الحوثيون ينزفون عسكرياً رغم التهدئة على خطوط التماس

الجماعة شيّعت العشرات من قتلاها خلال الأسابيع الأخيرة

تجمع حوثي مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع حوثي مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون ينزفون عسكرياً رغم التهدئة على خطوط التماس

تجمع حوثي مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع حوثي مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء، بأن الجماعة الحوثية تكبّدت خلال الأسابيع الأخيرة العشرات من عناصرها الذين قضوا في مختلف الجبهات على الرغم من التهدئة الهشة القائمة، حيث تتواصل عمليات التشييع والدفن بشكل يومي مع أعمال توسعة للمقابر التي كانت الجماعة استحدثتها.

ومثّلت جبهات غرب تعز، والضالع ومأرب - بحسب المصادر - أكثر الجبهات التي تكبّدت فيها الجماعة الحوثية عناصرها؛ بفعل تصعيدها المستمر، وقيام قوات الجيش الحكومي بالرد على الاعتداءات.

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

وكانت آخر تلك الخسائر في صفوف الجماعة قبل أيام؛ إذ قُتل وأُصيب 10 من مسلحيها إثر اندلاع مواجهات مع قوات الجيش اليمني في شمال محافظة مأرب وغربها، وهي المحافظة التي لا تزال تشهد منذ مطلع العام الحالي تصعيداً عسكرياً غير مسبوق لم تحقق الجماعة من خلاله أي تقدم ميداني.

وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بأن قتلى الجماعة الحوثية ينحدرون من محافظة إب؛ إذ شيعت جثامين 4 منهم في مديريات متفرقة، بينما نقلت 6 آخرين إلى مشافٍ حكومية بالمحافظة لتلقي العلاج جراء إصابتهم.

وسبق ذلك بيوم إقرار الجماعة بمصرع أربعة من مشرفيها الميدانيين يحملون رتباً عسكرية مختلفة، بعضهم سقط في جبهات بمحافظة الضالع بعد سلسلة اعتداءات وخروق ارتكبتها الجماعة.

وتحدثت المصادر عن أن ثلاجات الموتى في مشافٍ عدة بصنعاء ومدن أخرى تحت السيطرة الحوثية لا تزال تكتظّ بأعداد من جثث قتلى الجماعة المنقولين من جبهات عدة، لافتة إلى أن الكثير من القتلى هم من شريحة عمرية تقل عن 18 سنة.

سور المبنى الجديد للبرلمان اليمني في صنعاء وعليه صور قتلى الجماعة الحوثية (الشرق الأوسط)

وتوالياً للخسائر المتلاحقة في صفوف الجماعة، كشفت عمليات التشييع والدفن التي تبثها وسائل إعلامها عن أنها تكبّدت خلال أول خمسة أيام من هذا الشهر ما يزيد على 16 قتيلاً، بينهم قادة ومشرفون ميدانيون، حيث تم تشييع جثامينهم في صنعاء وريفها، والمحويت، وذمار، وحجة، والجوف وتعز.

تكتم انقلابي

ذكرت المصادر اليمنية، أن الجماعة الحوثية تدفن يومياً أضعاف ما تُعلِن عنه في وسائل إعلامها، وسط تكتم شديد خشية تصدع صفوفها، عقب فرار عشرات العناصر من الجبهات.

ويتهم ناشطون يمنيون الجماعة بمواصلة تحركاتها العسكرية في محافظتَي مأرب وتعز وغيرهما، حيث عززت خلال الأسابيع الماضية عناصرها في تلك المناطق، في محاولة تصعيد جديد، بالتزامن مع حملات تجنيد إلى صفوفها في عدد من المناطق تحت سيطرتها.

مقبرة مخصصة لقتلى الحوثيين في محافظة حجة اليمنية (إعلام حوثي)

وفي هذا السياق، رصد تقرير لوكالة «خبر» اليمنية اعترافات بثتها وسائل إعلام حوثية تفيد بمصرع ما لا يقل عن 13 من مقاتلي الجماعة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دون الإفصاح عن الجبهات القتالية التي سقطوا فيها.

وأشار التقرير إلى وجود جرحى آخرين في صفوف الجماعة تم نقلهم إلى مشافٍ في صنعاء، بينما القتلى تم تشييعهم في صنعاء ومحافظات حجة، وذمار، والجوف وتعز.

وبحسب التقرير، فإن من بين القتلى الذين شيّعت الجماعة جثامينهم في تلك الفترة قتيلاً ينتحل رتبة عميد، وآخر ينتحل رتبة عقيد، وقتيلين ينتحلان رتبة مقدم، و3 قتلى ينتحلون رتب نقيب، وقتيلاً ينتحل رتبة رائد، و3 ينتحلون رتب ملازم أول، وآخر ينتحل رتبة مساعد.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.