احتفالات الحوثيين بذكرى قتلاهم وسيلة لتجنيد مزيد من الأطفال

تزعم الجماعة أنها تحشد لنصرة الفلسطينيين في غزة

تمارس الجماعة الحوثية تمييزاً عرقياً بين قتلاها حتى في معارض الصور (إعلام حوثي)
تمارس الجماعة الحوثية تمييزاً عرقياً بين قتلاها حتى في معارض الصور (إعلام حوثي)
TT

احتفالات الحوثيين بذكرى قتلاهم وسيلة لتجنيد مزيد من الأطفال

تمارس الجماعة الحوثية تمييزاً عرقياً بين قتلاها حتى في معارض الصور (إعلام حوثي)
تمارس الجماعة الحوثية تمييزاً عرقياً بين قتلاها حتى في معارض الصور (إعلام حوثي)

كثفت الجماعة الحوثية في اليمن عملية تجنيد المقاتلين، خصوصا من الأطفال، مستغلة الحرب في غزة لإغرائهم بالانضمام إليها تحت مزاعم مواجهة إسرائيل؛ فيما كشفت احتفالاتها بما يعرف بـ«أسبوع الشهيد» عن مقتل عشرات الآلاف من الأطفال في جبهات القتال، وعن تمييز عرقي بين القتلى.

وشهد عدد من مديريات محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) خلال الأيام الماضية عروضاً ومناورات عسكرية لدفعات جديدة من المقاتلين الذين استقطبتهم الجماعة ضمن حملتها التي تطلق عليها اسم «طوفان الأقصى» لتجنيد المقاتلين لمساندة أهالي غزة.

تكشف معارض صور قتلى الجماعة الحوثية عن نزيف بشري كبير يتضمن آلاف الأطفال المغرر بهم (إعلام حوثي)

وخلال العروض والمناورات العسكرية التي نظمتها الجماعة في مديريات الحداء، وضوران آنس، والمنار، وعنس، زعم القادة الحوثيون أن هذه الدفعات من المجندين يجري إعدادهم لمساندة المقاومة الفلسطينية والالتحام المباشر مع إسرائيل، ومواجهة تحركات الجيش الوطني الذي تتهمه الجماعة الحوثية بمساندة تل أبيب.

وبحسب وسائل إعلام الجماعة الموالية لإيران فإن هذه العروض العسكرية تأتي ضمن المرحلة الثانية من الدورات العسكرية المفتوحة، بعد أن اختتمت المرحلة الأولى منذ قرابة أسبوعين بعدة عروض عسكرية مشابهة في مدن وأرياف المحافظات الغربية للبلاد، وهي الحديدة والمحويت وحجة.

وتضمنت احتفالات الجماعة «أسبوع الشهيد» معارض صور في مختلف المحافظات والمديريات الواقعة تحت سيطرتها، ويستعرض كل معرض صوراً لقتلى الجماعة في جبهات القتال من أهالي المديرية أو المنطقة التي ينظم المعرض على أرضها، ليتبين العدد الكبير لضحايا غسل الأدمغة ونشر ثقافة الكراهية بحسب ما وصفته مصادر محلية.

قلق الأهالي

تعد صور الأطفال هي الأكثر حضوراً في معارض قتلى الجماعة، ويتحدث أهالي مديرية معين، غرب العاصمة المختطفة صنعاء، عن وصول عدد الأطفال القتلى في صفوف الجماعة إلى 3 آلاف قتيل، وذلك من خلال الصور التي نشرتها الجماعة في معرض قتلاها من سكان المديرية.

وفرت الحرب في غزة فرصة للجماعة الحوثية للتعبئة والتجنيد بعد تراجع كبير بسبب توقف المعارك (إعلام حوثي)

ووفقا لمصادر محلية في العاصمة صنعاء، أثارت معارض صور قتلى الجماعة غضباً وحزناً شديدين في أوساط السكان، خصوصاً بين أقارب الضحايا أو معارفهم، كما تسببت بمخاوف لدى فئات واسعة أخرى من أن يتم تجنيد أقاربهم والزج بهم في المعارك بعد عودة الجماعة أخيراً لمضاعفة حملاتها لتجنيد المقاتلين، خصوصاً من الأطفال، بمزاعم مواجهة إسرائيل بعد عدوانها على غزة.

يقول أحمد العنسي من سكان حي بيت معياد جنوب شرقي العاصمة صنعاء، إن جارته ظلت أكثر من ساعتين تبحث عن صورة ابنها بين آلاف من صور قتلى الجماعة في المعرض الذي نظمته الجماعة في مديرية الوحدة، وعندما وجدتها طلبت نزعها وإنزالها، الأمر الذي أقلق أولادها من ردة فعل المشرفين الحوثيين، إلا أنها بادرت بنفسها وانتزعت الصورة أمام أعين عناصر الجماعة.

وطالبت والدة القتيل بعدم نشر صورة ابنها أو عدّه «شهيداً» للجماعة بحسب ما ذكره العنسي الذي قال إنها كانت تصرخ أمام عناصر الجماعة الحوثية بأن ولدها لم يكن له رغبة في المشاركة في الحرب أو قناعة بها، وكان كل اهتمامه أن يحصل على عمل يستطيع أن يوفر منه نفقات زواجه، وهو ما استغله قادة حوثيون وأغروه بالانضمام لهم لحراسة إحدى المنشآت.

جانب من فعالية حوثية لحشد المقاتلين باسم مساندة غزة (إعلام حوثي)

ومنذ ثلاثة أسابيع أوصى فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن مجلس الأمن الدولي بمطالبة الجماعة الحوثية بإنهاء تجنيد الأطفال فوراً ووقف التلقين العسكري المستمر في المخيمات الصيفية، بعد أن أظهرت نتائج تحقيقاته استمرارها في تجنيد الأطفال واستخدامهم في سياق المعسكرات الصيفية بنسب مثيرة للقلق.

تمييز عرقي

تفيد مصادر في العاصمة المختطفة صنعاء وعدد من المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية بأنه ونظراً لعدم الإقبال على زيارة معارض صور القتلى؛ لجأت الجماعة هذا العام إلى تنفيذ المعارض في الأماكن العامة وفي الشوارع والساحات، ونشرها على الجدران لإجبار السكان على مشاهدة الأعداد الهائلة لقتلاها أثناء تنقلهم في الشوارع والأحياء والقرى.

وتنظم الجماعة الحوثية نوعين من معارض الصور لقتلاها، يخص النوع الأول منها القتلى المحسوبين على سلالة زعيم الجماعة، ويجري تنظيم هذه المعارض في قاعات وصالات فخمة وأنيقة، ويتم افتتاحها بحضور قيادات عليا في الجماعة الحوثية، وتنفيذ فعاليات كثيرة فيها، تتضمن تكريم عائلات القتلى والإشادة بهم.

أما النوع الثاني فيتم تنظيمه في فناءات المباني والمنشآت العامة، وبحضور قيادات وسطية أو دنيا، وغالبا لا تنتمي إلى السلالة الحوثية، وهذا النوع من المعارض يضم صور القتلى من أبناء عامة السكان والقبائل، ولا تحظى هذه المعارض باهتمام إعلامي أو احتفائي كما يجري التعامل مع النوع الأول.

منحت الحرب في غزة الجماعة الحوثية مبررات دعائية وفرصاً لاستعادة قدرتها على تجنيد المقاتلين (إعلام حوثي)

ويصف أحد مدرسي الفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة صنعاء هذه المعارض بأنها نوع من الاستعراض الذي تحاول من خلاله الجماعة الحوثية تأكيد أحقيتها في السيطرة والنفوذ، وأن لديها الاستعداد لتقديم مزيد من القتلى والتضحية بأكبر عدد من السكان في سبيل تنفيذ مشروعها، إلى جانب قناعتها بأن هذه المعارض ستمكنها من استقطاب مزيد من المقاتلين، رغم أن الواقع يشير إلى العكس تماما.

المدرس الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته يذهب إلى أن الجماعة الحوثية حتى وهي تستعرض بقتلاها أمام المجتمع الذي تحكمه، لم تخجل من التمييز بين القتلى بحسب الانتماء العرقي والسلالي، بل إنها تتعمد ذلك وكأنها تتوقع أن يحقق هذا التمييز ترحيباً من المجتمع الذي أغرقته حروبها في الويلات وألحقت به الفقر والجوع والتشرذم.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».