مقترح جديد لفتح 5 طرق إلى تعز المحاصرة منذ 8 سنوات

قدم الفريق الحكومي لفتح معابر تعز التابع للحكومة الشرعية اليمنية مقترحاً جديداً لفتح 5 طرق تساعد في إنهاء معاناة ملايين السكان القاطنين هذه المدينة المحاصرة منذ نحو 8 سنوات من قبل جماعة الحوثيين الانقلابية.

وقال نبيل جامل عضو الفريق الحكومي لفتح معابر تعز والمناطق الأخرى في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المقترحات جاءت بعد تواصل بعض الشخصيات من أبناء تعز الذين يعيشون تحت سيطرة الميليشيات الحوثية في صنعاء، مع السلطة المحلية في تعز بمبادرة لفتح طريق واحدة.

وأكد جامل أن المقترح الحكومي لفتح 5 طرق إلى تعز جاء بتنسيق مع السلطة المحلية، ورئاسة الجمهورية حرصاً على التخفيف من المعاناة الإنسانية للمواطنين وسهولة الوصول، بعد 8 سنوات من الحصار.

وتتضمن مبادرة الفريق الحكومي فتح الطرق التالية: «طريق سوفتيل - الجهيم - مسجد الصفا - زيد الموشكي»، و«طريق السمن والصابون - المطار القديم - بئر باشا»، و«طريق كرش - الرهدة - الحوبان - جولة القصر - عقبة منيف»، و«طريق مفرق الذكرة - الستين - مفرق العدين - سوق الرمدة - الحوجلة - عصيفرة»، و«طريق الحوبان - جولة القصر - وادي صالة - صالة».

بحسرة يشاهد السائقون سياراتهم التي جرفتها السيول وهم في طريقهم إلى تعز (تويتر)

وأكد الفريق الحكومي لفتح معابر تعز أنه مستعد لبحث آليات التنسيق لاستقبال المواطنين القادمين للمدينة أو المغادرين منها، وتشكيل لجان مشتركة لحل أي إشكالات في حالة فتح الطرق، مشيراً إلى أن تقديم هذه المبادرة يعد رداً على أكاذيب الميليشيا الحوثية وزعمها أن الفريق هو من يرفض فتح بعض الطرق.

وشدد الفريق على أنه دائماً ما يؤكد للمجتمع الدولي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، أن حصار تعز ملف إنساني بحت وتجب ممارسة أقصى الضغوط على الحوثيين الذين يستخدمونه ورقة سياسية لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى، متهماً في الوقت نفسه، الميليشيا الحوثية برفضها المستمر فتح طرقات مدينة تعز سعياً لإذلال أبناء هذه المحافظة اعتقاداً منها أنها تنتصر عليها وشموخ أبنائها، ولا تعلم أنها تنهزم أخلاقياً ونفسياً من حيث اعتقادها بالانتصار، على حد تعبير الفريق.

وفي حديثه، أوضح نبيل جامل أن المقترح المقدم من لجنة التفاوض لفتح الطرقات مقدم لبعض الشخصيات الاجتماعية من أبناء تعز الذي يعيشون تحت سيطرة الميليشيات في صنعاء.

وأضاف: «قام بعضهم بالتواصل مع السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ نبيل شمسان وعرضوا مبادرة لفتح طريق في تعز وبناء على التنسيق مع المحافظ واجتماعه مع رئيس لجنة المفاوضات عبد الكريم شيبان تم طرح مبادرة من قبلنا بمجموعة من الطرق التي تحقق الهدف من فتح الطرق؛ وهو التخفيف من المعاناة الإنسانية للمواطنين وسهولة الوصول، بعد 8 سنوات من الحصار».

ولفت جامل إلى أن «هنالك تنسيقاً مع رئاسة الجمهورية بشأن الطرق التي يجب أن تفتح بالعلاقة مع المشاورات والمباحثات التي تتم بين الأشقاء في المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي، حيث سبق أن صرح السفير محمد آل جابر بعد زيارته إلى صنعاء، بأن موضوع فتح طرق تعز ورفع الحصار عنها مطروح ضمن أجندة المشاورات».

جانب من اجتماع سابق للجنة العسكرية بشأن فتح المعابر في عمّان (الأمم المتحدة)

بالرغم من ذلك، أشار عضو الفريق الحكومي لفتح معابر تعز إلى أنهم يعلمون «مقدار التعنت والمراوغة التي تمارسها جماعة الحوثي بشأن طرق تعز، ومبادراتنا تأتي منسجمة ومنسقة مع الحكومة والرئاسة».

وانتقد نبيل جامل، المجتمع الدولي ومكتب المبعوث الخاص لليمن، لعدم ممارسة ضغوط كافية على جماعة الحوثي لفتح معابر وطرق تعز، وقال: «للأسف الشديد المجتمع الدولي ومكتب المبعوث الأممي لم يمارسوا الضغوط الكافية لإرغام الحوثي على فتح الطرق في تعز، بل ذهبوا للضغط على الحكومة الشرعية لفتح ميناء الحديدة وزيادة عدد الرحلات من مطار صنعاء».

حافلة ركاب تعرضت لحادث انقلاب على طريق وعرة تربط محافظة تعز اليمنية بمدينة عدن (سبأ)

وكانت مدينة تعز (جنوب غرب) تنفست الصعداء من جهتها الغربية باتجاه ميناء المخا على البحر الأحمر، في مارس (آذار) 2023، بعد أن كسرت على نحوٍ جزئي، 8 سنوات من حصار الميليشيات الحوثية، بوصول أولى قاطرات الوقود إليها عبر طريق جديدة تحت الإنشاء.

ووصلت إلى مدينة تعز حينها قاطرتا غاز تحملان 25 طناً من غاز الطهي عبر طريق «المخا - الكدحة»، بعد توقف 8 سنوات بسبب إغلاق الطرق الرئيسية جراء الحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي الإرهابية على المدينة.

ومنذ نحو 8 سنوات، فرضت الميليشيات الحوثية حصاراً خانقاً على مدينة تعز، المدينة الأكثر كثافة سكانية في اليمن، بعد أن أغلقت طريق «الحوبان - عدن»، وهي الطريق الرئيسية للإمدادات والسفر، ما جعل السكان والتجار يلجأون إلى طريق وعرة ومتهالكة، كما الحال مع طريق «هيجة العبد» من الناحية الجنوبية للمدينة.

ورفضت الميليشيات الحوثية جميع المساعي الأممية والمقترحات لفك الحصار عن المدينة خلال الأشهر الماضية، رغم حصولها على كثير من المكاسب من البوابة الإنسانية بما فيها تدفق الواردات إلى موانئ الحديدة، وتسيير الرحلات التجارية من مطار صنعاء.

وكان البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن قد دشن في مايو (أيار) 2022، الأعمال في مشروع إعادة تأهيل طريق هيجة العبد التي تربط تعز بمحافظتي لحج وعدن، والتي ما زال العمل فيها قائماً حتى الآن، وتعد طريقاً حيوية وشرياناً رئيسياً يشكّل أهمية بالغة لأكثر من 5 ملايين يمني، بطول يقارب 9 كيلومترات.

الحصار الحوثي يؤرق المسافرين من تعز وإليها

كان ظهر يوم الاثنين الماضي كارثياً على الشاب اليمني يوسف، بعدما جرفت السيول حافلته الصغيرة وهي مصدر دخله الوحيد، إذ ينقل عليها الركاب من مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد (جنوب) إلى مختلف مناطق محافظة تعز المجاورة، حيث يضطر المسافرون منذ سنوات لاستخدام طريق فرعي غير معبد إثر قيام الحوثيين بإغلاق كل الطرق الرئيسية.

يقول يوسف، وهو يقف في مرتفع صغير يطل على الوادي وهو يشاهد حافلته: «تركتها ونجوت بنفسي». إلا أنه لم يكن الوحيد الذي تعرض لهذه الخسارة، حيث جرفت السيول 20 سيارة أخرى في وادي الخزجة التابع لمديرية حيفان في حدود محافظة تعز مع محافظة لحج، وهو الوادي الذي يستخدم لإيصال الركاب إلى مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي أو القادمين منها.

كما تعبر الطريق نفسه شاحنات نقل البضائع بعدما أغلقت الميليشيات الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة لحج بمحافظة تعز ومن بعده إغلاق طريقين رئيسيين يربطان بين محافظة الضالع ومحافظة إب.

وإلى جانب إغلاق ميليشيات الحوثي كل الطرق المؤدية إلى مدينة تعز من ثلاثة اتجاهات ووضع أكثر من ثلاثة ملايين من سكان المحافظة تحت حصار خانق منذ أن تفجرت الحرب، أقدمت الميليشيات على إغلاق الطرق الرئيسية الواصلة من العاصمة اليمنية المؤقتة والتي تربط محافظة إب بمحافظة الضالع، وكذا الطريق الذي يربط محافظة البيضاء بمحافظة أبين، والطريق الرابط بين مديريتي حيس والجراحي في الحديدة، وطريق البرح مع ميناء المخا، إلى جانب طرق مأرب مع البيضاء ومع محافظة صنعاء.

السيول حولت المعبر الوحيد إلى تعز لمصيدة للسيارات وشاحنات نقل البضائع (تويتر)

وسعت الحكومة المعترف بها دولياً إلى القبول - أكثر من مرة - بكل المبادرات المحلية لفتح الطرقات، ودون أي قيود، كما قبلت بالمقترحات الأممية في سبيل إنهاء حصار تعز وفتح الطرق المؤدية إلى مركزها، لكن الميليشيات لا تزال حتى الآن ترفض تنفيذ ما تعهدت به رغم دخول التهدئة عامها الثاني.

استمرار المعاناة

بعد كل معاناة العيش وتذمر الحياة - يقول شكيب وهو أحد سكان منطقة الخزجة - يصل السائقون إلى هذا الوادي ويخسر بعضهم مصدر رزقه خلال دقائق، فيما ينجو آخرون بحياتهم بعد أن تجرف السيول كل أمتعتهم، في وقت يقترب فيه موعد عيد الأضحى المبارك، حيث يفضل الكثير من اليمنيين قضاء هذه المناسبة في الأرياف، حيث يلتئم شمل الأسر بعد أن أجبرت الأوضاع الاقتصادية التي انتهجتها الميليشيات الحوثية الذكور إلى الذهاب إلى المدن بحثاً عن العمل.

ووفق سكان المنطقة، فإن الضحايا دخلوا بسيارتهم إلى الوادي قبل هطول الأمطار، ولأن السيارات تحتاج إلى أكثر من ساعتين على أقل تقدير لعبور الوادي، فإنهم ما إن وصلوا إلى ما بعد منتصفه حتى دهمتهم السيول الغزيرة المتدفقة من المرتفعات، حيث شهدت البلاد خلال هذا الموسم هطول أمطار غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية التي ظهرت تأثيراتها واضحة خلال العامين الأخيرين.

لم يكتف الحوثيون بالحرب بل أغلقوا الطرقات وضاعفوا معاناة اليمنيين (تويتر)

ويؤكد السكان أنه إذا لم يتم الضغط على ميليشيات الحوثي لفتح الطرق بين المحافظات، فإن المعاناة سوف تتواصل، خاصة أن الميليشيات لم تكتف بإغلاق الطرق الرئيسية بل تمادت في تعسفها وألزمت التجار بالتوقف عن استيراد البضائع والمواد الغذائية عبر مناطق سيطرة الحكومة، وأخذت منهم تعهدات خطية بتحويل بضائعهم عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، ويقولون إن المسافة التي يقطعها السائقون في هذا الوادي لا تستغرق سوى 15 دقيقة عند المرور في الطريق الرئيسي المغلق.

تفاقم وضع النازحين

هذه المعاناة جاءت في وقت أكدت فيه المنظمة الدولية للهجرة أن الفيضانات الموسمية استمرت في التأثير على الأشخاص النازحين داخلياً والذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر بالفعل في محافظات مأرب وتعز وإب، حيث أدت الأمطار الغزيرة إلى تفاقم وضع العائلات التي تعيش في حالة نزوح مطول من خلال إتلاف الملاجئ وتدمير ممتلكاتها وتعريض الصحة والسلامة للخطر.

كما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن الفيضانات أثرت على حياة المدنيين والبنية التحتية، حيث قُتل ما يقدر بنحو 31 شخصاً، وأصيب 37 آخرين وفقد 3 في أعقاب فيضانات أبريل (نيسان) الماضي. وتسببت الأمطار الغزيرة في تساقط الصخور بشكل مدمر وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية، مما أدى إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية.

تقارير الأمم المتحدة أكدت أن اليمن تأثر بشكل متزايد بالآثار السلبية للتغير المناخي في السنوات الأخيرة، حيث كانت مدمِّرَة لسبل العيش في بلد يعاني مُسبقاً من انعدام الأمن الغذائي والمائي، بالإضافة إلى تدهور الأراضي الزراعية.

مربي نحل يتفقد خلاياه في مزرعة قرب صنعاء حيث يواجه النحالون تحديات هائلة بسبب تغير المناخ (رويترز)

ووصفت المنظمة الدولية التغير المناخي بأنه كان بمثابة ضربة قوية للمواسم الزراعية، حيث تؤثر الفيضانات والأمطار الغزيرة والجفاف وهطول الأمطار في غير موسمها على الأنشطة الزراعية والإنتاج وسبل العيش الريفية، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

ويقول المسؤولون اليمنيون إن المزارعين في كثير من المناطق تخلوا عن الزراعة نتيجة الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية وانجراف التربة الناجم عن الفيضانات والسيول، ولهذا تعمل الحكومة بالتعاون مع البنك الدولي على تنفيذ مشاريع الحفاظ على التربة، والتخفيف من آثار الفيضانات، وتوفير مصادر مستدامة للري التكميلي، ولضمان استمرار المزارعين في زراعة أراضيهم لكسب لقمة العيش.

سيول «مميتة» في اليمن

تُوفي وأُصيب أكثر من 18 يمنياً، معظمهم من النازحين، بسبب السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي تشهدها البلاد والتي ألحقت أضراراً بنحو 22 ألف أسرة في نحو 15 محافظة يمنية معظمها تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.

وفي حين يتهم السكان الميليشيات الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها المتضررون، أقرت الجماعة بأن عدد المنازل المتضررة من جرَّاء سيول الأمطار بلغ 21 ألفاً و378 منزلاً، منها 8 آلاف و339 منزلاً تضررت بشكل كلّي، و13 ألفاً و34 منزلاً بشكل جزئي و51 منزلاً آيلاً للسقوط.

كما أقرت الجماعة الانقلابية بتضرر 159 قطعة من الأراضي الزراعية، وحدوث 82 انهياراً صخرياً وقطعاً للطرق، و28 انهياراً في سدود وآبار وشبكات للمياه، حيث تصدرت محافظة حجة قائمة المحافظات الأكثر تضرراً في ممتلكات المواطنين، بينما تعرضت محافظة المحويت لانهيارات صخرية، مما أدى إلى قطع الطرق وتوقف حركة السير.

وأفادت مصادر محلية بأن سيول الأمطار تسببت في هدم 3 منازل، الأول يقع في مدينة صنعاء القديمة، والآخر في منطقة التحرير وسط العاصمة، بينما يقع المنزل الثالث، الذي أودى بحياة طفل، في إحدى القرى التابعة لمحافظة حجة. كما أدت السيول الناجمة عن الأمطار إلى تهدم 4 منازل أخرى بشكل كلّي وتشريد أسرها بفعل الانهيارات الصخرية في قرية الرقيفة أسفل جبل الصنع في مديرية شرعب السلام في محافظة تعز (جنوب غرب).

وفاة وإصابة 18 يمنياً وتضرر 22 ألف أسرة جرَّاء سيول الأمطار

تسببت السيول الناجمة عن الأمطار في مقتل وإصابة ما يزيد عن 18 يمنياً معظمهم من النازحين، إضافة إلى تضرر نحو 22 ألف أسرة في نحو 15 محافظة يمنية معظمها تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.

وبينما يتهم السكان الميليشيات الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها المتضررون، أقرت الجماعة بأن عدد المنازل المتضررة من جرَّاء سيول الأمطار بلغ 21 ألفاً و378 منزلاً، منها 8 آلاف و339 منزلاً تضررت بشكل كلي، و13 ألفاً و34 منزلاً بشكل جزئي و51 منزلاً آيلاً للسقوط.

انهيارات جرَّاء سيول الأمطار بمحافظة المحويت اليمنية (فيسبوك)

كما أقرت الجماعة الانقلابية بتضرر 159 قطعة من الأراضي الزراعية، وحدوث 82 انهياراً صخرياً وقطع للطرق، و28 انهياراً في سدود وآبار وشبكات للمياه، حيث تصدرت محافظة حجة قائمة المحافظات الأكثر تضرراً في ممتلكات المواطنين، بينما تعرضت محافظة المحويت إلى انهيارات صخرية، مما أدى إلى قطع الطرق وتوقف حركة السير.

ويقول السكان إن الميليشيات الحوثية لم تحرك أي ساكن لحمايتهم ومصالحهم وممتلكاتهم، من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة، وتحرك فرق الدفاع المدني.

أضرار ونزوح

إلى ذلك، أفادت مصادر محلية بأن سيول الأمطار تسببت في هدم ثلاثة منازل، الأول يقع في مدينة صنعاء القديمة، والآخر في منطقة التحرير وسط العاصمة، بينما يقع المنزل الثالث، الذي أودى بحياة طفل، في إحدى القرى التابعة لمحافظة حجة.

كما أدت السيول الناجمة عن الأمطار أيضاً إلى تهدم 4 منازل أخرى بشكل كلي وتشريد أسرها بفعل الانهيارات الصخرية في قرية «الرقيفة» أسفل جبل «الصنع» في مديرية شرعب السلام في محافظة تعز (جنوب غرب).

ويستمر نزوح العشرات من الأسر منذ أكثر من عشرة أيام من أحياء ومناطق عدة في صنعاء العاصمة ومحافظات أخرى تحت سيطرة الميليشيات الحوثية إلى أماكن أخرى أكثر أماناً بعد تعرض منازلهم للانهيار، بينما أبدت أسر أخرى تخوفها من سقوط منازلها جرَّاء تدفق مزيد من السيول وعدم قيام سلطات الميليشيات بأي مبادرة.

تهدم منزل بسبب الأمطار في محافظة المحويت (فيسبوك)

وفي ظل توقعات لخبراء أرصاد بهطول مزيد من الأمطار متفاوتة الشدة على العاصمة اليمنية والمدن ذات المرتفعات الجبلية، ومعظمها تحت سلطة الميليشيات، يتخوف اليمنيون من استمرار السيول، في ظل التدهور المستمر للبنية التحتية، مما يشكل خطراً على حياتهم ومنازلهم وممتلكاتهم.

وتوقع مركز الأرصاد اليمني، في بيان حديث، هطول أمطار متفاوتة الشدة مصحوبة بعواصف رعدية على 13 محافظة يمنية أغلبها تحت سيطرة الميليشيات، محذراً من التدني الملحوظ في مدى الرؤية الأفقية على الطرقات الجبلية أثناء هطول الأمطار الغزيرة.

تحذيرات أممية

وكانت الأمم المتحدة حذَّرت من أمطار جديدة ستضرب مناطق يمنية عدة في الأيام المقبلة، ستؤدي إلى تكاثر الجراد الصحراوي. وتوقعت تأثر 10 آلاف شخص بالفيضانات، مشيرة إلى تسبب الأمطار الغزيرة الأخيرة في وقوع ضحايا ودمار واسع في الممتلكات.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) عن مصرع وإصابة وفقدان 71 شخصاً جرَّاء أمطار ضربت مناطق يمنية عدة، خلال أبريل (نيسان) الماضي.

وبحسب تقرير المنظمة، فإن فيضانات الأمطار تسببت بمقتل 31 شخصاً وإصابة 37 آخرين، بينما تم تسجيل 3 آخرين في عداد المفقودين خلال الفترة المذكورة.

وأشار التقرير إلى تدمير الفيضانات البنية التحتية للري عبر الأودية الرئيسية في البلاد، كما تسببت الأمطار الغزيرة في سقوط صخور خطيرة بمديرية يريم بمحافظة إب تحت سيطرة الميليشيات.

وذكر أن محافظات المحويت، وحجة، وذمار، وإب، والعاصمة صنعاء وريفها وريمة شهدت أكبر نسبة من هطول الأمطار خلال الشهر الماضي.

مشهد للسيول التي غمرت أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وسبق أن أعلنت الأمم المتحدة، مطلع مايو (أيار) المنصرم، تأثر آلاف الأسر اليمنية جرَّاء الأحوال الجوية القاسية، التي منها الأمطار الغزيرة والفيضانات، منذ مطلع العام الحالي.

وذكر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن حوالي 2102 أسرة يمنية تأثرت بالظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الأمطار الغزيرة والفيضانات في جميع أنحاء البلاد، بين يناير (كانون الثاني)، وأبريل (نيسان) من العام الحالي.

وأوضح الصندوق أن غالبية المتضررين يقيمون في مناطق يصعب الوصول إليها وتستضيف النازحين، مشيراً إلى أن مجموعة آلية الاستجابة السريعة عززت استجابتها لمساعدة الأسر المتضررة من الفيضانات، مع وجود عملياتي في جميع المحافظات الـ12 المتضررة من الفيضانات.

شرطي مرور ينظم السير في شارع بالمدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)

السيول تخطف 10 يمنيين في مناطق الانقلابيين خلال يومين

أدت السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار في مناطق سيطرة الحوثيين خلال يومين إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة تسعة آخرين، مع انهيار سدود وحواجز مائية بقرى ومناطق عدة تتبع ثلاث محافظات يمنية، هي العاصمة صنعاء وريفها، ومحافظة المحويت، وسط اتهامات للجماعة الانقلابية بالتقاعس وتجاهل معاناة السكان.
جاء ذلك في وقت فيه بيانات أممية حديثة عن تضرر 349 عائلة يمنية في شهرين ماضيين جراء الأمطار والسيول، في ظل تحذيرات من اتساع الحوادث جراء الحالة المطرية المستمرة.
في هذا السياق ذكرت مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن آخر تلك الحوادث تمثل في وفاة امرأة أربعينية وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين، بقرية «قرن الدهور» بمديرية مناخة بريف صنعاء، بسبب تهدم منزل من عدة طوابق جراء السيول.
وذكرت المصادر أن تلك الحادثة سبقتها بأيام نجاة أسرة مكونة من 7 أشخاص في «حي الروضة» بمديرية بني الحارث شمال صنعاء، من حادثة تهدم أخرى لمنزلهم وقعت في أثناء الظهيرة؛ حيث هرع أهالي الحي إلى انتشال أفراد أسرة المواطن عبد الله القيز من تحت الأنقاض وهم على قيد الحياة.
إلى ذلك، شهدت العاصمة نفسها وقوع حادثة أخرى مشابهة، تمثلت في تهدم منزل آخر على رؤوس ساكنيه في «حي البليلي» بمديرية الصافية وسط صنعاء، ما أسفر عن وفاة شابة عشرينية، وإصابة 4 نساء أخريات، بعد أن قام المسعفون من أبناء المنطقة بإخراجهن على الفور من تحت الأنقاض.
وعلى وقع استمرار السيول الجارفة التي خلفت مزيدا من الضحايا والأضرار، أفاد سكان في صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات الحوثية لم تقم بتحريك أي ساكن حيال كل تلك المآسي والمعاناة والخسائر، أو المسارعة إلى حماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم، من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة وتحرك فرق الدفاع المدني.
وعلى صعيد حوادث الغرق وانهيار السدود والحواجز، أوضحت مصادر عاملة في مصلحة الدفاع المدني الخاضعة للجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن ما لا يقل عن ثلاثة أطفال وشاب قتلوا في اليومين السابقين في ثلاث حوادث غرق منفصلة وقعت داخل حواجز وسدود مائية بمحافظتي صنعاء والمحويت الواقعتين تحت إدارة وسلطة الميليشيات.
وتوفيت الطفلة مها عبد الغفور (10 سنوات) – بحسب المصادر - غرقا بسد «سيان» بمديرية سنحان بريف صنعاء، وسبقتها بساعات قليلة وفاة طفلين آخرين غرقا في حاجز مائي بمديرية خميس بني سعد بالمحويت، وجاءت الحادثتان بعد يوم من وفاة شاب ثلاثيني يدعى مراد الكميم (32 عاما) غرقاً بسد «شاحك» بمديرية خولان الطيال بمحافظة صنعاء.
وتزامنت تلك الحوادث الثلاث مع تسجيل حدوث واقعة أخرى، تمثلت في انهيار سد «العقبي» بقرية بيت الهندي بمديرية حفاش بمحافظة المحويت شمال غربي صنعاء، بسبب استمرار تدفق السيول إليه، مخلفا 4 قتلى وجريحين، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة بمنازل المواطنين وممتلكاتهم الزراعية.
وحمل أهالي قرى بالمحويت ميليشيات الحوثي كامل المسؤولية عن تلك الكارثة، متهمين الجماعة بالوقوف خلف سرقة ونهب جميع المبالغ المخصصة لصيانة السدود والحواجز والخزانات المائية التي تم إنشاؤها في ظل حكومات يمنية سابقة، الأمر الذي قاد إلى تهالك بعضها وانهيار أخرى مخلفة خسائر مادية وبشرية.
وبينما لا يزال موسم الأمطار في أوجه، يواصل ناشطون يمنيون إطلاق نداءات إنسانية متتابعة عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل تكثيف عمليات الإغاثة والإيواء في المناطق المنكوبة من السيول، لا سيما في تلك المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وفي بيان حديث له، توقع مركز الأرصاد اليمني هطول أمطار متفاوتة الشدة على عدة محافظات: صعدة، وحجة، والمحويت، وعمران، وصنعاء، وذمار، وريمة، وإب، وتعز، والضالع، ولحج، والبيضاء.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت حديثا عن تضرر أكثر من 349 أسرة يمنية جراء الأمطار والسيول. وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان في حسابه على «تويتر» إنه خلال يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) 2023، أثرت الأمطار الغزيرة والسيول في ‎اليمن على أكثر من 349 عائلة. وأضاف أن 2.905 من العائلات النازحة حديثاً تلقت مساعدات طارئة ‎في تسع محافظات يمنية.

السيول تغرق شوارع صنعاء والانقلابيون يتجاهلون معاناة السكان

ضربت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة محال تجارية ومنازل مواطنين في مناطق متفرقة من العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وسط اتهامات للميليشيات الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وغياب أجهزتها وفرقها المعنية بعمليات التدخل والإنقاذ.
وتحدث شهود في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العديد من الأحياء والشوارع في صنعاء بما فيها حي التحرير وشوارع جمال وهائل وأحياء السنينة والرقاص والرباط وغيرها، تحولت بفعل غزارة الأمطار إلى ما يشبه البحيرات؛ حيث تدفقت السيول الجارفة إلى عدة محال تجارية ومنازل مواطنين وحاصرت آخرين لساعات وسط تغاضي الميليشيات وغياب فرق الدفاع المدني التابعة لها.
وعلى وقع استمرار السيول المتدفقة، ولجوء مواطنين على متن قوارب صغيرة إلى التدخل لإنقاذ المحاصرين، أوضح سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيات الحوثي لم تحرك ساكناً لحماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة وتحرك فرق الدفاع المدني.
وأشار بعض السكان إلى أن الجماعة اكتفت فقط كعادتها بالحضور بعد توقف الأمطار، وتحديدا في أعقاب تمكن المواطنين من إنقاذ عشرات المحاصرين، من السكان الذين اجتاحت السيول المتدفقة منازلهم ومحالهم التجارية وأحدثت فيها أضرارا متفاوتة. وعبر السكان في صنعاء عن شعورهم بالخيبة جراء عدم استجابة سلطات الانقلاب لنداءات الاستغاثة التي أطلقوها، بهدف التدخل لإنقاذهم؛ خصوصاً في أعقاب ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية، ودخولها بكثرة إلى منازلهم ومحالهم.
ويقول (عبد الله. ع) وهو مالك محل صغير لبيع الملابس وسط ميدان التحرير بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن السيول أتت فجأة على محله التجاري وجرفت كل ما بداخله.
وأشار إلى أن كمية الأمطار المستمرة لساعات، أدت سيولها الجارفة إلى اجتياح عدد من المحال وجرف السيارات وتضرر كثير من المنازل في حي التحرير وأحياء بمناطق أخرى في صنعاء، إضافة إلى قطع عشرات الطرق والشوارع الرئيسية والفرعية في ظل عدم تحريك سلطة الانقلاب أي ساكن حيالها.
ويعتقد محسن، وهو اسم مستعار لصاحب متجر آخر في حي التحرير، وسط العاصمة صنعاء، أن قادة الميليشيات الحوثية في صنعاء يتحملون المسؤولية الكاملة حيال ما تعرضت له المتاجر من خسائر كبيرة بفعل كارثة السيول، متهما إياهم بالإهمال.
وتداول ناشطون ومغردون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد أظهرت معظم شوارع وأحياء المختطفة صنعاء، وهي غارقة بالسيول، بعد أن حاصرت المياه العديد من السكان في منازلهم، إضافة إلى تعرض بعض السيارات والمحال التجارية لأضرار بالغة.
مصادر محلية في صنعاء تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن نزوح العشرات من السكان من منازلهم ومحالهم التجارية في أحياء التحرير والسنينية والقاع والبليلي والبونية وسط العاصمة، خوفاً من انهيار منازلهم مع استمرار سقوط الأمطار وتدفق مزيد من السيول.
يأتي ذلك في وقت أشار فيه عاملون، فيما يسمى مصلحة الدفاع المدني الخاضعة للانقلاب بصنعاء، إلى أن عدم تحريك الميليشيات الحوثية أي ساكن للقيام بدورها في أثناء هطول الأمطار وقبل وصول السيول إلى الأحياء والشوارع المنكوبة ساهم بدرجة كبيرة في مضاعفة الأضرار التي تكبدها عشرات السكان في العاصمة.
وعلى الرغم من توقعات حديثة بهطول مزيد من الأمطار متفاوتة الشدة على العاصمة صنعاء والمدن اليمنية ذات المرتفعات الجبلية، ومعظمها تحت سلطة الانقلابيين، يتخوف اليمنيون من استمرار تهديد السيول، في ظل التدهور المستمر للبنية التحتية، ما يشكل خطراً على حياتهم ومنازلهم.
وتوقع مركز الأرصاد اليمني هطول مزيد من الأمطار المتفاوتة على عدة محافظات يمنية أغلبها تحت سيطرة الميليشيات، وقال إنه يتوقع هطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على أجزاء من محافظات ريمة، وحجة، وصنعاء، وعمران، وذمار، وإب، والبيضاء، والضالع، وتعز، ولحج، وأبين.
وكان باحثون يمنيون في صنعاء حذروا قبل أيام في بلاغات على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي من أن الأيام المقبلة ستشهد أجواء غائمة مصحوبة بهطول مزيد من الأمطار الغزيرة على عدة محافظات يمنية.

وقال الصندوق الأممي إن 37 في المائة من الأفراد المستهدفين بالمساعدة العينية في آلية الاستجابة السريعة خلال هذه الفترة كانوا من المتضررين من الفيضانات، لافتا إلى نشر فرق الطوارئ من قبل مجموعة آلية الاستجابة السريعة، لتقييم الأضرار التي لحقت بالمساكن والمخيمات في جميع المديريات الـ 62 المتضررة من الأمطار والفيضانات في 12 محافظة.

حادث مروري يودي بـ 11 يمنياً ويعيد التذكير بمأساة حصار تعز

يأمل سكان محافظة تعز اليمنية (جنوبي غرب) أن يشغل فك الحصار عن المحافظة جزءاً محورياً من ملف عملية السلام وإنهاء الحرب في البلاد، حيث لا تكاد تتوقف الحوادث المرورية المأساوية في الطريق إلى المحافظة ومنها، معيدة التذكير بالحصار الذي يفرضه الانقلابيون الحوثيون منذ ثماني سنوات، وهو ما بات ينظر إليه كأطول حصار في العصر الحديث.
فحينما كان اليمنيون يودعون شهر رمضان، ويستعدون لاستقبال عيد الفطر؛ وقع حادث مروري مأساوي في طريق «هيجة العبد» مودياً بحياة 11 شخصاً، وإصابة 3 آخرين، كانوا في طريقهم لقضاء أيام العيد رفقة عائلاتهم، وتسبب هذا الحادث بتوقف الحركة في الطريق المزدحمة بالسيارات والشاحنات لوقت طويل.
قبل هذا الحادث بأسبوع؛ أغلقت الطريق لساعات طويلة إثر انقلاب شاحنة نقل بضائع، ورغم نجاة سائق الشاحنة؛ فإن الشاحنة والبضائع التي كانت على متنها تعرضت لأضرار كبيرة.
و«هيجة العبد» طريق فرعية تربط محافظة تعز بمحافظتي لحج وعدن جنوباً، وسابقاً كان يستخدمها أهالي الأرياف الجنوبية في المحافظة، قبل أن يضطر أهالي غالبية مناطق محافظة تعز، الذين يزيد تعدادهم على 4 ملايين نسمة، لاستخدامها بسبب الحصار الذي فرضته الميليشيات الحوثية منذ 2015، ما تسبب في ازدحامها وتهالكها بشكل متواصل.
وأصبحت حوادث انقلاب السيارات والشاحنات أمراً معتاداً لأهالي المنطقة وسالكي هذه الطريق، ففي الأشهر الماضية من العام الجاري وقع أكثر من 15 حادث انقلاب، توفي فيها شخص واحد وأصيب أكثر من 7 آخرين، إلا أن حادث اليوم الأخير من شهر رمضان كان أكثر مأساوية بسبب عدد الضحايا.
ولا توجد إحصائيات رسمية عن الحوادث والضحايا في طريق هيجة العبد؛ غير أن منظمة محلية ذكرت منتصف العام الماضي أنه وخلال الفترة من 2017 وحتى 2021؛ توفي وأصيب أكثر من 180 شخصاً في حوادث سير في الطريق الوعرة التي تتعرض للخراب والإغلاق باستمرار بسبب الأمطار.
ورغم أن الطريق تتلقى أعمال صيانة بين الحين والآخر؛ فإن ذلك لا يكفي لتأهيلها لاستيعاب حركة التنقل بين محافظة تعز والمحافظات المجاورة، نظراً لوقوع الطريق في منحدر جبلي شاهق، وهو ما يتطلب، حسب خبراء، أعمال توسعة وإعادة تصميم، وبناء مرافق وقائية من تأثير السيول والأمطار؛ ما يستدعي توافر إمكانات وأموال كبيرة.
وأعاد عدد من الصحافيين اليمنيين طرح قضية الحصار الذي تتعرض له المدينة وأريافها منذ ثماني سنوات إلى النقاش في إطار ما يجري التحضير له من عملية سياسية تهدف إلى إحلال السلام في اليمن، حيث عقدت ندوة حول استحقاقات حضور وغياب تعز في استحقاقات المعركة والمفاوضات.
وفسر الصحافي وسام السامعي، حصار تعز برغبة ميليشيات الحوثي في منع التواصل مع العاصمة صنعاء، ونقل التأثير إليها، نظراً لما يمثله هذا التأثير من عامل قوة في كسر هيمنة وسطوة الميليشيات، مذكراً بما جرى في ستينات القرن الماضي خلال «ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، ما يجعل حصار تعز بالنسبة لجماعة الحوثي أمراً بالغ الضرورة.
وحسب السامعي؛ فإن ميليشيات الحوثي تسعى إلى عزل تعز عن مدينة عدن جنوباً، لأنها كانت الرئة التي تتنفس منها تعز خلال عهد الأئمة قبل الثورة، وحاضنة للحركة الوطنية، ويرى أن الميليشيات لن ترفع الحصار عن تعز إلا إذا ضمنت أنها ستحكم قبضتها على اليمن بشكل كامل.
من جانبه دعا الصحافي أحمد شوقي أحمد، زملاءه إلى الإيمان الحقيقي بقضية تعز والانتصار لها وتجاوز الانتماءات الحزبية والفئوية والمناطقية، نظراً لكونهم الفئة الفاعلة في القضية الوطنية وما يتعلق بدور تعز في المعركة الراهنة، خصوصاً أن جميع الأشكال المدنية مثل الأحزاب والنقابات والمنظمات والجمعيات جرى استهداف وجودها خلال الحرب.
وشدد على أهمية تمثيل تعز بشكل حقيقي في مكونات الجيش وأجهزة الدولة، طالما كانت حاملة للمشروع الوطني، ورافدة للخطاب السياسي المعتدل الذي يمثل مصالح جميع اليمنيين، مطالباً الصحافيين باستيعاب دورهم الطبيعي والمهني في هذه المرحلة الاستثنائية.
ووصف الصحافي نجم الشرعبي إشكالية مدينة تعز بالنموذج المصغر للإشكالية اليمنية، فهي مدينة مجزأة بوصفها مرآة لبلد مجزأ، نجحت في تمثيل اليمن لكنها عجزت عن تمثيل نفسها، منبهاً إلى أن المعادلة انقلبت من اشتراط تحرير تعز لتحرير اليمن؛ إلى أن أصبحت معالجة الأزمة اليمنية تبدو كأنها قائمة على حساب تعز.
فمن وجهة نظره؛ تمكنت تعز باكراً من استعادة مؤسسات الدولة؛ إلا أنها لم تجد تمثيلها لأسباب غير مفهومة وغير منطقية، مرجحاً أن تكون تعز قد مارست السياسة لوقت طويل خارج السلطة أو على الظل من السلطة، حيث احتفظ الحراك السياسي بوهجه وتنوعه؛ لكنه عجز عن تصدير خطاب سياسي يحترم المدينة وتضحياتها.

الصين تدعو الحوثيين للتخلي عن الخيار العسكري والعودة للحوار

ترى جمهورية الصين الشعبية أن الأزمة اليمنية تمر بمرحلة حساسة وهامة يكتنفها العديد من الفرص والتحديات في آنٍ واحد، داعية الأطراف اليمنية إلى انتهاز فرص تحقيق السلام في أقرب وقت ممكن.

ووفقاً لشاو تشنغ، القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن، فإن الفرص تتمثل في رغبة وتطلعات الشعب اليمني في السلام بعد ثماني سنوات من الحرب، وتحسن العلاقات بين السعودية وإيران، إلى جانب المفاوضات القائمة بين السعودية والحوثيين.

وبالنسبة للتحديات، أوضح تشنغ في حوار موسع مع «الشرق الأوسط»، أنه يأتي في مقدمتها الثقة المفقودة بين الأطراف اليمنية، كما أن عملية تحسن العلاقات بين دول المنطقة ما زالت في بدايتها، وأخيراً الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتردية والمتفاقمة في اليمن.

المسؤول الصيني أكد أن بلاده لديها رغبة قوية في المساهمة في تحقيق السلام باليمن عبر مختلف القنوات، مشيراً إلى أهمية الأجواء الإيجابية ورياح المصالحة التي شهدتها المنطقة العربية خلال الفترة الماضية.

وشدد القائم بالأعمال الصيني على تقدير بلاده للجهود السعودية والعمانية لتحقيق السلام في اليمن، مبيناً أن جهود المملكة تحديداً وتحسن علاقاتها بإيران من شأنه أن يخلق بيئة مناسبة لحل الملف اليمني، على حد تعبيره.

وفي الوقت الذي دعا فيه شاو الحوثيين للتخلي عن الخيار العسكري والعودة إلى طاولة المفاوضات، أكد دعم بلاده الثابت لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، ودعم سيادة اليمن ووحدته واستقراره وسلامة أراضيه.

كما تحدث تشنغ كذلك عن تاريخ التعاون بين الصين واليمن في مجال الاقتصاد والاستثمار الطويل، وما أسماه «البصمات الصينية» في اليمن، والعديد من الملفات الأخرى...

العلاقات الصينية اليمنية

يصف شاو العلاقات بين الصين واليمن بـ«التاريخية» والتي تعود إلى ما قبل آلاف السنين، وأضاف «منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين واليمن منذ 67 عاماً شهدت العلاقات تطورات في مختلف المجالات وأصبحت التبادلات أكبر بين الدولتين، وتوجد في اليمن الكثير من البصمات الصينية، وأشهرها الطريق والجسر الصيني (...)، لدينا علاقات طيبة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأثناء القمة الصينية - العربية التقى الرئيس الصيني نظيره اليمني، وأنا شخصياً أحتفظ بعلاقات طبية مع الرئيس العليمي والتقيت به مرات عدة، ويمكن القول إن العلاقات الصينية - اليمنية تشهد تطورات في كل المجالات بشكل كبير وصحي، ونشعر بالفخر لأن لدينا صديقاً وشريكاً كاليمن، ونتمنى أن يعود السلام والاستقرار في اليمن قريباً ليتيح البيئة المناسبة لدفع مزيد من التعاون بين البلدين».

الفرص والتحديات في اليمن

وأكد المسؤول الصيني أن بلاده تدعو منذ وقت مبكر إلى تحقيق السلام في اليمن وإيقاف الحرب المستمرة لأكثر من ثماني سنوات، مشدداً على دعم الصين مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية بشكل ثابت، ودعم سيادة اليمن ووحدته واستقراره وسلامة أراضيه.

وتابع «أعتقد حالياً أن اليمن يتمتع بالفرص ويواجه تحديات في الوقت نفسه، هناك ثلاث فرص أمامنا، الأولى بعد حرب استمرت ثماني سنوات أصبحت تطلعات الشعب اليمني للسلام أكبر فأكبر، ثانياً أصبحت العلاقات بين دول المنطقة أحسن فأحسن، حيث نجحت الصين في التوسط بين السعودية وإيران لإجراء مباحثات في بكين والتوصل لاتفاق لتطبيع العلاقات، ونأمل من قلوبنا أن يساعد تطبيع العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران على حل مزيد من القضايا والملفات في المنطقة، ومن ضمنها الملف اليمني وتأتي بمزيد من الاستقرار والأمان في المنطقة».

الفرصة الثالثة بحسب شاو هي «المفاوضات بين السعودية والحوثيين والتي حققت بعض النتائج في بعض المجالات، ونتمنى أن يأتي هذا التفاوض بمزيد من الفوائد والتقدم لكي يرسي أساساً متيناً للسلام في المستقبل».

أمام التحديات، وفقاً للنظرة الصينية، الثقة المفقودة بين الأطراف اليمنية بعد ثماني سنوات من الحرب، ويوضح: «ما زالت الثقة المتبادلة بين الأطراف المختلفة مفقودة وتحتاج إلى مزيد من الوقت لاستعادتها، ثانياً ما زالت عملية تحسن العلاقات بين دول المنطقة في بدايتها وما زالت هشة، وثالثاً ما زالت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في اليمن متفاقمة ولا يمكننا حلها بين ليلة وضحاها».

وأضاف «باختصار، اليمن حالياً في نقطة حساسة ومهمة تكتنفها الفرص والتحديات، وأتمنى للأطراف المختلفة انتهاز الفرص والتغلب على التحديات لخلق بيئة مناسبة لتحقيق السلام، ونتمنى أن نرى حل القضية اليمنية قريباً».

الجهود الصينية لحل النزاع اليمني

ولفت شاو تشنغ إلى أن الصين تعمل على تحقيق السلام في العالم عبر مبادرة الأمن العالمية التي طرحتها في السابق، مدللاً على أن نجاحها في التوسط بين السعودية وإيران لتطبيع العلاقات خير دليل على تنفيذ هذه المبادرة.

وبالنسبة لليمن، أوضح أن الصين تبذل جهوداً لحل هذا الملف، مبيناً أنها دعت الشهر الماضي المبعوث الأممي غروندبرغ إلى زيارة بكين وأجرت لقاءات معمقة معه.

وأضاف «كما نحضر اجتماعات مجلس الأمن حول اليمن ونعبّر عن موقفنا، وفي الأسبوع الماضي شاركت مرئياً في منتدى اليمن الدولي في دورته الثانية، وأكدت الموقف الصيني تجاه اليمن حول دعم المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية اليمنية ودعم كل جهود تحقيق السلام في اليمن، كما تحافظ الصين على التواصل المستمر مع السعودية وإيران لتنفيذ الاتفاق وتحرص على تقديم المنصة للدول المختلفة لحل النزاعات والخلافات، باختصار نحن نرغب في تقديم المساهمات لحل الملف اليمني وتحقيق السلام عبر القنوات المختلفة».

الجهود السعودية - العمانية

وأشار القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن، إلى أن بلاده تقدر الجهود السعودية - العمانية ودول المنطقة لتحقيق السلام في اليمن، وقال «نتمنى أن تتقدم العملية السلمية اليمنية إلى الأمام خطوة بخطوة، نقدّر بشكل خاص الجهود السعودية في هذا المجال خلال الفترة الماضية، ونأمل من المملكة مواصلة جهودها لتحسين العلاقات مع إيران؛ لأن هذا سيخلق البيئة المناسبة لحل الملف اليمني».

خديعة الحوثيين لشركة صينية

كما جدد شاو تشنغ التأكيد على أن الحكومة الصينية لا علاقة لها إطلاقاً بالشركة الصينية التي وقّعت مذكرة تفاهم مع الحوثيين ثم ألغتها بعد اكتشافها الخديعة، وقال «أريد أن أوضح في البداية أن هذه الشركة من القطاع الخاص وليس لديها أي علاقة بالحكومة الصينية، وتعرّضت هذه الشركة للخدعة من الوكيل غير الشرعي ووقّعت مذكرة تفاهم مع الحوثيين، وبعد ذلك أعلنت أن مذكرة التفاهم غير قانونية، كما أريد التأكيد على أن الصين تدعم مجلس القيادة الرئاسي بقيادة الدكتور رشاد العليمي، ودعم سيادة اليمن واستقراره ووحدة أراضيه».

وفي سؤاله عما إذا كان لدى الحكومة الصينية أي علاقة مع الحوثيين من أي نوع، أجاب شاو بتأكيده أن «الصين تدعم الحكومة الشرعية اليمنية، وتدعو الأطراف اليمنية المختلفة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن لانطلاق مفاوضات السلام».

وبيّن أنه «يحافظ على تواصل مستمر مع مجلس القيادة الرئاسي والرئيس العليمي»، داعياً «الحوثيين إلى التخلي عن الخيار العسكري والعودة إلى الطاولة».

مستقبل الاستثمارات الصينية في اليمن

وأوضح أن تاريخ التعاون بين الصين واليمن في مجال الاقتصاد والاستثمار طويل، قائلاً: إن من أهم المشاريع الصينية في اليمن طريق الحديدة - صنعاء الذي ساعدت الصين في بنائه، ولفت إلى «فقد أكثر من 100 مهندس وطبيب صيني حياتهم أثناء شق هذه الطريق ودُفنوا في مقبرة الشهداء الصينيين في صنعاء».

وأضاف «قبل بضعة أشهر زرت المكلا وشاهدت جسر الصداقة الصيني الذي يربط الجانب الشرقي بالغربي للمدينة، أعتقد أنه يرمز لصداقة بين الشعبين الصيني واليمني، كذلك قدمت الصين الكثير من المساعدات الطبية لليمن وساعدت على بناء المستشفيات والعيادات، وأرسلت نحو 3500 طبيب لليمن قدموا دعماً في عمليات الولادة والعمليات الجراحية».

100 مشروع صيني عملاق في اليمن

وبحسب القائم بأعمال السفارة الصينية، بلغ عدد المشاريع الصينية العملاقة في اليمن قبل حرب 2015 نحو 100 مشروع، لافتاً إلى أن هذه الشركات اضطرت إلى الانسحاب بعد الحرب. وكشف عن أن الشركات الصينية لديها رغبة في المشاركة في إعادة إعمار اليمن.

وتابع «حالياً يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 3 مليارات دولار، في حين يبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية أكثر من 400 مليار دولار، هناك العسل اليمني بين الأفضل في العالم، وهناك قهوة المخا أيضاً بين الأفضل في العالم، إلى جانب الاستكوزا اليمنية المميزة، وهنا ندعو اليمن للمشاركة في معرض الصين الدولي للاستيراد الذي سيعقد في شنغهاي نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وفي الوقت نفسه تعلن الصين مبادرات مهمة عدة، مثل مبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية، نأمل أن يشارك اليمن في هذه المبادرات، حالياً يوجد نحو 30 ألف يمني في الصين معظمهم من التجار يشكلون جسراً يربط الصين باليمن، كما نريد أن نرى مزيداً من البصمات الصينية في الأراضي اليمنية».

شاو تشنغ القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير: سعد العنزي)

وتعهد المسؤول الصيني بتقدم «مزيد من التسهيلات والدعم للسفر إلى الصين وجذب مزيد من التجار العرب واليمنيين للاستثمار في الصين». قائلاً «نسمع أن أكثر من 70 - 80 في المائة من البضائع في اليمن صينية، ونرغب في المساعدة والدعم للتنمية الاقتصادية في اليمن».

رؤية الصين للقضية الجنوبية

وحول رؤية بلاده للقضية الجنوبية، أجاب القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن بقوله «نحن دائماً ندعم سيادة اليمن ووحدته واستقرار وسلامة أراضيه، ودائماً ندعم مجلس القيادة الرئاسية بقيادة الدكتور رشاد العليمي، وندعو الأطراف اليمنية المختلفة إلى الحفاظ على الوحدة لتقديم المساهمة المشتركة لتحقيق السلام في اليمن، ثماني سنوات من الحرب طويلة سواء بالنسبة للأشخاص أو بالنسبة للبلد، ونتمنى من الأطراف المختلفة أن تسمع أصوات الشعب اليمني الحقيقية لتحقيق السلام».

عشق المندي والاستكوزا

على الجانب الشخصي، يحب شاو تشنغ القراءة كثيراً، مبيناً أنه يقرأ حالياً كتاب الرئيس الصيني شي جينبينغ حول الحكم والإدارة والذي يحمل مفاهيم مهمة عدة حول مجتمع البشرية للمستقبل المشترك والترابط والحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة.

كما يحب الأكلات اليمنية، وفي مقدمتها «المندي»، على حد قوله، وأضاف (ضاحكاً) بقوله «أثناء زيارتي للمكلا أعجبت بالمأكولات البحرية خاصة الاستكوزا، كما أهدوني العسل اليمني وأستخدمه في الرياض لإعداد الكيك».

اليمن يدعو إلى موقف دولي حازم في مواجهة مراكز التطييف الحوثية

أثار «فيديو» مسرب من أحد المراكز الصيفية التي ينظمها الانقلابيون الحوثيون ردة فعل حكومية يمنية تطالب المجتمع الدولي بموقف حاسم إزاء تحويل الأطفال إلى مقاتلين، في وقت يتواصل فيه التصعيد الحوثي لتجنيد صغار السن في هذه المراكز وإلحاقهم بجبهات القتال.

تزامن ذلك مع صدور تقرير حقوقي كشف عن مضامين المقررات الفكرية التي تلقنها الجماعة الانقلابية للطلبة في ما تسميه المراكز الصيفية، حيث باتت هذه المراكز معسكرات للاستقطاب والتطييف.

وذكر وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المشاهد المُسربة من معسكرات تدريب الأطفال التي أنشأها الانقلابيون الحوثيون، تحت غطاء المراكز الصيفية، تعيد التذكير بإحدى أكبر عمليات تجنيد الأطفال في تاريخ البشرية، حيث مئات الآلاف من الأطفال في مناطق سيطرة الانقلابيين باتوا ضحايا لمعامل تفخيخ العقول وغسل الأدمغة بالأفكار المتطرفة.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) عن الإرياني استغرابه من الصمت الدولي إزاء عمليات التجنيد المفتوحة للأطفال التي ينفذها الانقلابيون الحوثيون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والتي تتعارض مع دعوات وجهود التهدئة وإنهاء الحرب، وتكشف الموقف الحقيقي من السلام، ومحاولات الجماعة خلق جيل من الإرهابيين يشكلون قنبلة موقوتة تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

سلوك مقصود

وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، أحمد عرمان وصف - من جهته - انتهاك حقوق الطفولة من طرف ميليشيات الحوثي بالسلوك المقصود في صميم رؤيتها وأساليبها التي لا تكتفي بالانتهاك الوحشي لحقوق الأطفال؛ وقال إنها إحدى أدواتها ووسائلها في شل المجتمع والسيطرة عليه وتعطيل قواه الذاتية وإضعاف العائلة والتحكم بها.

ونفى عرمان في خطابه خلال المؤتمر الدولي حول حماية الأطفال في النزاعات المسلحة في العاصمة النرويجية أوسلو الأسبوع الماضي أن يكون سلوك الميليشيات الحوثية تجاه الأطفال «مجرد خطيئة مرتجلة»، مؤكدا استمرار انتهاكات الجماعة بحق الطفولة بشكل صارخ ومتزايد دون استجابة للجهود والمواقف الدولية التي أولت هذا الملف في اليمن اهتماماً بالغا.

حقائق

700 ألف طفل

يجري تلقينهم أفكاراً إرهابية متطرفة في المراكز الصيفية الحوثية

 وأشار الوزير اليمني إلى أن الميليشيات الحوثية تعمل، إلى جانب إرسال الآلاف من الأطفال إلى ساحات القتال والأعمال العسكرية؛ على فتح مراكز تجنيد وتعبئة جهادية متطرفة تحت اسم «المراكز الصيفية» لأكثر من 700 ألف طفل لتلقينهم أفكاراً إرهابية متطرفة، مع تغيير المناهج الدراسية في مناطق سيطرتها وإشباعها بالأفكار المتطرفة والعنصرية ولغة الكراهية وتقديس العنف.

وأكد عرمان أن هذا السلوك هو سمة أصيلة في كل الحركات الإرهابية ذات الطابع العنصري، يضاف إليها في الحالة الحوثية «رؤية شمولية متخلفة لم تغادر عصور الظلام، وترى في الحضارة والمواثيق الإنسانية تهديداً لوجودها»، مجددا المطالبة بتصنيفها جماعة إرهابية كمدخل أساسي لاتخاذ خطوات وإجراءات رادعة.

وشدد الوزير اليمني على ضرورة حماية الأطفال من أي نشاط يؤدي إلى إشراكهم في النزاعات المسلحة، والتزام الحكومة بالخطة المشتركة بينها والأمم لمنع تجنيد الأطفال.

مضامين طائفية

مع تصاعد الدعوات المستنجدة من خطر أعمال التطييف الحوثي، كشف المركز الأميركي للعدالة عن محتوى سبعة كتب يجري تدريسها للأطفال في المراكز الصيفية، وتتكون من أكثر من 270 صفحة، من تأليف ثلاثة من عائلة الحوثي هم بدر الدين الحوثي، ومحمد بدر الدين الحوثي، إلى جانب تضمين ملازم حسين بدر الدين الحوثي فيها.

وأوضح المركز في تقرير حديث له حول المراكز الصيفية أن هذه المقررات تخضع لتعديلات وإضافات سنوية، ويجري تقسيم الملتحقين بالمراكز بحسب الفئات العمرية إلى ثلاثة مستويات الأول، المتوسط، والعالي، وتتكون مقررات المرحلة الأولى من مستويين: التأهيلي الأول، لطلاب الصفوف الأول والثاني والثالث من التعليم الابتدائي، والأساسي لطلاب الصفوف الرابع والخامس والسادس من مراحل التعليم الابتدائي.

وطبقاً للمركز الذي يعمل من الأراضي الأميركية؛ تهدف محتويات المقررات إلى إبراز تعاليم عقيدة ميليشيات الحوثي بوصفها العقيدة الصحيحة وما دونها باطل ومحرف، وتعزيز ذلك من خلال دروس كتابة وقراءة مفردات ومقولات تتضمن مصطلحات ودلالات طائفية.

وتحتوي المقررات على دروس قراءة وكتابة لشعارات ميليشيات الحوثي الطائفية ومواقفها من الجماعات الأخرى، وأنشطتها الدعائية، والتحريض على العنف والقتل.

وبحسب التقرير؛ فإن المراكز الصيفية التي تنظمها ميليشيات الحوثي تنقسم إلى نوعين؛ المفتوحة، وهي الغالبية العظمى ويتم فيها الاهتمام بالثقافة الجهادية التعبوية، والمشاركة في فعاليات ومناسبات جماعة الحوثي مثل زيارة مقابر قتلاها التي تسميها «روضات الشهداء»، والمراكز المغلقة وهي أشبه بمعسكرات التجنيد، ويتم فيها تهيئة الملتحقين بها بالتدريب على استخدام الأسلحة والأساليب القتالية، وتنفيذ الحملات عبر الإنترنت، ومشاهدة فيديوهات تحريضية ضد المناوئين لجماعة الحوثي.

وتواصل ميليشيات الحوثي تنظيم المراكز الصيفية بوتيرة عالية، حيث تتحدث وسائل إعلامها بشكل يومي عن زيارات تفقدية يجريها قادة الميليشيات لمتابعة أنشطة هذه المراكز والحث على المشاركة فيها وتجويد مخرجاتها، إلى جانب ما تتضمنه خطابات زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي حولها من اهتمام وتحفيز.

ومنذ أيام اعترفت الميليشيات الحوثية على لسان مهدي المشاط رئيس ما يعرف بـ"المجلس السياسي الأعلى" (مجلس الحكم الانقلابي) باستخدام المراكز الصيفية لتعبئة الأطفال طائفيا واستغلالهم لصالح مشروعها، حيث نقلت وسائل إعلام الميليشيات عنه دعوته للاهتمام بالمراكز الصيفية، من أجل بناء قوة صلبة في مواجهة الخصوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

خريج دورة حوثية يقتل والده بمطرقة... وآخر يردي أمه بفأس

في أجواء مطيرة بأحد أحياء مدينة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) اختار المعلم جمال الحداد أن يؤدي صلاة الفجر في منزله بدلاً من المسجد، لكن الرجل لم يدرك أن تلك ستكون آخر صلاة يؤديها، حيث ترصد له نجله خريج الدورات الطائفية للحوثيين إلى أن عاد لنومه وقام بتهشيم رأسه بواسطة مطرقة، ثم عاد الجاني إلى غرفته ليواصل نومه.
ويقول جيران الأسرة إن الضحية أدى صلاة الفجر مع نجله سليمان وعاد إلى غرفة الجلوس في المنزل لمواصلة نومه، إلا أن نجله ترصد به حتى غاص في النوم وقام بإحضار مطرقة وقام بتهشيم رأس والده حتى فارق الحياة، وقام بعد ذلك بتغطية الجثة وعاد إلى غرفته كي يواصل نومه، حيث لم تكتشف العائلة الجريمة إلا بعد شروق الشمس حين ذهبت زوجة الضحية لإيقاظه لتناول وجبة الفطور، حيث صعقت عندما أزاحت الغطاء عن وجهه فوجدت رأسه مهشماً فأغمي عليها.
ووفق هذه الرواية، فإن الجريمة وقعت في حي الوازعية، وتتحدر الأسرة من مديرية بعدان، وأن الجاني في العشرينات من العمر وحاصل على شهادة جامعية في الشريعة والقانون من جامعة الحديدة، حيث يدرس المذهب الصوفي.
وتقول المصادر إن القاتل كان حسن السيرة والسلوك، إلى أن قام أحد أقاربه وهو قيادي محلي في جماعة الحوثي، بإلحاقه بالدورات الطائفية التي تسمى «الدورات الثقافية» قبل إرساله إلى الجبهات للمشاركة في القتال، وأنه بعدها بفترة عاد الشاب إلى أسرته، يعاني من اضطرابات نفسية، وأصبح سلوكه أكثر عدوانية تجاه أسرته إلى حين ارتكاب الجريمة التي هزت المدينة.
وأعاد سكان في المدينة التحذير من خطورة التعبئة الطائفية المتطرفة التي يتعرض لها الأطفال في المراكز الصيفية للحوثيين، وأكدوا أنها سوف تنتج جيلاً معاقاً فكرياً ومضطرباً نفسياً، وأن نتائج تلك التعبئة، وما تسمى الدورات الثقافية أصبحت واضحة للعيان، حيث انتشرت في المحافظة (إب) ظاهرة قتل الآباء والأمهات، وأغلب مرتكبيها من خريجي هذه المراكز أو الدورات.
الحادثة وقعت بعد يوم فقط من قيام شاب يدعى وضاح الجرافي بقتل والدته بواسطة فأس، في مديرية حزم العدين غرب محافظة إب، في جريمة لم يسبق للمديرية أن عرفتها من قبل.
وذكر سكان في المديرية أن القاتل، وهو أحد عناصر الحوثيين، أقدم على ضرب رأس والدته بفأس حتى فارقت الحياة، في قرية «الصفا» التابعة لعزلة «بني زهير»، وأن الشرطة وتحت ضغوط السكان ألقت القبض على الجاني، ولم تعرف دوافعه ولم تصدر سلطة الحوثيين أي توضيح.
وسبق هذه الجريمة بيومين إقدام شاب آخر على قتل 5 أشخاص من أسرته، في عزلة «حُقين» التابعة أيضاً لمديرية حزم العدين، حيث انتشرت جرائم القتل والسطو بصورة غير مسبوقة في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كما شهدت جرائم عنف أسرية غير مسبوقة، راح ضحيتها آباء وأمهات وأشقاء وأقارب.
وأعادت مصادر محلية أسباب انتشار هذه الجرائم إلى ثقافة العنف التي ينشرها الحوثيون، إلى جانب انتشار وتعاطي المخدرات، مضافاً إليها حالة الإحباط التي يعيشها السكان بسبب الفقر والبطالة، وقطع الحوثيين لرواتب الموظفين منذ 7 أعوام واستئثارهم بعائدات الدولة.

تحذيرات يمنية من انتهاكات ضد الأطفال في مراكز الحوثيين الصيفية

في الوقت الذي دشن فيه الانقلابيون الحوثيون المراكز والدورات الصيفية للعام الحالي تحت شعار «علم وجهاد»؛ حذرت منظمة حقوقية يمنية من خطورة هذه المراكز على سلامة الأطفال، ودعت أولياء الأمور إلى الحفاظ على أبنائهم، وعدم إلحاقهم بتلك المراكز.
وقالت منظمة «ميون لحقوق الإنسان» في بيان لها عقب تدشين الانقلابيين الحوثيين المراكز والدورات الصيفية، إنها وثقت خلال العام الماضي وقوع عمليات تجنيد ممنهجة للأطفال وأنشطة شبه عسكرية وأخرى طائفية؛ إلى جانب توثيق تعرض عدد منهم لاعتداءات جسدية وجنسية، مطالبة الآباء بعدم تسليم أطفالهم فريسة للانتهاكات، لا سيما في المراكز المغلقة.
وفي غضون ذلك، أصدر الانقلابيون الحوثيون توجيهات لمديري المدارس بمفاوضة الطلاب الراسبين وأهاليهم على تعديل نتائجهم، ونقلهم إلى المراحل الدراسية التالية؛ مقابل الالتحاق بالمراكز الصيفية.
وتحدثت مصادر تربوية في محافظات صنعاء وذمار وإب الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين عن توجيهات أصدرتها مكاتب التربية والتعليم إلى مديري المدارس الحكومية بتسهيل التحاق الطلاب بالمراكز الصيفية بمختلف الوسائل، ومن ذلك مخاطبة أولياء أمور الطلاب الراسبين، وإقناعهم بإلحاق أبنائهم بالمراكز مقابل تعديل نتائجهم، واشتراط الحصول على هذه النتائج مباشرة بعد انضمام الطلاب إلى المراكز.
وفي فعالية تدشين المراكز الصيفية في العاصمة صنعاء، أعلن القيادي الحوثي عبد الله الرازحي رئيس لجنة الأنشطة والدورات الصيفية؛ توقع ارتفاع عدد الطلاب الملتحقين بالدورات الصيفية لهذا العام إلى مليون و500 ألف طالب وطالبة، تستوعبهم ما يقارب تسعة آلاف و100 مدرسة مفتوحة ونموذجية ومغلقة، ويعمل فيها 20 ألف عامل ومدير ومدرس.
وكانت الميليشيات الحوثية قد أعلنت العام الماضي عن وصول عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز الصيفية إلى ما يقارب ثلاثة أرباع مليون طالب وطالبة، في 9016 مدرسة، وبلغ عدد العاملين فيها أكثر من 42 ألف عامل وعاملة، وجرى فيها تنفيذ مليون وربع المليون نشاط، ضمن أكثر من 8800 نشاط، بينها 185 دورة مغلقة.
وتحظى المراكز الصيفية باهتمام من أعلى هرم الميليشيات الحوثية، ومع كل موسم لهذه المراكز تنشر وسائل الإعلام الحوثية أخباراً عن اهتمام عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيا بالمراكز الصيفية، ومتابعة سير الأنشطة فيها، وإصدار التوجيهات بتكثيفها، وإلقاء خطابات موجهة للمشاركين فيها لتحفيزهم على التفاعل مع ما يقدم لهم فيها من دروس وتعاليم.
وفي خطاباته، يرى الحوثي أن تنظيم هذه المراكز تحصين للطلاب ضد ما يصفها بـ«الحملات الدعائية والتضليلية بالوعي والنور والبصيرة والفهم والمعرفة الصحيحة»، ليكونوا بذلك عرضة للتضليل الحوثي، وفريسة سهلة ولقمة سائغة للجماعة بوسائلها المخادعة التي تستهدف الناشئة سواء في العناوين السياسية أو العقائدية أو أي عناوين أخرى.
يوضح ناشط حقوقي في العاصمة صنعاء أن الميليشيات الحوثية التي تدير قطاع التعليم شكلت خلال العام الماضي لجنة متخصصة إشرافية وتنفيذية في وزارة التربية والتعليم، تتفرع منها لجان في المحافظات لحشد الأطفال للمشاركة في المراكز الصيفية، وأن من مهام هذه اللجنة التواصل مع مسؤولي الأحياء وخطباء وأئمة المساجد وأعيان القرى لحشد الطلبة، وتقييم أدائهم في عمليات الحشد.
ونبه الناشط الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته؛ نظراً لإقامته في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، أن الميليشيات تعترف ضمناً وصراحة بأن ما يجري تقديمه في المراكز الصيفية ليس دروساً ومعارف تعليمية كما هو مفترض، بل إن المناهج التي يجري تقديمها تحتوي على تعبئة جهادية، بينما يجري تنظيم أنشطة طائفية خطرة.
ففي الأنشطة تجري زيارة مقابر القتلى الحوثيين في المعارك، وترديد شعار الميليشيات المتمثل بالصرخة الخمينية، والمشاركة في المناسبات التي تتزامن مع تنظيم المراكز الصيفية، كما يجري استعراض أفلام حول البطولات المزعومة للقتلى الحوثيين، وأخرى لمقاتلي «الحرس الثوري» الإيراني، و«حزب الله» اللبناني.
ويتابع: «أما ما هو أخطر من كل هذا فيحدث في المراكز المغلقة، وأعدادها قليلة مقارنة بعدد المراكز الصيفية الذي يزداد كل عام؛ إلا أن ما يجري في هذه المراكز يجعلها أكثر خطورة من بقية المراكز المفتوحة؛ خصوصاً أنه يجري انتقاء المشاركين فيها بعناية بعد اكتشاف ميولهم أو تأهيلهم ليكونوا ضمن من يحظون بالمشاركة فيها».
ووفق حديث الناشط اليمني، فإن هذه المراكز المغلقة ما هي إلا معسكرات تجنيد يجري فيها تدريب الأطفال على القتال، واستخدام السلاح، وزراعة الألغام والمفخخات وتفكيكها، ويوضح أكثر: «إذا كانت المراكز المفتوحة تستهدف غسل أدمغة الأطفال، وتجنيد من يصلح منهم فإن المراكز المغلقة تعمل على إعداد من لديه استعداد ليكون ضمن نخبة الميليشيات في المستقبل».
وتنظم الميليشيات الحوثية خلال هذه الفترة فعاليات تعريفية وترويجية للمراكز الصيفية، كما تستغل احتفالها بذكرى مقتل مؤسسها حسين الحوثي، وفق التقويم الهجري، والتي تنظمها هذه الأيام؛ للترويج للمراكز الصيفية، وحث العائلات على الدفع بأبنائها إلى هذه المراكز خلال الأسابيع المقبلة.
ويركز قادة الميليشيات الحوثية في خطاباتهم خلال هذه الفعاليات على المراكز الصيفية على أساس أن حسين الحوثي مؤسس الميليشيات كان أول من أنشأها، واستخدمها لاستقطاب عناصر ومقاتلي الميليشيات، ويدعون في تلك الخطابات إلى دعم المراكز الصيفية، والمشاركة فيها.
وتشارك ما تُعرف باللجنة المركزية للتعبئة والتحشيد في هذه الفعاليات التي يجري تنظيمها برعاية قادة الميليشيات الذين ينتحلون صفات محافظي المحافظات وقيادات قطاع التربية والتعليم، وتوزع خلال الفعاليات وثائق وخطابات تتحدث عن أهمية المراكز الصيفية، وتحث على المشاركة فيها.

السفير البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مستعدون لدعم السلام اليمني عبر مجلس الأمن

قال ريتشارد أوبنهايم، السفير البريطاني لدى اليمن، إن بلاده مستعدة للعب دورها في مجلس الأمن الدولي لإضفاء الشرعية على أي قرار جديد للمصادقة على أي تسوية سياسية شاملة تتوصل إليها الأطراف اليمنية.وكشف أوبنهايم في حوار موسع مع «الشرق الأوسط»، أن لدى مجلس الأمن الدولي مجموعة من الخطوات يمكن الاتفاق عليها لدعم جهود السلام في اليمن، من أبرزها موافقة مجلس الأمن على رفع العقوبات، على حد تعبيره.وتعد المملكة المتحدة إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وتقود عملية التفاوض وصياغة القرارات بصفتها حاملة القلم للملف اليمني.وترى بريطانيا – وفقاً لأوبنهايم – أن أي صفقة ناجحة في اليمن يجب أن تحتوي على اتفاق اقتصادي لتسوية الموارد اليمنية المبعثرة التي يمكن تقاسمها، إلى جانب معالجة القضايا السياسية طويلة الأمد، مثل مستقبل الجنوب كجزء من أي تسوية سياسية قادمة.تحدث السفير البريطاني أيضاً عن جهود المبعوث الأممي، والاتفاق السعودي – الإيراني وتأثيره على الملف اليمني، وغيرها من الملفات المهمة.

سلام مستدام

أكد السفير أوبنهايم أن الجهود الأخيرة التي شهدها الملف اليمني تعتبر خطوات مهمة نحو السلام، مبيناً أن «المملكة المتحدة ممتنة للغاية للمشاركة المستمرة من قبل شركائنا السعوديين وللتسهيلات التي يقدمها أصدقاؤنا العمانيون، وفي كلتا الحالتين هذه دعم لجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة».وكان السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر قال نهاية الأسبوع الماضي، إن «أطراف الحرب في اليمن جدّيون بشأن إنهاء الحرب المدمرة التي اندلعت قبل ثماني سنوات، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة».وزار وفد سعودي برئاسة آل جابر منتصف أبريل (نيسان) الماضي، العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ناقش خلالها أربعة محاور تمثلت في الوضع الإنساني، وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن.وأعطت التطورات الإيجابية الأخيرة في الملف اليمني، ووضع اللمسات الأخيرة على خطة سلام شاملة تقضي بوقف دائم لإطلاق النار، وفتح المنافذ البرية والجوية والبحرية كافة، وإصلاحات اقتصادية جوهرية، جرعة أمل كبيرة لدى معظم اليمنيين.

السفير البريطاني لدى اليمن ريتشارد اوبنهايم (تصوير: مشعل القدير)

وكان المبعوث الأممي لليمن، هانس غروندبرغ، شدد على «أهمية الحفاظ على الزخم الراهن والبناء على التقدم الذي أحرزته الأطراف حتى الآن»، مبيناً أنَّ «ذلك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحوار وتوافر الإرادة السياسية وتقديم التنازلات من الجانبين».وشدد السفير البريطاني على أن المهم هو التأكد من أن أي شيء تتم مناقشته خلال هذه المرحلة يكون مستداماً، وقال: «نحن واضحون أن هذا يجب أن يتم من خلال حوار يمني - يمني برعاية الأمم المتحدة، ومن الضروري أن يواصل الطرفان مشاركتهما مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة».

اتفاق اقتصادي لصفقة ناجحة

يعتقد سفير المملكة المتحدة أن الفترة الحالية تعد أفضل فرصة للسلام منذ بدء الصراع الحالي في اليمن، لافتاً إلى العديد من الجهود السابقة في هذا الإطار، وأضاف: «يجب علينا أن نتطلع للبناء على هذه الجهود، في جوهرها، فإن أي صفقة ناجحة في اليمن يجب أن تحتوي على اتفاق اقتصادي لتسوية الموارد اليمنية المبعثرة التي يمكن تقاسمها».وتابع: «ليس من قبيل المصادفة أن القضايا الاقتصادية هي محور المناقشات بين السعوديين والحوثيين، وتشمل المبادئ المهمة الأخرى كاحترام وإدماج جميع اليمنيين، بما في ذلك النساء والأقليات، واحترام سيادة اليمن والقانون، وسيكون من المهم أيضاً معالجة القضايا السياسية طويلة الأمد، مثل مستقبل الجنوب كجزء من أي تسوية سياسية».

وكان مصدر يمني مطّلع كشف لـ«الشرق الأوسط» في أبريل الماضي عن مسودة سلام شاملة للأزمة يتم وضع اللمسات الأخيرة لها برعاية أممية، تنقسم إلى مراحل عدة، وفي مقدمتها وقف شامل لإطلاق النار في البلاد، وفتح المنافذ البرية والجوية والبحرية جميعها، ودمج البنك المركزي، واستكمال تبادل الأسرى والمعتقلين (الكل مقابل الكل).وتشمل الخطة كذلك فتح المنافذ جميعها ورفع القيود على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وتعود للعمل بشكل طبيعي سواء في مناطق الحوثي أو الشرعية، إلى جانب عملية إصلاح اقتصادية شاملة بدعم سعودي.

مليار جنيه مساعدات إنسانية

أوضح أوبنهايم أن المملكة المتحدة تلعب دوراً مهماً في اليمن؛ إذ قدمت أكثر من مليار جنيه إسترليني كمساعدات إنسانية منذ بدء الصراع. وقال: «سنساعد هذه السنة المالية في إطعام أكثر من 100.000 شخص شهرياً، وتوفير الرعاية الصحية المنقذة للحياة وخدمات التغذية من خلال 400 مرفق رعاية صحية، وعلاج 22000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد هذا العام، وتفخر المملكة المتحدة بتمويل (HALO Trust) لمعالجة القضية المهمة المتعلقة بإزالة الألغام، كما نقود الجهود لتجنب التهديد الذي تشكله ناقلة النفط (صافر) من خلال التعهد بمبلغ 8 ملايين جنيه إسترليني».

مراقبة السلوك الإيراني

أفاد السفير البريطاني لدى اليمن بأن بلاده ترحب بالاتفاق السعودي – الإيراني وكل ما من شأنه تهدئة التوتر في المنطقة، إلا أن السفير تحدث عن أهمية معرفة ما إذا كان هنالك تغيير حقيقي في الإجراءات الإيرانية.

وأضاف: «هناك عدة أطراف للصراع في اليمن، وتعتبر الديناميكيات الإقليمية جانباً مهماً، لقد كنا واضحين في الماضي بشأن الدور المزعزع للاستقرار الذي لعبته إيران من خلال توفير الأسلحة والدعم للحوثيين، مما أدى إلى هجمات ضد السعودية والإمارات، ونرحب بالاتفاق إذا أدى إلى تهدئة التوتر، لكن من المهم معرفة ما إذا كان هناك أي تغيير حقيقي في الإجراءات الإيرانية».وكرر الترحيب بالجهود السعودية لدفع آفاق السلام بين اليمنيين، بما في ذلك زيارات السفير محمد آل جابر سفير السعودية لدى اليمن، معبراً في الوقت نفسه عن تقديره الكبير للعمانيين على جهودهم أيضاً.

السفير البريطاني في مكتب الشرق الأوسط بالرياض مع الزميل عبدالهادي حبتور (الشرق الأوسط)

وكانت الولايات المتحدة الأميركية عبرت عن مخاوفها من الدور الإيراني في اليمن، والتزامها بالاتفاق الذي وقعته مع السعودية في مارس (آذار) الماضي برعاية الصين. وأكد تيم ليندركينغ المبعوث الأميركي لليمن، قبل يومين، أن «إيران ما زالت تهرب الأسلحة والمخدرات لمنطقة النزاع، ونحن قلقون من ذلك، أعتقد أن الوقت سيخبرنا إن كانوا سيلتزمون بتعهداتهم، والكف عن تهريب الأسلحة والخبراء لليمن (...)، ونأمل أن تغير إيران سلوكها».

تأييد المجلس الرئاسي

أكد السفير البريطاني لدى اليمن أن مجلس القيادة الرئاسي كان واضحاً في أن قضية الجنوب تحتاج إلى معالجة كجزء من مناقشات التسوية السياسية، مبيناً أن مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك المملكة المتحدة، يؤيدون هذا الرأي.وأضاف: «كيفية تحقيق ذلك أمر متروك للأطراف اليمنية لاتخاذ القرار، نعتقد أن توقيت النقاش حول المسألة الجنوبية يجب ألا يقوض عملية السلام الأوسع، أو يعرض الاستقرار في المناطق الجنوبية للخطر. إن وحدة مجلس القيادة الرئاسي أمر مهم بالنسبة لإمكانية نجاح عملية السلام».وكان مجلس القيادة الرئاسي قد أوكل إلى أعضائه الجنوبيين؛ الزبيدي والبحسني والعليمي وأبو زرعة، وضع ورقة تصوُّر حول القضية الجنوبية لمناقشتها ضمن الملفات الرئيسية.

قرار جديد ورفع العقوبات

أبدى ريتشارد أوبنهايم استعداد بلاده بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي والدولة حاملة القلم بالنسبة للملف اليمني، لدعم جهود السلام في اليمن، بما في ذلك أي تسوية سياسية شاملة عبر إصدار قرار جديد، وحتى رفع العقوبات ضمن مجموعة من الخطوات التي يمكن الاتفاق عليها.وقال: «كما قلت مراراً وتكراراً في الماضي، سيحتاج مجلس الأمن إلى إصدار قرار جديد من أجل المصادقة على أي تسوية سياسية من قبل جميع الأطراف، لقد سعى مجلس الأمن الدولي في كل مرحلة إلى دعم الأطراف من أجل السلام، بما في ذلك بيانه الأخير الذي رحب بالزيارة السعودية والعمانية الأخيرة إلى صنعاء».ولفت أوبنهايم إلى أن «لدى مجلس الأمن مجموعة من الخطوات التي يمكن الاتفاق عليها لدعم الجهود المبذولة لتحقيق السلام قبل صدور قرار جديد، وتشمل القائمة بالطبع موافقة مجلس الأمن على رفع العقوبات»، مشيراً إلى أن «المملكة المتحدة، بصفتها عضواً في مجلس الأمن وتقود عملية التفاوض وصياغة القرارات، مستعدة للعب دورها في بدء هذه الوثائق».

السفير الفرنسي: الحوثيون أعداء أنفسهم... والمفاوضات في مصلحتهم

يعتقد جان ماري صفا، السفير الفرنسي لدى اليمن، أن الحوثيين أعداء أنفسهم، محذراً الجماعة المدعومة من إيران من الفجوة التي يرى أنها باتت تكبر يوماً بعد آخر بينهم وبين الشعب، كما أكد أن المفاوضات من مصلحتهم، وأن هناك «فرصة تاريخية» لتحقيق السلام في اليمن.

ولفت صفا في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى بعض العراقيل في جهود السلام الأخيرة التي يضعها الحوثيون، لا سيما في موضوع الرواتب، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت، مذكراً بوجود إجماع داخل مجلس الأمن على دعم جهود المبعوث الأممي لليمن، وإطلاق عملية سياسية شاملة يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة.

انتهازية الحوثيين تخنق المشاريع الصغيرة وتدمر الاقتصاد اليمني

أجبرت ظروف الانقلاب الحوثي في اليمن، والإتاوات الباهظة التي تفرضها الميليشيات؛ الكثير من أصحاب الأموال والتجار على النزوح إلى المناطق المحررة، وضاعفت رغبات القيادات الحوثية في الاستثمار والإثراء السريع من تجريف الأنشطة الاقتصادية، والتسريع بإفلاس رجال الأعمال والمشاريع الصغيرة، في وقت تحاول فيه كبريات المجموعات التجارية التعايش مع الوضع الجديد وتجاوز مشاكله.

فعند عودته إلى العاصمة صنعاء؛ اتجه راشد جابر إلى معارفه من القيادات ورجال الأعمال الحوثيين لمساعدته في بدء استثمارات جديدة، وتعويض خسائر سابقة تعرض لها؛ إلا أنه تعرض للابتزاز من قبلهم كما فعلوا به سابقا، وطلبوا منه أن يعمل تحت مظلتهم، وأن يتقاسم معهم استثماراته، خصوصاً وأنه سيحظى بحمايتهم بحسب زعمهم.

كان راشد، وهو اسم مستعار، اضطر إلى العودة للعيش في منزله في العاصمة اليمنية صنعاء، بعد أن حاول خلال السنوات الماضية تصفية كامل أعماله فيها، والانتقال للاستثمار خارج البلاد؛ غير أنه لم يتمكن من نقل أرصدته المالية إلى الخارج بسبب القيود التي يفرضها الانقلابيون الحوثيون، ولجأ إلى طرق معقدة خسر فيها جزءاً كبيرا من أرصدته.

عقب استقرار راشد في إحدى دول الجوار والبدء في الاستثمار، واجهته العديد من المعوقات، كان أهمها عدم مقدرته نقل أرصدته البنكية بسبب القيود التي يفرضها الانقلابيون الحوثيون على البنوك، ما يجعل الطرق التي تمكن بها من نقل جزء من أرصدته غير مشروعة، في حين تشترط قوانين تلك الدولة أن تنقل أموال المستثمرين عبر التحويلات البنكية.

خلال مساعيه لتصفية أعماله واستثماراته في العاصمة صنعاء، تعرض راشد للابتزاز من القيادات ورجال الأعمال الحوثيين، واضطر لتسليمهم محلاته بأثمان بخسة مقابل أن يسمحوا له ويساعدوه في نقل أرصدته بسلاسة؛ إلا أن ما حدث هو العكس، ما ألحق به خسائر كبيرة، وكانت النتيجة تخليه عن استثمارته الداخلية وفشل استثماراته الخارجية.

سيطرة حوثية

يسيطر قادة ورجال أعمال حوثيون على العديد من المشاريع والقطاعات التجارية بهذه الطريقة التي تعرض لها رجل الأعمال راشد، فبمجرد أن يبدأ أصحاب الأموال، خصوصا المغتربين وأصحاب المدخرات، التفكير في استثمار أموالهم في مشاريع تدر عليهم الأرباح؛ تفاجأهم قيادات حوثية بعرض مقاسمتهم تلك الاستثمارات، مقابل الحماية والتسهيلات.

يوضح رجل الأعمال راشد لـ" الشرق الأوسط" أن تلك التسهيلات تشمل استخراج تراخيص مزاولة الأنشطة بدون كلفة مالية أو تعقيدات إجرائية، والإعفاء من الضرائب والجمارك ومختلف الرسوم المقررة، إلى جانب الإعفاء من الإتاوات والجبايات التي تفرضها الميليشيات الحوثية على جميع رجال الأعمال والتجار وأصحاب المحال ومختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية.

ولا يكون الرفض خياراً جيداً بالنسبة للمستثمرين الجدد؛ فبمجرد التفكير في الاستثمار والسعي للحصول على تراخيص مزاولة الأنشطة التجارية؛ يكون قد لفت الانتباه إليه، وأصبح مرصوداً من قبل النافذين الحوثيين، حيث يبدأ مسلسل ابتزازه منذ وصوله إلى مكاتب وزارة الصناعة والتجارة للحصول على التراخيص، ثم مكاتب الأشغال والبلدية والضرائب والزكاة، وغير ذلك، وجميعها مؤسسات تسيطر عليها وتديرها الميليشيات.

وحتى إن استجاب المستثمر لكل أنواع الابتزاز التي يتعرض لها، وحاول تجاوزها؛ فإنه لن ينجو من فرض إتاوات باهظة ومكلفة وبمختلف المسميات.

صداقات تأتي بالخسائر

يقول راشد إنه أحجم عن التفكير في الاستثمار مجدداً، فهو كان صاحب خبرة وتجربة سابقة مع الميليشيات الحوثية منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، فقد فرضت عليه إتاوات كبيرة، ولم تفده محاولات بناء علاقات صداقة مع شخصيات حوثية نافذة لتجنب الابتزاز، بل إن تلك العلاقات تسببت له بمزيد من الخسائر.

ويوضح أكثر، أن الشخصيات النافذة التي سعى لبناء علاقات معها ليحصل من خلالها على إعفاءات من الإتاوات والجبايات التي لا تنتهي، كانت متطلبة بشكل كبير، واضطر لإرضائها بدفع مبالغ كبيرة وتقديم هدايا ثمينة، إلا أنها لم تفِ بوعودها في إعفائه من الإتاوات، ما جعل خسائره مضاعفة.

ولم تكتفِ تلك الشخصيات بالحصول على الأموال والهدايا، بل استغلت راشد في تقديم المشورات والخدمات اللوجستية لمساعدتها في استثماراتها التي أنشأتها من أموال حصلت عليها بالإثراء غير المشروع على حساب إيرادات مؤسسات الدولة، والاستيلاء على ممتلكات شخصيات سياسية واجتماعية نزحت إلى خارج مناطق سيطرة الميليشيات.

حملات إغلاق مستمرة

في السياق، تتواصل حملة الميليشيات الحوثية، لإغلاق كبريات الشركات والمحلات التجارية بمبرر مخالفة "القائمة السعرية"، وتعلن بشكل شبه يومي عن إغلاق عدد منها، وخلال الأسبوع الماضي أغلقت الميليشيات في صنعاء أحد مقرات مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، وهي إحدى أكبر المجموعات التجارية في البلاد.

وبررت الميليشيات عملية الإغلاق بسبب رفع سعر الزبادي عن الأسعار الرسمية التي أعلنتها الميليشيات عبر مكاتب وزارة الصناعة والتجارة التي تسيطر عليها. وتعرضت مجموعة شركات هائل سعيد أنعم لعشرات عمليات الإغلاق خلال الأشهر الماضية، على خلفية رفضها دفع إتاوات ضخمة تطلبها الميليشيات.

يفيد مصدر في وزارة الصناعة والتجارة التي تسيطر عليها الميليشيات في العاصمة صنعاء، أن كبريات الشركات والمجموعات التجارية استجابت لابتزاز الميليشيات الحوثية طوال السنوات الماضية، وتعاطت معها بشكل مرن من أجل الحفاظ على أنشطتها في مناطق سيطرة الميليشيات.

ويوضح أسباب ذلك التعامل بأن هذه المجموعات التجارية تعمل منذ عقود طويلة في هذه المناطق التي تشمل مساحة جغرافية واسعة وما يقارب ثلثي سكان البلاد، ما يعني أن إيقاف أنشطتها والانتقال إلى المناطق المحررة سيكلفها الكثير من الخسائر التي لن تستطيع تعويضها بسهولة، وفي مدى زمني قصير.

ويضيف المصدر أن الميليشيات تدرك صعوبة اتخاذ هذه المجموعات مثل هذا القرار، ولذلك تعمل على مضاعفة الجبايات التي تفرضها عليها، والتصعيد في ابتزازها.

 

العليمي وآل جابر يفتتحان مستشفى عدن العام

افتتح رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الأربعاء، مستشفى عدن العام الذي أعيد تأهيله وتتم إدارته من قبل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، بحضور السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر المشرف العام على البرنامج.

وكان السفير آل جابر وصل، الثلاثاء إلى عدن، والتقى العليمي ورئيس الحكومة معين عبد الملك وأكد في تغريدة على "تويتر" على دعم السعودية المستمر لجهود المجلس الرئاسي وجهود المملكة المستمرة لوقف إطلاق النار، وفرص التوصل الى حل سياسي شامل في اليمن بين المكونات اليمنية برعاية الأمم المتحدة.

تكلفة مليونية

العليمي أكد للصحافيين أن إجمالي كلفة المشاريع التي سيتم افتتاحها تزيد على 400 مليون دولار في مجال الصحة والطرقات والتعليم ومن ضمنها مدينة طبية متكاملة في محافظة المهرة.

من جهته قال وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح لـ"الشرق الأوسط" إن افتتاح المسستشفى يمثل نقلة نوعية في القطاع الصحي حيث يضم 270 سريرا منها خمسون سريرا لمركز القلب، ووصف المركز بأنه يشكل خدمة نوعية للمرة الأولى في مدينة عدن وماجاورها.

وتحدث الوزير اليمني عن المراكز الصحية المدعومة من البرنامج السعودي ومنها مدينة الملك سلمان الطبية في محافظة المهرة التي تجري فيها الأعمال الإنشائية، فضلا عن مشروع المستشفى الجامعي ومركز معالجة السرطان في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت حيث سلمت أرضية المشروع، وحاليا يتم انتظار إنزال التصاميم الخاصة بالمستشفى والمركز.

جانب من تجهيزات المستشفى( البرنامج السعودي)

وبحسب الوزير بحيبح، هناك مشروع آخر في محافظة تعز ويمتثل في كلية العلوم الطبية ومركز لعلاج الأورام، من ضمن الدعم الذي يقدم البرنامج السعودي، إلى جانب الدعم المستمر، الذي يأتي على شكل احتياجات محددة.

أما أحمد البريكي مسؤول الاتصال المحلي في مستشفى عدن فأوضح لـ" الشرق الأوسط" أنه تم اختيار الكادر الطبي وفق معايير عالمية سواء من حيث المؤهلات الطبية أو الخبرة أو الالتزام، وذكر أن المستشفى يعمل حاليا بربع طاقته وأنه في المراحل القادمة سيتم رفع القدرة التشغيلية بالكامل.

وعن أسباب الزحام الشديد على المستشفى، يبين البريكي أن مرد ذلك هو الخدمات النوعية التي يقدمها المستشفى وبالمجان للمرضى من محافظة عدن وكل محافظات اليمن. وقال إنهم يستقبلون حاليا 1500 مريض في اليوم الواحد، وتقدم لهم خدمات مجانية كاملة تشمل المعاينة والمختبرات والأشعة والأدوية حيث توجد 14عيادة.

نجمتا الافتتاح

الطفلتان رامة ذات الـ14 عاما ومهدية (15 عاما) كانتا نجمتي فعالية الافتتاح مع وجودهما في طليعة مستقبلي الرئيس العليمي والسفير آل جابر حيث قدمتا لهما باقتي ورد، بعد أن تعافيا.

أجريت للأولى عملية القلب المفتوح في مركز القلب، كما تم استبدال صمامي القلب للثانية. وقالتا لـ" الشرق الأوسط" إنه بفضل الخدمات الطبية المتميزة والمجانية التي يقدمها المستشفى تنعمان بالصحة الآن، لأن أسرتيهما لم يكن باستطاعتهما تحمل نفقات إجراء تلك العمليات التي تكلف في المستشفيات الأخرى مبالغ باهظة.

حديث باسم جمع الطفلتين رامة ومهدية مع الفنان السعودي فايز المالكي وأحد مسؤولي البرنامج السعودي (الشرق الأوسط)

وكان البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وقع عقد مشروع تشغيل وإدارة مستشفى عدن العام في محافظة عدن، امتداداً لدعم السعودية المستمر للشعب اليمني والحكومة اليمنية بتكلفة بلغت 87 مليون دولار، تحقيقاً لاستفادة أكثر من 438 ألف مستفيد سنويا.

وسيعمل المستشفى بقدرة 50 في المائة للسنة الأولى استجابة للحاجة العاجلة لمحافظة عدن وما جاورها، على أن يعمل بقدرة استيعابية كاملة خلال السنة الثانية.

ويأتي المشروع مساهماً في تحسين أداء القطاع الصحي ورفع جودة الخدمات المقدمة بمحافظة عدن وما جاورها، كما يساهم المشروع في تعزيز الصحة الجيدة والرفاه وتحسين الخدمات الطبيّة المقدمة للشعب اليمني، بالإضافة إلى زيادة فرص حصولهم على العلاج بكافة أطيافهم وأعمارهم وأجناسهم. ويحتوي المستشفى على 14 عيادة نوعية بالإضافة إلى مركز القلب، وفق البيانات التي وزعها البرنامج السعودي.

تجهيزات شاملة

وتشمل العيادات في المستشفى: عيادة العيون، عيادة الأطفال، عيادة الجلدية، عيادة الأسنان، عيادة الأذن والأنف والحنجرة، عيادة العظام، عيادة الباطنية، وعيادة الصحة الإنجابية، وكذلك غرفة للمناظير والعلاج الطبيعي. في حين تبلغ مساحة المستشفى 20 ألف متر مربع و تم تجهيزه بـ 2187 جهازا ومعدة طبية بسعة سريرية بلغت 270 سريرا.

كما وفر المشروع السعودي جميع أجهزة التكييف المركزي للمستشفى بالإضافة إلى اللوحات الإلكترونية الرئيسية والفرعية وغيرها، وتوريد وتركيب محرقة النفايات الضارة.

ويقول البرنامج السعودي إنه يولي اهتمامًا خاصا بقطاع الصحة في اليمن حيث قدّم دعماً لهذا القطاع تمثّل في 25 مشروعا ومبادرة تنموية، كما قدم البرنامج دعماً لعدد 17 مركزاً طبياً عبر توفير المعدات والأجهزة الطبية لها، و598 معدة طبية للمستشفيات والمراكز الطبية، و30 سيارة إسعاف تم توفيرها وتخصيصها لدعم قطاع الصحة، و15 عربة استجابة عاجلة عالية التجهيز.

وأوضح صفا أن الحوثيين لم يحققوا أي تقدم على الجبهات العسكرية، وهنالك استياء عام في البلاد منهم، ويعرف الشعب اليمني أنهم ربحوا مليارات الدولارات من ميناء الحديدة وغيره، في الوقت الذي تزداد فيه معاناة الناس.

صفا الذي يعدّ من أبرز السفراء النشطين في الملف اليمني، ولديه دراية واسعة بتعقيدات الأزمة اليمنية، يرى أن الشعب اليمني لديه القدرة على الصمود، وشبابه يريدون التواصل مع العالم والحداثة عكس المشروع الحوثي الذي وصفه بـ«الرجعي». وقال «الحوثيون يقولون إن لديهم النفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

وشدد السفير على أن بلاده تدعم الجهود السعودية - العمانية التي توفر بيئة مواتية للجهود الأممية، مبيناً أن الاتفاق السعودي ـ الإيراني كان تأثيره إيجابياً على الملف اليمني.

الجهود السعودية ـ العمانية توفر بيئة مواتية للجهود الأممية في اليمن

جان ماري صفا

ووفقاً لجان ماري صفا، لا يوجد حتى الآن أي نية لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن يتعلق بالملف اليمني، مشيراً إلى أن الأولوية تنحصر في إحياء عملية سياسية يمنية - يمنية برعاية أممية... وتحدث السفير عن ملفات مهمة أخرى.

وأكد السفير صفا أن فرنسا تدعم بقوة المبعوث الأممي لليمن، وتشيد بالتزامه الدائم وجهوده لتحقيق السلام، لا سيما بعد النتائج الملموسة وانخفاض العنف في اليمن بعد الهدنة التي وقعت في أبريل (نيسان) 2022. وأضاف «هذا إنجاز كبير، ويوجد إجماع داخل مجلس الأمن لدعم المبعوث وعملية سياسية يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة، هذا الإجماع مهم جداً، وعليه ندعو كل الأطراف اليمنية لإبداء المرونة؛ للتوصل لحل سياسي شامل برعاية الأمم المتحدة، ونعتقد اليوم أنها توجد فرصة تاريخية لتحقيق السلام في اليمن في إطار الجو الجديد في المنطقة».

عراقيل حوثية

أوضح سفير فرنسا لدى اليمن أن عملية السلام تحتاج إلى مزيد من الوقت بسبب بعض العراقيل من جانب الحوثيين، خاصة في موضوع الرواتب، وقال «العملية تحتاج إلى بعض الوقت، هناك الكثير من الموضوعات منها الرواتب. لا تزال هناك بعض الصعوبات بسبب الجماعة الحوثية المتطرفة، والمفاوضات معهم دائماً صعبة، أتمنى تغليب الجناح البراغماتي داخل الجماعة على الجناح العقائدي، هذا أمر ضروري لنصل إلى حل سياسي شامل وكامل برعاية الأمم المتحدة».

ولفت إلى أن مفاوضات السلام في مصلحة الحوثي، وفسّر ذلك بقوله «عندما نرى ما يحدث في البلد، هناك عدم تقدم حوثي على الجبهات العسكرية، واستياء عام في البلاد، بمعنى أن الشعب يعرف تماماً ما يحدث في البلد، ويعرف أن الحوثيين شنّوا حرباً اقتصادية على الشرعية؛ الأمر الذي أدى إلى عدم تصدير النفط، كذلك الشعب يعرف أن الحوثيين ربحوا مليارات الدولارات عبر ميناء الحديدة وغيره، في حين الوضع الاقتصادي في مناطقهم أسوأ، وجميعاً رأينا الكارثة المأساوية في صنعاء آخر رمضان، والمظاهرات الشعبية في إب؛ وهذا يعني أن الفجوة بين الحوثي والشعب تكبر يوماً بعد يوم، ومصلحة الحوثي في المفاوضات».

مع ذلك، نبّه السفير الفرنسي إلى أن «المستفيدين من الحرب موجودون في الطرفين، الحوثي والشرعية، لكن يوجد فرق كبير؛ لأن الشرعية تتصرف بمسؤولية أمام الشعب وتدعم مشروع دولة لجميع اليمنيين، على عكس المشروع الحوثي».

وتابع بقوله «الشعب اليمني قادر على الصمود، عندما زرت عدن قبل شهر ونصف شهر، حيث فتحت فرنسا مساحة للشباب، رأيت الحماس لديهم لأنهم يريدون التواصل مع العالم والحداثة على عكس المشروع الحوثي الرجعي، الحوثيون يقولون إن لديهم النفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

لا معتدلين حوثيين

يرى السفير جان ماري صفا أن جماعة الحوثي تعيش صراع أجنحة بين براغماتيين، وعقائديين، في حين لا وجود لمعتدلين - على حد وصفه -، وقال «التصاريح المتضاربة دليل على وجود أجنحة مختلفة داخل الجماعة، خاصة الجناح البراغماتي مقابل الجناح الآيديولوجي أو العقائدي، ودائماً أقول الحوثيون أعداء أنفسهم بسبب العقائديين».

وأضاف «أُفضّل استخدام البراغماتي وليس المعتدل، أعتقد أن الاعتدال ترك الجماعة منذ الحوار الوطني، لكننا لا نراه اليوم، مع ذلك نتمنى توسع التيار البراغماتي داخل الجماعة؛ لأنهم مع فكرة المفاوضات. العقائديون مع الخيار العسكري والتطرف والحرب أكثر؛ لذلك نتمنى تغليب الجناح البراغماتي على الجناح العقائدي لصالح البلد والشعب، ولصالح الحوثيين أنفسهم».

الجهود السعودية – العمانية

أكد صفا أن فرنسا تدعم الجهود السعودية - العمانية التي توفر بيئة مواتية للجهود الأممية، والجهود الإقليمية الحالية تشجع على الاتجاه المطلوب الذي يريده الجميع، وهو جمع الشرعية والحوثيين حول طاولة واحدة برعاية الأمم المتحدة.

ولفت إلى أنه «بسبب التطرف والتعنت الحوثي هناك عراقيل لتحقيق السلام، نتمنى مع الوقت الوصول إلى حلول لكل الموضوعات وإنشاء عملية سياسية يمنية - يمنية برعاية المبعوث الأممي».

وشدد السفير الفرنسي لدى اليمن على أن تأثير الاتفاق السعودي - الإيراني على الملف اليمني كان إيجابياً، متمنياً أن يدفع ذلك بالحوثيين نحو الاتجاه الصحيح، وتليين مواقفهم.

السفير صفا لدى لقائه الدكتور رشاد العليمي في مارس 2023 (تويتر)

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هنالك نية لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن لأي تسوية مقبلة في اليمن، أشار جان صفا إلى أن ذلك ليس مطروحا في الوقت الراهن، وقال «حتى الآن قرار جديد ليس في جدول أعمال مجلس الأمن، اليوم الأولوية لا بد أن تكون لإحياء العملية السياسية اليمنية - اليمنية برعاية الأمم المتحدة».

وفي تعليقه على التطورات الأخيرة في جنوب اليمن، وانضمام عضوين من مجلس القيادة الرئاسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، قال السفير الفرنسي «نعتقد أن الحوثي يراهن على الجهل والفقر والانقسامات داخل الشرعية، وعليه نتمنى لصالح البلد وإعادة بناء دولة لجميع اليمنيين أن نرى إعادة توحيد الصف داخل الشرعية، وهو أمر ضروري لإنقاذ الوطن وإنقاذ الشعب اليمني».

كما أشاد السفير بعملية تبادل الأسرى التي تمت أواخر رمضان بين الشرعية والحوثيين، مبيناً أنها «توفر الجو المناسب لفتح صفحة جديدة بين الطرفين، ونتمنى أن نرى استمرار هذه العملية في المستقبل القريب لإحياء جو جديد في البلد وعملية سياسية في المستقبل».

 

 

السفير الفرنسي: الحوثيون أعداء أنفسهم... والمفاوضات في مصلحتهم

يعتقد جان ماري صفا، السفير الفرنسي لدى اليمن، أن الحوثيين أعداء أنفسهم، محذراً الجماعة المدعومة من إيران من الفجوة التي يرى أنها باتت تكبر يوماً بعد آخر بينهم وبين الشعب، كما أكد أن المفاوضات من مصلحتهم، وأن هناك «فرصة تاريخية» لتحقيق السلام في اليمن.

ولفت صفا في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى بعض العراقيل في جهود السلام الأخيرة التي يضعها الحوثيون، لا سيما في موضوع الرواتب، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت، مذكراً بوجود إجماع داخل مجلس الأمن على دعم جهود المبعوث الأممي لليمن، وإطلاق عملية سياسية شاملة يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة.

انتهازية الحوثيين تخنق المشاريع الصغيرة وتدمر الاقتصاد اليمني

أجبرت ظروف الانقلاب الحوثي في اليمن، والإتاوات الباهظة التي تفرضها الميليشيات؛ الكثير من أصحاب الأموال والتجار على النزوح إلى المناطق المحررة، وضاعفت رغبات القيادات الحوثية في الاستثمار والإثراء السريع من تجريف الأنشطة الاقتصادية، والتسريع بإفلاس رجال الأعمال والمشاريع الصغيرة، في وقت تحاول فيه كبريات المجموعات التجارية التعايش مع الوضع الجديد وتجاوز مشاكله.

فعند عودته إلى العاصمة صنعاء؛ اتجه راشد جابر إلى معارفه من القيادات ورجال الأعمال الحوثيين لمساعدته في بدء استثمارات جديدة، وتعويض خسائر سابقة تعرض لها؛ إلا أنه تعرض للابتزاز من قبلهم كما فعلوا به سابقا، وطلبوا منه أن يعمل تحت مظلتهم، وأن يتقاسم معهم استثماراته، خصوصاً وأنه سيحظى بحمايتهم بحسب زعمهم.

كان راشد، وهو اسم مستعار، اضطر إلى العودة للعيش في منزله في العاصمة اليمنية صنعاء، بعد أن حاول خلال السنوات الماضية تصفية كامل أعماله فيها، والانتقال للاستثمار خارج البلاد؛ غير أنه لم يتمكن من نقل أرصدته المالية إلى الخارج بسبب القيود التي يفرضها الانقلابيون الحوثيون، ولجأ إلى طرق معقدة خسر فيها جزءاً كبيرا من أرصدته.

عقب استقرار راشد في إحدى دول الجوار والبدء في الاستثمار، واجهته العديد من المعوقات، كان أهمها عدم مقدرته نقل أرصدته البنكية بسبب القيود التي يفرضها الانقلابيون الحوثيون على البنوك، ما يجعل الطرق التي تمكن بها من نقل جزء من أرصدته غير مشروعة، في حين تشترط قوانين تلك الدولة أن تنقل أموال المستثمرين عبر التحويلات البنكية.

خلال مساعيه لتصفية أعماله واستثماراته في العاصمة صنعاء، تعرض راشد للابتزاز من القيادات ورجال الأعمال الحوثيين، واضطر لتسليمهم محلاته بأثمان بخسة مقابل أن يسمحوا له ويساعدوه في نقل أرصدته بسلاسة؛ إلا أن ما حدث هو العكس، ما ألحق به خسائر كبيرة، وكانت النتيجة تخليه عن استثمارته الداخلية وفشل استثماراته الخارجية.

سيطرة حوثية

يسيطر قادة ورجال أعمال حوثيون على العديد من المشاريع والقطاعات التجارية بهذه الطريقة التي تعرض لها رجل الأعمال راشد، فبمجرد أن يبدأ أصحاب الأموال، خصوصا المغتربين وأصحاب المدخرات، التفكير في استثمار أموالهم في مشاريع تدر عليهم الأرباح؛ تفاجأهم قيادات حوثية بعرض مقاسمتهم تلك الاستثمارات، مقابل الحماية والتسهيلات.

يوضح رجل الأعمال راشد لـ" الشرق الأوسط" أن تلك التسهيلات تشمل استخراج تراخيص مزاولة الأنشطة بدون كلفة مالية أو تعقيدات إجرائية، والإعفاء من الضرائب والجمارك ومختلف الرسوم المقررة، إلى جانب الإعفاء من الإتاوات والجبايات التي تفرضها الميليشيات الحوثية على جميع رجال الأعمال والتجار وأصحاب المحال ومختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية.

ولا يكون الرفض خياراً جيداً بالنسبة للمستثمرين الجدد؛ فبمجرد التفكير في الاستثمار والسعي للحصول على تراخيص مزاولة الأنشطة التجارية؛ يكون قد لفت الانتباه إليه، وأصبح مرصوداً من قبل النافذين الحوثيين، حيث يبدأ مسلسل ابتزازه منذ وصوله إلى مكاتب وزارة الصناعة والتجارة للحصول على التراخيص، ثم مكاتب الأشغال والبلدية والضرائب والزكاة، وغير ذلك، وجميعها مؤسسات تسيطر عليها وتديرها الميليشيات.

وحتى إن استجاب المستثمر لكل أنواع الابتزاز التي يتعرض لها، وحاول تجاوزها؛ فإنه لن ينجو من فرض إتاوات باهظة ومكلفة وبمختلف المسميات.

صداقات تأتي بالخسائر

يقول راشد إنه أحجم عن التفكير في الاستثمار مجدداً، فهو كان صاحب خبرة وتجربة سابقة مع الميليشيات الحوثية منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، فقد فرضت عليه إتاوات كبيرة، ولم تفده محاولات بناء علاقات صداقة مع شخصيات حوثية نافذة لتجنب الابتزاز، بل إن تلك العلاقات تسببت له بمزيد من الخسائر.

ويوضح أكثر، أن الشخصيات النافذة التي سعى لبناء علاقات معها ليحصل من خلالها على إعفاءات من الإتاوات والجبايات التي لا تنتهي، كانت متطلبة بشكل كبير، واضطر لإرضائها بدفع مبالغ كبيرة وتقديم هدايا ثمينة، إلا أنها لم تفِ بوعودها في إعفائه من الإتاوات، ما جعل خسائره مضاعفة.

ولم تكتفِ تلك الشخصيات بالحصول على الأموال والهدايا، بل استغلت راشد في تقديم المشورات والخدمات اللوجستية لمساعدتها في استثماراتها التي أنشأتها من أموال حصلت عليها بالإثراء غير المشروع على حساب إيرادات مؤسسات الدولة، والاستيلاء على ممتلكات شخصيات سياسية واجتماعية نزحت إلى خارج مناطق سيطرة الميليشيات.

حملات إغلاق مستمرة

في السياق، تتواصل حملة الميليشيات الحوثية، لإغلاق كبريات الشركات والمحلات التجارية بمبرر مخالفة "القائمة السعرية"، وتعلن بشكل شبه يومي عن إغلاق عدد منها، وخلال الأسبوع الماضي أغلقت الميليشيات في صنعاء أحد مقرات مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، وهي إحدى أكبر المجموعات التجارية في البلاد.

وبررت الميليشيات عملية الإغلاق بسبب رفع سعر الزبادي عن الأسعار الرسمية التي أعلنتها الميليشيات عبر مكاتب وزارة الصناعة والتجارة التي تسيطر عليها. وتعرضت مجموعة شركات هائل سعيد أنعم لعشرات عمليات الإغلاق خلال الأشهر الماضية، على خلفية رفضها دفع إتاوات ضخمة تطلبها الميليشيات.

يفيد مصدر في وزارة الصناعة والتجارة التي تسيطر عليها الميليشيات في العاصمة صنعاء، أن كبريات الشركات والمجموعات التجارية استجابت لابتزاز الميليشيات الحوثية طوال السنوات الماضية، وتعاطت معها بشكل مرن من أجل الحفاظ على أنشطتها في مناطق سيطرة الميليشيات.

ويوضح أسباب ذلك التعامل بأن هذه المجموعات التجارية تعمل منذ عقود طويلة في هذه المناطق التي تشمل مساحة جغرافية واسعة وما يقارب ثلثي سكان البلاد، ما يعني أن إيقاف أنشطتها والانتقال إلى المناطق المحررة سيكلفها الكثير من الخسائر التي لن تستطيع تعويضها بسهولة، وفي مدى زمني قصير.

ويضيف المصدر أن الميليشيات تدرك صعوبة اتخاذ هذه المجموعات مثل هذا القرار، ولذلك تعمل على مضاعفة الجبايات التي تفرضها عليها، والتصعيد في ابتزازها.

 

العليمي وآل جابر يفتتحان مستشفى عدن العام

افتتح رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الأربعاء، مستشفى عدن العام الذي أعيد تأهيله وتتم إدارته من قبل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، بحضور السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر المشرف العام على البرنامج.

وكان السفير آل جابر وصل، الثلاثاء إلى عدن، والتقى العليمي ورئيس الحكومة معين عبد الملك وأكد في تغريدة على "تويتر" على دعم السعودية المستمر لجهود المجلس الرئاسي وجهود المملكة المستمرة لوقف إطلاق النار، وفرص التوصل الى حل سياسي شامل في اليمن بين المكونات اليمنية برعاية الأمم المتحدة.

تكلفة مليونية

العليمي أكد للصحافيين أن إجمالي كلفة المشاريع التي سيتم افتتاحها تزيد على 400 مليون دولار في مجال الصحة والطرقات والتعليم ومن ضمنها مدينة طبية متكاملة في محافظة المهرة.

من جهته قال وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح لـ"الشرق الأوسط" إن افتتاح المسستشفى يمثل نقلة نوعية في القطاع الصحي حيث يضم 270 سريرا منها خمسون سريرا لمركز القلب، ووصف المركز بأنه يشكل خدمة نوعية للمرة الأولى في مدينة عدن وماجاورها.

وتحدث الوزير اليمني عن المراكز الصحية المدعومة من البرنامج السعودي ومنها مدينة الملك سلمان الطبية في محافظة المهرة التي تجري فيها الأعمال الإنشائية، فضلا عن مشروع المستشفى الجامعي ومركز معالجة السرطان في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت حيث سلمت أرضية المشروع، وحاليا يتم انتظار إنزال التصاميم الخاصة بالمستشفى والمركز.

جانب من تجهيزات المستشفى( البرنامج السعودي)

وبحسب الوزير بحيبح، هناك مشروع آخر في محافظة تعز ويمتثل في كلية العلوم الطبية ومركز لعلاج الأورام، من ضمن الدعم الذي يقدم البرنامج السعودي، إلى جانب الدعم المستمر، الذي يأتي على شكل احتياجات محددة.

أما أحمد البريكي مسؤول الاتصال المحلي في مستشفى عدن فأوضح لـ" الشرق الأوسط" أنه تم اختيار الكادر الطبي وفق معايير عالمية سواء من حيث المؤهلات الطبية أو الخبرة أو الالتزام، وذكر أن المستشفى يعمل حاليا بربع طاقته وأنه في المراحل القادمة سيتم رفع القدرة التشغيلية بالكامل.

وعن أسباب الزحام الشديد على المستشفى، يبين البريكي أن مرد ذلك هو الخدمات النوعية التي يقدمها المستشفى وبالمجان للمرضى من محافظة عدن وكل محافظات اليمن. وقال إنهم يستقبلون حاليا 1500 مريض في اليوم الواحد، وتقدم لهم خدمات مجانية كاملة تشمل المعاينة والمختبرات والأشعة والأدوية حيث توجد 14عيادة.

نجمتا الافتتاح

الطفلتان رامة ذات الـ14 عاما ومهدية (15 عاما) كانتا نجمتي فعالية الافتتاح مع وجودهما في طليعة مستقبلي الرئيس العليمي والسفير آل جابر حيث قدمتا لهما باقتي ورد، بعد أن تعافيا.

أجريت للأولى عملية القلب المفتوح في مركز القلب، كما تم استبدال صمامي القلب للثانية. وقالتا لـ" الشرق الأوسط" إنه بفضل الخدمات الطبية المتميزة والمجانية التي يقدمها المستشفى تنعمان بالصحة الآن، لأن أسرتيهما لم يكن باستطاعتهما تحمل نفقات إجراء تلك العمليات التي تكلف في المستشفيات الأخرى مبالغ باهظة.

حديث باسم جمع الطفلتين رامة ومهدية مع الفنان السعودي فايز المالكي وأحد مسؤولي البرنامج السعودي (الشرق الأوسط)

وكان البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وقع عقد مشروع تشغيل وإدارة مستشفى عدن العام في محافظة عدن، امتداداً لدعم السعودية المستمر للشعب اليمني والحكومة اليمنية بتكلفة بلغت 87 مليون دولار، تحقيقاً لاستفادة أكثر من 438 ألف مستفيد سنويا.

وسيعمل المستشفى بقدرة 50 في المائة للسنة الأولى استجابة للحاجة العاجلة لمحافظة عدن وما جاورها، على أن يعمل بقدرة استيعابية كاملة خلال السنة الثانية.

ويأتي المشروع مساهماً في تحسين أداء القطاع الصحي ورفع جودة الخدمات المقدمة بمحافظة عدن وما جاورها، كما يساهم المشروع في تعزيز الصحة الجيدة والرفاه وتحسين الخدمات الطبيّة المقدمة للشعب اليمني، بالإضافة إلى زيادة فرص حصولهم على العلاج بكافة أطيافهم وأعمارهم وأجناسهم. ويحتوي المستشفى على 14 عيادة نوعية بالإضافة إلى مركز القلب، وفق البيانات التي وزعها البرنامج السعودي.

تجهيزات شاملة

وتشمل العيادات في المستشفى: عيادة العيون، عيادة الأطفال، عيادة الجلدية، عيادة الأسنان، عيادة الأذن والأنف والحنجرة، عيادة العظام، عيادة الباطنية، وعيادة الصحة الإنجابية، وكذلك غرفة للمناظير والعلاج الطبيعي. في حين تبلغ مساحة المستشفى 20 ألف متر مربع و تم تجهيزه بـ 2187 جهازا ومعدة طبية بسعة سريرية بلغت 270 سريرا.

كما وفر المشروع السعودي جميع أجهزة التكييف المركزي للمستشفى بالإضافة إلى اللوحات الإلكترونية الرئيسية والفرعية وغيرها، وتوريد وتركيب محرقة النفايات الضارة.

ويقول البرنامج السعودي إنه يولي اهتمامًا خاصا بقطاع الصحة في اليمن حيث قدّم دعماً لهذا القطاع تمثّل في 25 مشروعا ومبادرة تنموية، كما قدم البرنامج دعماً لعدد 17 مركزاً طبياً عبر توفير المعدات والأجهزة الطبية لها، و598 معدة طبية للمستشفيات والمراكز الطبية، و30 سيارة إسعاف تم توفيرها وتخصيصها لدعم قطاع الصحة، و15 عربة استجابة عاجلة عالية التجهيز.

وأوضح صفا أن الحوثيين لم يحققوا أي تقدم على الجبهات العسكرية، وهنالك استياء عام في البلاد منهم، ويعرف الشعب اليمني أنهم ربحوا مليارات الدولارات من ميناء الحديدة وغيره، في الوقت الذي تزداد فيه معاناة الناس.

صفا الذي يعدّ من أبرز السفراء النشطين في الملف اليمني، ولديه دراية واسعة بتعقيدات الأزمة اليمنية، يرى أن الشعب اليمني لديه القدرة على الصمود، وشبابه يريدون التواصل مع العالم والحداثة عكس المشروع الحوثي الذي وصفه بـ«الرجعي». وقال «الحوثيون يقولون إن لديهم النفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

وشدد السفير على أن بلاده تدعم الجهود السعودية - العمانية التي توفر بيئة مواتية للجهود الأممية، مبيناً أن الاتفاق السعودي ـ الإيراني كان تأثيره إيجابياً على الملف اليمني.

الجهود السعودية ـ العمانية توفر بيئة مواتية للجهود الأممية في اليمن

جان ماري صفا

ووفقاً لجان ماري صفا، لا يوجد حتى الآن أي نية لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن يتعلق بالملف اليمني، مشيراً إلى أن الأولوية تنحصر في إحياء عملية سياسية يمنية - يمنية برعاية أممية... وتحدث السفير عن ملفات مهمة أخرى.

وأكد السفير صفا أن فرنسا تدعم بقوة المبعوث الأممي لليمن، وتشيد بالتزامه الدائم وجهوده لتحقيق السلام، لا سيما بعد النتائج الملموسة وانخفاض العنف في اليمن بعد الهدنة التي وقعت في أبريل (نيسان) 2022. وأضاف «هذا إنجاز كبير، ويوجد إجماع داخل مجلس الأمن لدعم المبعوث وعملية سياسية يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة، هذا الإجماع مهم جداً، وعليه ندعو كل الأطراف اليمنية لإبداء المرونة؛ للتوصل لحل سياسي شامل برعاية الأمم المتحدة، ونعتقد اليوم أنها توجد فرصة تاريخية لتحقيق السلام في اليمن في إطار الجو الجديد في المنطقة».

عراقيل حوثية

أوضح سفير فرنسا لدى اليمن أن عملية السلام تحتاج إلى مزيد من الوقت بسبب بعض العراقيل من جانب الحوثيين، خاصة في موضوع الرواتب، وقال «العملية تحتاج إلى بعض الوقت، هناك الكثير من الموضوعات منها الرواتب. لا تزال هناك بعض الصعوبات بسبب الجماعة الحوثية المتطرفة، والمفاوضات معهم دائماً صعبة، أتمنى تغليب الجناح البراغماتي داخل الجماعة على الجناح العقائدي، هذا أمر ضروري لنصل إلى حل سياسي شامل وكامل برعاية الأمم المتحدة».

ولفت إلى أن مفاوضات السلام في مصلحة الحوثي، وفسّر ذلك بقوله «عندما نرى ما يحدث في البلد، هناك عدم تقدم حوثي على الجبهات العسكرية، واستياء عام في البلاد، بمعنى أن الشعب يعرف تماماً ما يحدث في البلد، ويعرف أن الحوثيين شنّوا حرباً اقتصادية على الشرعية؛ الأمر الذي أدى إلى عدم تصدير النفط، كذلك الشعب يعرف أن الحوثيين ربحوا مليارات الدولارات عبر ميناء الحديدة وغيره، في حين الوضع الاقتصادي في مناطقهم أسوأ، وجميعاً رأينا الكارثة المأساوية في صنعاء آخر رمضان، والمظاهرات الشعبية في إب؛ وهذا يعني أن الفجوة بين الحوثي والشعب تكبر يوماً بعد يوم، ومصلحة الحوثي في المفاوضات».

مع ذلك، نبّه السفير الفرنسي إلى أن «المستفيدين من الحرب موجودون في الطرفين، الحوثي والشرعية، لكن يوجد فرق كبير؛ لأن الشرعية تتصرف بمسؤولية أمام الشعب وتدعم مشروع دولة لجميع اليمنيين، على عكس المشروع الحوثي».

وتابع بقوله «الشعب اليمني قادر على الصمود، عندما زرت عدن قبل شهر ونصف شهر، حيث فتحت فرنسا مساحة للشباب، رأيت الحماس لديهم لأنهم يريدون التواصل مع العالم والحداثة على عكس المشروع الحوثي الرجعي، الحوثيون يقولون إن لديهم النفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

لا معتدلين حوثيين

يرى السفير جان ماري صفا أن جماعة الحوثي تعيش صراع أجنحة بين براغماتيين، وعقائديين، في حين لا وجود لمعتدلين - على حد وصفه -، وقال «التصاريح المتضاربة دليل على وجود أجنحة مختلفة داخل الجماعة، خاصة الجناح البراغماتي مقابل الجناح الآيديولوجي أو العقائدي، ودائماً أقول الحوثيون أعداء أنفسهم بسبب العقائديين».

وأضاف «أُفضّل استخدام البراغماتي وليس المعتدل، أعتقد أن الاعتدال ترك الجماعة منذ الحوار الوطني، لكننا لا نراه اليوم، مع ذلك نتمنى توسع التيار البراغماتي داخل الجماعة؛ لأنهم مع فكرة المفاوضات. العقائديون مع الخيار العسكري والتطرف والحرب أكثر؛ لذلك نتمنى تغليب الجناح البراغماتي على الجناح العقائدي لصالح البلد والشعب، ولصالح الحوثيين أنفسهم».

الجهود السعودية – العمانية

أكد صفا أن فرنسا تدعم الجهود السعودية - العمانية التي توفر بيئة مواتية للجهود الأممية، والجهود الإقليمية الحالية تشجع على الاتجاه المطلوب الذي يريده الجميع، وهو جمع الشرعية والحوثيين حول طاولة واحدة برعاية الأمم المتحدة.

ولفت إلى أنه «بسبب التطرف والتعنت الحوثي هناك عراقيل لتحقيق السلام، نتمنى مع الوقت الوصول إلى حلول لكل الموضوعات وإنشاء عملية سياسية يمنية - يمنية برعاية المبعوث الأممي».

وشدد السفير الفرنسي لدى اليمن على أن تأثير الاتفاق السعودي - الإيراني على الملف اليمني كان إيجابياً، متمنياً أن يدفع ذلك بالحوثيين نحو الاتجاه الصحيح، وتليين مواقفهم.

السفير صفا لدى لقائه الدكتور رشاد العليمي في مارس 2023 (تويتر)

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هنالك نية لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن لأي تسوية مقبلة في اليمن، أشار جان صفا إلى أن ذلك ليس مطروحا في الوقت الراهن، وقال «حتى الآن قرار جديد ليس في جدول أعمال مجلس الأمن، اليوم الأولوية لا بد أن تكون لإحياء العملية السياسية اليمنية - اليمنية برعاية الأمم المتحدة».

وفي تعليقه على التطورات الأخيرة في جنوب اليمن، وانضمام عضوين من مجلس القيادة الرئاسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، قال السفير الفرنسي «نعتقد أن الحوثي يراهن على الجهل والفقر والانقسامات داخل الشرعية، وعليه نتمنى لصالح البلد وإعادة بناء دولة لجميع اليمنيين أن نرى إعادة توحيد الصف داخل الشرعية، وهو أمر ضروري لإنقاذ الوطن وإنقاذ الشعب اليمني».

كما أشاد السفير بعملية تبادل الأسرى التي تمت أواخر رمضان بين الشرعية والحوثيين، مبيناً أنها «توفر الجو المناسب لفتح صفحة جديدة بين الطرفين، ونتمنى أن نرى استمرار هذه العملية في المستقبل القريب لإحياء جو جديد في البلد وعملية سياسية في المستقبل».

 

 

تنقلات العيد في اليمن... قطع طرق وارتفاع أجور وتهديدات الميليشيات

يحول ارتفاع أسعار أجور السفر الداخلي في مواسم الأعياد دون وصول اليمنيين إلى أهاليهم، إلا أن كلفة السفر ليست العائق الوحيد دون قضاء العيد رفقة الأهل، فالمسافر في زمن الانقلاب الحوثي قد يصل إلى السجن أو القبر.

وفي حين ترتفع تكاليف السفر بين المحافظات لأسباب كثيرة، يرى سائقو مركبات النقل أن أجورهم لا تكفي لمواجهة غلاء الوقود وقطع الغيار والصيانة، إلا أن هذه الأسباب ليست وحدها المسؤولة عن صعوبة التنقل.

يقول مراد سلطان، وهو موظف بريد بين فروع أحد البنوك العمومية، ويقتضي عمله السفر الدائم بين عدد من المحافظات، إن سائقي سيارات الأجرة يتعرضون للابتزاز والخضوع للإتاوات التي يفرضها أفراد نقاط التفتيش الحوثية، إضافة إلى إيقافهم لأوقات طويلة بغرض التحري عن الركاب وابتزازهم، وهو ما يدفعهم لرفع أجور النقل دائماً.

كان مراد يملك سيارة للتنقل خلال أداء مهام عمله؛ إلا أن أزمات الوقود التي تسبب بها الانقلابيون أجبرته على التنقل بين فروع البنك على متن سيارات الأجرة وحافلات النقل البري التي تتعرض للابتزاز بدورها، وتدفع كثيراً من الرسوم غير القانونية للانقلابيين، قبل بدء رحلاتها وخلالها، حتى وصولها إلى وجهاتها أو مغادرة آخر نقطة تفتيش في مناطق الانقلابيين.

عقاب جماعي

برغم أن محافظة تعز (الجنوب الغربي) تعدّ أكثر المحافظات اليمنية معاناة بسبب إغلاق الانقلابيين الحوثيين غالبية طرقاتها وفرض الحصار على عاصمتها التي تحمل نفس الاسم ومساحة واسعة من ريفها؛ فإن طرقاً كثيرة مهمة وحيوية أغلقها الانقلابيون ليعزلوا مناطق ومحافظات بأكملها، متسببين بازدحام وعرقلة المسافرين وشاحنات البضائع في طرق نائية وعرة وضيقة.

ومنذ أيام، أدان مركز الإنصاف للحقوق والتنمية استمرار رفض الحوثيين فتح الطرق الرئيسية الرابطة بين محافظات لحج وتعز وإب والحديدة، للعام التاسع على التوالي، ما يتسبب بمضاعفة معاناة المواطنين المدنيين بشكل يومي، في ظل صمت الوسطاء الأمميين، الذين طالبهم المركز بالوقوف أمام هذه الجرائم التي تمس حياة مجتمع بأكمله، وعدم تجاهلها في المفاوضات المقبلة.

بسبب الحصار الحوثي يقضي المسافرون إلى أرياف محافظة تعز أوقاتاً طويلة في طرق ضيقة ووعرة (فيسبوك)

وطالب مركز الإنصاف للحقوق والتنمية بالنظر إلى هذه القضية بعين الاعتبار والمسؤولية، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على الانقلابيين من أجل التوقف عن ممارساتهم بحق المدنيين، وعدم السماح بتحول القضايا الإنسانية وسيلة للتفاوض والمقايضات وكسب الوقت.

بدوره، طالب فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في محافظة إب بفتح طريق دمت - قعطبة، مندداً باستمرار إغلاق الانقلابيين الحوثيين لها للعام التاسع على التوالي، مشدداً على ضرورة تخفيف قيود السفر وتسهيل حركة التجارة داخلياً وخارجياً، والفصل بين الحرب ومصالح المدنيين.

وعمدت الميليشيات الحوثية منذ سنوات إلى عقاب جماعي، فرضته على سكان مديريتي دمت وقعطبة، شمال محافظة الضالع، بقطع الطريق بينهما، وهي جزء من الطريق الرابطة بين العاصمة صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن، متسببة بمعاناة شاملة لأهالي غالبية المحافظات الواقعة بين المدينتين، وتأخر السلع وارتفاع أسعارها، بينما يضطر أهالي المديريتين إلى التنقل بينهما عبر 4 محافظات.

المسافر مشتبه به

ينتظر صابر السامعي وصول والدته إلى منزله في العاصمة صنعاء لقضاء عيد الأضحى معه وعائلته بعد 4 سنوات من الفراق، حيث ستكتشف أنه خلال هذه السنوات كان يخدعها أنه يعمل ويقيم في مأرب ليبعدها عن أي قلق بشأن سلامته وحريته، بعد أن اشترطت عليه عدم العمل أو السفر عبر مناطق تسيطر عليها الميليشيات الحوثية.

كان صابر قادماً من مدينة مأرب (شرق صنعاء) لزيارة عائلته والمشاركة في زفاف شقيقه في مسقط رأسه في إحدى قرى محافظة تعز (جنوب صنعاء)، وكانت أقرب طريق يمكن أن يسافر عليها تمر في محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، وفيها نقطة التفتيش الحوثية الشهيرة بنقطة «أبو هاشم» سابقاً، ونقطة «أبو تراب» حالياً.

وفقاً لمنظمات حقوقية سقط مئات اليمنيين قتلى على يد الحوثيين في نقاط التفتيش (تويتر)

وكانت منظمة حقوقية تابعة للميليشيات الحوثية أقرت بوصف نقطة «أبو هاشم» بالثقب الأسود الذي يبتلع عشرات المسافرين، حيث تستهدفهم الميليشيات الحوثية تبعاً لانتماءاتهم الجغرافية وأسمائهم وتوجهاتهم السياسية، وفيها تم احتجاز صابر للاشتباه بانتمائه للجيش الحكومي، خصوصاً أنه قادم من مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية في شمال البلاد.

تأجل زفاف شقيق صابر، وصودرت فرحة العيد لدى العائلة، وبعد أشهر تمكن والده من الوصول إلى مكان احتجازه، ودفع مبلغاً مالياً ضخماً مقابل الإفراج عنه، فقررت والدته منعه من السفر مجدداً، وظل قربها عاماً ونصف العام حتى تمكن من إقناعها بالسفر للبحث عن عمل جديد، بشرط عدم السفر لزيارتها حتى تنتهي الحرب.

خطف وقتل

كثير من المسافرين عبر مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين يقعون ضحية القتل والاختطاف والاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب، لأسباب مختلفة، كالاشتباه بانتمائهم للجيش الحكومي أو العمل لدى الحكومة أو مناهضة الانقلاب، وأحياناً كثيرة بسبب رسائل أو صور تحتويها هواتفهم.

وفي فبراير (شباط) الماضي، اتهمت تقارير حقوقية الميليشيات الحوثية بقتل 553 مسافراً، منهم 59 طفلاً و26 امرأة و42 مسناً، وإصابة 904 آخرين، منهم 119 طفلاً و67 امرأة و40 مسناً، واختطاف 2901 من المسافرين والسائقين، منهم 135 طفلاً و86 امرأة و108 مسنين، غالبيتهم اختطفوا من النقاط المنتشرة على طريق ذمار- البيضاء، المؤدية إلى مأرب، وهي الطريق نفسها التي اختطف فيها صابر.

قانون «المَحرَم» الحوثي يؤرق اليمنيات ويقيد التنقل

لم تتمكن امرأة يمنية رمزت لاسمها بـ«سماح» رفقة ثلاث من صديقاتها من الذهاب على متن سيارتها إلى متنفس عام في أطراف صنعاء، بسبب منعهن من قبل مسلحين حوثيين في مخارج العاصمة المحتلة، بحجة وجود تعليمات بمنع النساء من التنقل والسفر إلا برفقة رجل من الأقارب الذكور.
ويؤرق القانون الحوثي «سماح» ورفيقاتها اللائي شعرن بالصدمة حيال تقييد مسلحي الجماعة الانقلابية لحرياتهن، ومنعهن من حرية التجول أو التنقل داخل وخارج العاصمة وضواحيها.
ووسط اعتراف الميليشيات بإصدار 300 تصريح للسماح بالتنقل خلال أسبوع، وفي المقابل، تُجبر الميليشيات الحوثية النساء اليمنيات في المناطق تحت سيطرتها على ترك منازلهن، وتنفيذ زيارات ميدانية إلى مقابر قتلاها، وحضور فعاليات على صلة بمناسبات طائفية.
ومثل «سماح» ورفيقاتها يوجد مئات النساء والفتيات اليمنيات ممن حرمتهن الميليشيات الحوثية على مدى سنوات الانقلاب الماضية من أبسط حقوقهن، في التنقل والتعبير والصحة والعمل وغيرها؛ بل وارتكبت الميليشيات في حقهن سلسلة لا حصر لها من الجرائم والاعتداءات، وُصف كثير منها بـ«الاعتداءات الوحشية».
وسبق أن فرض الحوثيون قبل أشهر «شرط المَحرَم» الذي يُلزم النساء بالسفر مع قريب من الذكور، الأمر الذي تسبب في مزيد من المعاناة للنساء وعائلاتهن، كما منعهن من مزاولة العمل والخروج بمفردهن.
ويؤكد حقوقيون في صنعاء حدوث أعمال ابتزاز ومنع من حرية التنقل والسفر، طالت في الأسبوعين الماضيين عشرات النساء اليمنيات في نقاط تفتيش تابعة للميليشيات، في أثناء مغادرتهن العاصمة للتوجه إلى مناطقهن لقضاء أيام العيد.
وحسبما ذكرته إحدى الفتيات -وهي في العشرينات من عمرها- أقدمت عناصر حوثية في نقطة تفتيش خارج صنعاء على منعها من مغادرة صنعاء صوب محافظة تعز؛ حيث مسقط رأسها، على الرغم من وجود شقيقها معها، بحجة عدم إثبات صلة القرابة.
وذكرت الفتاة لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر الحوثي لجأوا إلى حيلة أخرى من أجل ابتزاز الفتاة وشقيقها، إذ طالبوهما بإثبات صلة القرابة، ثم أخضعوهما للتحقيق، وانتهى الأمر بإرغامهما على العودة إلى العاصمة لطلب تصريح رسمي للسماح لهما بالمغادرة.
وعلى صلة بالموضوع، أقرت الميليشيات الحوثية، عبر القائمين على أجهزتها الأمنية في صنعاء، بمواصلة استهداف النساء اليمنيات بعموم المناطق تحت سيطرتها، عبر منعهن من حقوق الحركة والتنقل والعمل، وغيرها.
ونقل موقع الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، عن المدعو حامد القرم المنتحل صفة مدير مكتب وكيل الوزارة لقطاع الأمن والشرطة، اعترافه بإصدار أكثر من 300 تصريح سفر للنساء داخل وخارج اليمن خلال أيام العيد.
وزعم القيادي الحوثي أن القطاع الذي يديره قدم تسهيلات للنساء اللواتي لم يكن لديهن مَحرَم، وكُن بحاجة إلى السفر إلى مختلف المحافظات أو إلى خارج اليمن خلال إجازة هذا العيد؛ معتبراً أن ذلك يأتي في سياق ما تسميه الميليشيات الإجراءات الوقائية لحماية المرأة.
وبالعودة إلى جرائم منع الميليشيات نساء اليمن من حرية التنقل، تحدثت ناشطة حقوقية عن إعادة الجماعة أكاديمية متخصصة في الكيمياء (لم تسمِّها) من إحدى نقاط التفتيش، عندما كانت في طريقها إلى العاصمة المؤقتة عدن، بذريعة عدم وجود مَحرَم.
وأفادت الناشطة لمياء الإرياني -وهي رئيسة منظمة «مدرسة السلام»- عبر حسابها في «فيسبوك»، بأن الأكاديمية تلقت حينها دعوة للمشاركة في مؤتمر علمي خارج اليمن؛ مشيرة إلى أن الأكاديمية (50 عاماً) أرملة، وابنها الوحيد مهاجر منذ سنوات خارج البلاد. ورداً على المطالبات الدولية والأممية المتكررة للميليشيات الحوثية بالتوقف عن تقييد حرية النساء في التنقل والعمل، اكتفت الميليشيات بالتجاهل والإمعان في مواصلة فرض مزيد من القيود المشددة على حركة الإناث وتنقلهن وعملهن.
وأدان أكثر من 122 منظمة حقوقية يمنية قبل أسابيع، بأشد العبارات، ما وُصف بالانتهاكات التي تمارسها ميليشيات الحوثي ضد النساء والفتيات اليمنيات، ومنها ممارسة العنف بكافة أشكاله، والتضييق والتمييز وتقييد الحريات، وحرمانهن من الحقوق التي كفلها الدستور.
وذكرت المنظمات، في بيان مشترك، أنها تدين الانتهاكات الممنهجة لحقوق النساء والفتيات في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، بما في ذلك تقييد سفر المرأة دون ولي أمر، ومنع الوصول إلى الرعاية الصحية والإنجابية، والمنع من العمل، والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة.
وأشار البيان إلى دأب الجماعة، على مدى سنوات الانقلاب الماضية، على تفتيش واستجواب النساء المسافرات بمفردهن، على الرغم من أن القانون اليمني لا يشترط أن تسافر المرأة مع أحد من أفراد الأسرة أو مع وصي.
وطالبت المنظمات اليمنية ‏المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان، بإدانة هذه الممارسات الإجرامية الحوثية، واتخاذ إجراءات رادعة، وممارسة ضغط حقيقي على قيادات الميليشيا، لإجبارها على وقف انتهاكاتها ضد المرأة.
وتقول الأمم المتحدة إن القيود المفروضة من قبل الانقلابيين الحوثيين على حركة الموظفين المحليين أثرت على أنشطة الرصد والتقييم؛ حيث شهد العام الماضي قيوداً متزايدة الصرامة على حرية المرأة في التنقل، وإن ذلك أثر على مشاركة المرأة الاقتصادية والمجتمعية، فضلاً عن وصولها إلى الخدمات الأساسية. ومن الناحية التشغيلية، تأثرت الأنشطة الإنسانية بالقيود المفروضة على قدرة الموظفات الوطنيات على القيام بالعمل الميداني.

انقلاب حافلة في لحج يذكر اليمنيين بمآسي الحصار الحوثي لتعز

وقع عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى إثر سقوط حافلة ركاب في محافظة لحج شمال العاصمة اليمنية المؤقتة عدن قبل أيام، وأعاد التذكير بالمعاناة الإنسانية على الطريق ومآسي توقف الحركة بشكل شبه يومي، وتكدس السيارات والناقلات لأوقات طويلة، كجزء من المأساة الناجمة عن إغلاق الحوثيين للطرقات وحصار تعز.
توفي شخصان على الأقل وأصيب 41 آخرون، هذا الأسبوع بينهم 22 حالتهم خطرة، جراء سقوط حافلة نقل جماعي في مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج شمال العاصمة المؤقتة عدن، كانت تقل 44 مسافرا في نقيل ظمران إلى الجنوب الشرقي لمدينة تعز المحاصرة.
وحمل السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن، الحوثيين، مسؤولية الحادث بشكل ضمني؛ إذ دعاهم في رسالة نشرها على حساب السفارة في «تويتر»، «إلى فتح الطرق إلى محافظة تعز لمنع مثل هذه المآسي».
ولجأ سائقو الشاحنات إلى سلوك طرق جديدة بعد أن بدأت ميليشيات الحوثي منذ أقل من شهرين بعملية إغلاق متقطعة أو دائمة لعدد من الطرق التي كانت تربط بين العاصمة المؤقتة عدن، والعاصمة صنعاء وغيرها من المدن الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، ويعد طريق يافع - البيضاء من أهم تلك الطرق التي أغلقتها الميليشيات.
وبعد حادثة وقوع الحافلة عاودت وسائل الإعلام المحلية خلال الأيام الماضية نشر أخبار توقف الحركة على هذا الطريق الذي يعد من الطرق البديلة التي يسلكها المسافرون وناقلات البضائع منذ بدأ الحوثيون حصار مدينة تعز وإغلاق الطرق الرئيسية المهمة قبل ما يزيد على سبع سنوات.
وبالمثل، تحدث ناشطون ووسائل إعلام محلية عن حوادث مشابهة في عدد من مديريات محافظتي تعز ولحج، والتي وإن لم تكن بنفس حجم حادثة سقوط الحافلة فإنها، وبحسب الناشط الاجتماعي، أنيس القباطي، تقع غالبا بسبب إغلاق ميليشيات الحوثي الطرق الرئيسية، وفرض حصار خانق على المدنيين، واستمرار الحرب التي تمنع صيانة وتأهيل الطرق.
ويقول القباطي لـ«الشرق الأوسط» إنه ومنذ أقل من أسبوعين تحولت الشاحنات بشكل كبير إلى سلوك الطريق الذي يمر بمديرية القبيطة، عبر منحدرات جبلية وعرة، ولا يعد مؤهلا لتحمل كل هذا الكم من الحمولات الثقيلة، خصوصا أن هذه الفترة من العام تشهد هطول أمطار غزيرة، ما ينذر بحدوث انهيارات وتشققات.
يتابع القباطي وصفه للأعباء المترتبة على هذه الخطوة التي أقدمت عليها الميليشيات: «انتقلت الشاحنات إلى الطرقات التي تعبر في مديريات محافظتي لحج وتعز المتداخلتين، وهي طرق فرعية ضيقة وغير مؤهلة أصلا، ومزدحمة بسبب الحصار، وحاليا ازداد الزحام فيها، وتتعرض للإغلاق يوميا بسبب حوادث صدام أو سقوط أو أعطال تصيب الشاحنات».
وأغلقت ميليشيات الحوثي الموالية لإيران طريق الضالع - عدن منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بعد أن هاجمت قوات الجيش والمقاومة الشعبية، وهو الهجوم الذي ترى مصادر حكومية أنه يأتي لتبرير إغلاق الطريق، خصوصا أنه تم دون تعزيزات لصالح الميليشيات، وتوقف بعد انطلاقه بفترة وجيزة.
ويصف الناشط صلاح الرحال إغلاق الطريق الذي أقدمت عليه الميليشيات مؤخراً بأنه رصاصة الرحمة لسائقي الشاحنات بعد كل معاناتهم خلال السنوات الماضية، محذراً من كوارث عديدة ستحدث، وأن ما جرى هو بمثابة قطع مصادر دخل الآلاف من سائقي ومالكي الشاحنات.
ويتساءل الرحال الذي خصص حسابه على «فيسبوك» لرصد ونشر أخبار حوادث الطرقات جراء الحصار والحرب: «كيف سيكون الوضع الآن بعد إغلاق طريق الضالع عدن الوحيد لعبور الشاحنات؟ وكم سيتحمل طريق القبيطة من الضغط وهو المنتهي والمتهالك، والذي لا يمر يوم دون وقوع حادث فيه».
وكان الرحال أحصى منذ مطلع أكتوبر الجاري وحتى لحظة كتابة هذا الخبر 15 حادث انقلاب أو سقوط مركبات كبيرة، سواء كانت شاحنات أو حافلات ركاب، ونشر عدداً من الصور لهذه الحوادث، واستعرض في منشوراته حجم الخسائر التي يتعرض لها سائقو وملاك الشاحنات والبضائع.
وبصفته صاحب خبرة في قيادة الشاحنات؛ يوضح الرحال أن الحلول الممكنة لتلافي هذه الحوادث والخسائر؛ تتمثل في فتح الطرقات الرئيسية، أو إعادة تأهيل الطرقات البديلة المستخدمة حاليا، أو تحويل طرق الشحن إلى مناطق بعيدة عن الاشتباكات كالساحل الغربي مثلا.
ويحاول سائقو الشاحنات مداراة معاناتهم بالسخرية والتهكم من وضع الطرقات وتهالكها ووعورتها، حيث أطلقوا على أحد المنعطفات الخطيرة في طريق عبر مديرية القبيطة «منعطف الجن» لكثرة وقوع حوادث الانقلاب فيه، كأن قوة غيبية تتسبب بهذه الحوادث، في حين تمت تسمية أحد المنحدرات الخطرة بـ«مبروك»، وكأنها تهنئة لمن يتمكن من العبور فيه بسلام.
وأطلق سائقو الشاحنات مبادرة لتسوية أحد الطرقات في مديرية القبيطة، بردم الحفر وإزالة النتوءات وتنظيف الإسفلت من التراب والحصى المتسبب في انزلاق المركبات؛ إلا أن خبراء ومهندسي الطرق يؤكدون أن هذه المبادرة ليست كافية؛ نظراً لعدم تأهيل الطريق لحمولات ثقيلة.
وتتهم مصادر حكومية واقتصادية الميليشيات الحوثية بالسعي لإجبار الشركات والمؤسسات التجارية على استخدام ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، بهدف الحصول على المزيد من الإيرادات، وذلك تحسباً لإمكانية عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الهدنة المنتهية.
كما تهدف الميليشيات بحسب المصادر إلى ابتزاز المجتمع الدولي، ودفعه للضغط من أجل استمرار السماح بتشغيل ميناء الحديدة بما يحقق لها استمرار تدفق الإيرادات، برغم انتهاء الهدنة دون تجديد، والتي كان أحد بنودها يقضي بالسماح بدخول جميع السفن المحملة بالوقود إلى ميناء الحديدة، وأن تستخدم إيراداته لتسديد رواتب الموظفين العموميين.
وتتوقع الميليشيات أن يستجيب المجتمع الدولي لابتزازها؛ نظراً للمعاناة المضاعفة التي ستنتج عن إغلاق الطرق الرابطة بين المحافظات المحررة وتلك الخاضعة لها، إضافة إلى احتمالية توقف تدفق المساعدات الغذائية الأممية بسبب هذه الإجراءات.

الحصار الحوثي يؤرق المسافرين من تعز وإليها

كان ظهر يوم الاثنين الماضي كارثياً على الشاب اليمني يوسف، بعدما جرفت السيول حافلته الصغيرة وهي مصدر دخله الوحيد، إذ ينقل عليها الركاب من مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد (جنوب) إلى مختلف مناطق محافظة تعز المجاورة، حيث يضطر المسافرون منذ سنوات لاستخدام طريق فرعي غير معبد إثر قيام الحوثيين بإغلاق كل الطرق الرئيسية.

يقول يوسف، وهو يقف في مرتفع صغير يطل على الوادي وهو يشاهد حافلته: «تركتها ونجوت بنفسي». إلا أنه لم يكن الوحيد الذي تعرض لهذه الخسارة، حيث جرفت السيول 20 سيارة أخرى في وادي الخزجة التابع لمديرية حيفان في حدود محافظة تعز مع محافظة لحج، وهو الوادي الذي يستخدم لإيصال الركاب إلى مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي أو القادمين منها.

كما تعبر الطريق نفسه شاحنات نقل البضائع بعدما أغلقت الميليشيات الطريق الرئيسي الذي يربط محافظة لحج بمحافظة تعز ومن بعده إغلاق طريقين رئيسيين يربطان بين محافظة الضالع ومحافظة إب.

وإلى جانب إغلاق ميليشيات الحوثي كل الطرق المؤدية إلى مدينة تعز من ثلاثة اتجاهات ووضع أكثر من ثلاثة ملايين من سكان المحافظة تحت حصار خانق منذ أن تفجرت الحرب، أقدمت الميليشيات على إغلاق الطرق الرئيسية الواصلة من العاصمة اليمنية المؤقتة والتي تربط محافظة إب بمحافظة الضالع، وكذا الطريق الذي يربط محافظة البيضاء بمحافظة أبين، والطريق الرابط بين مديريتي حيس والجراحي في الحديدة، وطريق البرح مع ميناء المخا، إلى جانب طرق مأرب مع البيضاء ومع محافظة صنعاء.

السيول حولت المعبر الوحيد إلى تعز لمصيدة للسيارات وشاحنات نقل البضائع (تويتر)

وسعت الحكومة المعترف بها دولياً إلى القبول - أكثر من مرة - بكل المبادرات المحلية لفتح الطرقات، ودون أي قيود، كما قبلت بالمقترحات الأممية في سبيل إنهاء حصار تعز وفتح الطرق المؤدية إلى مركزها، لكن الميليشيات لا تزال حتى الآن ترفض تنفيذ ما تعهدت به رغم دخول التهدئة عامها الثاني.

استمرار المعاناة

بعد كل معاناة العيش وتذمر الحياة - يقول شكيب وهو أحد سكان منطقة الخزجة - يصل السائقون إلى هذا الوادي ويخسر بعضهم مصدر رزقه خلال دقائق، فيما ينجو آخرون بحياتهم بعد أن تجرف السيول كل أمتعتهم، في وقت يقترب فيه موعد عيد الأضحى المبارك، حيث يفضل الكثير من اليمنيين قضاء هذه المناسبة في الأرياف، حيث يلتئم شمل الأسر بعد أن أجبرت الأوضاع الاقتصادية التي انتهجتها الميليشيات الحوثية الذكور إلى الذهاب إلى المدن بحثاً عن العمل.

ووفق سكان المنطقة، فإن الضحايا دخلوا بسيارتهم إلى الوادي قبل هطول الأمطار، ولأن السيارات تحتاج إلى أكثر من ساعتين على أقل تقدير لعبور الوادي، فإنهم ما إن وصلوا إلى ما بعد منتصفه حتى دهمتهم السيول الغزيرة المتدفقة من المرتفعات، حيث شهدت البلاد خلال هذا الموسم هطول أمطار غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية التي ظهرت تأثيراتها واضحة خلال العامين الأخيرين.

لم يكتف الحوثيون بالحرب بل أغلقوا الطرقات وضاعفوا معاناة اليمنيين (تويتر)

ويؤكد السكان أنه إذا لم يتم الضغط على ميليشيات الحوثي لفتح الطرق بين المحافظات، فإن المعاناة سوف تتواصل، خاصة أن الميليشيات لم تكتف بإغلاق الطرق الرئيسية بل تمادت في تعسفها وألزمت التجار بالتوقف عن استيراد البضائع والمواد الغذائية عبر مناطق سيطرة الحكومة، وأخذت منهم تعهدات خطية بتحويل بضائعهم عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، ويقولون إن المسافة التي يقطعها السائقون في هذا الوادي لا تستغرق سوى 15 دقيقة عند المرور في الطريق الرئيسي المغلق.

تفاقم وضع النازحين

هذه المعاناة جاءت في وقت أكدت فيه المنظمة الدولية للهجرة أن الفيضانات الموسمية استمرت في التأثير على الأشخاص النازحين داخلياً والذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر بالفعل في محافظات مأرب وتعز وإب، حيث أدت الأمطار الغزيرة إلى تفاقم وضع العائلات التي تعيش في حالة نزوح مطول من خلال إتلاف الملاجئ وتدمير ممتلكاتها وتعريض الصحة والسلامة للخطر.

كما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن الفيضانات أثرت على حياة المدنيين والبنية التحتية، حيث قُتل ما يقدر بنحو 31 شخصاً، وأصيب 37 آخرين وفقد 3 في أعقاب فيضانات أبريل (نيسان) الماضي. وتسببت الأمطار الغزيرة في تساقط الصخور بشكل مدمر وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية، مما أدى إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية.

تقارير الأمم المتحدة أكدت أن اليمن تأثر بشكل متزايد بالآثار السلبية للتغير المناخي في السنوات الأخيرة، حيث كانت مدمِّرَة لسبل العيش في بلد يعاني مُسبقاً من انعدام الأمن الغذائي والمائي، بالإضافة إلى تدهور الأراضي الزراعية.

مربي نحل يتفقد خلاياه في مزرعة قرب صنعاء حيث يواجه النحالون تحديات هائلة بسبب تغير المناخ (رويترز)

ووصفت المنظمة الدولية التغير المناخي بأنه كان بمثابة ضربة قوية للمواسم الزراعية، حيث تؤثر الفيضانات والأمطار الغزيرة والجفاف وهطول الأمطار في غير موسمها على الأنشطة الزراعية والإنتاج وسبل العيش الريفية، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

ويقول المسؤولون اليمنيون إن المزارعين في كثير من المناطق تخلوا عن الزراعة نتيجة الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية وانجراف التربة الناجم عن الفيضانات والسيول، ولهذا تعمل الحكومة بالتعاون مع البنك الدولي على تنفيذ مشاريع الحفاظ على التربة، والتخفيف من آثار الفيضانات، وتوفير مصادر مستدامة للري التكميلي، ولضمان استمرار المزارعين في زراعة أراضيهم لكسب لقمة العيش.

سيول «مميتة» في اليمن

تُوفي وأُصيب أكثر من 18 يمنياً، معظمهم من النازحين، بسبب السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي تشهدها البلاد والتي ألحقت أضراراً بنحو 22 ألف أسرة في نحو 15 محافظة يمنية معظمها تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.

وفي حين يتهم السكان الميليشيات الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها المتضررون، أقرت الجماعة بأن عدد المنازل المتضررة من جرَّاء سيول الأمطار بلغ 21 ألفاً و378 منزلاً، منها 8 آلاف و339 منزلاً تضررت بشكل كلّي، و13 ألفاً و34 منزلاً بشكل جزئي و51 منزلاً آيلاً للسقوط.

كما أقرت الجماعة الانقلابية بتضرر 159 قطعة من الأراضي الزراعية، وحدوث 82 انهياراً صخرياً وقطعاً للطرق، و28 انهياراً في سدود وآبار وشبكات للمياه، حيث تصدرت محافظة حجة قائمة المحافظات الأكثر تضرراً في ممتلكات المواطنين، بينما تعرضت محافظة المحويت لانهيارات صخرية، مما أدى إلى قطع الطرق وتوقف حركة السير.

وأفادت مصادر محلية بأن سيول الأمطار تسببت في هدم 3 منازل، الأول يقع في مدينة صنعاء القديمة، والآخر في منطقة التحرير وسط العاصمة، بينما يقع المنزل الثالث، الذي أودى بحياة طفل، في إحدى القرى التابعة لمحافظة حجة. كما أدت السيول الناجمة عن الأمطار إلى تهدم 4 منازل أخرى بشكل كلّي وتشريد أسرها بفعل الانهيارات الصخرية في قرية الرقيفة أسفل جبل الصنع في مديرية شرعب السلام في محافظة تعز (جنوب غرب).

وفاة وإصابة 18 يمنياً وتضرر 22 ألف أسرة جرَّاء سيول الأمطار

تسببت السيول الناجمة عن الأمطار في مقتل وإصابة ما يزيد عن 18 يمنياً معظمهم من النازحين، إضافة إلى تضرر نحو 22 ألف أسرة في نحو 15 محافظة يمنية معظمها تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.

وبينما يتهم السكان الميليشيات الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها المتضررون، أقرت الجماعة بأن عدد المنازل المتضررة من جرَّاء سيول الأمطار بلغ 21 ألفاً و378 منزلاً، منها 8 آلاف و339 منزلاً تضررت بشكل كلي، و13 ألفاً و34 منزلاً بشكل جزئي و51 منزلاً آيلاً للسقوط.

انهيارات جرَّاء سيول الأمطار بمحافظة المحويت اليمنية (فيسبوك)

كما أقرت الجماعة الانقلابية بتضرر 159 قطعة من الأراضي الزراعية، وحدوث 82 انهياراً صخرياً وقطع للطرق، و28 انهياراً في سدود وآبار وشبكات للمياه، حيث تصدرت محافظة حجة قائمة المحافظات الأكثر تضرراً في ممتلكات المواطنين، بينما تعرضت محافظة المحويت إلى انهيارات صخرية، مما أدى إلى قطع الطرق وتوقف حركة السير.

ويقول السكان إن الميليشيات الحوثية لم تحرك أي ساكن لحمايتهم ومصالحهم وممتلكاتهم، من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة، وتحرك فرق الدفاع المدني.

أضرار ونزوح

إلى ذلك، أفادت مصادر محلية بأن سيول الأمطار تسببت في هدم ثلاثة منازل، الأول يقع في مدينة صنعاء القديمة، والآخر في منطقة التحرير وسط العاصمة، بينما يقع المنزل الثالث، الذي أودى بحياة طفل، في إحدى القرى التابعة لمحافظة حجة.

كما أدت السيول الناجمة عن الأمطار أيضاً إلى تهدم 4 منازل أخرى بشكل كلي وتشريد أسرها بفعل الانهيارات الصخرية في قرية «الرقيفة» أسفل جبل «الصنع» في مديرية شرعب السلام في محافظة تعز (جنوب غرب).

ويستمر نزوح العشرات من الأسر منذ أكثر من عشرة أيام من أحياء ومناطق عدة في صنعاء العاصمة ومحافظات أخرى تحت سيطرة الميليشيات الحوثية إلى أماكن أخرى أكثر أماناً بعد تعرض منازلهم للانهيار، بينما أبدت أسر أخرى تخوفها من سقوط منازلها جرَّاء تدفق مزيد من السيول وعدم قيام سلطات الميليشيات بأي مبادرة.

تهدم منزل بسبب الأمطار في محافظة المحويت (فيسبوك)

وفي ظل توقعات لخبراء أرصاد بهطول مزيد من الأمطار متفاوتة الشدة على العاصمة اليمنية والمدن ذات المرتفعات الجبلية، ومعظمها تحت سلطة الميليشيات، يتخوف اليمنيون من استمرار السيول، في ظل التدهور المستمر للبنية التحتية، مما يشكل خطراً على حياتهم ومنازلهم وممتلكاتهم.

وتوقع مركز الأرصاد اليمني، في بيان حديث، هطول أمطار متفاوتة الشدة مصحوبة بعواصف رعدية على 13 محافظة يمنية أغلبها تحت سيطرة الميليشيات، محذراً من التدني الملحوظ في مدى الرؤية الأفقية على الطرقات الجبلية أثناء هطول الأمطار الغزيرة.

تحذيرات أممية

وكانت الأمم المتحدة حذَّرت من أمطار جديدة ستضرب مناطق يمنية عدة في الأيام المقبلة، ستؤدي إلى تكاثر الجراد الصحراوي. وتوقعت تأثر 10 آلاف شخص بالفيضانات، مشيرة إلى تسبب الأمطار الغزيرة الأخيرة في وقوع ضحايا ودمار واسع في الممتلكات.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) عن مصرع وإصابة وفقدان 71 شخصاً جرَّاء أمطار ضربت مناطق يمنية عدة، خلال أبريل (نيسان) الماضي.

وبحسب تقرير المنظمة، فإن فيضانات الأمطار تسببت بمقتل 31 شخصاً وإصابة 37 آخرين، بينما تم تسجيل 3 آخرين في عداد المفقودين خلال الفترة المذكورة.

وأشار التقرير إلى تدمير الفيضانات البنية التحتية للري عبر الأودية الرئيسية في البلاد، كما تسببت الأمطار الغزيرة في سقوط صخور خطيرة بمديرية يريم بمحافظة إب تحت سيطرة الميليشيات.

وذكر أن محافظات المحويت، وحجة، وذمار، وإب، والعاصمة صنعاء وريفها وريمة شهدت أكبر نسبة من هطول الأمطار خلال الشهر الماضي.

مشهد للسيول التي غمرت أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وسبق أن أعلنت الأمم المتحدة، مطلع مايو (أيار) المنصرم، تأثر آلاف الأسر اليمنية جرَّاء الأحوال الجوية القاسية، التي منها الأمطار الغزيرة والفيضانات، منذ مطلع العام الحالي.

وذكر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن حوالي 2102 أسرة يمنية تأثرت بالظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الأمطار الغزيرة والفيضانات في جميع أنحاء البلاد، بين يناير (كانون الثاني)، وأبريل (نيسان) من العام الحالي.

وأوضح الصندوق أن غالبية المتضررين يقيمون في مناطق يصعب الوصول إليها وتستضيف النازحين، مشيراً إلى أن مجموعة آلية الاستجابة السريعة عززت استجابتها لمساعدة الأسر المتضررة من الفيضانات، مع وجود عملياتي في جميع المحافظات الـ12 المتضررة من الفيضانات.

شرطي مرور ينظم السير في شارع بالمدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)

السيول تخطف 10 يمنيين في مناطق الانقلابيين خلال يومين

أدت السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار في مناطق سيطرة الحوثيين خلال يومين إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة تسعة آخرين، مع انهيار سدود وحواجز مائية بقرى ومناطق عدة تتبع ثلاث محافظات يمنية، هي العاصمة صنعاء وريفها، ومحافظة المحويت، وسط اتهامات للجماعة الانقلابية بالتقاعس وتجاهل معاناة السكان.
جاء ذلك في وقت فيه بيانات أممية حديثة عن تضرر 349 عائلة يمنية في شهرين ماضيين جراء الأمطار والسيول، في ظل تحذيرات من اتساع الحوادث جراء الحالة المطرية المستمرة.
في هذا السياق ذكرت مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن آخر تلك الحوادث تمثل في وفاة امرأة أربعينية وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين، بقرية «قرن الدهور» بمديرية مناخة بريف صنعاء، بسبب تهدم منزل من عدة طوابق جراء السيول.
وذكرت المصادر أن تلك الحادثة سبقتها بأيام نجاة أسرة مكونة من 7 أشخاص في «حي الروضة» بمديرية بني الحارث شمال صنعاء، من حادثة تهدم أخرى لمنزلهم وقعت في أثناء الظهيرة؛ حيث هرع أهالي الحي إلى انتشال أفراد أسرة المواطن عبد الله القيز من تحت الأنقاض وهم على قيد الحياة.
إلى ذلك، شهدت العاصمة نفسها وقوع حادثة أخرى مشابهة، تمثلت في تهدم منزل آخر على رؤوس ساكنيه في «حي البليلي» بمديرية الصافية وسط صنعاء، ما أسفر عن وفاة شابة عشرينية، وإصابة 4 نساء أخريات، بعد أن قام المسعفون من أبناء المنطقة بإخراجهن على الفور من تحت الأنقاض.
وعلى وقع استمرار السيول الجارفة التي خلفت مزيدا من الضحايا والأضرار، أفاد سكان في صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات الحوثية لم تقم بتحريك أي ساكن حيال كل تلك المآسي والمعاناة والخسائر، أو المسارعة إلى حماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم، من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة وتحرك فرق الدفاع المدني.
وعلى صعيد حوادث الغرق وانهيار السدود والحواجز، أوضحت مصادر عاملة في مصلحة الدفاع المدني الخاضعة للجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن ما لا يقل عن ثلاثة أطفال وشاب قتلوا في اليومين السابقين في ثلاث حوادث غرق منفصلة وقعت داخل حواجز وسدود مائية بمحافظتي صنعاء والمحويت الواقعتين تحت إدارة وسلطة الميليشيات.
وتوفيت الطفلة مها عبد الغفور (10 سنوات) – بحسب المصادر - غرقا بسد «سيان» بمديرية سنحان بريف صنعاء، وسبقتها بساعات قليلة وفاة طفلين آخرين غرقا في حاجز مائي بمديرية خميس بني سعد بالمحويت، وجاءت الحادثتان بعد يوم من وفاة شاب ثلاثيني يدعى مراد الكميم (32 عاما) غرقاً بسد «شاحك» بمديرية خولان الطيال بمحافظة صنعاء.
وتزامنت تلك الحوادث الثلاث مع تسجيل حدوث واقعة أخرى، تمثلت في انهيار سد «العقبي» بقرية بيت الهندي بمديرية حفاش بمحافظة المحويت شمال غربي صنعاء، بسبب استمرار تدفق السيول إليه، مخلفا 4 قتلى وجريحين، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة بمنازل المواطنين وممتلكاتهم الزراعية.
وحمل أهالي قرى بالمحويت ميليشيات الحوثي كامل المسؤولية عن تلك الكارثة، متهمين الجماعة بالوقوف خلف سرقة ونهب جميع المبالغ المخصصة لصيانة السدود والحواجز والخزانات المائية التي تم إنشاؤها في ظل حكومات يمنية سابقة، الأمر الذي قاد إلى تهالك بعضها وانهيار أخرى مخلفة خسائر مادية وبشرية.
وبينما لا يزال موسم الأمطار في أوجه، يواصل ناشطون يمنيون إطلاق نداءات إنسانية متتابعة عبر منصات التواصل الاجتماعي من أجل تكثيف عمليات الإغاثة والإيواء في المناطق المنكوبة من السيول، لا سيما في تلك المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وفي بيان حديث له، توقع مركز الأرصاد اليمني هطول أمطار متفاوتة الشدة على عدة محافظات: صعدة، وحجة، والمحويت، وعمران، وصنعاء، وذمار، وريمة، وإب، وتعز، والضالع، ولحج، والبيضاء.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت حديثا عن تضرر أكثر من 349 أسرة يمنية جراء الأمطار والسيول. وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان في حسابه على «تويتر» إنه خلال يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) 2023، أثرت الأمطار الغزيرة والسيول في ‎اليمن على أكثر من 349 عائلة. وأضاف أن 2.905 من العائلات النازحة حديثاً تلقت مساعدات طارئة ‎في تسع محافظات يمنية.

السيول تغرق شوارع صنعاء والانقلابيون يتجاهلون معاناة السكان

ضربت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة محال تجارية ومنازل مواطنين في مناطق متفرقة من العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وسط اتهامات للميليشيات الحوثية بتجاهل حجم الكارثة وغياب أجهزتها وفرقها المعنية بعمليات التدخل والإنقاذ.
وتحدث شهود في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العديد من الأحياء والشوارع في صنعاء بما فيها حي التحرير وشوارع جمال وهائل وأحياء السنينة والرقاص والرباط وغيرها، تحولت بفعل غزارة الأمطار إلى ما يشبه البحيرات؛ حيث تدفقت السيول الجارفة إلى عدة محال تجارية ومنازل مواطنين وحاصرت آخرين لساعات وسط تغاضي الميليشيات وغياب فرق الدفاع المدني التابعة لها.
وعلى وقع استمرار السيول المتدفقة، ولجوء مواطنين على متن قوارب صغيرة إلى التدخل لإنقاذ المحاصرين، أوضح سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيات الحوثي لم تحرك ساكناً لحماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم من قبيل عمليات الإخلاء والتحذيرات المسبقة وتحرك فرق الدفاع المدني.
وأشار بعض السكان إلى أن الجماعة اكتفت فقط كعادتها بالحضور بعد توقف الأمطار، وتحديدا في أعقاب تمكن المواطنين من إنقاذ عشرات المحاصرين، من السكان الذين اجتاحت السيول المتدفقة منازلهم ومحالهم التجارية وأحدثت فيها أضرارا متفاوتة. وعبر السكان في صنعاء عن شعورهم بالخيبة جراء عدم استجابة سلطات الانقلاب لنداءات الاستغاثة التي أطلقوها، بهدف التدخل لإنقاذهم؛ خصوصاً في أعقاب ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية، ودخولها بكثرة إلى منازلهم ومحالهم.
ويقول (عبد الله. ع) وهو مالك محل صغير لبيع الملابس وسط ميدان التحرير بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن السيول أتت فجأة على محله التجاري وجرفت كل ما بداخله.
وأشار إلى أن كمية الأمطار المستمرة لساعات، أدت سيولها الجارفة إلى اجتياح عدد من المحال وجرف السيارات وتضرر كثير من المنازل في حي التحرير وأحياء بمناطق أخرى في صنعاء، إضافة إلى قطع عشرات الطرق والشوارع الرئيسية والفرعية في ظل عدم تحريك سلطة الانقلاب أي ساكن حيالها.
ويعتقد محسن، وهو اسم مستعار لصاحب متجر آخر في حي التحرير، وسط العاصمة صنعاء، أن قادة الميليشيات الحوثية في صنعاء يتحملون المسؤولية الكاملة حيال ما تعرضت له المتاجر من خسائر كبيرة بفعل كارثة السيول، متهما إياهم بالإهمال.
وتداول ناشطون ومغردون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد أظهرت معظم شوارع وأحياء المختطفة صنعاء، وهي غارقة بالسيول، بعد أن حاصرت المياه العديد من السكان في منازلهم، إضافة إلى تعرض بعض السيارات والمحال التجارية لأضرار بالغة.
مصادر محلية في صنعاء تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن نزوح العشرات من السكان من منازلهم ومحالهم التجارية في أحياء التحرير والسنينية والقاع والبليلي والبونية وسط العاصمة، خوفاً من انهيار منازلهم مع استمرار سقوط الأمطار وتدفق مزيد من السيول.
يأتي ذلك في وقت أشار فيه عاملون، فيما يسمى مصلحة الدفاع المدني الخاضعة للانقلاب بصنعاء، إلى أن عدم تحريك الميليشيات الحوثية أي ساكن للقيام بدورها في أثناء هطول الأمطار وقبل وصول السيول إلى الأحياء والشوارع المنكوبة ساهم بدرجة كبيرة في مضاعفة الأضرار التي تكبدها عشرات السكان في العاصمة.
وعلى الرغم من توقعات حديثة بهطول مزيد من الأمطار متفاوتة الشدة على العاصمة صنعاء والمدن اليمنية ذات المرتفعات الجبلية، ومعظمها تحت سلطة الانقلابيين، يتخوف اليمنيون من استمرار تهديد السيول، في ظل التدهور المستمر للبنية التحتية، ما يشكل خطراً على حياتهم ومنازلهم.
وتوقع مركز الأرصاد اليمني هطول مزيد من الأمطار المتفاوتة على عدة محافظات يمنية أغلبها تحت سيطرة الميليشيات، وقال إنه يتوقع هطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على أجزاء من محافظات ريمة، وحجة، وصنعاء، وعمران، وذمار، وإب، والبيضاء، والضالع، وتعز، ولحج، وأبين.
وكان باحثون يمنيون في صنعاء حذروا قبل أيام في بلاغات على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي من أن الأيام المقبلة ستشهد أجواء غائمة مصحوبة بهطول مزيد من الأمطار الغزيرة على عدة محافظات يمنية.

وقال الصندوق الأممي إن 37 في المائة من الأفراد المستهدفين بالمساعدة العينية في آلية الاستجابة السريعة خلال هذه الفترة كانوا من المتضررين من الفيضانات، لافتا إلى نشر فرق الطوارئ من قبل مجموعة آلية الاستجابة السريعة، لتقييم الأضرار التي لحقت بالمساكن والمخيمات في جميع المديريات الـ 62 المتضررة من الأمطار والفيضانات في 12 محافظة.

حادث مروري يودي بـ 11 يمنياً ويعيد التذكير بمأساة حصار تعز

يأمل سكان محافظة تعز اليمنية (جنوبي غرب) أن يشغل فك الحصار عن المحافظة جزءاً محورياً من ملف عملية السلام وإنهاء الحرب في البلاد، حيث لا تكاد تتوقف الحوادث المرورية المأساوية في الطريق إلى المحافظة ومنها، معيدة التذكير بالحصار الذي يفرضه الانقلابيون الحوثيون منذ ثماني سنوات، وهو ما بات ينظر إليه كأطول حصار في العصر الحديث.
فحينما كان اليمنيون يودعون شهر رمضان، ويستعدون لاستقبال عيد الفطر؛ وقع حادث مروري مأساوي في طريق «هيجة العبد» مودياً بحياة 11 شخصاً، وإصابة 3 آخرين، كانوا في طريقهم لقضاء أيام العيد رفقة عائلاتهم، وتسبب هذا الحادث بتوقف الحركة في الطريق المزدحمة بالسيارات والشاحنات لوقت طويل.
قبل هذا الحادث بأسبوع؛ أغلقت الطريق لساعات طويلة إثر انقلاب شاحنة نقل بضائع، ورغم نجاة سائق الشاحنة؛ فإن الشاحنة والبضائع التي كانت على متنها تعرضت لأضرار كبيرة.
و«هيجة العبد» طريق فرعية تربط محافظة تعز بمحافظتي لحج وعدن جنوباً، وسابقاً كان يستخدمها أهالي الأرياف الجنوبية في المحافظة، قبل أن يضطر أهالي غالبية مناطق محافظة تعز، الذين يزيد تعدادهم على 4 ملايين نسمة، لاستخدامها بسبب الحصار الذي فرضته الميليشيات الحوثية منذ 2015، ما تسبب في ازدحامها وتهالكها بشكل متواصل.
وأصبحت حوادث انقلاب السيارات والشاحنات أمراً معتاداً لأهالي المنطقة وسالكي هذه الطريق، ففي الأشهر الماضية من العام الجاري وقع أكثر من 15 حادث انقلاب، توفي فيها شخص واحد وأصيب أكثر من 7 آخرين، إلا أن حادث اليوم الأخير من شهر رمضان كان أكثر مأساوية بسبب عدد الضحايا.
ولا توجد إحصائيات رسمية عن الحوادث والضحايا في طريق هيجة العبد؛ غير أن منظمة محلية ذكرت منتصف العام الماضي أنه وخلال الفترة من 2017 وحتى 2021؛ توفي وأصيب أكثر من 180 شخصاً في حوادث سير في الطريق الوعرة التي تتعرض للخراب والإغلاق باستمرار بسبب الأمطار.
ورغم أن الطريق تتلقى أعمال صيانة بين الحين والآخر؛ فإن ذلك لا يكفي لتأهيلها لاستيعاب حركة التنقل بين محافظة تعز والمحافظات المجاورة، نظراً لوقوع الطريق في منحدر جبلي شاهق، وهو ما يتطلب، حسب خبراء، أعمال توسعة وإعادة تصميم، وبناء مرافق وقائية من تأثير السيول والأمطار؛ ما يستدعي توافر إمكانات وأموال كبيرة.
وأعاد عدد من الصحافيين اليمنيين طرح قضية الحصار الذي تتعرض له المدينة وأريافها منذ ثماني سنوات إلى النقاش في إطار ما يجري التحضير له من عملية سياسية تهدف إلى إحلال السلام في اليمن، حيث عقدت ندوة حول استحقاقات حضور وغياب تعز في استحقاقات المعركة والمفاوضات.
وفسر الصحافي وسام السامعي، حصار تعز برغبة ميليشيات الحوثي في منع التواصل مع العاصمة صنعاء، ونقل التأثير إليها، نظراً لما يمثله هذا التأثير من عامل قوة في كسر هيمنة وسطوة الميليشيات، مذكراً بما جرى في ستينات القرن الماضي خلال «ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، ما يجعل حصار تعز بالنسبة لجماعة الحوثي أمراً بالغ الضرورة.
وحسب السامعي؛ فإن ميليشيات الحوثي تسعى إلى عزل تعز عن مدينة عدن جنوباً، لأنها كانت الرئة التي تتنفس منها تعز خلال عهد الأئمة قبل الثورة، وحاضنة للحركة الوطنية، ويرى أن الميليشيات لن ترفع الحصار عن تعز إلا إذا ضمنت أنها ستحكم قبضتها على اليمن بشكل كامل.
من جانبه دعا الصحافي أحمد شوقي أحمد، زملاءه إلى الإيمان الحقيقي بقضية تعز والانتصار لها وتجاوز الانتماءات الحزبية والفئوية والمناطقية، نظراً لكونهم الفئة الفاعلة في القضية الوطنية وما يتعلق بدور تعز في المعركة الراهنة، خصوصاً أن جميع الأشكال المدنية مثل الأحزاب والنقابات والمنظمات والجمعيات جرى استهداف وجودها خلال الحرب.
وشدد على أهمية تمثيل تعز بشكل حقيقي في مكونات الجيش وأجهزة الدولة، طالما كانت حاملة للمشروع الوطني، ورافدة للخطاب السياسي المعتدل الذي يمثل مصالح جميع اليمنيين، مطالباً الصحافيين باستيعاب دورهم الطبيعي والمهني في هذه المرحلة الاستثنائية.
ووصف الصحافي نجم الشرعبي إشكالية مدينة تعز بالنموذج المصغر للإشكالية اليمنية، فهي مدينة مجزأة بوصفها مرآة لبلد مجزأ، نجحت في تمثيل اليمن لكنها عجزت عن تمثيل نفسها، منبهاً إلى أن المعادلة انقلبت من اشتراط تحرير تعز لتحرير اليمن؛ إلى أن أصبحت معالجة الأزمة اليمنية تبدو كأنها قائمة على حساب تعز.
فمن وجهة نظره؛ تمكنت تعز باكراً من استعادة مؤسسات الدولة؛ إلا أنها لم تجد تمثيلها لأسباب غير مفهومة وغير منطقية، مرجحاً أن تكون تعز قد مارست السياسة لوقت طويل خارج السلطة أو على الظل من السلطة، حيث احتفظ الحراك السياسي بوهجه وتنوعه؛ لكنه عجز عن تصدير خطاب سياسي يحترم المدينة وتضحياتها.