اتهمت مصادر يمنية طبية جماعة الحوثيين بمضاعفة معاناة مرضى السرطان والسكري في العاصمة المحتلة، صنعاء، ومحافظة إب من خلال مصادرة كميات من الأدوية المخصصة لهم مجاناً من قبل منظمات دولية، وبيعها في الأسواق، وسط نداءات عاجلة بسرعة التدخل لإنقاذ حياة مئات المصابين بهذين المرضَين المزمنَين.
في هذا السياق اشتكى في صنعاء، العشرات من مرضى السرطان لـ«الشرق الأوسط»، من انعدام الأدوية بعد قيام ما تُسمى إدارة «مركز الأورام»، الخاضع للجماعة الحوثية، بإيقاف عملية صرف الأدوية التي كانت تقدم لهم بصورة مجانية.
وأكد عدد من المرضى أن هدف الجماعة من وراء ذلك هو إجبارهم وعائلاتهم على التوجه لشراء الأدوية من عيادات تتبع كبار قادة الجماعة تقع داخل المشافي والمراكز الطبية وخارجها.
وأشاروا إلى أنهم باتوا يواجهون خطر الموت؛ نتيجة حرمانهم من الحصول على الأدوية المقدمة لهم مجاناً من منظمات دولية، منها دواء «بانتوبرازول فيال» المستخدم عادة قبل الجرع الكيماوية.
واتهم مرضى السرطان الجماعة بمواصلة فشلها الذريع في إدارة المرافق الصحية، وعبث كبار قادتها ومشرفيها بالموارد والمساعدات المقدمة لهم ولغيرهم من اليمنيين المصابين بالأمراض المزمنة، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة.
تفريط وإهمال
يقول عبد الله، وهو اسم مستعار في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن القائمين على إدارة «مركز الأورام»، الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، يشترطون على مرضى السرطان شراء الدواء بأسعار مرتفعة.
ويؤكد عبد الله أن قريبه المريض وصل إلى مرحلة بات ينتظر فيها الموت بدلاً من انتظار جرعة العلاج الكيماوي، التي غالباً تضع الجماعة أمامها قيوداً تعجيزية، كما تذهب غالبيتها لمَن لديهم المحسوبيات في مركز علاج الأورام السرطانية، الكائن في «المستشفى الجمهوري» بصنعاء.
وشكا أنيس، وهو قريب مريض آخر بالسرطان في صنعاء، من الإهمال والتغاضي عن الوضع المزري الذي وصلت إليه المراكز والأقسام والمؤسسات الخاصة المعنية بعلاج ومكافحة السرطان في العاصمة صنعاء.
ودعا المنظمات الدولية والمعنيين إلى سرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت، ويتجمعون بالمئات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في صنعاء؛ أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة التي تمكّنهم من تجاوز هذا المرض الخبيث وكل آلامه.
وسبق أن أفاد أطباء وعاملون صحيون في صنعاء «الشرق الأوسط» بأن المئات من مرضى السرطان باتوا يعانون من مضاعفات وظروف صعبة في ظل سياسات الجماعة الخاطئة، وعدم توافر الإمكانات والأدوية، الأمر الذي أثر سلباً في علاجهم.
وتحدّثت المصادر عن استمرار عرقلة الجماعة وصول الأدوية الخاصة بمرضى السرطان وأمراض مزمنة أخرى إلى عموم مدن ومناطق سيطرتهم، حيث تواصل الجماعة المتاجرة بمعاناة وأوجاع الآلاف من المرضى.
ويقول عاملون في أقسام مرضى السرطان بمستشفيي «الثورة» و«الجمهوري» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الأقسام التابعة لهم تستقبل بصورة يومية عشرات الحالات المصابة بالسرطان، قادمة من قرى ومناطق عدة تحت قبضة الجماعة، في ظل شح الإمكانات وعدم وجود التجهيزات المناسبة، ناهيك عن الانعدام شبه الكلي للأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى المتعلقة بالعلاج والمكافحة.
اختفاء أدوية السكر
بالانتقال إلى محافظة إب، التي يواجه فيها مرضى السكري المعاناة ذاتها، اتهمت مصادر طبية جماعة الحوثي بنهب كميات من الأدوية المخصصة لعلاج مرضى السكري، وبيعها في الأسواق.
وتحدث عدد من مرضى السكري في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن اختفاء الأدوية الخاصة بهم بشكل مفاجئ من مخازن مكتب الصحة الخاضع للجماعة في المحافظة.
وأوضحت المصادر أن علاج «الإنسولين» المخصص لمرضى السكري لم يعد متوافراً في مخازن مكتب الصحة في إب، حيث يُتهم قادة في الجماعة الحوثية بمصادرته بعد أن كان متوافراً بكميات كبيرة ويصرف للمرضى مجاناً.
وتحدّث بعض أقارب مرضى السكري في إب عن ترددهم على مكتب الصحة، الخاضع للجماعة الحوثية في المحافظة؛ لغرض تسلّم «الإنسولين» بالمجان، لكن دون جدوى.
وكشفوا عن معاناة كبيرة يواجهها مئات المرضى، لتضاف إلى الظروف المادية والمعيشة الحرجة التي لا تزال تعصف بهم وبملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة.
ويقول أمين، وهو مريض بالسكري ويقطن مدينة إب، إنه يتردد يومياً على مكتب الصحة بالمحافظة على أمل الحصول على «الإنسولين»، لكنه يعود كل مرة إلى المنزل خالي الوفاض.
ويضيف أمين لـ«الشرق الأوسط»، أن أدوية السكر التي كانت تصرف مجاناً للمرضى في إب باتت اليوم نادرة وباهظة الثمن.
وتأتي معاناة مرضى السكري في إب وبقية مناطق سيطرة الجماعة، وسط تقديرات غير رسمية ببلوغ أعدادهم في اليمن أكثر من مليون شخص.