طالب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الادعاء العام العسكري يوم الاثنين بفتح تحقيق «عاجل وشامل» لكشف ملابسات مقتل العميد علي الرياني، الضابط بهندسة الصواريخ، في هجوم مسلح على منزله، في واقعة وصفها بأنها «جريمة نكراء».
كان ثلاثة مسلحين قد استهدفوا الرياني، يوم الأحد، في منزله بمنطقة خلة الفرجان بجنوب العاصمة طرابلس، وأسفر تبادل إطلاق النار عن مقتله، والمهاجمين الثلاثة.
وفيما تسيطر على طرابلس حالة من «القلق والترقب» بعد اغتيال القائد العسكري، طالب الدبيبة الادعاء العسكري بتحديد من يقف خلف هذه العملية، والغرض من ارتكابها.
ونفى جهاز الشرطة القضائية التابع للحكومة أحاديث متداولة عن «تورط بعض عناصره في الجريمة»، واعتبر أن هذه «ادعاءات مغرضة تهدف إلى التشويش على جهود الجهاز، ومؤسساته».
وهدد أعيان وأهالي بلدية الرياينة، بغرب ليبيا، باتخاذ إجراءات تصعيدية حال تباطؤ السلطات المعنية في محاسبة الجناة، واعتبروا اغتيال الرياني «عملية سياسية»، في نفي لما تردد من أنها بدافع السرقة.
ويأتي ذلك وسط تخوف من عودة التوتر الأمني، والاشتباكات المسلحة إلى العاصمة طرابلس.
الانتخابات المؤجلة
من جهة أخرى، اجتمع الدبيبة مع عضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، مساء الأحد، وأعلن أنهما أكدا على دعم جهود البعثة الأممية لإنهاء المراحل الانتقالية، وشددا على أهمية تنسيق الجهود «للاستجابة لمطالب الشعب الليبي، وتحقيق تطلعاته نحو الاستقرار والازدهار».
وقال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي إن الجانبين أكدا كذلك على «ضرورة تكثيف العمل المشترك، لإنهاء المراحل الانتقالية، والوصول إلى حالة دائمة»، مشيراً إلى أن «المرحلة الحالية تتطلب المزيد من التنسيق بين المؤسسات، ودعم المبادرات المحلية والدولية الهادفة إلى إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».
في غضون ذلك، شددت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، على أهمية «فهم المسؤولين في المناصب الإشرافية أن عليهم مسؤولية أساسية في السماح بإجراء الانتخابات المؤجلة في البلاد».

واتهمت في مقابلة مع تلفزيون الأمم المتحدة، نشرتها البعثة يوم الاثنين، جميع المؤسسات الليبية «بتجاوز ولايتها الأصلية؛ مما يثير تساؤلات حول شرعيتها في المرحلة الحالية»، مؤكدةً على اتفاق جميع الأطراف السياسية على أهمية الوصول إلى الانتخابات «رغم اختلاف وجهات النظر بشأن كيفية تحقيق ذلك».
واعترفت بوجود تباين بين شرق ليبيا وغربها بشأن كيفية التحضير للانتخابات، لافتة إلى أن تركيز الغرب «لا يقتصر على تشكيل حكومة تقود البلاد نحو الانتخابات، بل هناك مطالبات بمعالجة قضايا أساسية، مثل التوافق على الدستور، وتوحيد المؤسسات المسؤولة عن تنظيم الانتخابات»؛ بينما تركز الأطراف بالشرق على ضرورة تشكيل حكومة جديدة لتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات.
وفيما يتعلق بضرورة إنجاز «توافق وطني»، أكدت «الفاعليات الوطنية» بمدينة مصراتة تمسكها بتحقيق توافق يقود إلى تشكيل «حكومة جديدة موحدة ومحايدة»، تكون مهمتها الأساسية الإشراف على انتخابات رئاسية وتشريعية شفافة تنهي حالة الانقسام، وتعيد الشرعية للمؤسسات الليبية.
وقالت في بيان مساء الأحد: «لا يحق لبعض الأعيان، ممن يدعمون حكومة العائلة ويستفيدون منها، أن يتحدثوا باسم المدينة خدمةً لمصالح ضيقة». وفيما أشارت إلى «رفض مختلف القوى السياسية والاجتماعية لاستمرار حكومة (الوحدة)»، أكدت أن الانتخابات لا يمكن إجراؤها في ظل وجود حكومتين تتنافسان على السلطة.
ميزانية موحدة... واستقرار مالي
من جانبه، أكد السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، على «أهمية التوصل المبكر إلى اتفاق بين الفاعلين الليبيين الرئيسين بشأن ميزانية وطنية موحدة، لما لذلك من دور في تعزيز الاستقرار المالي في ليبيا».
ولفت إلى ما وصفه بالاهتمام الأميركي المتزايد بإقامة علاقات تجارية واستثمارية متبادلة المنفعة مع ليبيا، مشيراً إلى أن وفد حكومة «الوحدة»، الذي اجتمع برعاية غرفة التجارة الأميركية في ليبيا مع شركات أميركية بارزة، جدد التزامه بتهيئة مناخ استثماري إيجابي.
المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى #ليبيا السفير نورلاند: "مناقشات مفيدة للغاية جرت في واشنطن يوم 24 أبريل، استضافتها غرفة التجارة الأمريكية في ليبيا، بمشاركة شركات أمريكية بارزة ووفد من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء الدبيبة، والذي ضم وزير النفط والغاز المكلّف خليفة... pic.twitter.com/jnIYEDKbvw
— U.S. Embassy - Libya (@USEmbassyLibya) April 27, 2025
وأعلنت حكومة «الوحدة» أن وفدها برئاسة وزيرها للنفط، خليفة عبد الصادق، ناقش في واشنطن دعم الاستثمار، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية.
وأعلنت حكومة «الوحدة» كذلك الاتفاق على الإعداد لزيارة مرتقبة لوفد من كبرى الشركات الأميركية إلى طرابلس، ونقلت عن السفير الأميركي دعم بلاده لاستقرار ليبيا، وتعزيز مسار التنمية الاقتصادية.
اجتماعٌ مثمرٌ مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، في مكتبه بطرابلس اليوم.ناقشنا دعم #الاتحاد_الأوروبي لتوسيع نطاق تنمية موارد #ليبيا بشفافية وبشكل مستدام.هنأته على إطلاق أول جولة عطاءات جديدة لليبيا منذ 17 عامًا، و ناقشنا مبادرات في مجال الرقابة،... pic.twitter.com/tVBhbKv2tY
— Nicola Orlando (@nicolaorlando) April 28, 2025
في سياق آخر، قال سفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا، نيكولا أورندو، إنه بحث في طرابلس يوم الاثنين مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان دعم الاتحاد الأوروبي لتوسيع نطاق تنمية موارد ليبيا بشفافية، وبشكل مستدام، مشيراً إلى أنه هنأه على إطلاق أول جولة عطاءات جديدة لليبيا منذ 17 عاماً.
وأضاف أنهما ناقشا مبادرات في مجال الرقابة، والهيدروكربونات الصديقة للبيئة، والطاقات المتجددة، ومكافحة تهريب النفط.
وكان سليمان قد دعا، خلال اجتماع مساء الأحد مع مساعديه، للحفاظ على معدلات الإنتاج، لافتاً إلى أن المؤسسة يديرها «نخبة من أصحاب القدرات المهنية العالية، لا يدخرون جهداً للحفاظ على استقلاليتها، والنأي بها عن التجاذبات والصراعات».