«المهاجرون السريون» ملف شائك يؤرّق الليبيين

وسط جدل محتدم بشأن عدم وجود إحصائية رسمية

من عملية سابقة لضبط مهاجرين في صبراتة الليبية قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية سابقة لضبط مهاجرين في صبراتة الليبية قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
TT
20

«المهاجرون السريون» ملف شائك يؤرّق الليبيين

من عملية سابقة لضبط مهاجرين في صبراتة الليبية قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية سابقة لضبط مهاجرين في صبراتة الليبية قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

قدّرت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، على لسان وزير داخليتها المكلف عماد الطرابلسي، أعداد المهاجرين غير النظاميين في ليبيا بـ«أكثر من 3 ملايين»، وسط جدل حول حقيقة هذا الرقم «غير المعتمد على إحصائية رسمية»، في وقت أصبح فيه ملف المهاجرين مؤرقاً لليبيين.

مهاجرون سريون تم ضبطهم خلال محاولتهم عبور الحدود الجنوبية لليبيا (الشرق الأوسط)
مهاجرون سريون تم ضبطهم خلال محاولتهم عبور الحدود الجنوبية لليبيا (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد توعد بترحيل المهاجرين قسراً إلى بلدانهم «حفاظاً على الأمن والموارد الليبية»، وسط تدفقات متواصلة لهم عبر حدود بلاده.

ووفقاً لعضو مجلس النواب، عمار الأبلق، فإنه «لا يوجد إحصاء رسمي حول هؤلاء المهاجرين» في بلده؛ مما يؤخر معالجة هذا الملف، لافتاً إلى «صعوبة إمكانية حصر أعدادهم في ظل ما تعانيه ليبيا من انقسام، وأيضاً بسبب اتساع وصعوبة تضاريس الحدود الجنوبية، التي تعد البوابة الكبرى لتدفقاتهم» إلى ليبيا.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة بالغرب الليبي مقراً لها، والأخرى مكلفة من البرلمان، وتحظى أيضاً بدعم قائد «الجيش الوطني» خليفة حفتر، وتدير أغلب مناطق الشرق وبعض مدن الجنوب، برئاسة أسامة حماد.

وكان الطرابلسي قد دعا الاتحاد الأوروبي لتكثيف الدعم لزيادة عدد رحلات العودة الطوعية المهاجرين من ليبيا لبلدانهم «بسبب عدم استطاعة وزارته تحمل تلك التكلفة بمفردها».

جل المهاجرين يقصدون ليبيا لاتخاذها محطة للعبور بحراً نحو أوروبا (الشرق الأوسط)
جل المهاجرين يقصدون ليبيا لاتخاذها محطة للعبور بحراً نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

وقال الأبلق لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب ألا تتحمل ليبيا بمفردها عبء تنظيم رحلات إعادة هؤلاء المهاجرين، وتجب مشاركة الاتحاد الأوروبي في حل الأزمة»، كما رأى أن الحل «يكمن في إيجاد اتفاقيات وشراكات جدية بين الدول المصدرة للهجرة، بالتنسيق مع دول العبور، مثل ليبيا والمنظمات الأممية المعنية بملف الهجرة»، مشيراً إلى ضرورة الانتباه «لما يمثله وجود هؤلاء المهاجرين في ليبيا لفترات طويلة من تهديد ديموغرافي وأمني واقتصادي»، وقال بهذا الخصوص: «إلى جانب دخولهم بشكل غير شرعي لبلادنا؛ هناك جيل ثانٍ منهم وُلِد وتربى بأراضينا، وقد لا نستطيع ترحيلهم في المستقبل، وأغلبهم لم يحصل على قسط تعليمي، ويقبل بأي عمل وأي أجر، وأن ما يجمعونه تحصل عليه عصابات التهريب بغرض الهجرة، أو يرسلونه لأوطانهم».

بالمقابل، رأت أصوات أخرى أن دعوة الطرابلسي «لا تخلو من أهداف سياسية»، وفي مقدمتها إبراز جهود حكومته في منع تدفق المهاجرين للسواحل الأوروبية، وبالتالي مواصلة دول الاتحاد الأوروبي دعم تلك الحكومة سياسياً، بمواجهة غريمتها بالشرق.

مهاجرون سريون في العاصمة طرابلس (أ.ب)
مهاجرون سريون في العاصمة طرابلس (أ.ب)

من جهته، شكّك الناشط الحقوقي الليبي، طارق لملوم، في أعداد المهاجرين التي حددها الطرابلسي، وقال بهذا الخصوص: «يجب التفريق والانتباه في سرد الأرقام بين المهاجر الذي يتخذ من أرضنا محطة عبور لسواحل أوروبا وبين اللاجئ الذي يفر ويقصدها لأسباب قهرية ببلاده كالحرب، مثلما حدث مع الأشقاء بالسودان».

ويعتقد لملوم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدف من حديث الطرابلسي هو «التغطية على الضجة الإعلامية، التي تفجرت في أعقاب نشر مقتطفات من تقرير أممي وثّق مسؤولية بعض قادة المجموعات المسلحة والأجهزة الأمنية بعموم ليبيا، بشكل أو بآخر، عن حدوث انتهاكات حقوقية».

وكانت حكومة «الوحدة»، قد كلفت وكيل وزارة العدل علي الشتيوي بالتحقيق والرد على ما تضمنه تقرير فريق الخبراء المعني بليبيا من ملاحظات ووقائع وانتهاكات منسوبة لبعض أعضاء جهاز الشرطة القضائية بالبلاد.

كما يرى لملوم أن حديث الطرابلسي «جاء محاولةً لتغطية حكومته على إفراج السلطات الإيطالية عن آمر الشرطة القضائية التابع لها أسامة نجيم، وترحيله إلى طرابلس؛ رغم أنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك للاشتباه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، من بينها القتل والتعذيب والاغتصاب».

وإلى جانب التشكيك بالعدد، انتقد لملوم، وهو اختصاصي بشؤون المهاجرين، ما حمله حديث الطرابلسي «من إشارات توحي بأن وزارة الداخلية هي من تتحمل تكلفة رحلات العودة الطوعية لهؤلاء، مشدداً على أن تلك الرحلات «تمول بالكامل بدعم من الاتحاد الأوروبي عبر منظمات دولية معنية بهذا الملف كالمنظمة الدولية للهجرة».

وتوسطت عضو «ملتقى الحوار السياسي»، آمال أبو قعيقيص، الآراء السابقة، مشيرة إلى أنه «بعيداً عن التشكيك بوجود أهداف سياسية من عدمها في حديث الطرابلسي؛ فالواقع الذي يعيشه الليبي هو وجود زيادة ملحوظة في أعداد هؤلاء المهاجرين، خاصة بغرب البلاد».

ودعت آمال أبو قعيقيص، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة مشاركة الدول المصدرة للهجرة غير النظامية كافة في مؤتمر حول هذه الظاهرة؛ ومنها دول الاتحاد الأفريقي للبحث مع الدول الأوروبية عن حلول عملية، ودائمة حول هذه القضية التي تتأثر دول العبور سلباً من تداعياتها.

وانتهت عضو ملتقى الحوار السياسي إلى أن الدعم الدولي لمعالجة أزمة الهجرة «لا ينبغي أن ينحصر في الشق المالي بتقديم الاستثمارات للدول المصدرة للهجرة، ولكن يجب أن يمتد للجوانب الفنية، وذلك بمساعدة ليبيا وغيرها من دول العبور على ضبط الحدود».


مقالات ذات صلة

الدبيبة يدخل على خط المطالبات الدولية بوقف «الاعتقالات التعسفية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال حضوره إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومته حول مطلع هلال شوال (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يدخل على خط المطالبات الدولية بوقف «الاعتقالات التعسفية»

قال رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إن «العدل هو أساس الحكم، والكرامة الإنسانية لا تتجزأ ولا تؤجل ولا تخضع لأي حسابات أو مساومات».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا قوات أمن في العاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

السلطات الأمنية في غرب ليبيا تعلن تفكيك «تنظيم إرهابي»

أعلن جهاز الأمن الداخلي في غرب ليبيا أنه تمكن من تفكيك «تنظيم إرهابي محظور» كان يخطط لتنفيذ سلسلة من «العمليات التخريبية» وسعى للحصول على دعم خارجي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون جرى توقيفهم في شرق ليبيا بانتظار تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)

دعوات في ليبيا إلى التصدي لـ«مهربي البشر» وتقديمهم للعدالة

تجددت في ليبيا المطالب بالتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية وكشف هويات المتورطين في الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

دعوات لتحقيق أممي في «انتهاكات ممنهجة» لحقوق الإنسان بليبيا

دعت منظمات حقوقية وأحزاب وتكتلات سياسية ليبية إلى ضرورة التحقيق في عملية الخطف والاعتقال، واتخاذ مواقف «جادة وحازمة» لإنهاء هذه الممارسات، والانتهاكات الممنهجة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي مستقبلاً وفد ترهونة ( المجلس الرئاسى)

توتر غرب طرابلس بعد الحكم بسجن 6 ليبيين في تونس

على خلفية حكم السلطات التونسية على 6 ليبيين بالسجن 44 سنة، بتهمة التورط في محاولة اغتيال مستشار الدبيبة، أغلق محتجون الطريق الساحلي المؤدي إلى الزاوية.

خالد محمود (القاهرة )

مصر تجاهلت دعوة سفير إسرائيل لحفل استقبال الدبلوماسيين الجدد

سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
TT
20

مصر تجاهلت دعوة سفير إسرائيل لحفل استقبال الدبلوماسيين الجدد

سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست لدى مصر تُقدم أوراق اعتمادها للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)

في الوقت الذي تحدَّثت فيه تقارير صحافية إسرائيلية عن حالة غضب تجاه القاهرة بسبب تجاهل الرئاسة المصرية دعوة السفير الإسرائيلي الجديد لحفل استقبال واعتماد السفراء الجدد بمصر، فإن مصادر مصرية مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «سفير إسرائيل ليس موجوداً في مصر، ولم يحصل على الموافقة الرسمية من القاهرة على قبول ترشيحه حتى الآن».

وكانت الرئاسة المصرية قد أقامت في 24 مارس (آذار) الحالي حفل استقبال تسلَّم خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي أوراق اعتماد 23 سفيراً جديداً لدى مصر، لم يكن من بينهم سفير إسرائيل.

وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، بأن الرئيس السيسي رحَّب بالسفراء الجدد، معرباً عن خالص تمنياته لهم بالتوفيق في أداء مهامهم، مؤكداً حرص مصر على تعزيز العلاقات الثنائية مع دولهم في مختلف المجالات، وأهمية استمرار التواصل والتنسيق والتشاور إزاء مختلف الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية التي تحظى باهتمام مشترك.

وكشفت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب سحبت سفيرتها السابقة، أميرة أورون، من القاهرة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد أيام من هجوم (حماس)، كما سحبت جميع القيادات الدبلوماسية والأمنية المهمة، وأبقت فقط على موظفين في درجات عادية لتسيير الأعمال بسفارتها في مصر».

وأوضحت المصادر أنه منذ هذا التوقيت لم تَعُد السفيرة الإسرائيلية لمصر حتى انتهت مهامها في آخر أسبوع من أغسطس (آب) 2024، ورشحت تل أبيب بعدها أوري روتمان سفيراً جديداً لها لدى مصر، وأرسلت خطاب ترشيحه للخارجية المصرية.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتسلَّم أوراق اعتماد سفراء جدد لدى مصر في 24 مارس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتسلَّم أوراق اعتماد سفراء جدد لدى مصر في 24 مارس (الرئاسة المصرية)

وأشارت المصادر إلى أنه «حتى الآن لم ترد القاهرة على خطاب الترشيح الإسرائيلي، ولم تمنح الموافقة على السفير الجديد، ويبدو الأمر مرتبطاً بالتوتر في العلاقات بين البلدين بسبب الخلافات حول الحرب في غزة».

المصادر نفسها أشارت إلى أن «القاهرة طلبت منذ أشهر من سفيرها في تل أبيب خالد عزمي الحضور لمصر، ولم يَعُد لإسرائيل بعد، في حين أن مدة تعيينه في المنصب لم تنتهِ بعد، وفي الوقت نفسه لم تعلن القاهرة سحبه بشكل رسمي».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد نشرت في تقرير حديث أن الحكومة المصرية لم توجه الدعوة للسفير الإسرائيلي الجديد أوري روتمان لحضور حفل استقبال السفراء في القاهرة الأسبوع الماضي.

وأوضحت الصحيفة أن هذا الإجراء يأتي في إطار التوترات الحالية بين البلدين، مشيرة إلى أن مصر لم تمنح بعد الموافقة الرسمية على تعيين روتمان، رغم تقديم إسرائيل الطلب في أبريل (نيسان) الماضي.

وأفادت الصحيفة بأن التأخير المصري في منح الموافقة للسفير الجديد يعكس تذمر القاهرة من السياسات الإسرائيلية الحالية، خصوصاً فيما يتعلَّق باستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وإصرار تل أبيب على خطة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشيرة إلى أن سفير مصر يتغيب عن تل أبيب في إجازة طويلة بالقاهرة، ضمن خطوات مصر الاحتجاجية ضد السياسات الإسرائيلية.

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس منطقياً أن تمنح القاهرة موافقة على ترشيح سفير جديد لإسرائيل لدى مصر، وتتم دعوته لحفل اعتماد السفراء، ويظهر مع الرئيس المصري، في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بكل هذه الخروقات للقانون الدولي والإنساني، وتواصل حربها المستعرة ضد الفلسطينيين، وكذلك تحتل محور فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام مع مصر، وتغلق المعابر، وتمنع المساعدات من مصر إلى غزة».

وشدد على أن «إسرائيل تُغلق كل أبواب السلام، وتهدد مبادئ حسن الجوار مع مصر، ومن ثم لا يمكن أن تتعامل القاهرة بشكل طبيعي معها وتقبل أوراق سفيرها الجديد وكأن شيئاً لم يكن، وفي ظل عدم موافقة مصر على أوراق ترشيح السفير الإسرائيلي الجديد فلا يمكنه الحضور للقاهرة».

ولم تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً كما الحادث تلك الفترة منذ بدء الحرب الحالية في غزة، خصوصاً بعدما أخلَّت إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» الذي تم التوصل له بوساطة رئيسية من مصر؛ حيث استأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة، ولم تُنفذ تعهداتها بالانسحاب من محور فيلادلفيا والمعابر الفلسطينية.

سفير تايلاند لدى مصر مقدماً أوراق اعتماده للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
سفير تايلاند لدى مصر مقدماً أوراق اعتماده للرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)

وسيطرت القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة مع مصر، بما فيها محور فيلادلفيا، وكذلك معبر رفح، في مايو (أيار) 2024، واتهمت مصر بأنها «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق على حدودها إلى قطاع غزة»، وهو ما نفته القاهرة.

ويُعدّ محور فيلادلفيا منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، يمتد على مسافة 14 كيلومتراً. وجغرافياً، يمتد هذا الشريط الحدودي من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».

ووفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس» الذي نقضته إسرائيل، كان من المفترض أن تبدأ الانسحاب من محور فيلادلفيا في اليوم الأخير من المرحلة الأولى للاتفاق؛ أي اليوم الأول من مارس 2025، على أن تستكمل الانسحاب خلال 8 أيام، ولكنها لم تفعل، واستأنفت القصف على غزة، كما أعلنت عن تشكيل إدارة وصفتها بأنها لتسهيل «المغادرة الطوعية» لأهل غزة، وهو ما رفضته القاهرة وعبَّرت عن إدانته رسمياً؛ حيث تصر مصر على استمرار الفلسطينيين في أرضهم، وقدمت خطة لإعادة إعمار غزة، وتحقيق حل الدولتين، وتمت الموافقة عليها في قمة عربية طارئة قبل 3 أسابيع.

وقال سفير مصر السابق لدى الأمم المتحدة، معتز أحمدين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن فصل عدم موافقة مصر على أوراق ترشيح سفير إسرائيل الجديد عن التوتر والخلافات بين البلدين حول حرب غزة، والخروقات الإسرائيلية على الحدود مع مصر».

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

ولفت إلى أنه «بروتوكولياً لا يوجد وقت معين ملزم للدولة بأن توافق على أوراق ترشيح سفير دولة أخرى، وهذه مسألة متروكة لحرية كل دولة، ومن ثم فلا يمكن لإسرائيل أن تلوم مصر على شيء»، منوهاً في الوقت نفسه بأنه «لا يحضر السفير للبلد المرشح له إلا بعد إبلاغ بلده بالموافقة عليه رسمياً من البلد المستضيف، وإذا حضر يكون حضوره غير رسمي، ولا يمكنه التعامل بالصفة الرسمية للسفير إلا بعد الموافقة».

وأشار إلى أن «تقديم أوراق الاعتماد أمام رئيس الدولة يكون بأسبقية الموافقة، أي أن مَن تتم الموافقة على ترشيحه أولاً يأخذ دوراً متقدماً وهكذا، ومن حق الدولة أيضاً أن تُقيم حفل اعتماد أوراق أمام الرئيس لعدد من السفراء الذين وافقت عليهم بأسبقية أدوارهم، وتؤخر بعض من وافقت عليهم لحفل آخر؛ حيث إن الدولة تُقيم مراسم اعتماد السفراء الجدد كل 3 أو 4 أشهر».