مصر وسوريا... العلاقات «تتجاوز» المخاوف إلى تعاون أكبر

الشرع وصف العلاقة بين القاهرة ودمشق بـ«جناحي طائر واحد»

السيسي خلال لقاء الشرع على هامش «القمة العربية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقاء الشرع على هامش «القمة العربية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وسوريا... العلاقات «تتجاوز» المخاوف إلى تعاون أكبر

السيسي خلال لقاء الشرع على هامش «القمة العربية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقاء الشرع على هامش «القمة العربية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)

محطة جديدة في العلاقات المصرية - السورية مع انعقاد لقاء هو الأول من نوعه بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره السوري أحمد الشرع، وتأكيد الأخير حرصه على «بدء صفحة جديدة من علاقات الأخوة مع مصر»، وإبداء «الرغبة في العمل المشترك بما يحقق مصلحة البلدين».

وجاء اجتماع السيسي والشرع الأول على هامش «القمة العربية الطارئة» بالقاهرة بعد سلسلة من خطوات أبدتها القاهرة تجاه دمشق، أبرزها دعوة من الرئيس المصري لنظيره السوري لحضور القمة بعد تهنئته بالمنصب الرئاسي، «ما سيقود العلاقات إلى تعاون أكبر الفترة المقبلة يتضمن تبادل الزيارات وإزالة الهواجس»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وسبق لمصر بعد تباينات في سنوات سابقة مع قطر وتركيا، أن أعادت العلاقات بعد جولات استكشافية ولقاءات رئاسية إلى المسار الطبيعي مع تبادل الزيارات وبحث زيادة فرص التعاون.

وبعد نحو 4 أشهر منذ وصول الشرع لسدة الحكم، جاءت أول زيارة للقاهرة، ومن استقبال بروتوكولي وتصافح قبيل انعقاد القمة، إلى لقاء مباشر هو الأول من نوعه، شهد تأكيد الرئيس المصري، «حرص مصر على دعم الشعب السوري وتحقيق تطلعاته»، منوهاً إلى «أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة تتضمن كل مكونات الشعب السوري ولا تقصي طرفاً»، بحسب بيان صحافي للرئاسة المصرية، مساء الثلاثاء.

وجدد الرئيس المصري مواقف القاهرة السابقة منذ وصول الشرع، بتأكيد «حرص مصر على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، ورفضها أي تعد على الأراضي السورية». بالمقابل، أكد الرئيس السوري على «حرصه على بدء صفحة جديدة من علاقات الأخوة مع الدول العربية وخاصة مصر، ورغبته في العمل المشترك مع مصر بما يحقق مصلحة البلدين والأمة العربية»، وفق المصدر المصري ذاته.

الرئاسة السورية عبر حسابها بمنصة «إكس»، اكتفت بالإشارة إلى «حدوث لقاء جانبي جمع الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع السيسي على هامش القمة العربية»، فيما كتب الشيباني، منشوراً عبر منصة «إكس»، قائلاً: «نشكر مصر ووزير الخارجية المصري الأخ العزيز بدر عبد العاطي على حسن الاستقبال والضيافة».

وفي مقابلة متلفزة على هامش القمة، أكد الشرع أن «سوريا جزء من الحضن العربي»، مشدداً على أن «مصر والشام جناحا طائر واحد».

عضو مجلس «الشؤون الخارجية»، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، يعتقد أن علاقات البلدين نالت دفعة بهذا اللقاء، خاصة أنه مهد الأجواء للإجابة عن استفسارات مصرية أو بعض الهواجس التي تذللها مثل هذه اللقاءات المباشرة.

ويرى حجازي أن العلاقات قد تشهد تعاوناً في مساحات جديدة وزيارات على أمل استعادة المسار الطبيعي لها خاصة وهي قد تجاوزت «المسار الاستكشافي» إلى مقابلات مباشرة على المستوى الرئاسي.

القادة خلال «القمة العربية» في القاهرة (الرئاسة المصرية)

ووفق المستشار السابق في رئاسة الوزراء السورية، أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور عبد القادر عزوز، فإن دبلوماسية القمم تترافق معها لقاءات يتبادل فيها الرؤساء الأحاديث الثنائية وبحث التحديات والفرص، مؤكداً أن القمة كان فرصة جيدة لتبادل الأفكار والهواجس بين البلدين في ظل الانفتاح السوري وأولوياته في تعميق العلاقات مع الأشقاء العرب.

وبحسب عزوز، فإن مصر لديها دوافع للاهتمام بتطوير العلاقات مع سوريا باعتبار أمنها هو أمن قومي مصري وعربي، وبالتالي سنرى مساعي لإيجاد معالجات لأي إشكاليات عبر الحوار، متوقعاً أن يقود لقاء الرئيسين إلى مزيد من تبادل الزيارات مستقبلاً بين البلدين.

لقاء السيسي والشرع سبقته سلسلة خطوات من القاهرة رغم مخاوفها وعدم إتمامها أي زيارات لدمشق، وأبرزها في فبراير (شباط) الماضي، بتهنئة الرئيس المصري لنظيره السوري لتوليه منصب رئيس البلاد، والتمنيات له بالتوفيق، ثم دعوته لحضور القمة العربية، كما أفادت وكالة الأنباء السورية أواخر الشهر ذاته.

وخطوات فبراير الماضي كانت متقدمة عن مواقف قبلها بنحو شهر، عندما قال وزير الخارجية المصري، في يناير (كانون الثاني) الماضي، خلال تصريحات متلفزة، رداً على سؤال حول زيارة دمشق: «نأمل في أن تكون سوريا مستقرة، وكل شيء تتم دراسته، وقد أجريت اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية (سلطة الأمر الواقع) في سوريا، أسعد الشيباني، وعلى استعداد للانخراط (في مشاورات)، ولدينا بعض الأمور والشواغل التي تحتاج لمعالجة ومناقشة».

وتزامن التوصيف المصري المغاير وقتها مع ظهور دعوات من سوريا، يتزعمها شخص يدعى أحمد المنصور، تعده مصر «إرهابياً»، بعد أن حرض ضد القاهرة، قبل أن تعلن تقارير إعلامية توقيف دمشق للمنصور، ما عدّه مراقبون آنذاك مغازلة للقاهرة وطمأنتها.

وتلك الخطوات المصرية التي تتواصل، بحسب حجازي، هي تأكيد على ما تتمناه القاهرة لدمشق من رخاء واستقرار ودعم مسار سوري جامع دستوري، سيسمح بمزيد من التعاون مستقبلاً.

وبرأي عزوز، ستسفر تلك الخطوات المصرية - السورية أيضاً عن لقاءات لاحقة لمزيد من التقدم في العلاقات، ودعم مصر لسوريا في تقدم عمليتها السياسية وإعادة الإعمار، والتعاون في الطاقة، واستقرار سوريا بشكل عام.


مقالات ذات صلة

إسرائيل: 100 شاحنة مساعدات للأمم المتحدة دخلت إلى غزة

المشرق العربي صورة ملتقطة في 21 مايو 2025 عند معبر كرم أبو سالم، تظهر شاحنات مساعدات تحمل شعار برنامج الغذاء العالمي تدخل قطاع غزة (د.ب.أ)

إسرائيل: 100 شاحنة مساعدات للأمم المتحدة دخلت إلى غزة

أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، الأربعاء، بأن 90 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية تحركت من منفذ كرم أبو سالم الحدودي إلى داخل قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)

تقرير أممي: انخفاض حالات الوفاة بين المهاجرين في الشرق الأوسط

أفادت المنظمة الدولية للهجرة، الأربعاء، بأن 3 آلاف و400 مهاجر فقدوا وماتوا خلال عام 2024 من بينهم 159 طفلاً و257 امرأة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا كبير مستشاري ترمب يتناول وجبة الكشري (لقطة من فيديو السفارة)

كبير مستشاري ترمب يغازل المصريين بالوجبة الشعبية الأشهر

شارك مسعد بولس بنفسه في تحضير علبة من الكشري، حيث وثقّ حساب السفارة الأميركية في القاهرة بـ«فيسبوك»، مقطع فيديو لقيام كبير مستشاري بذلك.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري يشهد فعاليات موسم حصاد القمح (الرئاسة المصرية)

السيسي: نسعى إلى تغيير حال مصر رغم التحديات

حملت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رسائل عدة ركزت بمجملها على «جهود الدولة لتحسين حياة المواطنين» في ظل ما تواجهه مصر من ظروف اقتصادية «صعبة»

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد السقا وأبناؤه ياسين وحمزة ونادية - حسابه بـ«إنستغرام»

الحديث عن طلاق أحمد السقا ومها الصغير يخطف الاهتمام في مصر

أثار الحديث عن طلاق الفنان المصري أحمد السقا، والإعلامية مها الصغير تفاعلاً وجدلاً كبيراً في مصر

داليا ماهر (القاهرة )

تقرير أممي: انخفاض حالات الوفاة بين المهاجرين في الشرق الأوسط

منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)
منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)
TT

تقرير أممي: انخفاض حالات الوفاة بين المهاجرين في الشرق الأوسط

منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)
منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)

أفادت المنظمة الدولية للهجرة، الأربعاء، بأن 3 آلاف و400 مهاجر فقدوا وماتوا خلال عام 2024 من بينهم 159 طفلاً و257 امرأة.

ويُجبر العديد من المهاجرين، في ظل الصراعات والانهيار الاقتصادي وانعدام المسارات النظامية، على خوض رحلات محفوفة بالمخاطر تهدد حياتهم.

وذكر تقرير «المهاجرون المفقودون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2024» الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة، الأربعاء، في القاهرة، أن «الطرق البحرية المغادرة من المنطقة لا تزال الأكثر فتكاً»، حيث شهدت أكثر من 2500 حالة وفاة وفقدان، فيما تم تسجيل أكثر من 900 حالة على الطرق البرية عبر المنطقة.

ورغم أن هذا العدد يُمثل انخفاضاً بنسبة 30 في المائة مقارنة بعام 2023، حين تم تسجيل نحو 5000 حالة، إلا أنه لا يزال مرتفعاً بشكل مقلق، ومن المرجح أنه لا يعكس الحجم الحقيقي للمأساة. فكثير من الوفيات لا يتم الإبلاغ عنها بسبب فجوات البيانات، خاصة في الصحاري النائية ومناطق النزاع، أو في حوادث الغرق التي لا يُعثر فيها على أي ناجين. كما أن عدم الاتساق في التتبع وانعدام التنسيق بين البلدان، فضلاً عن محدودية الوصول الإنساني؛ كل ذلك ساهم في عدم تعبير الأرقام عن الوضع الحقيقي.

وسلط التقرير الضوء على الحقائق المفجعة لمسارات «الهجرة غير الآمنة» في جميع أنحاء المنطقة، ودعا إلى تعزيز التعاون الإقليمي، وتحسين جمع البيانات، وتبني استجابات شاملة قائمة على حماية كرامة وحقوق المهاجرين وتُعطي الأولوية لإنقاذ الأرواح ودعم أسر المفقودين.

جانب من الاحتفال بإطلاق التقرير بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وقال المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عثمان البلبيسي: «لقد وُصفت الإحصائيات بأنها أرقام جافة، كل رقم في هذا التقرير يُمثّل حياة انتهت قبل أوانها. هذه ليست مآسي مجهولة المصدر، أو لا مفر منها؛ فهي مآسٍ شخصية ويمكن تجنبها». وأضاف: «يجب أن نتحرك بشكل عاجل ونبذل المزيد من الجهود لحماية الأرواح من خلال تحسين البيانات، وضمان مسارات أكثر أماناً، وتعزيز المسؤولية المشتركة».

وبحسب التقرير، فإن 739 من المهاجرين الذين فقدوا أرواحهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2024 هم من مواطني المنطقة، كما أن أكثر من 80 في المائة من هؤلاء فقدوا أرواحهم داخل المنطقة أيضاً.

ويذكر أن تقرير «المهاجرون المفقودون» قد وثق أكثر من 9103 حالات وفاة وفقدان على مستوى العالم في 2024. ويؤدي نقص توفر البيانات إلى استمرار عدم القدرة على رصد الظاهرة، حيث يموت المهاجرون دون الكشف عن هويتهم، وتُترك عائلاتهم في حالة من الكرب، وغالباً دون إجابات أو سبل للإنصاف.

الطرق البحرية لا تزال الأكثر خطورة بين مسارات الهجرة (منظمة الهجرة الدولية)

ودعا التقرير إلى إعادة النظر في كيفية إدارة ملف الهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويسلط الضوء على أهمية تعزيز أنظمة جمع البيانات وتحديد هوية الضحايا عبر الحدود، وتحسين آليات الإنذار المبكر لتنبيه المهاجرين بشكل فعال بشأن المخاطر المحتملة، وبالتالي اتخاذ الإجراءات المناسبة والمساعدة في منع وقوع خسائر في الأرواح أثناء رحلاتهم، وتوفير مسارات هجرة نظامية أكثر فعالية، ودعم سرديات إعلامية مسؤولة ومتوازنة تعكس الطابع الإنساني لسياق الهجرة وتُثري النقاش العام، وتعزيز الانخراط الأكاديمي لسد فجوات البيانات والأدلة والمساهمة في صياغة السياسات.

وتم إطلاق التقرير بالتزامن مع عرض فيلم قصير وحلقة نقاش حول المخاطر والواقع والمسؤوليات المتعلقة بالهجرة غير النظامية في المنطقة، نظمها مركز البيانات الإقليمي التابع للمنظمة الدولية للهجرة بالشراكة مع مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأميركية بالقاهرة ومهرجان «ميدفيست مصر» للأفلام القصيرة الذي يُركز على العلاقة بين السينما والصحة. وناقش المشاركون من منظمات إنسانية وأوساط أكاديمية وإعلامية، الأربعاء، كيف ساهمت عمليات جمع ومشاركة وتحقيق البيانات غير المنسقة والسرديات السلبية والسياسات المحصورة في رد الفعل في استمرار فقدان الأرواح، وأهمية تبني نهج منسق قائم على الأدلة لتغيير هذا الواقع.