عشرات الآلاف من عناصر الحوثيين يحلون بدلاً عن المعلمين

الجماعة كرست عائدات الضرائب والجمارك للبرامج الطائفية

فشلت حتى الآن كل إجراءات الحوثيين لكسر إضراب المعلمين اليمنيين (نادي المعلمين)
فشلت حتى الآن كل إجراءات الحوثيين لكسر إضراب المعلمين اليمنيين (نادي المعلمين)
TT

عشرات الآلاف من عناصر الحوثيين يحلون بدلاً عن المعلمين

فشلت حتى الآن كل إجراءات الحوثيين لكسر إضراب المعلمين اليمنيين (نادي المعلمين)
فشلت حتى الآن كل إجراءات الحوثيين لكسر إضراب المعلمين اليمنيين (نادي المعلمين)

كشفت مصادر يمنية وثيقة الاطلاع في صنعاء عن قيام الميليشيات الحوثية بإحلال نحو 36 ألف شخص من عناصرها الطائفيين بدلاً عن المعلمين الذين فروا من القمع في مناطق سيطرتها، أو ذهبوا للعمل في مهن أخرى، بعد أن قطعت رواتبهم منذ 7 أعوام.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات بصدد استكمال عملية إحلال نحو 20 ألف عنصر آخرين بدلاً عن موظفين عموميين، جلهم من المعلمين، وذلك قبل التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الشرعية على آلية لصرف رواتب الموظفين.

المصادر أوضحت أن ما يسمى المكتب التربوي في قيادة الميليشيات الحوثية أشرف على تثبيت دفعتين من عناصره الطائفيين بلغ عددهم 35 ألفاً، خلال العامين الأخيرين، حيث دفع بهؤلاء إلى المدارس العامة بحجة تغطية العجز في الكادر التعليمي بعد فرار الآلاف من المعلمين من مناطق سيطرة الجماعة خشية القمع ورفضاً «لتطييف مناهج التعليم»، إضافة إلى لجوء عشرات الآلاف من المعلمين للعمل في مهن أخرى لتوفير لقمة العيش لهم وأسرهم بعد أن قطعت رواتبهم.

تلميذات يمنيات في مدرسة في ضواحي العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق هذه المصادر، فإن المكتب الذي يشرف عليه مسؤول الحشد في قيادة الميليشيات القاسم الحمران، يسعى حالياً لتثبيت دفعة جديدة قوامها نحو 30 ألفاً ممن يسمون المتطوعين بدلاً عن دفعة جديدة من المعلمين اشترطوا صرف رواتبهم مقابل عودتهم إلى العمل.

إرهاب المعلمين

هذه الخطوة - حسب المصادر - هدفها إرهاب المعلمين والمعلمات الذين يواصلون إضرابهم الشامل عن العمل للشهر الثاني على التوالي، حيث تم تهديدهم بتوصيفهم منقطعين عن العمل، وهي الصفة التي تستخدمها الميليشيات في تنفيذ حملتها لإحلال عناصرها بدلاً عن الموظفين العموميين.

وكان تقرير داخلي لما تسمى لجنة التربية والتعليم قد نقل عن قيادة وزارة التربية والتعليم في الحكومة غير المعترف بها القول إن غالبية الكادر التعليمي كان قد عاد للعمل في المدارس عندما تم صرف الدفعة الأولى مما يسمى الحافز الشهري من قبل صندوق المعلم.

ولكن وبعد توقف الصرف غادر المعلمون مدارسهم، بخاصة وأن الوزارة الانقلابية التي يقودها يحيى الحوثي شقيق قائد الميليشيات مستمرة في صرف هذه الحوافر لمن يطلق عليهم المتطوعون، ما يؤكد أن الهدف هو إرغام الكادر التعليمي على مغادرة المدارس وإحلال العناصر الطائفية بدلاً عنهم، وفق ما أكده ثلاثة من المصادر العاملة في قطاع التعليم في صنعاء. ‏

عائدات الدولة لدعم الطائفية

برر نائب وزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب خالد جدار، إيقاف صرف الحوافز الشهرية للمعلمين من عائدات صندوق دعم المعلم بقلة الإيرادات التي تصل إلى 850 مليون ريال شهرياً (الدولار حوالي 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الميليشيات)، وقال إن الاحتياج الشهري لتغطية صرف الحوافز تزيد عن الـ7 مليارات ريال، وهذا الكلام يناقض كلامه الشهر الماضي عند بداية إضراب المعلمين، حيث أعلن اعتزام وزارته صرف حوافز المعلمين لثلاثة أشهر متتالية.

يسعى الحوثيون في اليمن إلى تطييف التعليم من خلال إحلال أتباعهم بدلاً عن المعلمين (فيسبوك)

المسؤول الحوثي - حسب مصادر محلية في صنعاء - فشل في الرد على أسئلة أعضاء ما يسمى مجلس النواب عن الكيفية التي يتم بها صرف مرتباته وغيره من المسؤولين في حكومة الانقلاب من كل المستويات العليا، إلى جانب تمتعهم بمبالغ إضافية تحت مسمى نثريات وحوافز وبدل انتقال، فيما يحرم المعلمون من رواتبهم، حيث رفض النواب التبريرات التي ساقها وطالبوه بالكشف عن موازنة صندوق المعلم وحسابه الختامي للعامين الماضيين.

وتقول الحكومة اليمنية إن الميليشيات الحوثية تحصل على نحو ترليون وأربعمائة مليار ريال يمني في العام الواحد من عائدات الضرائب والجمارك فقط (حوالي 2.6 مليار دولار).

ويتساءل مناهضو الجماعة الحوثية من أين تنفق وزارة التربية في حكومة الانقلاب على المراكز الصيفية الطائفية بتكاليفها الباهظة، وما هو مصدر الأموال السخية التي تنفق على الدورات الطائفية (الثقافية) المتواصلة شهرياً منذ سنوات والمفروضة قسراً على جميع موظفي الدوائر الحكومية في مناطق سيطرة الميليشيات، وكيف توفر حكومة الانقلاب السكن والكتب ورواتب المعلمين والتغذية لمدارس التعليم الطائفي.

كرست حكومة الانقلاب الحوثية كل الموارد للتعبئة الطائفية وشراء الولاءات (إعلام حوثي)

وحسب مصادر تربوية، فإن حكومة الانقلاب استولت على نحو مليار ريال يمني من عائدات صندوق تنمية المهارات لصالح وزارة التربية والتعليم الانقلابية، كما تم الاستيلاء على أموال ‏صناديق أخرى، وتم إعطاء هذه المبالغ لتغطية نفقات إجراء الامتحانات العامة للشهادتين الأساسية والثانوية.

كما قامت الجماعة بفرض رسوم سنوية على الطلبة في المدارس العامة تحت مسمى المساهمة المجتمعية بواقع 15 دولاراً على كل طالب، وهو ما تسبب في حرمان الآلاف من الطلاب من التعليم، لأن أسرهم لم تستطع دفع هذه المبالغ في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، حيث يعيش 70 في المائة من السكان على المساعدات المقدمة من المنظمات الإغاثية.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).