشطون سياسيون في صنعاء التعسفات الحوثية بحق المسافرين، وطالبوا الجهات الحقوقية بإدانة كل أشكال الانتهاكات المتكررة.

وقال القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي»، أحمد العشاري، إن سياسة سلطة الجماعة الحوثية بالتعرض للمسافرين ومساسها بالهواتف الشخصية للمواطنين ومنازلهم «تُعدّ من الجرائم والمحرمات؛ لأنها من الخصوصيات المقدسة في كل القوانين والشرائع والديانات».

وأشار العشاري، في منشور على «فيسبوك»، إلى أن سلطة الجماعة تأطرت بقيم وثقافة أنانية استعلائية انعزالية بحيث من الصعب لها أن تصبح متحضرة، وفق قوله.