كشفت مصادر طبية يمنية عن وصول أعداد المصابين بفيروس نقص المناعة البشري (الإيدز) في اليمن إلى نحو 12500 حالة، فيما قدّرت عدد الحالات المسجلة حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي بنحو 54 حالة إصابة جديدة.
وتوقعت المصادر، في إفادتها لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون إجمالي الحالات غير المسجلة في اليمن قد وصل إلى أكثر من 22 ألف حالة، مبينة أن ضعف نظام الترصد لانتشار الفيروس وتوصيف الحالات المصابة، إلى جانب التمييز ضد مصابي الإيدز، عوامل تعيق إمكانية تحديد الأرقام الحقيقية للمصابين.
وعزت أسباب ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس إلى استمرار حالة الإهمال والتقاعس من قبل الأجهزة الصحية المعنية، وغياب التوعية والتثقيف الصحي والمجتمعي حول مرض نقص المناعة المكتسب لحماية الأفراد والمجتمع، لافتة إلى أن اليمن لا تزال تصنف ضمن الدول ذات معدل الانتشار المنخفض مقارنة بغيرها من الدول الأخرى.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، أعلنت في تقرير سابق لها، عن وجود ما يزيد عن 11 ألف مصاب بمرض الإيدز في اليمن، يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويواجه مئات المصابين بالإيدز وحاملي المرض في اليمن الحرمان من الحصول على كامل الرعاية الطبية، والتمييز المتكرر ضدهم في المشافي والمراكز الصحية.
واشتكى مرضى متعايشون مع فيروس نقص المناعة المكتسب في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط» من معاناة وصعوبات كثيرة ما تزال تواجههم، أبرزها عدم توفر الأدوية وصعوبة حصولهم على الرعاية الصحية بشكل منتظم، إلى جانب عدم قدرتهم على الاندماج في المجتمع بسبب التمييز.
حرمان وتمييز
تحدث ثلاثة من المتعايشين مع المرض في صنعاء عن تعرضهم مرات عدة للتمييز والحرمان من العلاج لمجرد معرفة بعض العاملين الصحيين في المستشفيات والمراكز الصحية بإصابتهم بالمرض الفيروسي.
وذكروا أنهم تعرضوا مراراً للطرد من بعض المشافي الحكومية في العاصمة صنعاء على أيدي عمال صحيين موالين للجماعة الحوثية.
وأقرّ عمال صحيون في صنعاء، فضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم، بأن كثيراً منهم يشعرون بالهلع والخوف عند محاولتهم تقديم الرعاية الطبية للمصابين والمتعايشين مع الإيدز.
وأكدوا في أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك التمييز الممارس بحق تلك الفئة بات شائعاً في كثير من المؤسسات الطبية الحكومية، مع غياب معدات الوقاية اللازمة.
وفي حين أبدى عاملون صحيون آخرون أسفهم البالغ حيال التمييز ضد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة، أبدوا استعدادهم لتقديم أي رعاية طبية لمصابين يمنيين بذلك الداء، كونهم يتعاملون يومياً مع مرضى ومصابين آخرين بأمراض وأوبئة، بعضها خطيرة ومزمنة، وقد تشكل خطراً عليهم أكثر من المصابين بفيروس نقص المناعة.
وينص القانون اليمني منذ عام 2009 على توفير كامل الخدمات الصحية بالمجان للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسبة، كما يفرض عقوبات جنائية على العاملين الصحيين الذين يمارسون التمييز ضدهم.
سرقة المساعدات
يتهم حقوقيون يمنيون القائمين على قطاع الصحة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء بالتسبب في مضاعفة معاناة المصابين بفيروس نقص المناعة في مناطق سيطرتها من خلال المتاجرة بأوجاعهم وسرقة ونهب المساعدات المقدمة لهم من منظمات دولية، بالإضافة إلى التحفظ على مئات المصابين وعدم إعطائهم الاهتمام الكافي من خلال توفير الرعاية الطبية المجانية لهم.
وسبق أن قدّم الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل منحة مالية لقطاع الصحة الخاضع لسيطرة الجماعة في صنعاء مطلع عام 2017، تقدر بنحو 15 مليون دولار عبر منظمة الهجرة الدولية، من أجل مكافحة السل والإيدز والملاريا.
وحينها اتهمت مصادر طبية في صنعاء الجماعة بسوء استخدام تلك المنحة كسابقاتها من المنح المقدمة، التي خصصت في سبيل القضاء على كثير من الأوبئة والأمراض الخطيرة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن فيروس العوز المناعي البشري لا يزال يمثل مشكلة صحية عالمية رئيسية، بعد أن أودى بحياة 40.4 مليون شخص حتى الآن مع استمرار انتقال العدوى في جميع بلدان العالم، وإبلاغ بعض البلدان عن اتجاهات متزايدة في الإصابات الجديدة، بعد أن شهدت في السابق حالة انخفاض.
وتفيد منصة يمنية مختصة بتقديم خدمات التوعية الصحية للسكان بأن عدد المتعايشين مع الإيدز في اليمن بلغوا عام 2018 نحو 473 متعايشاً، وفي عام 2019 بلغوا 430 متعايشاً، كما بلغ عددهم في 2020 نحو 312 متعايشاً.
وكشفت منصة «عوافي» عبر تسجيل مرئي نشر على حسابها في «فيسبوك»، عن تسجيل أكثر من 6533 يمنياً متعايشاً مع الإيدز في الفترة من 1987 حتى 2020م، منهم 2200 متعايشة، و4333 متعايشاً.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة، في تقرير لها، قبل عامين أنه مع ندرة الإمدادات الطبية، يكافح أولئك المرضى في اليمن من أجل البقاء على قيد الحياة، منبهة أنه «قد يكون من الصعب الحصول على الأدوية والرعاية الصحية في البلدان التي تعاني من أزمات حادة، وهذه هي الحال في اليمن».