انقلابيو اليمن يكثفون أعمال التعبئة والتطييف مع حلول رمضان

الجماعة فرضت بثّ خطب زعيمها في المساجد والشوارع

يفرض الحوثيون أفكارهم بالقوة وينكلون بمعارضيهم (أ.ف.ب)
يفرض الحوثيون أفكارهم بالقوة وينكلون بمعارضيهم (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يكثفون أعمال التعبئة والتطييف مع حلول رمضان

يفرض الحوثيون أفكارهم بالقوة وينكلون بمعارضيهم (أ.ف.ب)
يفرض الحوثيون أفكارهم بالقوة وينكلون بمعارضيهم (أ.ف.ب)

يختار الحوثيون حلول شهر رمضان؛ لتكثيف خطابهم الطائفي وإرغام السكان على الالتزام بتوجهاتهم، في مسعى لإحداث تغيير مذهبي يعتقدون بأنه سيوفر لهم قاعدة جماهيرية بعد أن أصبح اليمنيون يصفون الجماعة بأنها ممثل للسلالة التي ينتمي إليها قادتها، وتسعى لاحتكار الحكم في البلاد.

ومع تصاعد الخطاب القومي الوطني في اليمن، وامتداده إلى الدراما الرمضانية التي تبثها غالبية المحطات التلفزيونية المحلية، أمرَ الحوثيون كما هي العادة ببث محاضرات زعيمهم عبد الملك الحوثي في المساجد وفي المقاهي، وحتى في تقاطعات الشوارع، حيث نصبت مكبرات الصوت لهذا الغرض.

حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء يتابعون عبر شاشة عملاقة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

وزادت الجماعة على ذلك بأن ضاعفت من مضايقة المصلين في أثناء أداء صلاة التراويح، وتوجيه أئمة المساجد بالتقيد بتعليماتهم فيما يخص مواعيد الإمساك والإفطار.

ووفق ما ذكرته مصادر محلية في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) فإن مدير مكتب الأوقاف الذي ينحدر من محافظة صعدة وهو أيضا أحد أصهار عبد الملك الحوثي وجّه القائمين على مساجد المدينة بتأخير أذان المغرب خلال شهر رمضان، وتقديم موعد أذان الفجر، وذلك خلافاً للتوقيت المحلي المعمول به في المحافظة منذ عقود من الزمن.

المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي الحوثي أحمد الحمران المعين مديراً لمكتب الإرشاد يشرف على فرض التوجهات الطائفية في المدينة التي يعتنق سكانها منذ مئات السنين المذهب الشافعي.

وأفادت المصادر بأن الحمران وجّه مسؤولي وأئمة المساجد بتأخير موعد أذان المغرب اتساقاً مع ما ينص عليه المذهب الذي يعتنقه الحوثيون، وهدد الرجل بمعاقبة كل مَن يخالف هذه التعليمات، في مواجهة باتت سنوية في هذه المدينة، وهي عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، والتي تشهد مواجهات كل عام منذ سيطرة الحوثيين عليها.

مقاومة التوجيهات

نقلت مصادر محلية في مدينة إب عن القائمين على المساجد القول إنهم ورغم تسلمهم تلك التوجيهات الحوثية، وما يُسمي «تقويم مواعيد الصلوات» فإنهم يعتزمون، كما جرت العادة، على رفض تلك التوجيهات والاستمرار بالعمل وفقاً للمواعيد المتعارف عليها، وما يتوافق مع المذهب السائد في المحافظة، الذي ينصّ على تقديم الإفطار وتأخير السحور.

استهدف الحوثيون الحي القديم في مدينة إب الذي أصبح رمزاً لمعارضة التطييف (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن الحوثيين يستهدفون بشكل خاص الحي القديم في مدينة إب، الذي أصبح بؤرة للمعارضين لتوجهاتهم الطائفية، وكان منطلقاً لأكبر مظاهرة واجهتها الجماعة منذ السيطرة على المدينة عقب تصفية الشاب حمدي المكحل في أحد أقسام الشرطة. وبالتزامن مع ذلك أمرت مكاتب الأوقاف في مناطق سيطرة الحوثيين جميع القائمين على المساجد بفتح مكبرات الصوت لبث البرامج الطائفية التي تُبَثّ عبر محطات الإذاعة والتلفزيون قبيل المغرب وبعد صلاة العشاء، بما فيها الخطبة اليومية لزعيم الجماعة طوال شهر رمضان المبارك.

ويتسبب هذا الإجراء عادة في صدامات بين مرتادي المساجد لتأدية صلاة التراويح، وأنصار الحوثيين الذي يتجمعون في المساجد لمضغ نبتة «القات» (مادة منبهة وتصنف ضمن المخدرات في كثير من الدول)، والاستماع لخطبة زعيمهم من خلال شاشات كبيرة تنصب في أغلب المساجد، خصوصاً التي يرتادها السكان لأداء صلاة التراويح.

يتحدى اليمنيون القيود الطائفية ويؤدون صلاة التراويح بأعداد كبيرة جداً (إعلام محلي)

وفي محافظة عمران، وزّع الحوثيون أيضاً تعميماً على المساجد أمروا من خلاله القائمين عليها بتأخير أذان صلاة المغرب خلال شهر رمضان المبارك، إلى ما بعد رفع الأذان من الجامع الكبير في صنعاء بخمس دقائق، في مسعى لإلزام السكان بالإفطار بحسب الاعتقاد المذهبي للجماعة، وفق ما ذكرته المصادر التي أكدت أن هذه التوجيهات أُرسلت إلى القائمين على المساجد في صنعاء وذمار والمحويت والحديدة وحجة.

تنديد حكومي

كانت الحكومة اليمنية وعلى لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، نددت بالتصريحات التي أدلى بها عضو الوفد المفاوض عن الحوثيين عبد الملك العجري، التي أكد فيها أن زعيم الجماعة سيظل مرجعية للبلاد في حال تم التوصل إلى اتفاق سلام مع الحكومة المعترف بها دولياً.

وقال الإرياني إن هذه التصريحات تؤكد ما قالته الحكومة منذ اللحظة الأولى للانقلاب، من أن الحوثيين يسعون لاستنساخ النموذج الإيراني للحكم في اليمن، وأنهم يرفضون مبدأ الشراكة، ولا يقبلون التعايش مع أحد، ولا يلقون أي اعتبار للدستور والقوانين النافذة.

‏ ووفق ما أورده الوزير اليمني، فإن القيادي الحوثي العجري ردّ على سؤال لأحد الصحافيين حول استعدادهم لتقاسم السلطة مع الأطراف السياسية الأخرى، وقال: «إن عبد الملك الحوثي سيظل السلطة السياسية العليا في اليمن في ظل أي حكومة مقبلة؛ لأن سلطته تأتي مباشرة من الشعب، وبالتالي فهي غير قابلة للنقاش» ما يعني أنه سيكون بمثابة نظير للمرشد الأعلى في إيران، الذي له الكلمة الأخيرة في جميع شؤون الدولة.‏

فشل الحوثيون في محاولاتهم للتغيير المذهبي فلجأوا إلى القوة (إعلام حوثي)

ورأى الإرياني أن هذه الأطروحات تتجاهل في المقام الأول حالة التنوع والتعدد القائمة في البلاد، وكذا الرفض الشعبي العارم للميليشيا في مناطق اليمن كافة، بما في ذلك معقلها الرئيسي في محافظة صعدة وباقي المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، ورفض ما قام به الحوثيون منذ نشأتهم من فظائع في محاولة لفرض أفكارهم «المتخلفة» على اليمنيين بقوة السلاح. ‏

وأكد أن اليمنيين ضحوا طيلة 10 سنوات من عُمر «الانقلاب» بخيرة رجالهم، وسكبوا أنهاراً من الدماء دفاعاً عن الثورة ومكتسباتها؛ رفضاً لنقل التجربة الإيرانية لليمن، وبذلوا أرواحهم رخيصة في مختلف جبهات القتال رفضاً لهذا المشروع.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي بإعادة التقييم الشامل للملف اليمني، وإدراك أن الحوثيين «تنظيم إرهابي» لا يقبل الشراكة ولا التعايش، وينتهج القوة والعنف والإرهاب.

واتهم الإرياني الحوثيين باستهداف النسيج الاجتماعي، عبر تغذية النزعات المناطقية والعنصرية والمذهبية والعرقية، ومسخ الهوية الوطنية وإحلال الثقافة الفارسية؛ سبيلاً لفرض مشروعهم، ورهن اليمن بيد إيران. ‏


مقالات ذات صلة

تزامناً مع ضربات جديدة... ترمب يتوعّد بـ«القضاء على الحوثيين تماماً»

العالم العربي صورة ملتقطة من مقطع فيديو تم نشره في 18 مارس 2025 تظهر طائرة أميركية مقاتلة تقلع في مهمة ضد الحوثيين في اليمن في مكان غير محدد (رويترز) play-circle

تزامناً مع ضربات جديدة... ترمب يتوعّد بـ«القضاء على الحوثيين تماماً»

تزامناً مع ضربات أميركية جديدة، توعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحوثيين قائلاً إنه سيتم «القضاء عليهم تماما».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:30

ترمب يتعهد القضاء على الحوثيين... وضربات تستهدف صنعاء وصعدة

ركّزت الضربات الأميركية في يومها الخامس على مخابئ الحوثيين وتحصيناتهم في معقلهم الرئيسي، فيما فتحت الجماعة الباب لانتقام إسرائيلي بعد استئناف هجماتها الصاروخية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي قيادات جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية (إكس)

منتسبو جناح «مؤتمر صنعاء» عرضة للتعبئة القتالية الحوثية

يستعد الانقلابيون الحوثيون لإخضاع المئات من أعضاء جناح حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضع لها في العاصمة المختطفة صنعاء للتعبئة وإلحاقهم بدورات عسكرية مكثفة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي يمني في صنعاء يظفر بحصة من المساعدات الغذائية (إ.ب.أ)

اتهام للحوثيين بنهب مخازن غذاء أممية في صعدة

أقدم الحوثيون على نهب مستودعات الأغذية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في صعدة، حيث معقلهم الرئيسي، وسط إدانة يمنية وأميركية ودعوات لاتخاذ خطوات حاسمة

علي ربيع (عدن)
العالم العربي دخان يتصاعد عقب ضربة أميركية استهدفت الحوثيين في اليمن (رويترز)

وعورة التضاريس تصعّب مهمة أميركا في تدمير قدرات الحوثيين

تبدو خيارات واشنطن محدودة لتدمير قدرات الحوثيين بسبب وعورة التضاريس؛ مما يرجح اللجوء إلى سيناريو إسرائيل في تدمير قدرات «حزب الله» بلبنان.

محمد ناصر (تعز (اليمن))

تزامناً مع ضربات جديدة... ترمب يتوعّد بـ«القضاء على الحوثيين تماماً»

صورة ملتقطة من مقطع فيديو تم نشره في 18 مارس 2025 تظهر طائرة أميركية مقاتلة تقلع في مهمة ضد الحوثيين في اليمن في مكان غير محدد (رويترز)
صورة ملتقطة من مقطع فيديو تم نشره في 18 مارس 2025 تظهر طائرة أميركية مقاتلة تقلع في مهمة ضد الحوثيين في اليمن في مكان غير محدد (رويترز)
TT

تزامناً مع ضربات جديدة... ترمب يتوعّد بـ«القضاء على الحوثيين تماماً»

صورة ملتقطة من مقطع فيديو تم نشره في 18 مارس 2025 تظهر طائرة أميركية مقاتلة تقلع في مهمة ضد الحوثيين في اليمن في مكان غير محدد (رويترز)
صورة ملتقطة من مقطع فيديو تم نشره في 18 مارس 2025 تظهر طائرة أميركية مقاتلة تقلع في مهمة ضد الحوثيين في اليمن في مكان غير محدد (رويترز)

تزامناً مع ضربات أميركية جديدة، توعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحوثيين قائلاً إنه سيتم «القضاء عليهم تماما».

وقال الرئيس الأميركي، اليوم الأربعاء، إن إيران يجب أن تتوقف فورا عن إرسال الإمدادات العسكرية إلى الحوثيين وتترك الجماعة اليمنية «تقاتل بنفسها».

وأضاف ترمب في منشور على منصة تروث سوشيال، أن الضربات الأميركية على الحوثيين «ستصبح أسوأ تدريجياً»، وأنه «سيتم القضاء عليهم تماما!».

وفي السياق، أفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بتعرّض مناطق يمنية عدة خاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران لضربات أميركية جديدة. وأشارت إلى أن الضربات استهدفت العاصمة صنعاء ومحيط مدينة صعدة، كما طالت مديرية السوادية في محافظة البيضاء.

وكان سكان يمنيون قالوا لوكالة «رويترز» للأنباء، إن ضربات جوية استهدفت معقلا لجماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء اليوم الأربعاء. وأضافوا أن الضربات استهدفت حياً قريباً من مطار العاصمة.

تأتي هذه الضربات بعد أن شنت الولايات المتحدة موجة من الضربات الجوية على مناطق في اليمن يسيطر عليها الحوثيون المتحالفون مع إيران، والذين أعلنوا الأسبوع الماضي استئناف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر.

وإضافة إلى إعلانهم استهداف حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» أربع مرات في البحر الأحمر، تبنى الحوثيون الثلاثاء إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل اعترضته دفاعاتها الجوية قبل أن يدخل أجواءها، بحسب الجيش الإسرائيلي. وكان ذلك أول هجوم صاروخي يستهدف إسرائيل من اليمن منذ بدء سريان الهدنة بين الدولة العبرية وحركة «حماس» في غزة في 19 يناير (كانون الثاني).