تواصل الهيئة العامة لقناة السويس في مصر، جهودها الترويجية لإقناع السفن بالعودة إلى الممر الملاحي بعد تأثره لعامين بالأوضاع الإقليمية، في وقت أكد رئيس الهيئة، الفريق أسامة ربيع، «وجود مؤشرات إيجابية ملموسة على زيادة نسب الحمولة والعائدات».
وزادت حمولة قناة السويس منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بنسبة 25 في المائة، وارتفع معدل الإيرادات نحو 9 في المائة، وزاد عدد السفن التي مرت من القناة نحو 9 في المائة، وفق ربيع، مرجعاً ذلك، خلال حديث متلفز، مساء الجمعة، إلى «التغيرات في الأوضاع الإقليمية».
وتراجعت إيرادات قناة السويس خلال العام المالي 2024 - 2025 إلى 3.62 مليار دولار (الدولار نحو 47 جنيهاً)، مسجلةً أدنى مستوى لها منذ 20 عاماً، بانخفاض نسبته 45.5 في المائة مقارنةً بالعام المالي السابق، وفق بيانات تقرير «ميزان المدفوعات» الصادر عن «البنك المركزي المصري».
وقدر الرئيس عبد الفتاح السيسي حجم الخسائر الذي تكبدته القناة خلال العامين الماضيين بنحو 9 مليارات دولار، خلال تصريحات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال ربيع، عقب مؤتمر شرم الشيخ للسلام، الذي أسفر عن اتفاق لوقف الحرب في القطاع، وإعلان الحوثيين التوقف عن استهداف السفن الإسرائيلية: «أخذنا هذه النقطة وبدأنا نروّج لها، ونتصل بجميع الشركات والتوكيلات، مما جعل شركات كبيرة تعود إلى القناة».
وثمَّن خبير النقل واللوجيستيات، أحمد خطاب، جهود هيئة قناة السويس في الترويج للقناة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة تؤدي دورها في عملية الترويج اللازمة لمحاولة استعادة الممر الملاحي عافيته، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «التعافي الكامل يحتاج إلى وقت حتى تَطمئن الشركات الكبرى إلى استقرار الأوضاع»، مضيفاً أن «الوضع يشهد هدوءاً حالياً نتمنى أن يدوم، لكنه يظل في إطار من الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة».
ولا تقتصر خطة الترويج التي تنفذها هيئة قناة السويس على التواصل مع الشركات وتأكيد استقرار الأوضاع فقط، وإنما تتضمن أيضاً «سياسات ترويجية لجعل (عودة السفن) أسرع، مثل تقديم تخفيض 15 في المائة للحاويات التي تتجاوز حمولتها 130 ألف طن» وفق رئيس الهيئة، قائلاً إن «هذه السفن لم تكن تمر من البحر الأحمر، وكانت تستخدم طريق رأس الرجاء الصالح، والتخفيض جذب نحو 30 سفينة، بعائد نحو 32 مليون دولار».

واحتفت هيئة قناة السويس، السبت، بمرور سفينة الحاويات العملاقة «CMA CGM JULES VERNE» عبر القناة، قادمةً من سنغافورة، ومتجهةً إلى لبنان. وأكد رئيس الهيئة في بيان، جاهزية القناة لـ«استقبال سفن الحاويات العملاقة». ويبلغ طول السفينة 396 متراً، وعرضها 53.6 متر، وغاطسها 11.5 متر بحمولة كلية 176 ألف طن.
وأضاف ربيع: «عودة الهدوء مرة أخرى إلى منطقة البحر الأحمر سيفرض واقعاً جديداً على المجتمع الملاحي بضرورة التفكير الجاد لدى الخطوط الملاحية في تعديل جداول الإبحار في العودة للعبور من باب المندب وقناة السويس مرة أخرى»، لافتاً إلى أن «القناة ستكثف من اجتماعاتها مع الخطوط الملاحية الكبرى خلال الفترة المقبلة؛ لبحث سبل العودة القريبة لسفن الحاويات التابعة لها للعبور من القناة سواء كان ذلك من خلال تنفيذ رحلات تجريبية أو عودة جزئية لبعض السفن أو عودة كلية على عدة مراحل».

ويعد الممر الملاحي بقناة السويس، أقصر طريق يربط أوروبا بآسيا، ويمكنه توفير نحو 30 يوماً من مدة الرحلة، التي تصل إلى نحو 70 يوماً عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
فيما أشاد الخبير الاقتصادي، علي الإدريسي، بزيادة عائدات قناة السويس أخيراً، مؤكداً أن «فلسفة التعامل مع القناة في حاجة إلى تعديل، بحيث تتحول إلى مركز إقليمي صناعي على غرار المواني الكبرى على مستوى العالم، وليست فقط ممراً مائياً، حتى لا نظل رهناً للأوضاع الإقليمية».
وقال الإدريسي لـ«الشرق الأوسط» إن «غالبية المواني العالمية تتحول إلى مراكز صناعية»، مستفيدةً من مزايا ذلك في انخفاض تكلفة النقل والشحن، وما تمثله من عوامل جذب للمستثمرين، «لكننا ما زلنا غير ملتفتين إلى ذلك الملف بالشكل الكافي».
كان رئيس هيئة قناة السويس قد تطرق خلال تصريحاته، مساء الجمعة، إلى ملف التصنيع قائلاً: «دشَّنَّا يختاً يبلغ طوله 37 متراً، وهو أول يخت يُصنع بالكامل في مصر»، مشيراً إلى أن «الهيئة تتعاون مع القطاع الخاص في تصنيع اليخوت السياحية وتصدير قاطرات إلى أوروبا، وتم بيع قاطرتين لشركة (نيري) الإيطالية كأول صفقة من نوعها لأوروبا».
وافتتح رئيس هيئة قناة السويس، والرئيس التنفيذي لشركة قناة السويس للقوارب الحديثة، مصطفى الدجيشي، «مراسم تدشين يخت سياحي، كباكورة إنتاج اليخوت بشركة قناة السويس» في سفاجا، 10 نوفمبر الحالي.
وأوضح الإدريسي أن «البداية باليخوت جيدة وإن كانت غير كافية، فيجب استكمال الخطوة بكثير من الصناعات وفي مقدمتها الإلكترونيات والسيارات والصناعات المرتبطة بالملاحة».




