مصر تتوسع في «تأجير المستشفيات» الحكومية وسط انتقادات

بعد مرور نحو عام على قانون يتيح للمستثمرين إدارتها

القانون يسمح للحكومة المصرية بتأجير المستشفيات مدة لا تقل عن 3 أعوام (وزارة الصحة)
القانون يسمح للحكومة المصرية بتأجير المستشفيات مدة لا تقل عن 3 أعوام (وزارة الصحة)
TT

مصر تتوسع في «تأجير المستشفيات» الحكومية وسط انتقادات

القانون يسمح للحكومة المصرية بتأجير المستشفيات مدة لا تقل عن 3 أعوام (وزارة الصحة)
القانون يسمح للحكومة المصرية بتأجير المستشفيات مدة لا تقل عن 3 أعوام (وزارة الصحة)

تتوسع مصر في «تأجير المستشفيات» الحكومية خلال الفترة المقبلة مع دراسة 3 عروض جديدة، وسط انتقادات لا تزال توجه لقانون «إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية»، المعروف إعلامياً بـ«تأجير المستشفيات» الحكومية، والذي دخل حيز التنفيذ في يونيو (حزيران) 2024، عقب تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتدرس الحكومة المصرية عروضاً لإدارة وتشغيل 3 مستشفيات حكومية جديدة في نطاق القاهرة الكبرى، استناداً للقانون، وهي عروض قُدمت لوزارة الصحة من شركات مصرية وعربية، بحسب تقارير إعلامية محلية.

ويشار إلى أنه بدأ تطبيق قانون «تأجير المستشفيات» عبر شراكة بين الحكومة المصرية و«معهد جوستاف روسيه» الفرنسي لإدارة مستشفى «دار السلام - هرمل»، في فبراير (شباط) الماضي، وقالت وزارة الصحة حينها، إن الشراكة تهدف إلى تقديم «خدمات صحية ذات جودة عالية، والتوسع في علاج أنواع السرطان»، وفق بيان رسمي.

لكن بعد وقت قصير من الشراكة، اشتكى مرضى من تأخر علاجهم المجاني وزيادة أسعار الخدمات الطبية، بحسب «المركز المصري للحق في الدواء» (جمعية أهلية غير حكومية).

وقال مدير المركز محمود فؤاد لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من أن الوقت لا يزال مبكراً لتقييم التجربة؛ فإن ما جرى رصده حتى الآن «هو ارتفاع أسعار الخدمات والفحوصات الطبية التي يتم إجراؤها للمرضى، فضلاً عن تقليص أعداد الأطفال الذين يتم علاجهم، مما يثير مخاوف عديدة لدى المرضى من أي توسعات جديدة في التجربة». وأضاف فؤاد أنه «جرى أيضاً رصد تباطؤ في تقديم خدمات العلاج المجاني، وتقييد الأعداد التي يتم استقبالها بشكل يومي، وهي إجراءات تمّت من الإدارة الجديدة للمستشفى دون تدخل وزارة الصحة».

وزير الصحة المصري خلال جولة سابقة داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة)

لكن عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، إيرين سعيد، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، عدم رصد أي «شكاوى ملموسة» بعد بدء العمل بتطبيق القانون حتى الآن، لافتة إلى أن «البرلمان أقر القانون بهدف تحسين المنظومة الصحية وبطريقة متبعة في عدد كبير من الدول حول العالم».

وأضافت أن البرلمان يراقب مدى التزام الحكومة بتطبيق القانون الذي يتضمن نصاً صريحاً بـ«إلغاء التعاقد مع المستثمر حال مخالفته للشروط والالتزامات التي يتضمنها الاتفاق على حق الإدارة والتشغيل»، مشيرة إلى أن «القانون لا يُقيد وزارة الصحة بالتوسع في (تأجير المستشفيات) الحكومية طالما استوفى المستثمرين المتقدمين للحصول على امتياز الإدارة، الشروط المنصوص عليها قانوناً».

ويسمح القانون للحكومة المصرية بـ«تأجير المستشفيات» مدة لا تقل على 3 أعوام، ولا تزيد على 15 عاماً، مع عودة جميع المنشآت الصحية بما فيها من التجهيزات والأجهزة الطبية إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة.

الحكومة المصرية تدرس عروضاً لإدارة وتشغيل 3 مستشفيات حكومية جديدة (وزارة الصحة)

أما نقيب الأطباء في مصر، أسامة عبد الحي، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن التوسع في «تأجير المستشفيات» الحكومية سيؤثر بالسلب على أعداد الأسرة المخصصة للعلاج المجاني، والتي تعاني من النقص بالأساس وبصورة كبيرة، لافتاً إلى أن الحكومة عليها التوسع في تشجيع القطاع الخاص والمستثمرين لبناء منشآت طبية جديدة، وليس تأجير المنشآت التي تديرها وزارة الصحة. وأضاف أن «التأثيرات السلبية للقانون على العاملين بالقطاع الطبي سوف تتضح بشكل أكبر فيما بعد مع التوسع في التجربة».

وتضمَّن القانون إلزام المستثمر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25 في المائة، حداً أدنى قابلاً للزيادة من العاملين بالمنشأة الصحية، وبشرط موافقتهم، مع مراعاة الحفاظ على الحقوق المالية والوظيفية لهم ولغيرهم من العاملين الذين سيتم نقلهم لجهات أخرى.

عودة إلى عضو «لجنة الصحة» بالبرلمان، التي أشارت إلى وجود نصوص قانونية كافية لتنظيم العمل وبشكل يسمح بالتدخل الحكومي حال حدوث أي مخالفات، لكن مدير «مركز الحق في الدواء» يشكك في مدى جدية الحكومة تجاه تحمل مسؤوليتها بتوفير العلاج المجاني للمرضى داخل المستشفيات التي يتم تأجيرها.


مقالات ذات صلة

هل تعود انقطاعات الكهرباء بمصر بعد تعليق إمدادات الغاز الإسرائيلي؟

خاص رئيس الوزراء المصري خلال اجتماع متابعة خطة مخزون المواد البترولية والغاز الطبيعي (مجلس الوزراء المصري)

هل تعود انقطاعات الكهرباء بمصر بعد تعليق إمدادات الغاز الإسرائيلي؟

أثار إعلان حكومي عن تعليق إمدادات الغاز من إسرائيل، في ظل تصاعد الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، تساؤلات حول احتمالية تأثر إمدادات الكهرباء في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية إردوغان مصافحاً السيسي عقب اجتماع المجلس الاستراتيجي في أنقرة 4 سبتمبر (أيلول) الماضي (الرئاسة التركية)

توافق مصري - تركي على رفض تهجير الفلسطينيين أو تصفية «القضية»

أكد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، التركي رجب طيب إردوغان، خلال اتصال هاتفي، مساء السبت، «استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا بعض السفن المارة في قناة السويس المصرية (مجلس الوزراء المصري)

ما تأثير التصعيد الإسرائيلي - الإيراني على قناة السويس؟

أثار التصعيد العسكري الإسرائيلي - الإيراني تساؤلات حول مدى تأثيره على حركة الملاحة في قناة السويس المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

مصر: «المؤبد» لـ5 متهمين في قضية «داعش سوهاج»

قضت «الدائرة الأولى إرهاب» في مصر، السبت، بالسجن المؤبد (25 عاماً) بحق 5 متهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ«داعش سوهاج» وإدراجهم على «قوائم الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا امتحانات الثانوية العامة تنطلق الأحد بالمواد غير المضافة للمجموع (وزارة التربية والتعليم)

مصر: إجراءات مشددة وعقوبات لمواجهة «غروبات الغش» في «الثانوية»

اتخذت وزارة التربية والتعليم المصرية إجراءات مشددة استعداداً لبدء امتحانات الثانوية العامة، التي تنطلق، الأحد.

أحمد عدلي (القاهرة )

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
TT

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

أثار ظهور أشكال مضيئة في سماء مصر صباح السبت تساؤلات عدة بشأن مصدرها وأسبابها. ورجح مسؤولون ومتخصصون لـ«الشرق الأوسط» أنها «نتيجة القصف الصاروخي المتبادل بين إيران وإسرائيل وكذلك اعتراض الدفاعات الجوية خصوصاً في إسرائيل للصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها عليها إيران».

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تغريدات، مصحوبة بصور ومقاطع فيديو، توثق أشكال مضيئة أشبه بانفجارات الصواريخ وفي الوقت الذي عبر البعض عن تعجبه من الأمر وتساءلوا عن أسبابه، فهناك من ربطه بحالة القصف الصاروخي المتبادل حالياً بين إسرائيل وإيران، ولكن آخرين تحدثوا عن أن تلك الأشكال نتيجة لقيام القوات المسلحة المصرية بإطلاق ما وصفوه بقنابل ضوئية وتفعيل أجهزة الإنذار المبكر لرصد أي مسيّرات تخترق المجال الجوي المصري.

ولكن مصدراً مصرياً مسؤولاً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا كلام غير صحيح»، مؤكداً أن «أجهزة الرصد لدينا تعمل على مدار الساعة وعمليات الرصد والاستكشاف تعمل تكنولوجياً ولا يصدر عنها انفجارات أو أضواء أو أدخنة، لدينا منظومات دفاع جوي ومراقبة معقدة ومتطورة وآليات للقيادة والسيطرة».

خبراء رجحوا أن تكون هذه الأجسام ناتجة عن اعتراض إسرائيل صواريخ إيران (صفحة بني سويف على فيسبوك)

وشدد المصدر على أنه «لم يحدث أي اختراق للمجال الجوي المصري خلال القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران» مرجحاً أن «الأشكال التي رآها البعض في مصر غالباً ناتجة عن تفاعل غازات الصواريخ الباليستية التي تتحول إلى نيتروجين مثلما يحدث مع عادم الطائرات النفاثة، وهذه الصواريخ مقصوفة شرقاً نحو إسرائيل وبعد ذلك تحولت عوادمها غرباً مع الهواء لذلك تمكن البعض من رؤيتها بمصر لأن إسرائيل مجاورة».

تفسير ظهور هذه الأشكال شهد تبايناً (الشرق الأوسط)

فيما رجح عدد من المغردين أن تكون تلك الأشكال التي ظهرت في السماء نتيجة عمليات تقوم بها أجهزة الرصد الإشعاعي بمصر لكشف أي تسرب إشعاعي بعد الإعلان عن ضرب منشآت نووية في إيران.

لكن نائب رئيس هيئة الطاقة النووية بمصر سابقاً، الدكتور علي عبد النبي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «محطات الرصد البيئي والنووي موزعة في جميع ربوع مصر وعلى حدودها وتعمل بشكل دائم ولا تحتاج لوجود حرب أو قصف لتعمل، كما أن هناك أجهزة رصد إشعاعي في قناة السويس وفي المطارات والمواني لكشف أي شحنات مشعة»، مشيراً إلى أن «المنشآت التي تم ضربها في إيران في الغالب كان مستخدماً فيها مادة سادس فلوريد اليورانيوم UF6 وهي تستخدم لتخصيب اليورانيوم وغير مشعة على نطاق واسع، ولكنها لو تسربت تؤدي لتسمم في الجو والأرض على نطاق قصير لأنها مادة ثقيلة».

تساؤلات بشأن ظهورها فجر السبت في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

ورجح عبد النبي أن «تكون الأشكال المضيئة التي ظهرت في مصر نتيجة اختراق صواريخ أو أجسام للطبقات العليا من الغلاف الجوي مما أدى لانفجارات مضيئة وتظهر ثابتة أمام أعيننا لأنها على ارتفاعات كبيرة جداً».

وأكد كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً، الدكتور يسري أبو شادي، عدم وجود تسرب إشعاعي مؤثر يصل إلى مصر ولا حتى دول الخليج. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما ظهر في سماء مصر من أجسام مضيئة يمكن أن يكون احتياطات من الجيش لكشف أي احتمال لأخطاء في المقذوفات الطائرة بسبب الحرب الحالية».

وكانت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر قد أصدرت بياناً السبت، جاء فيه أنه «في ضوء التطورات الجارية في المنطقة تود هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أن تطمئن السادة المواطنين أنه لا يوجد مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل جمهورية مصر العربية».

جانب من الأشكال المضيئة شرق مصر (الشرق الأوسط)

وأوضحت الهيئة أنها «تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمي وفقاً لتطورات الأحداث الجارية، وذلك من خلال المتابعة المستمرة للتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتنسيق الدائم مع الجهات الوطنية المعنية، ومتابعة الخلفية الإشعاعية من خلال منظومة الرصد الإشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر بالهيئة، التي تستخدم أحدث أجهزة الرصد الإشعاعي المنتشرة في أنحاء الجمهورية كافة».

وأهابت الهيئة بالمواطنين في مصر الاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة كمصدر موثوق للمعلومات في هذا الشأن، وفق البيان.

وأكد مسؤولون بمعهد البحوث الفلكية، وهيئة الاستشعار عن بُعد، وهيئة الأرصاد الجوية بمصر، لـ«الشرق الأوسط» عدم رصد أي ظواهر في مجال تخصصاتهم سببت تلك الأشكال المضيئة في السماء.

فيما قال عالم الفضاء المصري عصام حجي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الواضح أنها آثار اعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة من منظومة دفاع جوي». موضحاً أن «الخطوط الرفيعة في تلك الأشكال هي المسار للصاروخ الاعتراضي والسحابة الكبيرة هي الانفجار للجسم المستهدف في الغالب لمسيّرات».