قال حزب «الإنصاف»، الحاكم في موريتانيا، إن الرئيس الحالي، محمد ولد الشيخ الغزواني، هو أول رئيس موريتاني يسمحُ بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في قضايا الفساد، ما سمح بمحاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وإدانته، ورفض الحزب أي اتهامات توجه لولد الغزواني بالفساد.
جاءت تصريحات الحزب الحاكم في بيان صحافي للرد على تصريحات أدلى بها المعارض، سيدنا عالي ولد محمد خونه، اتهم فيها الرئيس بالتورط في قضايا فساد، وقال إن على ولد الغزواني الاستعداد لدخول السجن فور مغادرته السلطة.

وقال الحزب في البيان إنه «تابع بكل أسف التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن أحد الفاعلين السياسيين، التي جاءت في سياق يتسم بالخفة، والابتعاد عن مقتضيات الخطاب الوطني الجاد»، مضيفاً أن التصريحات «تضمّنت ادعاءات واتهامات لا تقوم على أي أساس قانوني أو واقعي، وتُشكِّل محاولةً واضحةً لتضليل الجمهور، وتشويه الحقائق المرتبطة بالجهود الوطنية في مجال الإصلاح ومحاربة الفساد».
وأكد الحزب أن ولد الغزواني «أرسى لأول مرة في تاريخ البلاد سابقةً مؤسسيةً راسخةً في مجال مكافحة الفساد، من خلال دعمه إنشاء لجنة تحقيق برلمانية مستقلة، مارست مهامها بكامل الحرية، وأحالت نتائجها إلى السلطة القضائية»، موضحاً أن تشكيل اللجنة أفضى إلى «محاكمة علنية غير مسبوقة، استوفت جميع ضمانات العدالة والإنصاف»، في إشارة إلى محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وبعض المقربين منه خلال السنوات الأخيرة، والتي أسفرت عن الحكم بالسجن 15 عاماً في حق ولد عبد العزيز.
وفي سياق الرد على تصريحات ولد محمد خونه، التي يتوعَّد فيها بسجن الرئيس الحالي بعد مغادرته السلطة، قال الحزب: «إن مَن يتيح محاكمة رئيس سابق لا يمكن أن يخشى القانون، ولا أن ينظر إلى المستقبل بمنطق الادعاءات العاطفية أو الخطابات الانفعالية»، مشدداً على أن حكم ولد الغزواني يقوم على «مبدأ ثابت، مفاده أن الدولة فوق الأفراد، وأن القانون فوق الجميع دون استثناء»، مشيراً إلى أن القضاء مستقل، ومحاربة الفساد تجري «بعيداً عن الانتقائية أو التوظيف السياسي»، وفق نص البيان.
وبخصوص عمليات الفساد التي كشفها تقرير محكمة الحسابات مؤخراً، التي أسفرت عن إقالة عدد من المسؤولين في الحكومة وتقديمهم للعدالة، قال الحزب إن نشر التقارير «جاء بأمر مباشر من فخامة رئيس الجمهورية، التزاماً منه بمنهج الشفافية، وحرصاً على تمكين الرأي العام من الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالشأن العام».
وحذَّر الحزب من «محاولة استغلال هذا التقرير لترويج أرقام مبالغ فيها، أو لا أساس لها – من قبيل الادعاء بوجود 400 مليار مفقودة - تمثل مغالطات مكشوفة لا يدعمها أي مصدر رقابي أو جهة مختصة»، وقال بهذا الخصوص: «لولا أمر الرئيس بنشر التقرير لما أمكن لأي طرف استخدامه أو الاستشهاد به».
وخلص الحزب إلى التأكيد على أن «محاربة الفساد خيار استراتيجي، أُعلن منذ اليوم الأول لتولي فخامة الرئيس مقاليد الحكم، والدولة ماضية بثبات في هذا المسار، عبر تعزيز الحوكمة، وترسيخ سيادة القانون، ومحاسبة كل مَن يثبت تجاوزه، دون محاباة أو استثناء».
وكان الناشط السياسي المعارض والوزير السابق، سيدنا عالي ولد محمد خونه، قد خرج من السجن نهاية الأسبوع الماضي، بعد الإفراج عنه بحرية مؤقتة، على أن يظل تحت الرقابة القضائية، وهو أحد أبرز المدافعين عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
واعتقلت السلطات الموريتانية ولد محمد خونه في مايو (أيار) الماضي، بعد تصريحات قال فيها إن موريتانيا «تنازلت عن جزء من أراضيها لصالح مالي»، ووُجِّهت له على إثر ذلك اتهامات، من بينها «تحريض المواطنين على استخدام العنف ضد سلطة الدولة، والمساس بهيبة الدولة ورموزها».

ويرأس محمد خونه حزب «العهد الديمقراطي» (قيد التأسيس)، وعُرف في الفترة الأخيرة بتصريحاته المثيرة للجدل، التي أدت لاعتقاله مرات عدة، وعقد ولد محمد خونه مؤتمراً صحافياً قال فيه إن «على الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني أن ينتبه لنفسه جيداً، وأن يتأكد من أنه سيغادر القصر الرئاسي نحو السجن... يجب على محمد ولد الشيخ الغزواني أن يدرك أن مصيره السجن، فور مغادرته الرئاسة».
وأضاف في السياق ذاته: «مصيره سيكون السجن، ولن ينفعه التفكير في مأمورية رئاسية ثالثة أو رابعة، ولا حتى السفر إلى الخارج»، مشيراً إلى أنه خلال سنوات حكم ولد الغزواني «تمّت سرقة المال العام، والآن عليه أن يجهِّز نفسه للسجن، وذلك من خلال تصحيح الأخطاء قبل فوات الأوان، والتفتيش عن الأموال التي سرقت، وأن يعيد للموريتانيين أموالهم».
كما أوضح ولد محمد خونه أن تقرير محكمة الحسابات «رغم أنه شمل 3 مؤسسات من بين العشرات، ومشروعات عدة من المئات، فإنه أظهر فساداً لا حدود له، وفقدان 400 مليار من خزينة دولة».




