إشادة وتشكيك... ما جدوى «مقاطعة» شركات متهمة بدعم إسرائيل؟

داعمون يحتفون بأثرها... واقتصاديون يحذرون من أضرارها

حذرت الغرف التجارية من تضرر الشركات المصرية نتيجة دعوات المقاطعة (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
حذرت الغرف التجارية من تضرر الشركات المصرية نتيجة دعوات المقاطعة (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
TT

إشادة وتشكيك... ما جدوى «مقاطعة» شركات متهمة بدعم إسرائيل؟

حذرت الغرف التجارية من تضرر الشركات المصرية نتيجة دعوات المقاطعة (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
حذرت الغرف التجارية من تضرر الشركات المصرية نتيجة دعوات المقاطعة (الصفحة الرسمية على فيسبوك)

بصور لمطاعم شهيرة تظهر نسب إشغال ضعيفة، وعروض تخفيضات على منتجات ماركات عالمية، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، بتدوينات تُشيد بالاستجابة لدعوات المقاطعة لشركات ومطاعم عالمية، بسبب مواقف دولها الداعمة لإسرائيل في الحرب على غزة، أو ما قيل عن تقديم وكلائها مساعدات مباشرة للجيش الإسرائيلي.

وانطلقت دعوات المقاطعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تداول صور لأحد المطاعم الشهيرة خلال توزيع فرعه بإسرائيل بتوزيع وجبات على العسكريين مع بداية الأحداث الشهر الماضي، لتمتد دعوات المقاطعة لشركات ومطاعم أميركية وأوروبية على خلفية مواقف هذه الدول الداعمة لإسرائيل.

وتداول ناشطون البدائل للمنتجات التي يدعون إلى مقاطعتها، وأماكن وجودها في ظل نقص لبعض المنتجات التي قُدمت بوصفها بدائل، فيما سجل آخرون تدوينات عبروا فيها عن قبولهم بـ«جودة أقل في مقابل استمرارهم بالمقاطعة».

لكن في المقابل، برز «تأثير سلبي» للمقاطعة على الاقتصاد المصري، خاصة على أوضاع العمالة المصرية، وفق ما قدّر «الاتحاد العام للغرف التجارية»، والذي عبّر عن إعلان رفضه تلك الدعوات، مشيرا في بيان له الأسبوع الماضي، إلى أن «من يدعم جيش الاحتلال في غالبية الأحوال يكون الوكيل في إسرائيل، وليس الشركة الأم، بينما وكيل الشركة العالمية في مصر لا ذنب له بأي حال من الأحوال». فيما اضطرت صفحة الاتحاد على «فيسبوك» لـ«تقييد التعليقات» مع الانتقادات الحادة لها.

وتعمل مختلف الشركات في السوق المصرية، بـ«رأس مال مصري»، وفق أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الشركات تسجل في الاتحاد وتحصل على سجل تجاري وتساهم في الناتج المحلي القومي»، معدداً «أضرار المقاطعة على الاقتصاد الوطني»، وقائلاً: «ستؤدي لمزيد من زيادة في التضخم وارتفاع الأسعار، بجانب زيادة البطالة».

وبينما يؤمن البعض بأن «المقاطعة الاقتصادية سلاح مهم وله تأثير، إلا أنه يجب أن يكون تصويبه على العدو فقط وليس على نفسك»، وفق ما يرى الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاقتصاد قوة خشنة والمقاطعة سلاح له تأثير، لكن في المقابل دعوات المقاطعة تركز على شركات مصرية سواء كانت محلات أو شركات مشروبات غازية وهي شركات تعمل برأس مال مصري خالص، وحصلت فقط على حق الامتياز من الشركة العالمية التي تحصل منها بالمقابل على نسبة من الأرباح تتراوح بين 5 و15 في المائة».

ويضيف أن «مقاطعة هذه الشركات التي تعتمد بالكامل أو في غالبية تصنيعها على منتجات محلية وتسبب ضرراً مباشراً للعمالة الموجودة فيها، الأمر الذي يعني أن هذه الدعوات قد يكون لها تأثير سلبي على الصناعة المصرية».

ويفرق العمدة بين مقاطعة مثل هذه الشركات، ومقاطعة منتجات مستوردة بالكامل واستبدالها بواسطة منتجات محلية لأن «مقاطعة المستورد سيكون الضرر فيه على الشركات الموجودة بالخارج بشكل أكبر وليس في الداخل»، على حد قوله.

لكن وعلى النقيض يرى الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري أن «تكلفة الحرب أعلى بكثير من تكلفة المقاطعة الاقتصادية»، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة المقاطعة الاقتصادية ليست بجديدة في مثل هذه الظروف، وأن من يدخل الحرب لا ينظر إلى تأثير المقاطعة الاقتصادية».

ويرصد رئيس «لجنة الخطة والموازنة» أسباباً عدة يرى أنها «لن تجعل للمقاطعة تأثيرا سلبيا على الاقتصاد المصري»، ومن بينها: «وجود انكماش في الاقتصاد العالمي وصل تأثيره لكل الدول الناشئة بالمنطقة، بالإضافة للأزمة الموجودة بالاقتصاد المصري من قبل الحرب». ويتسق تقييم البرلماني والاقتصادي المصري مع وصف رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الذي وصف التأثير بأنه «صغير، بل ليس له أي تأثير»، ويضيف «الموضوع بمثابة زوبعة ستنتهي». متسائلاً «عما إذا كان المقاطعون تخلوا عن مواقع التواصل (الغربية) أو السجائر المستوردة».

ويرى الأكاديمي المصري كريم العمدة أن «مثل هذه الدعوات ستؤدي لشعور المستثمر الأجنبي بالقلق خاصة وأن الهدف الرئيسي لأي مستثمر هو تحقيق الربح»، مذكراً بواقعة إغلاق إحدى الشركات العالمية لفروعها في مصر عام 2003 بعد الخسائر التي تكبدتها نتيجة دعوات المقاطعة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعدما دشنت عشرات الأفرع في غضون أقل من 4 سنوات فقط.

وشهدت مواقع التواصل احتفاءً بتصوير فروع لمطاعم وكافيهات بأسماء عالمية وهي شبه خالية من الرواد خاصة خلال عطلات نهاية الأسبوع، في الوقت الذي كانت عادة ما تكون مزدحمة، ويحتاج الطلب منها لوقت طويل، فيما عدّ المقاطعون أنها دليل على نجاح دعوتهم بالتوجه نحو المحلات المصرية.

ويشكك العمدة في الأرقام والصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تأثير المقاطعة على مختلف الأمور لعدة أسباب في مقدمتها غياب الأرقام والإحصاءات والاعتماد على المشاهدات في تداول ما وصُف بأنه «نجاح لحملات المقاطعة»، خاصة وأن «مصر سوق كبيرة بها أكثر من 100 مليون شخص».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

المشرق العربي فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

قرر الجيش الإسرائيلي مواصلة الهجوم في الضفة الغربية، باليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الأربعاء، ضد مخيمات شمال الضفة، وتركزت، أمس في مخيم جنين الذي

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية متحدثة خلال تجمع في سافانا  (أ.ب)

مساعد لهاريس معارض لاستراتيجية إسرائيل في غزة سيؤدي دوراً رئيسياً في تحديد سياسات واشنطن

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إنه من المتوقع أن تستعين نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بمساعدها فيل جوردون ليكون مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
المشرق العربي دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

«صحة غزة»: ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 40 ألفاً و691 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، السبت، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 40 ألفاً و691 قتيلاً، إلى جانب أكثر من 94 ألفاً و60 إصابة.

تحليل إخباري قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين المدعومين من إيران في بيان: «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، نفذت قواتنا المسلحة عملية عسكرية استهدفت السفينة (جروتون)، وذلك لانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى مواني فلسطين المحتلة».

وأضاف سريع: «نفذت العملية القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وقد أدت العملية إلى إصابة السفينة بشكل دقيق ومباشر».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف «هو الثاني للسفينة بعد استهدافها في الثالث من أغسطس (آب) الحالي».

وأوضح المتحدث العسكري الحوثي أن قوات جماعته «أكدت نجاحها في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وكذلك فرض قرار حظر الملاحة في منطقة العمليات المعلن عنها على جميع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بغض النظر عن وجهتها أو السفن التابعة لشركات لها علاقة بهذا العدو».

كما أكد سريع استمرار عملياتهم البحرية في منطقة العمليات التابعة لهم «وكذلك استمرار إسنادها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يواصل الحوثيون استهداف كثير من السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لغزة».