انقلابيو اليمن يقرون بمقتل 3 آلاف عنصر من مديرية واحدة في صنعاء

مع تواصل الإنفاق على مئات الفعاليات لتمجيد «ثقافة الموت»

معرض أقامه الحوثيون لصور قتلاهم من مديرية معين في صنعاء (الشرق الأوسط)
معرض أقامه الحوثيون لصور قتلاهم من مديرية معين في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن يقرون بمقتل 3 آلاف عنصر من مديرية واحدة في صنعاء

معرض أقامه الحوثيون لصور قتلاهم من مديرية معين في صنعاء (الشرق الأوسط)
معرض أقامه الحوثيون لصور قتلاهم من مديرية معين في صنعاء (الشرق الأوسط)

بالتوازي مع استمرار فعاليات الذكرى السنوية لتمجيد قتلى جماعة الحوثي التي سخرت لها الملايين من قوت اليمنيين، كشف معرض حوثي جديد للصور عن ارتفاع عدد قتلى الجماعة من مديرية واحدة في العاصمة المختطفة صنعاء إلى نحو 3 آلاف قتيل، بعد أن كان عددهم 1000 قتيل عام 2021.

وحولت الجماعة الحوثية سور إحدى الأراضي في شارع الستين الغربي (أكبر شوارع صنعاء) معرضاً مفتوحاً لصور 3 آلاف من القتلى ينتمون إلى مديرية معين وسط العاصمة، في سياق سعيها لتكريس ثقافة الموت والقتل في أوساط السكان، لا سيما صغار السن والموظفين الخاضعين لها.

تقيم الجماعة الحوثية معارض صور قتلاها لتمجيد ثقافة الموت (الشرق الأوسط)

ووثقت عدسة «الشرق الأوسط» في زيارة قامت بها إلى المكان، إلصاق الجماعة ما يزيد على 20 لافتة كبيرة ومربعة وذات الحجم العريض، تحوي كل لافتة صور 150 قتيلاً جلهم من الشبان والأطفال، وينتمون إلى ثلاثة أحياء تتبع مديرية معين هي: حي عصر، وحي السنينة، وحي معين.

وفي مطلع 2021 كانت الجماعة حولت سور مبنى البرلمان الجديد بذات الشارع إلى معرض مشابه لصور نحو 1060 قتيلاً من مديرية معين نفسها.

حي السنينة يتصدر

كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة الحوثية في صنعاء عن تصدر حي السنينة، الذي يضم أكثر الحارات في مديرية معين ذات الكثافة السكانية العالية على مستوى العاصمة صنعاء، قائمة القتلى ممن لقوا حتفهم في جبهات القتال.

وجاءت حارات كل من العزة، وقرية السنينة، والقميعة، ووادي الأحلى، والأحلى الشمالية، والرسالة، وحارة الخير والسلام، والأبرار، والحارة الغربية بنطاق حي السنينة في قائمة الحارات بمديرية معين من حيث عدد الصرعى الذين زجت بهم الجماعة إلى القتال.

يستثمر الحوثيون صور القتلى من أجل استقطاب المزيد من المقاتلين (الشرق الأوسط)

كما تصدرت حارات حي معين بذات المديرية المرتبة الثانية فيما يتعلق بعدد القتلى، تليها حارات حي عصر في المرتبة الأخيرة.

وبينما أكد المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ما تضمنه المعرض من صور الصرعى لا يعد الحصيلة النهائية، بل هو جزء بسيط من الإجمالي العام لعدد قتلى الجماعة في الجبهات من مديرية معين وحدها، كشفت بعض أُسر القتلى عن أن الجماعة لم تضم صور من قُتل من ذويها في ذلك المعرض ومعارض سابقة.

ويعتقد محمد، وهو اسم مستعار لوالد أحد القتلى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن عدم تعليق صورة نجله يأتي ضمن عمليات الانتقاء والتمييز العنصري والطبقي والطائفي الذي انتهجته الجماعة الحوثية بحق القتلى المغرر بهم.

نزيف القتلى مستمر

جاء التصاعد الملحوظ في أعداد قتلى الجماعة من مديرية واحدة رغم التهدئة المستمرة، وهو ما يشير إلى استمرار الجماعة في انتهاك وقف إطلاق النار ومحاولة اقتحام مواقع جديدة في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية.

ويعدّ ما يسمى «أسبوع الشهيد» الذي تحتفل به الجماعة حالياً فعالية ذات طابع تعبوي وطائفي تشابه تلك التي ابتكرها «حزب الله» اللبناني للاحتفال بالصرعى في المعارك، حيث تتضمن الفعاليات افتتاح مقابر جديدة سنوياً وتزيينها، وإقامة احتفالات تعبوية ومعارض صور للقتلى، وجمع التبرعات لمصلحة أسر القتلى، وتنظيم حملات لتجنيد مقاتلين جدد.

ويتحدث سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن شن الجماعة منذ أسابيع عبر سماسرة ومشرفين ولجان تعبئة وحشد تابعة لها، حملات خطف منظمة بحق الأطفال وطلبة المدارس صغار السن من جهة، وكذا شن حملات للتغرير بالشبان للإيقاع بهم وتجنيدهم.

معرض سابق أقامته الجماعة الحوثية لصور قتلاها من مديرية معين في صنعاء (الشرق الأوسط)

ويشير سامح، وهو موظف متقاعد في صنعاء، إلى أن تصاعد حملات الاستهداف الحوثي في هذه الأيام من أجل التجنيد يأتي ضمن مزاعم الجماعة بأنها تقوم بتحشيد المقاتلين الجدد وجمع الأموال من أجل نصرة أهل غزة وتحرير فلسطين.

وفي الوقت الذي لا يزال يعيش فيه معظم اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة أوضاعاً معيشية بائسة بفعل الانقلاب وآلة الحرب الحوثية، تواصل الجماعة ضمن تمجيدها السنوي لقتلاها إقامة وتنظيم المئات من المعارض لصور القتلى بالجبهات في إطار الأحياء في مديريات العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، وعلى مستوى القرى والعزل والمدن في المحافظات الخاضعة تحت سيطرتها.


مقالات ذات صلة

خليجي 26: رغم الفوز... الأخضر باهت

رياضة عربية فرحة عبد الله الحمدان بهدفه القاتل في شباك اليمن (تصوير: سعد العنزي)

خليجي 26: رغم الفوز... الأخضر باهت

حقق المنتخب السعودي الفوز على منتخب اليمن 3-2، الأربعاء، ليحصد أول ثلاث نقاط له في المجموعة الثانية بكأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) التي تستضيفها الكويت

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي عناصر حوثيون يحملون مجسماً لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

نفّذ الحوثيون خامس هجماتهم هذا الأسبوع باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

رفع الحوثيون حالة الجاهزية القتالية إلى أعلى مستوياتها، ودفعوا بأغلب قواتهم إلى مناطق خطوط التماس مع القوات الحكومية تحسباً لضربات إسرائيلية أكثر شدة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)
العالم العربي فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يعززون بعناصر أمن صوب 3 محافظات

دفع الحوثيون بالمئات من عناصرهم الأمنيين من مناطق متفرقة في محافظة إب، صوب محافظات تعز والحديدة والضالع بعد أن فشلوا في حشد مزيد من المجندين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.