محاولات الوسطاء لاستئناف الهدنة في قطاع غزة التي انهارت قبل نحو أسبوع، تقف في مفترق طرق، قبيل أيام من حلول عيد الفطر، خاصة مع اجتماع أميركي إسرائيلي بواشنطن، وحديث مصري عن «سعي حثيث» لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع.
ذلك الترقب الحذر الذي تعززه احتجاجات بإسرائيل وقطاع غزة ضد حكومة بنيامين نتنياهو و«حماس» بشأن الحرب، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يضيق من السيناريوهات المحتملة، فإما أن تقود الساعات الحاسمة المقبلة لحلحلة الخلافات بين طرفي الحرب وبدء إقرار المقترح المصري أو مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف مع تعديله، وإما الاستمرار في التصعيد والتوسع الإسرائيليين، في حال لم تضغط واشنطن على إسرائيل بشكل حقيقي.

وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس (آذار) الحالي، اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، يتضمن إطلاق عدد من الرهائن، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي، عيدان ألكسندر فقط. وعدَّ المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، قبل أن يتحدث، الجمعة، عن أن «هناك مفاوضات جارية» لوقف الغارات الإسرائيلية.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس»، الاثنين، عن مسؤول مصري قوله إن هناك مقترحاً مقدماً من القاهرة ينص على أن تفرج «حماس» عن 5 رهائن أحياء، من بينهم أميركي - إسرائيلي، مقابل سماح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتوقف القتال لمدة أسبوع، كما ستفرج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وقال مسؤول في الحركة الفلسطينية وقتها إنها «ردت بشكل إيجابي».
وسط هذا الترقب، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة الأربعاء، «السعي الحثيث من القاهرة لتثبيت وقف إطلاق النار، والمضي في تنفيذ باقي مراحله»، داعياً «الشركاء والأصدقاء لحشد الجهود من أجل وقف نزيف الدم، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة».
بالتزامن، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ورئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، هاتفياً «الجهود المصرية - القطرية الدؤوبة والصادقة للعمل على تثبيت وقف إطلاق النار، والعودة لاتفاق 19 يناير (كانون الثاني)، وضمان تنفيذ مراحله الثلاث، واستمرار الجهود المشتركة للتنسيق مع الجانب الأميركي اتصالاً بجهود الوساطة»، وفق بيان للخارجية المصرية، الأربعاء.
كما استعرض عبد العاطي هاتفياً مع رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، «الجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع قطر من أجل التوصل لتهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار»، وفق بيان ثانٍ للخارجية المصرية.
وجاءت تلك التحركات المصرية بعد ساعات من حديث هيئة البث الإسرائيلية عن لقاء بين ويتكوف ورئيس وفد التفاوض الإسرائيلي رون ديرمر بواشنطن، فيما نقل موقع «i24NEWS» الإسرائيلي، الأربعاء، عن مسؤولين أن إسرائيل «لن توافق على صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح خمسة مختطفين فقط، وفقاً لمخطط ويتكوف».
ويعتقد الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن استئناف الهدنة في غزة أمامه «ساعات حاسمة جداً»، موضحاً أن جهود مصر تتواصل لوقف إطلاق النار قبل أيام عيد الفطر، «وهناك تصميم مصري على أهمية تنفيذ ذلك، بخاصة أن المساعدات الإغاثية تتلاشى، وتريد القاهرة إدخال المزيد منها سريعاً، مقابل إطلاق سراح رهائن وأسرى فلسطينيين».
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن القاهرة تبذل مع الدوحة جهوداً كبيرة نحو استئناف الهدنة، لكن لم تنضج الأمور بعد، خاصة أن الأميركيين والإسرائيليين لم يبدوا أي مرونة نحو الذهاب لصفقة قبل عيد الفطر، داعياً «لمزيد من الانتظار على أمل أن تقدم الساعات المقبلة تفاصيل أكثر عن الفرصة الأخيرة المحتملة بشأن الصفقة».
في المقابل، لا يزال التصعيد الإسرائيلي سيد الموقف منذ استئناف إسرائيل هجماتها على قطاع غزة، في 18 مارس (آذار) الماضي.
وحذرت حركة «حماس» إسرائيل، في بيان، الأربعاء، أنه «كلما جرّب الاحتلال استعادة أَسراه بالقوة، عاد بهم قتلى في توابيت»، بالمقابل قال نتنياهو خلال جلسة مشحونة في الكنيست الإسرائيلي: «كلما طال رفض (حماس) إطلاق سراح رهائننا، ستتزايد الضغوط التي سنفرضها، وهذا يشمل السيطرة على أراض وإجراءات أخرى».
وجاء تحذير «حماس» وتهديد نتنياهو، مع خروج المئات من سكان بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، الثلاثاء، في مسيرات احتجاجية هاجمت الحركة، فيما تتواصل المظاهرات في إسرائيل ضد رئيس الحكومة.
ويرجح اللواء فرج أن «حماس» مستعدة لصفقة جزئية بشأن الرهائن، لكن إسرائيل تريدهم مرة واحدة دون أي ضمانات، مستدركاً: «لكن الجهود المصرية مكثفة لتحقيق وقف إطلاق النار بأي طريقة قبل يوم الجمعة على الأقل قبل عيد الفطر».
ويعتقد الرقب «أن إسرائيل تريد احتلال المزيد من أراضي غزة للضغط على (حماس)، وليس في أولوياتها صفقة مع قرب عيد الفطر، على خلاف الحركة الفلسطينية التي أظهرت مرونة مع موافقتها على مقترح مصر».