ارتفاع أعداد المصابين بالإيدز في اليمن وسط معاناة وحرمان

تقديرات دولية ومحلية بتجاوز أعدادهم 11 ألفاً

يواجه اليمنيون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي في 2014 (أ.ف.ب)
يواجه اليمنيون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي في 2014 (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع أعداد المصابين بالإيدز في اليمن وسط معاناة وحرمان

يواجه اليمنيون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي في 2014 (أ.ف.ب)
يواجه اليمنيون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي في 2014 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر طبية يمنية عن وصول أعداد المصابين بفيروس نقص المناعة البشري (الإيدز) في اليمن إلى نحو 12500 حالة، فيما قدّرت عدد الحالات المسجلة حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي بنحو 54 حالة إصابة جديدة.

وتوقعت المصادر، في إفادتها لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون إجمالي الحالات غير المسجلة في اليمن قد وصل إلى أكثر من 22 ألف حالة، مبينة أن ضعف نظام الترصد لانتشار الفيروس وتوصيف الحالات المصابة، إلى جانب التمييز ضد مصابي الإيدز، عوامل تعيق إمكانية تحديد الأرقام الحقيقية للمصابين.

وعزت أسباب ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس إلى استمرار حالة الإهمال والتقاعس من قبل الأجهزة الصحية المعنية، وغياب التوعية والتثقيف الصحي والمجتمعي حول مرض نقص المناعة المكتسب لحماية الأفراد والمجتمع، لافتة إلى أن اليمن لا تزال تصنف ضمن الدول ذات معدل الانتشار المنخفض مقارنة بغيرها من الدول الأخرى.

وكانت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، أعلنت في تقرير سابق لها، عن وجود ما يزيد عن 11 ألف مصاب بمرض الإيدز في اليمن، يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة.

شاحنة مساعدات طبية قدمتها منظمة دولية لليمنيين لمحاربة الأوبئة والأمراض (الأمم المتحدة)

ويواجه مئات المصابين بالإيدز وحاملي المرض في اليمن الحرمان من الحصول على كامل الرعاية الطبية، والتمييز المتكرر ضدهم في المشافي والمراكز الصحية.

واشتكى مرضى متعايشون مع فيروس نقص المناعة المكتسب في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط» من معاناة وصعوبات كثيرة ما تزال تواجههم، أبرزها عدم توفر الأدوية وصعوبة حصولهم على الرعاية الصحية بشكل منتظم، إلى جانب عدم قدرتهم على الاندماج في المجتمع بسبب التمييز.

حرمان وتمييز

تحدث ثلاثة من المتعايشين مع المرض في صنعاء عن تعرضهم مرات عدة للتمييز والحرمان من العلاج لمجرد معرفة بعض العاملين الصحيين في المستشفيات والمراكز الصحية بإصابتهم بالمرض الفيروسي.

وذكروا أنهم تعرضوا مراراً للطرد من بعض المشافي الحكومية في العاصمة صنعاء على أيدي عمال صحيين موالين للجماعة الحوثية.

وأقرّ عمال صحيون في صنعاء، فضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم، بأن كثيراً منهم يشعرون بالهلع والخوف عند محاولتهم تقديم الرعاية الطبية للمصابين والمتعايشين مع الإيدز.

وأكدوا في أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك التمييز الممارس بحق تلك الفئة بات شائعاً في كثير من المؤسسات الطبية الحكومية، مع غياب معدات الوقاية اللازمة.

مبنى وزارة الصحة العامة الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية صنعاء (فيسبوك)

وفي حين أبدى عاملون صحيون آخرون أسفهم البالغ حيال التمييز ضد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة، أبدوا استعدادهم لتقديم أي رعاية طبية لمصابين يمنيين بذلك الداء، كونهم يتعاملون يومياً مع مرضى ومصابين آخرين بأمراض وأوبئة، بعضها خطيرة ومزمنة، وقد تشكل خطراً عليهم أكثر من المصابين بفيروس نقص المناعة.

وينص القانون اليمني منذ عام 2009 على توفير كامل الخدمات الصحية بالمجان للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسبة، كما يفرض عقوبات جنائية على العاملين الصحيين الذين يمارسون التمييز ضدهم.

سرقة المساعدات

يتهم حقوقيون يمنيون القائمين على قطاع الصحة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء بالتسبب في مضاعفة معاناة المصابين بفيروس نقص المناعة في مناطق سيطرتها من خلال المتاجرة بأوجاعهم وسرقة ونهب المساعدات المقدمة لهم من منظمات دولية، بالإضافة إلى التحفظ على مئات المصابين وعدم إعطائهم الاهتمام الكافي من خلال توفير الرعاية الطبية المجانية لهم.

يمنيون، بينهم أطفال، يتلقون الدعم من قبل إحدى المنظمات الدولية (الأمم المتحدة)

وسبق أن قدّم الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل منحة مالية لقطاع الصحة الخاضع لسيطرة الجماعة في صنعاء مطلع عام 2017، تقدر بنحو 15 مليون دولار عبر منظمة الهجرة الدولية، من أجل مكافحة السل والإيدز والملاريا.

وحينها اتهمت مصادر طبية في صنعاء الجماعة بسوء استخدام تلك المنحة كسابقاتها من المنح المقدمة، التي خصصت في سبيل القضاء على كثير من الأوبئة والأمراض الخطيرة.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن فيروس العوز المناعي البشري لا يزال يمثل مشكلة صحية عالمية رئيسية، بعد أن أودى بحياة 40.4 مليون شخص حتى الآن مع استمرار انتقال العدوى في جميع بلدان العالم، وإبلاغ بعض البلدان عن اتجاهات متزايدة في الإصابات الجديدة، بعد أن شهدت في السابق حالة انخفاض.

حتى عام 2022 بلغ عدد المصابين حول العالم بفيروس نقص المناعة (الإيدز) نحو 39 مليون شخص (رويترز)

وتفيد منصة يمنية مختصة بتقديم خدمات التوعية الصحية للسكان بأن عدد المتعايشين مع الإيدز في اليمن بلغوا عام 2018 نحو 473 متعايشاً، وفي عام 2019 بلغوا 430 متعايشاً، كما بلغ عددهم في 2020 نحو 312 متعايشاً.

وكشفت منصة «عوافي» عبر تسجيل مرئي نشر على حسابها في «فيسبوك»، عن تسجيل أكثر من 6533 يمنياً متعايشاً مع الإيدز في الفترة من 1987 حتى 2020م، منهم 2200 متعايشة، و4333 متعايشاً.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة، في تقرير لها، قبل عامين أنه مع ندرة الإمدادات الطبية، يكافح أولئك المرضى في اليمن من أجل البقاء على قيد الحياة، منبهة أنه «قد يكون من الصعب الحصول على الأدوية والرعاية الصحية في البلدان التي تعاني من أزمات حادة، وهذه هي الحال في اليمن».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.