قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «القارة الأفريقية تقف في صدارة المتأثرين من الظروف الدولية، مما يسهم في تأجيج النزاعات والعنف وزيادة التنافس على الموارد وتعميق التحديات الإنمائية وعرقلة مسيرة السلام والتنمية المستدامين». وأضاف خلال «منتدى أسوان للسلام والتنمية المُستدامين»، الأحد: «هذا إلى جانب التحديات المزمنة والمتجددة التي تواجهها القارة، سواء بفعل أزمات داخلية أو تدخلات خارجية تضعف سلطة الدولة، فضلاً عن تفشي الإرهاب وارتفاع معدلات (الهجرة غير المشروعة) والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتهديدات المتنامية في مجالات الأمن السيبراني وتغير المناخ، بما له من انعكاسات سلبية مباشرة على الأمن الغذائي والمائي».
وأكد السيسي أن انعقاد «منتدى أسوان» هذا العام تحت شعار «عالم في تغير وقارة في حراك: مسيرة تقدم أفريقيا في ظل التحولات العالمية» يعكس بجلاء أن أفريقيا باتت في قلب ما يشهده النظام العالمي من «اختبارات عسيرة».
وانطلقت في مدينة أسوان (جنوب مصر)، الأحد، أعمال «المنتدى» لمدة يومين، بمشاركة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، وعدد من الوزراء، وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المالية، إلى جانب القطاع الخاص والمجتمع المدني.
ويناقش «المنتدى» الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بحسب إفادة وزارة الخارجية المصرية، عدداً من القضايا المحورية من بينها «تحديات السلم والأمن بالقارة الأفريقية، وبناء الشراكات لمواجهة أزمة نقص الموارد، ودور الذكاء الاصطناعي في تعزيز السلم والتنمية، والحلول المستدامة للتعامل مع ظاهرة النزوح القسري، كما يخصص مساحة لبحث الدور الاستراتيجي للبحر الأحمر باعتباره جسراً للتكامل العربي الأفريقي».

وقال السيسي في كلمة مُسجلة إن «المنتدى نجح في ترسيخ مكانته كمنصة أفريقية فريدة ومحفل جامع، نناقش فيه التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه قارتنا، ونبلور من خلاله رؤى واستجابات مشتركة، تعزز العلاقة الوثيقة بين السلام والتنمية المستدامين، وترسخ دور أفريقيا كشريك فاعل في النقاشات الدولية حول مستقبل التعاون وبناء السلام والتنمية».
وأضاف أنه «ليس خفياً عليكم وطأة اللحظة التي يشهدها عالمنا (اليوم) حيث نشهد عجزاً وإخفاقاً من المجتمع الدولي في مواجهة أزمات إنسانية كبرى وانتقائية ومعايير مزدوجة في حماية القيم والمبادئ الإنسانية، وانتهاكات مستمرة للقانون الدولي، وقد أدى ذلك إلى تفاقم الاستقطاب الدولي، الذي أضعف بدوره قدرة المؤسسات متعددة الأطراف على أداء مهامها وتعطيل جهود إصلاحها، فضلاً عن إخفاق المجتمع الدولي في الوفاء بتعهداته تجاه الدول النامية سواء في تخفيف أعباء الديون أو تمويل المناخ».
وأكد الرئيس المصري أن هناك فرصة لأفريقيا لأن تكون في طليعة المشاركين في الجهود الرامية لاستعادة تماسك النظام العالمي ومصداقيته، وتعزيز دور المنظمات الدولية، على نحو أكثر شمولاً وشفافية، موضحاً أنه «رغم التحديات والظروف الدولية الصعبة تزخر أفريقيا بمقومات وموارد وثروة بشرية هائلة وقطعت بالفعل خطوات مهمة نحو تفعيل هذه القدرات لدعم التنمية في دولها».

ووفق «الخارجية» المصرية، الأحد، أشار السكرتير العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في كلمة مسجلة بـ«المنتدى» إلى «أهمية تبني الحلول للمشكلات الأفريقية، لا سيما في مجالات التحول الاقتصادي والأمن والصحة والتحول الأخضر والذكاء الاصطناعي»، مؤكداً «ضرورة تعزيز العمل المشترك في إطار متعدد الأطراف لضمان تمثيل أقوى للدول الأفريقية في المؤسسات المالية الدولية، فضلاً عن الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن بما يحقق تمثيلاً دائماً وعادلاً للقارة الأفريقية».
في حين شدد رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، على أن «تحقيق السلم والاستقرار يمثلان ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة»، داعياً إلى «تكثيف الجهود لدعم بناء مؤسسات الدولة وتعزيز قدرات الحكومات الأفريقية في التصدي للإرهاب ومعالجة جذور النزاعات، إلى جانب الاستثمار في التعليم والبنية التحتية وخلق فرص العمل بما يسهم في بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لشعوب القارة».

من جانبه أكد بدر عبد العاطي على الدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تعزيز السلم والأمن والتنمية الإقليمية والدولية، ودعم النظام الدولي القائم على القانون، مشيراً إلى «توجهات السياسة الخارجية المصرية القائمة على التوازن الاستراتيجي واحترام القانون الدولي والحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيز السلام والتنمية والعمل متعدد الأطراف». ولفت إلى «ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية لتواكب الواقع العالمي الحالي»، داعياً إلى «إنهاء سياسة ازدواجية المعايير ومواصلة الجهود لإصلاح المؤسسات الدولية، لا سيما مجلس الأمن ومؤسسات التمويل الدولية، وضمان التزام الدول بتعهداتها واتفاقياتها الدولية».
وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة تعزيز التضامن والعمل الجماعي والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات العالمية، إلى جانب تبني برامج تنموية ومقاربة شاملة لمعالجة جذور النزاعات وعدم الاستقرار»، ودعا كذلك المجتمع الدولي إلى «التركيز على بناء المؤسسات وتعزيز القدرات والكفاءات، وتحقيق التنمية الشاملة وإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات».
أيضاً أكد وزير خارجية أنغولا، تيتي أنطونيو، «أهمية تضافر الجهود الأفريقية والدولية لمعالجة جذور الأزمات وتعزيز قدرة الدول الأفريقية على تحقيق التنمية الشاملة وترسيخ الاستقرار».




