انقلابيو اليمن يسخّرون الدراما لتمكين مشروعهم الطائفي

القنوات المناهضة ركزت على التسلية وتجاهلت الحرب

المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)
المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يسخّرون الدراما لتمكين مشروعهم الطائفي

المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)
المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)

رغم مضي أكثر من شهر على انتهاء موسم الدراما اليمنية، فإنه لا يزال الجدل قائماً حول المستويات الفنية للمسلسلات، في وقت يغيب فيه النقاش حول تجاهلها للانقلاب الحوثي وأثره على هوية ومستقبل البلاد، بخلاف الدراما التي تنتجها الجماعة خدمةً لأجندتها الطائفية، وتأكيداً لأحقيتها في حكم اليمنيين.

وتتكرر الآراء المتبادلة في هذا الشأن كل عام، غير أنها لا تتعرض إلى ابتعاد الغالبية من المسلسلات عن قضايا المجتمع، سواء المتأصلة أو الطارئة بفعل الانقلاب والحرب، ما عدا بعض الإشارات إلى انقطاع الرواتب، وانتشار الجريمة والمخدرات، في حين تذهب بعض الأعمال إلى التغني بالتاريخ بأسلوب موارب لمناهضة مشروع الجماعة الحوثية.

بوستر مسلسل حوثي يتبنى تصورات أجهزة أمن الجماعة لقضايا المجتمع (فيسبوك)

ويستغرب الناقد اليمني رياض حمّادي من أن القنوات التي تناهض الحوثيين تتبنى برامج ساخرة ضدهم، لكنها لا تخطط لإدراج هذا النقد ضمن المسلسلات الدرامية، وربما يأتي ذلك من باب الجهل بدور الدراما في الصراع الحاصل، أو أن منتجي هذه المسلسلات يرغبون في عرض مسلسلاتهم على شاشات القنوات الحوثية، فيتجنبون إغضاب الجماعة.

ويقول حمّادي لـ«الشرق الأوسط»: «ابتعاد هذه المسلسلات عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية التي تمس حياة اليمني، يجعلني أميل إلى أن السبب هو رغبة المنتجين في نسيان الحرب ومسبباتها، والتركيز على هوامش تبهج المشاهد»، مشيراً إلى أن هناك سبباً يتمثل في افتقار القوى المناهضة للحوثيين لخطط إعلامية تتفوق على خطط خصمها.

ويتوزع بث المسلسلات الحوثية على القنوات الناطقة باسم الجماعة، وقنوات رسمية سيطرت عليها الجماعة عند اقتحام العاصمة صنعاء منذ ما يقارب العقد، إلى جانب قنوات أخرى تابعة لقيادات حوثية نشأت بفعل الفساد والمال المنهوب خلال السنوات الماضية.

سيطرة على الوعي

تنتج المؤسسات والقنوات التابعة للجماعة الحوثية مسلسلات سنوية تتبنى رواية الجماعة للانقلاب والحرب وآثارهما، ويتم وصف خصوم الجماعة فيها بـ«الدواعش والإرهابيين والمرتزقة والعملاء والخونة»، بينما لا يظهر الحوثيون في دراما القنوات المناهضة لهم أي شكل أو صفة.

وكما يرى الناقد حمادي، فمن الضروري وجود دراما تتناول الموضوعات السياسية بشكل غير مباشر، وإلا لأصبحت خطابة مستهجنة، فالمتابع للسينما والدراما العربية والعالمية يدرك أن كل الموضوعات قابلة للمعالجة بأساليب تحقق الهدف المطلوب، ولا تضر بالعمل أو صانعيه، لكن هذا يبدو مستحيلاً في ظل تدهور قطاع الدراما اليمني، وغياب النصوص الذكية تقنياً والعميقة مضموناً.

معاناة اليمنيين غائبة عن تناولات المسلسلات اليمنية إلا فيما ندر (أ.ف.ب)

ومنذ اندلاع الحرب، لجأت القنوات التلفزيونية التابعة للقوى السياسية والاجتماعية المناهضة للجماعة الحوثية إلى إنتاج مسلسلات تستأنس بالتاريخ اليمني، وتتمسك من خلاله بالهوية اليمنية التي تتعرض للتجريف بفعل الانقلاب الذي ضرب النسيج الاجتماعي، وهي مسلسلات يجمع غالبية النقاد على فقرها الفني، وركاكة معالجاتها الدرامية.

ويتهم المخرج اليمني الشاب محمد طالب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الجماعة الحوثية بتقييد وعرقلة الأعمال الفنية لصالح دعم وتمكين مؤسساتها، مثل مؤسسة «الهادي الثقافية» التي تنتج أعمالاً سنوية مؤدلجة تهاجم خصوم الجماعة، وتعزز سيطرتها التوعوية على المجتمع وفق قوله.

وفي المقابل، يرى طالب، أن القنوات المحسوبة على القوى المناهضة للحوثيين لا تملك الحرية الكافية، إذ تتعدد هوياتها ومصادر تمويلها، لتتخلى تبعاً لذلك عن الأعمال السياسية المناهضة للجماعة، وتبنّي الأعمال الاجتماعية أو الفانتازية، وتحاول الابتعاد عن الحرب ليجري تغييب الكثير من القضايا المهمة التي تظهر في البرامج الأخرى لهذه القنوات.

ولا تستحق المسلسلات التي يجري تقديمها لليمنيين تسمية الدراما وفقاً لأكاديمي في جامعة صنعاء، فهي تبدو أقرب إلى المقاطع التي تتوسل الكوميديا المستهلكة والمكررة والمقلدة، لكنه ينبه إلى أن الجماعة الحوثية تستغل كل الفضاءات الممكنة لتقديم رسائلها، ومخاطبة المتابعين بآيديولوجيتها، بينما تكتفي القنوات التابعة لخصوم الحوثي بتسلية المتابعين وإضحكاهم.

فانتازيا تبحث عن الهوية اليمنية عبر التاريخ والأساطير (فيسبوك)

الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه، حفاظاً على سلامته، أوضح أنه اضطر إلى متابعة بعض المسلسلات التي تبثها القنوات الحوثية لمعرفة ما يجري تضمينه من موجهات تخاطب ذهنية المتلقي اليمني، فوجد أن هذه المسلسلات يجري إنتاجها بوعي تام بمعركة الجماعة ومشروعها، ورغم رداءتها الفنية، فإنها أكثر احترافاً من مسلسلات تلفزة خصوم الجماعة.

دعوة للدعم الرسمي

يعدّ تحقيق العوائد المالية هو الأساس في كل إنتاج تلفزيوني، وهو ما يدفع شركات الإنتاج وقنوات التلفزة إلى تجنب تقديم دراما تثير الجدل، وتمنع شرائح مجتمعية من متابعتها.

ويرى الكاتب اليمني وسام محمد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه توجد سمة في الدراما اليمنية التي لا تزال تميل إلى تحقيق أعلى مشاهدات كل موسم رمضاني، حيث يسري اعتقاد أن معالجة قضايا الحاضر سيجعلها تفقد جزءاً من الجمهور المستهدف.

وثمة اعتبارات كثيرة تجعل من الدراما المعروضة في القنوات غير التابعة للجماعة الحوثية، محايدة ومغتربة عن الواقع، بل وحذرة وفقاً لمحمد، منها ما يتعلق بكثير من الفنانين والمنتجين الذين يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة الجماعة، ومنها ما يتعلق بغياب النقاش في المستوى الثقافي، أي غياب الأفكار الواضحة التي يمكن استلهامها.

مشهد من مسلسل يقدم شخصية موالية للجماعة الحوثية بشكل مثالي وتحظى باحترام الجميع (فيسبوك)

ويرفض محمد إنتاج دراما مؤدلجة رداً على ما تنتجه الجماعة الحوثية، فـ«سيكون هذا فجاً وعلى حساب القيمة الفنية»، كما يدعو إلى ضرورة وجود توجه حكومي داعم للأعمال الفنية الدرامية، إذ لا يمكن أن نتوقع أن تكون الأعمال الدرامية بجودة عالية ما لم يكن هناك دعم حقيقي.

ويخلص إلى أن الرد على الدراما الحوثية إلى جانب الدعم، سيوفر إشاعة جو من الحرية، وهذا كفيل بجعل الفن يفطن وحده للدور الذي عليه القيام به.

لكنّ الناقد حمّادي ينبه إلى أن هناك جمهوراً سطحياً يتقبل الأعمال الآيديولوجية المباشرة، بل وتروق له، وهذا الجمهور يتأثر بالدراما الحوثية وبرامجها المباشرة، والمطلوب للرد على هذا النوع من الدراما هو دراما أذكى وأكثر عمقاً تحقق التعاطف، وتحرض الجمهور على الوعي بمشكلاته.


مقالات ذات صلة

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك المعاقبة، واستئناف الرحلات من صنعاء إلى عمان.

علي ربيع (عدن)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.