انقلابيو اليمن يستهدفون مراكز علوم شرعية ودور قرآن

الجماعة متهمة بإهدار الأموال في سبيل تطييف المجتمع

جانب من مركز دار الحديث الذي استهدفه الحوثيون في إب اليمنية (فيسبوك)
جانب من مركز دار الحديث الذي استهدفه الحوثيون في إب اليمنية (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يستهدفون مراكز علوم شرعية ودور قرآن

جانب من مركز دار الحديث الذي استهدفه الحوثيون في إب اليمنية (فيسبوك)
جانب من مركز دار الحديث الذي استهدفه الحوثيون في إب اليمنية (فيسبوك)

عقب فشل مساعي الميليشيات الحوثية في مساومة القائمين على مراكز العلوم الشرعية ودور تحفيظ القرآن لتدريس «الملازم» ذات النهج الطائفي مقابل السماح لها بمواصلة أنشطتها، شنّت الجماعة حملات اقتحام طاولت 4 مراكز علوم شرعية ودور تحفيظ تتبع بعضها جماعة السلفيين في محافظات إب والبيضاء والعاصمة صنعاء؛ بذريعة مخالفة ما تسمى «المسيرة القرآنية»، وعدم حصولها على تراخيص لممارسة الأنشطة.

ففي محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، أفادت مصادر محلية بفرض سيطرة الميليشيات الحوثية على مركز «دار الحديث» في منطقة مفرق حبيش، وعلى مركز «التوحيد» للعلوم الشرعية في بلدة المعاين الواقعة جميعها شمال مدينة إب عاصمة المحافظة، بعد سلسلة مضايقات وأعمال ابتزاز وتوجيه الجماعة للقائمين عليها تهماً كيدية وباطلة.

وثيقة أصدرها علماء دين ووجهاء في إب اليمنية ضد الممارسات الحوثية (فيسبوك)

وأوضحت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة داهمت المركزين وقامت بخطف وطرد الطلبة والعاملين فيهما، قبل أن يقوم عناصرها المسلحون بإغلاقهما والتمركز فيهما.

وسعت الميليشيات الحوثية في الفترات السابقة بمختلف الطرق والأساليب إلى السيطرة على كثير من مراكز العلوم الشرعية ودور القرآن في محافظة إب ومدن أخرى تحت سيطرتها؛ بغية تحويلها مراكز للتعبئة ونشر الدروس والأفكار الطائفية الدخيلة على اليمنيين.

مساعٍ لإشعال الفتن

رداً على الانتهاك الأخير للجماعة بحق «دار الحديث» في إب، أدان علماء الدين ووجهاء من أبناء المحافظة كافة الممارسات والاتهامات الانقلابية ضد المركز والعاملين فيه، وبحق كثير من مراكز العلوم الشرعية ودور التحفيظ في المحافظة.

وطالب العلماء والوجهاء، في وثيقة أصدروها ممهورة بتوقيعاتهم، وتم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، قادة الجماعة في المحافظة بالكف عن كيل الاتهامات واختلاق الإشاعات بحق «دار الحديث» وغيرها؛ كون ذلك يندرج ضمن مساعي إشعال الفتن في أوساط اليمنيين.

دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

وسبق ذلك التعسف الانقلابي تعرّض مركز «التوحيد» للعلوم الشرعية في إب لدهم حوثي مسلح أسفر عن طرد 400 من طلابه، وإحلال أتباع الجماعة الذين استقدمتهم من مناطق أخرى بصورة مؤقتة مكانهم.

وتواصلاً لذلك النهج؛ اقتحم عناصر الحوثيين مركزاً لتدريس العلوم الشرعية في مديرية ذي ناعم بمحافظة البيضاء واختطفوا عدداً من الطلبة.

مصادر مطلعة في البيضاء ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلحين الحوثيين اقتحموا مركز «الخير» التابع للجماعة السلفية في البيضاء وعبثوا بمحتوياته، قبل أن يخطفوا بعضاً من الطلبة والقائمين على إدارته.

وجاءت الحادثة متزامنة مع اتهام ناشطين حقوقيين في البيضاء قادة حوثيين بإهدارهم ملايين الريالات اليمنية على إقامة دورات تعبوية تستهدف السكان ومسؤولين وموظفين حكوميين في مناطق عدة تحت سيطرتهم بتلك المحافظة.

وكشفت وثيقة صادرة عما يسمى مكتب الإدارة العامة للتدريب الخاضعة للجماعة في البيضاء، عن إنفاق قادة الجماعة ما يعادل 20 ألف دولار لمصلحة إقامة دورة طائفية لوكلاء المحافظة ومديري عموم المكاتب التنفيذية في البيضاء.

استهداف دور القرآن

على صعيد الاعتداءات الحوثية بحق مراكز ودور تحفيظ القرآن، أقدمت الجماعة، على إغلاق مركز نسائي لتحفيظ القرآن في منطقة «ضبوة» جنوب العاصمة صنعاء، بعد تعرضه للدهم على يد «الزينبيات» (جهاز أمن حوثي نسائي).

مسجد في مدينة إب اليمنية تعرّض للاستهداف الحوثي (الشرق الأوسط)

وتحدث شهود لـ«الشرق الأوسط»، عن خطف الجماعة عقب عملية الدهم بعض القائمات على إدارة المركز واقتيادهن إلى أحد السجون، في حين طُردت عشرات الطالبات ونُهبت محتويات المركز بعد إغلاقه نهائياً.

وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي، مشاهد تظهر وجود مسلحي الميليشيات داخل المركز عقب جريمة الاقتحام والإغلاق.

وسبق ذلك بفترة وجيزة إغلاق الميليشيات نحو 4 من مراكز تحفيظ القرآن في العاصمة صنعاء، وطرد طلابها واختطاف القائمين عليها، بحجة رفضهم تطبيق التعليمات الطائفية للجماعة.


مقالات ذات صلة

سخط يمني إزاء قيود الانقلابيين للتوظيف في المنظمات الدولية

العالم العربي الجماعة الحوثية تتخذ من التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة مبرراً لزيادة تعقيد الوضع الإنساني في اليمن (رويترز)

سخط يمني إزاء قيود الانقلابيين للتوظيف في المنظمات الدولية

أثار فرض الحوثيين قيوداً للتحكم في عمل المنظمات الدولية والأممية والمحلية، سخطاً يمنياً حكومياً وحقوقياً، وسط تصاعد المطالب بنقل مقار المنظمات إلى عدن

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي إلغاء تدابير البنك المركزي اليمني أثار انتقادات شديدة للحكومة اليمنية (إعلام حكومي)

يمنيون يتوقعون إفشال الحوثيين اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي

يتوقع قطاع عريض من اليمنيين أن يؤدي تعنت الحوثيين إلى إفشال اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي مع الحكومة اليمنية استناداً إلى تاريخ الجماعة في التنصل من الالتزامات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يستولون على مراكز تعليم دينية في صنعاء مختلفة مذهبياً

قامت مجاميع حوثية مسلحة بتنفيذ سلسلة مداهمات مباغتة استهدفت مراكز علوم دينية مختلفة مذهبياً تتبع جمعية الإحسان الخيرية في جنوب صنعاء

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

اتفاق يمني على التهدئة يمهّد لمفاوضات اقتصادية

اتفقت الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية على تدابير للتهدئة وخفض التصعيد الاقتصادي بينهما تمهيداً لمحادثات اقتصادية شاملة بين الطرفين، حسب بيان لمكتب المبعوث.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)

خفض تصعيد بين الحكومة اليمنية والحوثيين يمهد لمحادثات اقتصادية شاملة

اتفقت الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية على تدابير لخفض التصعيد الاقتصادي بينهما، فيما يتعلق بالمصارف والخطوط الجوية اليمنية، تمهيداً لمحادثات اقتصادية شاملة.

علي ربيع (عدن)

انقلابيو اليمن يستولون على مراكز تعليم دينية في صنعاء مختلفة مذهبياً

أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)
أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يستولون على مراكز تعليم دينية في صنعاء مختلفة مذهبياً

أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)
أحد المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية التابعة للسلفيين في اليمن (فيسبوك)

عادت جماعة الحوثي في اليمن من جديد لاستهداف ما بقي من مراكز العلوم الدينية وتحفيظ القرآن التابعة للسلفيين في المناطق التي تحت سيطرتها، ضمن مساعيها لفرض السيطرة المذهبية وتحويلها إلى مراكز للتعبئة ونشر الأفكار الطائفية.

وكشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام مجاميع حوثية مسلحة قبل أيام بتنفيذ سلسلة مداهمات مباغتة استهدفت مراكز علوم شرعية تتبع جمعية الإحسان الخيرية في جنوب صنعاء وهي «مسجد الفاروق، ومركز خديجة لتحفيظ القرآن، ومؤسسة الفتاة لتعليم العلوم الشرعية».

دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

وباشر المسلحون الحوثيون في أثناء عملية الدهم، طبقاً للمصادر، بطرد العشرات من الطلاب الذين كانوا يتلقون العلوم الشرعية، ويدرسون في حلقات القرآن الكريم فيها، قبل أن يقوموا بإغلاق المراكز تمهيداً لتحويلها إلى أماكن لبث الأفكار المتطرفة والتحريض على العنف والطائفية.

وندّد مدرسون وطلاب في المراكز المغلقة بالممارسات غير المبررة التي ارتكبها مسلحو ومشرفو الجماعة بحق المباني التابعة لجمعية الإحسان بصنعاء، وذكر بعضهم لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة ترمي إلى استكمال إزاحة وتغييب ما تبقى من تلك المراكز لجهة اختلافها مذهبياً.

وبحسب أحد المدرسين في تلك المراكز التابعة لجمعية الإحسان الخيرية، كانت الجماعة الحوثية سعت أكثر من مرة لمساومة القائمين على المراكز لإجبارهم على تدريس «الملازم الحوثية» ذات المنحى الطائفي مقابل السماح بمواصلة أنشطة الجمعية والمراكز التابعة لها.

تنديد واستنكار

استنكر ناشطون حقوقيون جريمة الاستيلاء الحوثي بقوة السلاح على المراكز التابعة لجمعية الإحسان السلفية في صنعاء، ووصفوا ما قامت به الجماعة بأنه «جرائم وانتهاكات لا تسقط بالتقادم».

وأشار سميح وهو باحث اجتماعي في صنعاء في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مواصلة جماعة الانقلاب ارتكاب الانتهاكات ضد ما تبقى من مراكز تعليم دينية هدفها استكمال مخطط تطييف شامل للمجتمع، ما قد ينذر بعواقب كارثية.

مقر تابع لفرع جمعية الإحسان السلفية في محافظة إب اليمنية (فيسبوك)

وطالب الناشطون اليمنيون بإعادة فتح المراكز التي داهمتها وأغلقتها جماعة الحوثي وإعادة الطلبة الذين تعرضوا للطرد منها، وهم ممن كانوا يتلقون مُختلف المعارف والعلوم الدينية، وسرعة محاسبة المتورطين، مؤكدين أن هذا السلوك يندرج ضمن الممارسات التي تعمق الطائفية والمذهبية وتُفكِك النسيج المجتمعي.

وسبق للجماعة الحوثية أن شنت على مدى السنوات الماضية حرباً شعواء ضد المراكز الدينية المختلفة مذهبياً ودور التحفيظ في عموم المناطق تحت سيطرتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما حدث في صنعاء من عمليات دهم وإغلاق استهدفت مركز «عمار بن ياسر» لتحفيظ القرآن بحي النور في مديرية الصافية، ومركز «معاذ بن جبل» في منطقة جدر، ومركزاً لتحفيظ القرآن يتبع مسجد السنة في حي سعوان، ومركزاً نسائياً لتحفيظ القرآن في منطقة ضبوة جنوب المدينة.