تضاربت الروايات حول الأوضاع في مدينة الفاشر في إقليم دارفور السوداني، عقب إعلان «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على المدينة، وتأكيدها التقدم نحو مناطق جديدة في شمال إقليم كردفان، في حين تتحدث جهات محلية وإنسانية عن استمرار القتال داخل المدينة وتدهور الأوضاع المعيشية. وفي ذات الوقت جددت الحكومة مطالبتها بوقف ما وصفته بـ«حصار الميليشيا» للفاشر والمدن الأخرى، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع».
وقالت «الدعم السريع» في بيان إنها تمكنت صباح يوم الاثنين من «تحرير محلية (أم دم حاج أحمد) في ولاية شمال كردفان»، واستردادها من الجيش بعد ساعات من إعلانها السيطرة على مدينتَي الفاشر وبارا. ووصفت الأمر بأنه «انتصار جديد يضاف إلى سجل انتصاراتها في مواجهة جيش الحركة الإسلامية الإرهابية»، وفق ما جاء في البيان.
وكان الجيش قد أعلن في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي فرض سيطرته الكاملة على بلدة «أم دم حاج أحمد» التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من عاصمة ولاية شمال كردفان الأُبيّض، بعد أن خاض معارك عنيفة مع «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على البلدة منذ الأيام الأولى للحرب. وأضافت «الدعم السريع» أن قواتها «كبدت العدو مئات القتلى واستولت على عشرات المركبات القتالية والعتاد العسكري».
عمليات تمشيط بالفاشر

وفي الفاشر، أوضح البيان أن «الدعم السريع» واصلت عمليات تمشيط كامل المدينة من قوات الجيش والقوات المتحالفة معه أثناء محاولتهم الخروج من المدينة، مشيراً إلى نشر فرق عسكرية لحماية المدنيين، وتأمين الشوارع والأماكن العامة.
وقالت «الدعم السريع» إن فرقاً مختصة شرعت في العمل على إزالة الألغام وتنظيف المدينة من مخلفات الحرب وإعادة الحياة لطبيعتها تدريجياً، تمهيداً لنشر قوات الشرطة الفيدرالية لتولي مهام حفظ الأمن بعد استكمال تأمين المدينة وإعادة فتح الأسواق والمستشفيات والمرافق الخدمية.
وأكدت «حرصها على حماية المدنيين داخل مدينة الفاشر بعد تحريرها من سيطرة الجيش وميليشياته»، والتزامها بـ«تنفيذ توجيهات القيادة بمعاملة الأسرى باحترام، وفقاً لاتفاقيات جنيف ومبادئ القانون الدولي الإنساني».
مقابل ذلك، قالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر»، وهي جماعة أهلية مدنية، في بيان، إن القتال ما يزال مستمراً في الجزء الغربي من المدينة، مشيرة إلى أن القوات المتبقية داخلها، وعدداً كبيراً من المدنيين «يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، بعد ثلاثة أيام من الصمود والمقاومة دون طعام أو دعم لوجستي أو جوي».
من جانبها، أشادت «اللجنة الوطنية» لفك حصار الفاشر والمدن الأخرى، التابعة للحكومة، بما أسمته «صمود القوات المسلحة (الجيش) والقوات المشتركة في مواجهة إرهاب الميليشيا (قوات الدعم السريع)». وجددت اللجنة الطلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية «التحرك العاجل لرفع الحصار ووقف الانتهاكات ضد المدنيين».
قرار مجلس الأمن «2736»

ودعت اللجنة إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «2736» بشأن الفاشر، واعتبرت عدم تنفيذه، والصمت حيال الجرائم ضد الإنسانية، التي قالت إنها تُرتكب بحق المواطنين، تباطؤاً يسجل ضد الإنسانية، مؤكدة مواصلة حشد الجهود والتعبئة وسط الشعب لدعم وإنقاذ حياة المواطنين في المدن المحاصرة.
وكان مجلس الأمن قد اعتمد في 13 يونيو (حزيران) 2024 القرار «2736»، الذي يطالب بفك الحصار عن مدينة الفاشر، وخفض التصعيد في المدينة، وسحب المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين، والتزام أطراف الحرب بالقانون الدولي الإنساني.
ويأتي تصاعد العمليات العسكرية في الفاشر، وامتدادها إلى شمال كردفان، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تدهور الوضع الإنساني في دارفور والمناطق المحاصرة، وسط دعوات محلية ودولية متكررة لوقف القتال وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتأثرين بالحرب الدائرة منذ أكثر من عامين ونصف العام في السودان.




