استؤنفت في تونس، الخميس، محاكمة عشرات الشخصيات أمام محكمة الاستئناف، بينهم معارضون بارزون للرئيس قيس سعيد، حسبما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية». ويلاحق هؤلاء بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، و«الانتماء إلى تنظيمات إرهابية»، ويؤخذ عليهم خصوصاً أنهم التقوا عدداً من الدبلوماسيين الأجانب.
والمسجونون بينهم قياديون في أحزاب سياسية ومحامون ورجال أعمال وشخصيات إعلامية، ويُناهز عددهم 40 شخصاً. ومن أبرز الموقوفين منذ فبراير (شباط) 2023 أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، والسياسيان عصام الشابي وغازي الشواشي، ورجل الأعمال كامل لطيف. كما يُحاكَم عدد منهم غيابياً لوجودهم في الخارج، مثل الناشطة في مجال حقوق النساء بشرى بلحاج، والمفكّر الفرنسي برنار هنري ليفي.

وكان وكلاء الدفاع عن المتهمين المسجونين قد رفضوا أن يُجرى سماع أقوالهم بواسطة الاتصال بالفيديو، طالبين تمكينهم من المثول شخصياً أمام المحكمة.
وأمام مقر المحكمة، تجمّع نحو 15 شخصاً، مطالبين بالإفراج عن المتهمين.
ورفعت الشاعرة والمعارضة شيماء عيسى، التي دعيت إلى المثول حرة أمام المحكمة، صورةً كبيرةً لجوهر بن مبارك. وقالت شقيقة الأخير دليلة مصدق إنه «على وشك الانهيار»، بعد أكثر من 3 أسابيع من تنفيذه إضراباً عن الطعام.
واعتُقل معظم المتهمين خلال حملة طالت المعارضين في ربيع 2023، ووصفهم الرئيس سعيد آنذاك بأنهم «إرهابيون».
وصدرت في أبريل (نيسان) الماضي أحكام ابتدائية على المتهمين بعقوبات تصل إلى السجن 74 عاماً، إثر تنظيم 3 جلسات فحسب «عن بُعد»، ومن دون مرافعات لوكلاء الدفاع. ونتيجة ذلك انتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عملية «مشوبة بانتهاكات الحق في محاكمة عادلة، والحق في الإجراءات القانونية، ما يُثير مخاوف جدية بشأن الدوافع السياسية».

من جهتها، رأت «هيومن رايتس ووتش» أن هذه المحاكمة الكبرى «تُشكل جزءاً من حملة أوسع نطاقاً لقمع كل أشكال الانتقاد أو المعارضة».
ومنذ منتصف أغسطس (آب) الماضي، عُلِّقَت لمدة 30 يوماً أنشطة 20 منظمة غير حكومية تونسية على الأقل، من بينها 4 بارزة، حسبما قال مصدر طلب عدم نشر اسمه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وعدّت «منظمة العفو الدولية» في بيان أصدرته أخيراً أن هذه الإجراءات تعكس «تشديد القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان» ليصل إلى «مستوى حرج».
ومنذ استحوذ الرئيس قيس سعيد على كامل السلطات في 2021، يندد المدافعون عن حقوق الإنسان بتراجع الحريات العامة، واعتقال عشرات المعارضين والصحافيين والعاملين في المجال الإنساني، بتهم التآمر، أو «نشر أخبار كاذبة».
في غضون ذلك، قالت «وكالة تونس أفريقيا» (وات) إن السلطات التونسية أفرجت، الخميس، عن المحامية البارزة والمعلقة الإعلامية سنية الدهماني، المعروفة بانتقاداتها للرئيس قيس سعيد، بعد مدة عام ونصف العام قضتها في السجن بسبب تصريحات انتقدت فيها سياسات سعيد.
وتُعد سنية الدهماني واحدة من الأصوات البارزة المدافعة عن الحريات في تونس، وأثار اعتقالها موجة تضامن واسعة محلياً ودولياً، من محامين ونشطاء في المجتمع المدني قالوا إن القضية ذات بُعد سياسي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر قضائي قوله إن سنية الدهماني أُفرج عنها بموجب قرار إطلاق سراح مشروط صادر عن وزيرة العدل.




