انقلابيو اليمن يجندون ألف سجين في صنعاء وريفها

ضمن عمليات الاستقطاب بالترغيب والترهيب

عرض شعبي مسلح أقامته الجماعة الحوثية في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)
عرض شعبي مسلح أقامته الجماعة الحوثية في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يجندون ألف سجين في صنعاء وريفها

عرض شعبي مسلح أقامته الجماعة الحوثية في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)
عرض شعبي مسلح أقامته الجماعة الحوثية في ميدان السبعين بصنعاء (فيسبوك)

أجبرت جماعة الحوثي قرابة ألف سجين في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها على ذمة قضايا متنوعة على المشاركة في عرض شعبي مسلح أقامته أخيراً في ميدان السبعين تحت لافتة تخرج ما أسمتها الدفعة الأولى من الدورات العسكرية المفتوحة، حيث تزعم الجماعة أنها ستنضم للمشاركة في القتال دفاعاً عن غزة وتحرير فلسطين، على حد زعمها.

مصادر مطلعة في صنعاء تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن إلحاق الجماعة نحو ألف معتقل بعد عمليات مساومة من السجون في مدينة صنعاء وريفها للمشاركة بالعرض المسلح، تمهيداً للزج بهم وسجناء آخرين إلى مختلف الجبهات.

مسلح حوثي في مدينة الحديدة اليمنية التي تحولت إلى منطلق لقرصنة السفن في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

سبق هذا التحرك تنفيذ قادة حوثيين يتصدرهم المنتحل لصفة النائب العام محمد الديلمي قبل أيام زيارة إلى السجن المركزي في ريف صنعاء وإصدار تعليماته بالإفراج عن المحتجزين ممن التقى بهم مقابل الموافقة على الانضمام لصفوف الجماعة والخضوع لتلقي دورات فكرية والمشاركة بالعروض العسكرية وجبهات القتال.

ويؤكد عبد الله وهو اسم مستعار ومن أقارب معتقل أفرج عنه من ريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، وجود صفقات أبرمتها قيادات حوثية مع أسر سجناء ومعتقلين كثر، بينها أسرته لإطلاق أقاربهم مقابل التحاقهم في صفوفها.

وأفاد عبد الله، وينحدر من منطقة بني مطر غرب صنعاء، بأن أسرته وافقت تحت الضغط والابتزاز على الإفراج عن ابنها (35 عاماً) المعتقل منذ أشهر بتهمة انتقاده جرائم وانتهاكات وفساد قيادات حوثية تعمل في قطاع الأمن.

واتهم عبد الله، الجماعة الحوثية باستغلالها الأحداث الأليمة الجارية في قطاع غزة وتجيير ذلك لمصلحتها من خلال مساومة مئات المحتجزين تعسفياً وآخرين على ذمة جرائم قتل وتشكيل عصابات، بإطلاق سراحهم شريطة الانضمام إلى تشكيلاتها العسكرية.

مقايضة 900 محتجز

لم تقتصر المقايضة الحوثية على المحتجزين في ريف صنعاء، بل امتد ذلك ليطول خلال الأسبوعين الماضيين ما يزيد على 900 سجين ومعتقل في السجن المركزي في مدينة صنعاء وفي السجن الحربي وسجون الأمن والمخابرات الحوثية وفي مراكز الحجز والتوقيف الشرطية في العاصمة المختطفة.

محتجزون في ريف صنعاء ساومتهم الجماعة الحوثية على الإفراج عنهم مقابل الالتحاق بصفوفها (إعلام حوثي)

ووفق المصادر، فإن استهداف المحتجزين لتجنيدهم جاء وفق توجيهات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وشرع في تنفيذها والإشراف المباشر عليها القيادي الحوثي الديلمي المعين بمنصب النائب العام.

وأرجع ناشط حقوقي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أسباب رضوخ السجناء لعملية المقايضة الحوثية المتمثلة بالإفراج عنهم مقابل الالتحاق بميادين القتال بأنه ناتج عما يتعرضون له بشكل يومي من انتهاكات وتعسفات بعضها نفسية وجسدية على أيدي الجماعة بجميع السجون.

ونقل الناشط عن محتجز مفرج عنه أجبر قبل أيام على المشاركة في العرض الحوثي المسلح بصنعاء، قوله: «إنه فضّل ومعه كثير من السجناء الموافقة على شروط الجماعة بالإفراج عنهم مقابل الالتحاق للقتال بجبهاتها»، وأنه لا يفضل المكوث فيما تبقى من سنوات احتجازه عرضة للأمراض والأوبئة والمعاناة والحرمان والقمع والإذلال والتعذيب على يد مسلحي الجماعة في السجن.

وتقول مصادر يمنية حقوقية إن القيادي الحوثي الديلمي يواصل زياراته السرية والعلنية إلى السجون والمعتقلات والأقبية بغية عقد اجتماعات ولقاءات بقيادات أمنية ومحلية ومشرفين ومسؤولي سجون من أجل إبرام اتفاقات مع سجناء بالإفراج عنهم مقابل الدفع بهم إلى جبهات القتال.

يجبر الحوثيون المحتجزين على المشاركة في فعاليات طائفية تعبوية (إعلام حوثي)

وسبق للجماعة وضمن مساعيها لتعويض النقص العددي في مقاتليها، أن أطلقت حملات تجنيد واسعة بحق مئات السجناء والمعتقلين بمناطق عدة تحت سيطرتها والعفو عنهم وحل قضاياهم شريطة مشاركتهم في القتال معها.

وكان من بين تلك الصفقات إبرام إدارة سجن مركزي في مدينة إب صفقتين مع نحو 85 سجيناً بعضهم محتجز على ذمة قضايا قتل وسرقات وجرائم أخرى؛ حيث أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بجبهات القتال.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».