الحوثيون يستكملون إحكام قبضتهم المذهبية على مساجد ذمار

الجماعة استولت على 6 مراكز دينية خلال 3 سنوات

قيادات حوثية في ذمارخلال تأسيس مشروع استثماري على سور مقبرة عامة (إكس)
قيادات حوثية في ذمارخلال تأسيس مشروع استثماري على سور مقبرة عامة (إكس)
TT

الحوثيون يستكملون إحكام قبضتهم المذهبية على مساجد ذمار

قيادات حوثية في ذمارخلال تأسيس مشروع استثماري على سور مقبرة عامة (إكس)
قيادات حوثية في ذمارخلال تأسيس مشروع استثماري على سور مقبرة عامة (إكس)

أحكمت الجماعة الحوثية في اليمن قبضتها المذهبية على بقية المراكز الدينية في محافظة ذمار، من خلال الاستيلاء على مركز «العياني» والمسجد التابع له، استكمالاً للسيطرة على المراكز المخالفة لنهج الجماعة وأفكارها ذات الصبغة الطائفية.

وأفادت مصادر محلية في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأن عناصر الجماعة الحوثية داهموا مركز «العياني»، والمسجد التابع له، الذي يديره أحد المشايخ السلفيين ويدعى الشيخ علي راشد الوصابي، وباشروا بإغلاقه بوجه المصلين والطلبة الراغبين في تلقي العلوم الشرعية.

عنصر أمني حوثي في صنعاء (إ.ب.أ)

وشرعت الجماعة، في أعقاب إغلاق المسجد الذي يعد أحد أكبر المساجد بمدينة ذمار وطرد القائمين عليه، بإعادة فتحه في اليوم التالي بعد أن قامت بتنصيب معممين تابعين لها عليه، كما استقدمت إليه شباناً وأطفالاً من مناطق متفرقة بذمار، حيث تواصل إخضاعهم لتلقي دروس وبرامج تعبوية.

ويرتفع عدد المراكز والمساجد في ذمار وعدد من مديرياتها التي طاولها الدهم والمصادرة والإغلاق على يد الحوثيين إلى أكثر من 6 مراكز دينية ومساجد تابعة لها (بعضها تتبع الجماعة السلفية)، خلال 3 سنوات منها مركز «العلوم الشرعية» للسلفيين بمدينة معبر، ومركز «الخير» للعلوم الشرعية في عتمة، إضافة إلى مراكز «الإمام الشوكاني» و«الصباري» و«الرحمن» في مدينة ذمار.

وجاء الاقتحام الحوثي الأخير لمسجد «العياني» بذمار والاستيلاء عليه عقب سلسلة طويلة من الاستهدافات بحقه والقائمين عليه، حيث تعرض إمام المسجد والمعلمون ومجموعة الطلبة الدارسين فيه مرات عدة للتعسف والمضايقات والاختطاف.

شعارات حوثية تعرضت للطمس في إحدى المدن اليمنية (إكس)

وعزت المصادر المحلية الأسباب التي تقف خلف استهداف مركز «العياني» والمسجد التابع له بذمار، لكونه أكثر المساجد التي تشهد تجمعاً للمصلين والطلبة القادمين إليه من مناطق عدة لتلقي العلوم الشرعية، إضافة إلى رفض القائمين عليه، غير مرة، الترويج في خطب الجمعة للمشروعات الحوثية.

تطييف قسري

كانت الجماعة الحوثية شنّت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي حملة استهداف وُصفت بـ«الشعواء»، طاولت بالتعسف والإغلاق نحو 9 مدارس لتحفيظ القرآن الكريم بمناطق وأحياء متفرقة من مدينة ذمار ومديريات تابعة لها، بحجة عملها بعيداً عن إشراف وتوجهات قادة الجماعة، وعدم اعتمادها رسمياً من قبلهم.

وسبق أن أبلغ مشرفون حوثيون في ذمار القائمين على إدارات العشرات من مدارس وحلقات تحفيظ القرآن والتجويد والحديث النبوي وغيرها من العلوم الشرعية بوجود تعليمات صادرة لهم من قيادات في الجماعة في صنعاء تقضي بمنع التدريس، وإيقاف كل المراكز والمدارس التي تصفها بـ«المخالفة».

يمنيات بضواحي مدينة ذمار يستعطفن مسلحين حوثيين لوقف التعدي على منازلهن (فيسبوك)

وذكر معلمون في مراكز تحفيظ في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفي الجماعة اشترطوا على إدارات ومعلمي تلك المراكز والمدارس للسماح لهم بالاستمرار في التدريس، إدراجَ «مَلازم» مؤسس الجماعة حسين الحوثي، وبرامج ومقررات تعليمية أخرى ضمن الحصص اليومية، إلى جانب تلقين الطلبة والطالبات دروساً تعبوية وفكرية تحرض على العنف، وتحض الطلبة على الالتحاق بجبهات القتال.

وعلى صعيد الانتهاكات ضد السكان في ذمار وضواحيها، اختطفت حملة عسكرية حوثية، يتصدرها القيادي في الجماعة أبو حمزة البخيتي، نحو 10 مدنيين من مختلف الأعمار من قرية المصاقرة بمديرية الحدا في ذمار، وزجّت بهم في سجونها بحجة رفضهم الحضور والمشاركة في تلقي محاضرات وبرامج فكرية تقيمها الجماعة تباعاً في المسجد الرئيسي التابع للقرية.

وسبق للجماعة أن داهمت القرية ذاتها أكثر من مرة، وأطلقت الرصاص الحي، متسببة بوقوع إصابات في أوساط الأهالي، كما اعتقلت العشرات منهم، على خلفية المخالفة الفكرية والمذهبية.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).