الحصبة وأمراض يمكن الوقاية منها تفتك بأطفال اليمن

طفلة يمنية في أحد المراكز تتلقى اللقاح المقدَّم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في أحد المراكز تتلقى اللقاح المقدَّم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)
TT

الحصبة وأمراض يمكن الوقاية منها تفتك بأطفال اليمن

طفلة يمنية في أحد المراكز تتلقى اللقاح المقدَّم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في أحد المراكز تتلقى اللقاح المقدَّم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)

كشفت تقارير دولية عن ازدياد حالات الإصابة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات بين الأطفال في اليمن، بما في ذلك الحصبة، جراء مواصلة تعطيل حملات التطعيم وعدم الوصول للعديد من المناطق، خصوصاً في المناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية التي تشن حرباً دعائية مضادة للقاحات.

وأعلن «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)» عن تلقيه بلاغات جديدة من شركائه الإنسانيين حول زيادات كبيرة في الإصابة بالحصبة وأمراض أخرى في جميع أنحاء البلاد، معلناً عن تسجيل 50795 حالة إصابة بالمرض، منها 568 حالة وفاة خلال العام الحالي، بزيادة تجاوزت 50 في المائة عن الأربع سنوات السابقة.

وأكد أن معظم الإصابات بالمرض تم تسجيلها في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الجماعة، موضحاً أنه، وحتى الشهر الماضي، تم الإبلاغ عن 1714 حالة اشتباه بالحصبة بتلك المحافظة، مع نحو 19 حالة وفاة مرتبطة بالمرض.

وسجَّلت مديريات يريم، العدين، القفر، السبرة، التي تُعدّ أكثر المناطق المتضررة في إب من المرض، 915 حالة اشتباه و14 حالة وفاة، ووصل إجمالي عدد حالات الاشتباه بالحصبة والحصبة الألمانية في اليمن، خلال الفترة من 2019 وحتى 2023، إلى 99 ألف حالة اشتباه.

وأرجع المكتب الأممي ارتفاع حالات الحصبة إلى تراجع تحصين الأطفال الذي تأثر بالتدهور الاقتصادي، وانخفاض الدخل والنزوح وظروف المعيشة في المخيمات المكتظة والنظام الصحي المجهَد، إلى جانب تأثيرات التغير المناخي، منوهاً بأن نحو 27 في المائة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة في اليمن لم يتم تحصينهم ضد الحصبة والحصبة الألمانية.

طفلة يمنية في أحد المراكز تتلقى اللقاح المقدَّم من «يونيسيف» (الأمم المتحدة)

ولم يتلقَّ هؤلاء الأطفال الحد الأدنى من التطعيمات، مثل التطعيمات الروتينية المطلوبة للحماية الكاملة، وفقاً لتقدير التغطية التحصينية الوطنية لمنظمة الصحة العالمية و«اليونيسيف» لعام 2022. ولا يمكن الوصول إلى ملايين الأطفال من خلال أنشطة التحصين الروتينية لانعدام إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية، بما في ذلك التوعية والاستجابة لتفشي المرض في بعض المحافظات.

فجوات وصعوبات

تُعدُّ الحصبة مرضاً فيروسياً شديد العدوى يمكن أن ينتشر بسهولة في الأماكن المكتظة بالسكان، كما تؤثر في الغالب على الأطفال دون سن الخامسة، وتشكل خطورة بالغة على أولئك الذين يعانون من ظروف صحية أو مضاعفات كامنة.

وفي وقت سابق، تحدثت منظمة «أطباء بلا حدود» في تقرير لها، عن ارتفاع الإصابة بالمرض في اليمن خلال النصف الأول من العام الحالي، بمعدل 3 أضعاف ما كانت عليه خلال العام الماضي بأكمله، وسجلت 5 محافظات تسيطر عليها الجماعة الحوثية أعلى معدلات الإصابة.

وذكرت المنظمة أن اليمن شهد أكثر من 22 ألف حالة حصبة، بما في ذلك 161 حالة وفاة، في العام الماضي، وخلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي، وصلت عدد الحالات بالفعل إلى 9418 حالة منها، مع وفاة 77 طفلاً، ووصفت انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها بأنه إحدى أسرع المشكلات التي تعاني منها البلاد.

عاملات صحيات يشاركن في حملة لتقديم اللقاحات باليمن (الأمم المتحدة)

وأفاد رئيس بعثة المنظمة إلى اليمن، إسحاق الكالدي، بأن العام الماضي شهد انخفاض عدد مرضى الحصبة في عيادات المنظمة من 731 في عام 2019 إلى 77 فقط، بعد حملة التطعيم الضخمة التي نُفِّذت في عام 2019.

وقال الكالدي: «في العام قبل الماضي، ارتفع هذا الرقم إلى 762 مريضاً بالحصبة، لكن الارتفاع الهائل التي شهدناه هذا العام لا يمكن تجاهله، فقد تضاعف عدد الحالات 3 مرات تقريباً، ليصل إلى نحو 4000 حالة، ليزيد الضغط على المرافق الطبية، التي تعاني من العبء الزائد».

وعزا رئيس بعثة المنظمة الطبية الدولية أسباب ارتفاع حالات الإصابة بهذه الأمراض إلى الفجوات الرئيسية في حملات التطعيم الروتيني والصعوبات الاقتصادية التي يغذيها الصراع العنيف، والوصول المحدود إلى مرافق الرعاية الصحية الأساسية، ومحدودية أنشطة التطعيم في السنوات التالية.

حرب ضد اللقاحات

يتهم ناشطون ومنظمات حقوقية وجهات صحية رسمية الجماعة الحوثية بالإهمال المتعمَّد والفساد، ومحاربة اللقاحات، من خلال الخطاب والممارسات، والتسبّب بعودة كثير من الأمراض والأوبئة إلى مناطق سيطرتها.

وزير الصحة اليمني يدشن سابقاً في عدن حملة اللقاح ضد شلل الأطفال (إعلام حكومي)

وكثفت الجماعة الحوثية من حملاتها الدعائية المناهضة للقاحات عبر وسائل الإعلام ومنابر المساجد، وأقامت الندوات والمحاضرات التي يقول الحوثيون إنها تهدف لتوعية المواطنين بخطورة تلقيح أطفالهم.

ونظَّمت جهات تابعة للجماعة اللقاحات فعاليات تحت اسم «اللقاحات ليست فعالة ولا آمنة»، في حين وصفت قيادات تسيطر على قطاع الصحة خلال ندوة برعاية وحضور رئيس حكومة الانقلاب غير المعترَف بها، اللقاحات الروتينية، بأنها «أفكار شيطانية» و«سموم خارجية»، هدفها قتل اليمنيين، وليس إنقاذهم.

وأكد وزير الصحة في حكومة الانقلاب، طه المتوكل، أن وزارته لا تعير أي اهتمام باللقاحات التي تأتي بها المنظمات الدولية، ولا تعدها إلزامية.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.