انخرطت تحالفات لأحزاب سياسية ليبية في مشاورات، تهدف للتوصل إلى مبادرة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، تتضمن تشكيل «حكومة موحدة»، على الرغم من إعلان البعثة الأممية عن تشكيل «لجنتها الاستشارية».
وكشف رئيس «الحراك الوطني للأحزاب الليبية»، عمار الديب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن اجتماعين عُقدا بمشاركة التحالفات الحزبية كافة في العاصمة الليبية طرابلس، بهدف التشاور حول تفاصيل هذه المبادرة السياسية، التي يعتقد أنها «بديل لمبادرة جديدة تقودها الأمم المتحدة للحل السياسي».
وفي خطوة تمهيدية لإطلاق مبادرة التكتلات الحزبية الليبية، جرى وضع «الخطوط العريضة» ضمن اجتماع عقد الأحد الماضي، برعاية المعهد الديمقراطي الوطني الأميركي «NDI»، وفق الديب.
ومن المرتقب أن يكون تشكيل «حكومة ليبية موحدة» أحد أهم مسارات المبادرة الحزبية، حسب القيادي الحزبي، الذي أشار إلى «اعتماد تفاصيل بعض مسارات الخريطة ضمن اجتماع بمقر رابطة الأحزاب الليبية في العاصمة طرابلس».
وإلى حين التوصل إلى توافق كامل بشأن بنود خريطة الطريق الخاصة بالمبادرة الحزبية؛ من المقرر أن تستمر اجتماعات التحالفات الحزبية خلال شهر فبراير (شباط) الحالي.
وتأتي المشاورات السياسية بشأن خريطة طريق ليبية تفعيلاً لمذكرة تفاهم وقعتها 8 تكتلات في ليبيا، تضم 70 حزباً سياسياً في يوليو (تموز) الماضي. وكانت هذه التكتلات قد أكدت ضرورة «تعزيز ثقة الجمهور في العمل السياسي والحزبي، من خلال تقديم برامج واقعية تستجيب لتطلعات الشعب».
ومع ذلك لا يرى المحلل السياسي الليبي، محمد امطيريد، جديداً من الممكن أن تقدمه مبادرة الأحزاب، وتوقع أن تكون «استكمالاً لمبادرة القائمة بأعمال رئيسة البعثة الأممية ستيفاني خوري».
وسبق أن أطلقت خوري في إحاطتها أمام مجلس الأمن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «عملية سياسية»، تتضمن «تكوين لجنة من خبراء ليبيين لوضع خيارات، تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية؛ وخيارات لكيفية الوصول إلى الانتخابات في أقصر وقت ممكن»، علماً بأن البعثة الأممية أعلنت أسماء أعضاء لجنة الخبراء هذا الأسبوع.
ولا يُبدي امطيريد تفاؤلاً بالمشاورات حول مبادرة سياسية تطلقها الأحزاب، بل عدّها «مجرد محاولة لن تؤثر على المشهد السياسي، على اعتبار أن الانقسام الليبي الحاصل اليوم آيديولوجي عميق»، مشيراً إلى أن «هذه الأحزاب وليدة اللحظة، ولا تمتلك خبرة أو رصيداً شعبياً يحفز الليبيين على التجاوب مع تفاصيلها».
ولا تتوفر تقديرات موثقة لإجمالي عدد الأحزاب المعتمدة رسمياً من قِبل لجنة حكومية تابعة لحكومة «الوحدة» في غرب البلاد، لكن تقديرات غير رسمية تذهب إلى أنها تقارب 95 حزباً، اندمج كثير منها ضمن تحالفات.
وإلى جانب ما عدّه محللون بأنه «غياب القاعدة الشعبية» لهذه الأحزاب، بما لا يؤهلها لإطلاق مبادرة سياسية، فإن امطيريد يعيد التذكير بأن خوري «استعانت بممثلين للتكتلات الحزبية ضمن اللجنة الاستشارية، وقدموا اقتراحاتهم، في سابقة لم تحدث مع الأحزاب التي باركت بياناتهم هذه المبادرة».
وسبق أن رحب الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية (تحالف حزبي)، بتشكيلة اللجنة الاستشارية، داعياً إلى «ضرورة عدم السماح لأي طرف بإفشالها، وتشكيل حكومة وطنية جديدة موحدة، قادرة على إدارة شؤون البلاد بكفاءة، وصولاً إلى عقد الانتخابات الوطنية، ومراجعة القوانين الانتخابية».
المآخذ السابقة رد عليها رئيس «الحراك الوطني للأحزاب الليبية»، عمار الديب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون حلاً ليبياً بالكامل، يشمل شخصيات حزبية من الشرق والغرب والجنوب، في بلد يعاني تجاذبات إقليمية ودولية، وإعادة تدوير الأزمة بين أجسام سياسية لم تقدم حلولاً لسنوات».
وتساءل الديب: «هل من الأفضل أن يقدم المشهد السياسي الليبي مبادرة حزبية، أم يستسلم لحزب الأمر الواقع في ظل خلافات قائمة بشأن اللجنة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة؟».
في سياق ذلك، يذهب محللون إلى الاعتقاد بأن محاولات تجهيز حل سياسي حزبي للأزمة في ليبيا جاءت وسط تحفظ بعض الأفرقاء الليبيين بشأن اللجنة الاستشارية، التي شكلتها البعثة، والتي يأخذ عليها بعض السياسيين الليبيين، ومن بينهم مستشار المجلس الأعلى الدولة السابق، افتقارها لـ«الثقل المهني والسياسي».
لكن البعثة الأممية تقول إن «لجنتها الاستشارية»، «ليست هيئة لاتخاذ القرارات، أو ملتقى للحوار، بل ستُقدم مخرجاتها للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية».
ومن بين التكتلات الحزبية المشاركة في مشاورات مبادرة الحل السياسي «الحراك الوطني للأحزاب الليبية»، و«رابطة الاحزاب الليبية»، و«تجمع الأحزاب الليبية».