بدا أن التعقيدات التي تعترض مسار «هدنة غزة» باتت تخيم على تحضيرات «القمة العربية الطارئة» التي تستضيفها القاهرة، الثلاثاء، لا سيما أن هذه القمة مَعنية ببحث خطة لإعادة إعمار قطاع غزة لا يمكن تنفيذها على الأرض دون وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل من القطاع.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إنه تم الانتهاء من الخطة المصرية - العربية المقترحة لإعادة إعمار قطاع غزة، لكن أحداً لم يطّلع عليها بعد «انتظار لعرضها على قادة الدول العربية» في قمتهم غير العادية المقررة، الثلاثاء، في القاهرة. وتعمل دول عربية رفضت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بسيطرة الولايات المتحدة على غزة وإعادة توطين الفلسطينيين في مناطق أخرى على وضع خطة مضادة لإعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه.
وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد أعلن في مؤتمر صحافي مع نظيره الفلسطيني، محمد مصطفى، السبت، عن اجتماع لوزراء الخارجية العرب، الاثنين في القاهرة «يناقش خطة إعادة إعمار قطاع غزة، تمهيداً لعرضها على رؤساء قادة الدول والحكومات العربية في القمة الطارئة».
وتباينت آراء خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مدى تأثير تعقيدات الهدنة على تحضيرات «القمة العربية» ومخرجاتها، لكن مصدراً دبلوماسياً عربياً مطّلعاً أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «تعقيدات الهدنة تعد إحدى العقبات الرئيسية التي تعترض تنفيذ أي مخطط لإعادة إعمار القطاع، وسيكون التأكيد على أهمية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمراحله المختلفة أحد الأمور المطروحة على جدول (القمة)».
ضغط إسرائيلي
أوقفت إسرائيل دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، الأحد، وسط غموض يكتنف مسار مفاوضات «هدنة غزة» التي انتهت مرحلتها الأولى، السبت، دون اتفاق على المرحلة الثانية. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، إن «تل أبيب ستتبنى مقترح ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي بخصوص وقف إطلاق نار مؤقت في غزة خلال شهر رمضان وعيد الفصح».
في المقابل، أكدت حركة «حماس» أنها «ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار الأصلي الذي يتضمن الانتقال لمرحلة ثانية مع مفاوضات تهدف إلى إنهاء الحرب»، رافضة فكرة «التمديد المؤقت».
ولا يعتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن تعقيدات مسار مفاوضات المرحلة الثانية من «هدنة غزة» قد يكون لها تأثير في «القمة العربية» ومخرجاتها.
وقال إنه «لا يمكن ربط (القمة) بقرارات إسرائيل ومحاولتها التنصل من اتفاق وقف إطلاق النار»، موضحاً أن «(القمة) جاءت بهدف طرح بديل لما اقترحه الرئيس الأميركي بشأن مستقبل غزة».
وأضاف أن «القمة العربية ستبحث القضية الفلسطينية بشكل عام، وسينتج عنها قرارات تتعلق بإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، حيث تتضمن المرحلة الثالثة إعادة إعمار غزة»، مشيراً إلى أنه «بغض النظر عن موقف نتنياهو، فإن مرحلة إعادة الإعمار ستتم سواء الآن أو في المستقبل».
ووفق حسن، فإن «هناك خطة مصرية متكاملة لإعادة الإعمار، من المقرر أن تتبناها القمة العربية لتصبح خطة عربية، كما ستبحث اليوم التالي في غزة، وكيف سيدار القطاع مع تفصيلات أخرى متعلقة بعدم قبول التهجير وما يحدث في الضفة الغربية». وقال: «ستناقش القمة بنوداً متكاملة بشأن القضية الفلسطينية».
«لا إعمار دون وقف النار»
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن تعقيدات «هدنة غزة» ستخيم على تحضيرات «القمة الطارئة»، وقدّر أنه «لا يمكن إعادة الإعمار دون وقف كامل لإطلاق النار».
وأضاف أن القمة العربية «ستطرح رؤية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة تحت شعار (تعمير بلا تهجير)، وستقدم رؤية لليوم التالي في غزة مع مشروع عربي كامل للسلام معتمد على المبادرة العربية للسلام».
وأضاف: «هناك تعقيدات صعبة تعترض مسار وقف إطلاق النار في ظل انقلاب إسرائيل على الاتفاق، ما يفرض تحديات كبيرة على القمة العربية التي لا يمكن التكهن بنجاحها من عدمه في ظل التعقيدات الحالية».
وقال إن «الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي لديه القدرة للضغط على تل أبيب، ومن الممكن استثمار العلاقات العربية معها وإقناعها بقبول المقترح العربي لإعادة الإعمار والضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار»، وشدد على «ضرورة أن تكون إعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل أحد مخرجات القمة».
وخطة إعادة إعمار قطاع غزة هي «خطة قصيرة الأمد، وستتم دون إخراج الفلسطينيين من أرضهم»،
وكان وزير الخارجية المصري، أكد، السبت، «أهمية العمل على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، وصولاً إلى التهدئة الكاملة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع».
وأعربت حركة «حماس»، في إفادة رسمية، السبت، عن «استعدادها للتعاون مع أي مبادرة من شأنها التصدي لمحاولات التهجير من قطاع غزة، وإعادة إعمار القطاع دون المساس بالحقوق الفلسطينية».
وقالت، في رسالة إلى القمة العربية، إنها «حريصة على استكمال باقي مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وصولاً لوقف إطلاق النار الشامل والدائم، وانسحاب إسرائيل الكامل من القطاع، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار».