إدارة مصرية «محترفة» للأزمات والكوارث... ما دورها؟

مدبولي يطالب بالاستعداد الدائم في جميع المحافظات لمواجهة الحوادث

رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي لمتابعة قدرات مواجهة الأزمات والكوارث (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي لمتابعة قدرات مواجهة الأزمات والكوارث (مجلس الوزراء)
TT

إدارة مصرية «محترفة» للأزمات والكوارث... ما دورها؟

رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي لمتابعة قدرات مواجهة الأزمات والكوارث (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي لمتابعة قدرات مواجهة الأزمات والكوارث (مجلس الوزراء)

تعتزم الحكومة المصرية تطوير آليات مواجهة الكوارث والأزمات، عبر «إدارة محترفة»، في مختلف المحافظات، بما يسهم في التحرك العاجل والسريع مع الحوادث الكبرى والطوارئ.

وخلال اجتماع حكومي، الثلاثاء، راجع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قدرات عدد من المحافظات في مواجهة الأزمات والكوارث، وأكد بحضور وزيرة التنمية المحلية وعدد من المحافظين، «ضرورة وجود إدارة محترفة لهذه الأزمات»، و«تنسيق التحرك مع مختلف الأجهزة الحكومية، وتوعية المواطنين بدورهم في مواجهة الأحداث الطارئة»، حسب إفادة لمجلس الوزراء.

ووفق بيان الحكومة، تابع مدبولي «إمكانات مراكز السيطرة لخدمات الطوارئ والسلامة العامة بمصر، في مواجهة الأزمات والكوارث والحوادث الكبرى»، إلى جانب «التجهيزات الفنية والقدرات المتاحة لدى أجهزة المحافظات المصرية المختلفة».

وشدد رئيس الوزراء المصري على ضرورة «الاستعداد الدائم من كل الأجهزة المحلية بالمحافظات المصرية، لمواجهة الأزمات والكوارث والحوادث الكبرى». كما استعرض «سيناريوهات مواجهة عدد الأزمات من بعض المحافظين، وخطوات التعامل معها، بما يسهم في التخفيف من وطأتها».

مدبولي خلال الاجتماع بحضور عدد من المحافظين (مجلس الوزراء)

ولا تعني «الإدارة المحترفة» للأزمات، إنشاء إدارات جديدة بالمحافظات، وفق مصدر حكومي، أشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الهدف هو «تطوير طريقة إدارة الأزمات بشكل محترف».

وأوضح المصدر أن «الحكومة أقامت غرف تحكم وسيطرة، للتعامل مع الأزمات، من بينها وحدات متحركة، في كل محافظة، تجمع مسؤولي كل الجهات الحكومية، لتعزيز التنسيق، والتحرك العاجل مع أي حادث طارئ».

ووفق الحكومة المصرية، جرى تدريب مختلف المحافظات، على آليات مواجهة الأزمات والكوارث والحوادث، باستخدام المعدات المطلوبة.

وأشار المصدر إلى «ربط غرف السيطرة والتحكم بالمحافظات، بغرف مركزية لدى الحكومة، بما يعزز من سرعة التواصل والتحرك، وبالتالي التدخل السريع، خصوصاً مع الحوادث الكبرى».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلال تفقده «مركز التحكم المركزي للشبكة الوطنية الموحدة لخدمات الطوارئ»، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن «بلاده وفرت لأول مرة أطقم إدارة أزمة بكل محافظة، مرتبطة بغرف مركزية لإدارة الأزمات»، مشيراً إلى أن «غرف الطوارئ تتيح بيانات المرافق الخاصة بكل محافظة، والقدرة على تحريك ما تحتاجه لدى أي جهة للتعامل مع الطوارئ».

وتعزز غرف «السيطرة والتحكم» من التنسيق السريع بين مختلف الأجهزة الحكومية وقت الأزمات، وفق خبير الإدارة المحلية المصري ومحافظ الإسكندرية والقليوبية الأسبق، رضا فرحات، مشيراً إلى أن «الإدارات المحلية كانت تواجه إشكالات كثيرة في مواجهة الأزمات، بسبب صعوبات التنسيق وضعف القدرات»، عادّاً هذه المراكز «تطوراً نوعياً في مستوى الإدارة الحكومية للكوارث والحوادث».

واستشهد فرحات، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بأزمة الأمطار الغزيرة بمحافظة الإسكندرية عام 2015، مشيراً إلى أن نقص التنسيق المطلوب بين المرافق المختلفة، والأجهزة الحكومية، وعدم توافر المعدات، كل ذلك أسهم في تفاقم الأزمة وقتها.

وتسببت أمطار الإسكندرية عام 2015، في إقالة المحافظ وقتها، هاني المسيري، بعد تعرض شوارع عدة للغرق، ووفاة مواطنين، وانهيار مبانٍ سكنية.

ومع تطوير أدوات التدخل الحكومي للأزمات، يرى خبير الإدارة المحلية ضرورة «استمرار تدريب وتأهيل مسؤولي المحليات والأجهزة الحكومية، على استخدام هذه الآليات في مواجهة الأزمات المختلفة».


مقالات ذات صلة

هل أثّرت «حرب غزة» على جهود التنمية المصرية في سيناء؟

العالم العربي القطار يشق طريقه في سيناء ضمن جهود التنمية (وزارة النقل المصرية)

هل أثّرت «حرب غزة» على جهود التنمية المصرية في سيناء؟

تكثف الحكومة المصرية جهود التنمية في سيناء، رغم شكواها من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية تسببت فيها الحرب الدائرة في قطاع غزة، على الحدود الشمالية الشرقية.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

حفز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة، قطاعات واسعة من المصريين لإرسال استغاثات مماثلة لاستغاثة «بلبن».

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي وزير الإسكان المصري يتفقد منطقة الأعمال المركزية في بكين (وزارة الإسكان المصرية)

مصر تستعين بـ«التجربة الصينية» في إدارة وتشغيل العاصمة الإدارية

تسعى الحكومة المصرية للاستفادة من التجربة الصينية، في نظم الإدارة والتشغيل والصيانة بالمدن الجديدة، وعلى رأسها «العاصمة الإدارية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي وزير الصحة المصري وجّه بتحمل الدولة تكاليف الدراسات العليا للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر لدعم العاملين بالقطاع الصحي وسط جدل حول «هجرة الأطباء»

تسعى السلطات الصحية في مصر لاتخاذ خطوات عملية بهدف تحسين بيئة عمل الأطباء عبر زيادة التعويض عن مخاطر المهن الطبية وتطوير برامج التدريب.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مدبولي (أرشيفية - مجلس الوزراء)

مصر: تصاعد الانتقادات لحكومة مدبولي... هل ينبئ بتغييرات قريبة؟

عقب زيادات متتالية في الأسعار فاقمت من شكاوى الغلاء، بدا أن هناك اتجاهاً متصاعداً لانتقاد الحكومة المصرية برئاسة مصطفى مدبولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية يثير مخاوف الليبيين

وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)
وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)
TT

دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية يثير مخاوف الليبيين

وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)
وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)

فتحت التحقيقات الجارية بشأن دهس سيارة كان يستقلها عنصر بـ«جهاز الدعم المركزي» في العاصمة الليبية، ملف إدماج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفجرت تساؤلات عن مدى تأثير سلوك عناصر تلك التشكيلات على باقي أفراد المؤسسات التي باتت تحتويهم خلال السنوات الماضية.

وسارعت السلطات الأمنية في طرابلس باعتقال سائق السيارة، فيما أمرت النيابة العامة بحبسه احتياطياً على ذمة القضية، لكن الانتقادات الموجهة للتشكيلات المسلحة، والمخاوف من «سلوكياتهم الخطرة» لم تتوقف، خاصة في ظل حوادث سابقة ارتكبها عناصر آخرون، من بينها اتهام رئيس مركز شرطة في مدينة جنزور غرب العاصمة بـ«الاستغلال الجنسي».

الحديث عن دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية بات يثير مخاوف الليبيين (إ.ب.أ)

وجددت تصريحات النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، الأسبوع الماضي هذه المخاوف، بعد تأكيده أنه تبين للنيابة أن «الكثير من العناصر المنضوية في الأجهزة الأمنية صدر بحقها أحكام قضائية».

ويرى عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بالبرلمان الليبي، على التكبالي، أن حادث الدهس، الذي وقع الأسبوع الماضي، «ينم عن سلوك ميليشياوي فوضوي لا يخشى العقاب»، كما «يثبت أيضاً صحة تحذيرات كثير من السياسيين من تداعيات دمج التشكيلات في المؤسستين الأمنية والعسكرية». وقال بهذا الخصوص: «حتماً سيطغى السلوك الفوضوي المائل للعنف على غيره».

وأضاف التكبالي لـ«الشرق الأوسط» موضحاً أنه «ليس من المنطقي دمج عنصر ميليشياوي اعتاد على إشهار سلاحه عند مواجهة أي مشكلة في أجهزة الشرطة، التي تتعامل مع المواطنين»، لافتاً إلى أن هذه العناصر «تحتاج إلى دورات تدريبية قد تمتد لسنوات لضمان انضباطهم، وعدم تأثر سلوك زملائهم في المؤسسات الأمنية بهم».

ويرى التكبالي أن «غياب العقاب» سبب تكرار مثل هذه الحوادث، وقال إن «قيادات التشكيلات المسلحة كثيراً ما وفرت الحماية لعناصرها عند ارتكابهم أي تجاوز؛ ومع انتقال تلك القيادات للأجهزة الأمنية وتوليهم مناصب عليا بها، تكرر سيناريو الحماية والتغطية والتبرير».

وانتقد البرلماني «صمت النائب العام خلال السنوات الماضية عما ذكره في مؤتمره الأخير من حقائق حول خضوع مراكز الإصلاح للميليشيات؛ وتأكيده على أن الأجهزة التي تضطلع بمهام استيفاء الأدلة باتت خائفة؛ لأن بعض الأطراف الخاضعة أمامها تتمتع بنفوذ أو محسوبة على أجهزة (موازية) أو مجموعات مسلحة».

ووثقت مشاهد «فيديو» متداولة للحادث، الذي اتهم فيه عنصر «بجهاز الدعم المركزي» التابع لحكومة «الوحدة»، بدهس عدد من مشجعي كرة القدم خلال خروجهم من ملعب طرابلس.

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وألقى وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي، بالمسؤولية على «قادة تشكيلات مسلحة، تم تصعيدهم ومنحهم رتباً ومواقع عليا خلال السنوات الأخيرة بتلك الوزارة البالغة الأهمية، دون امتلاكهم المؤهلات والخبرات المطلوبة». وقال البرغثي لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولية القيادة «ينبغي أن تمنح لأصحاب الشهادات العلمية المتخصصة والخبرات المهنية، ممن يمتلكون القدرة على وضع الخطط لتأمين الفعاليات الجماهيرية، كالمباريات والتعامل مع المواطنين».

وبدأت سياسة دمج عناصر التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة عقب «ثورة 17 فبراير» 2011، ثم توسعت هذه الإجراءات تباعاً بمنح وتكليف قيادات تلك التشكيلات مناصب قيادية في المؤسستين العسكرية والأمنية.

وأشار البرغثي إلى بيان متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، منسوب لبعض قيادات بوزارة الداخلية، تطالب فيه رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، بإقالة وزيره المكلف عماد الطرابلسي، وشقيقه عبد الله، الذي يترأس «جهاز الأمن العام»، وأرجعوا ذلك «لتظلمهم من التهميش، في ظل دأب الوزير وشقيقه منح الرتب والترقيات والمزايا للمقربين منهم»، وهو البيان الذي لم تؤكده أو تنفه الوزارة.

من جانبه، دعا وزير الداخلية الأسبق، عاشور شوايل، إلى «ضرورة الالتزام الدقيق بمعايير الانتساب المتعارف عليها عالمياً بالكليات والمعاهد الشرطية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر لا يتعلق بتجنيد وتخريج دفعات بالمئات والآلاف سنوياً، دون النظر لخلفيتهم التعليمية، ومراجعة صحيفة سوابقهم الجنائية، ومستوى اللياقة البدنية والحالة الصحية».

ليبيون طالبوا الرئيس عبد الحميد الدبيبة بإقالة وزير الداخلية عماد الطرابلسي (الوحدة)

ويعتقد الوزير الأسبق أن أولى خطوات علاج هذه الأوضاع «تبدأ بمراجعة معايير القبول للضباط وضباط الصف، إلى جانب فحص سجلات وأوضاع المقيدين حالياً كعناصر عاملة بالوزارة، من حيث تطبيق كشوف تعاطي المخدرات والخمور، أو وجود أحكام قضائية».

ورغم إدانته لحادث الدهس، يرى شوايل، أن قائد السيارة المسرعة التي ظهرت بمقاطع الفيديو «ليس وحده الملام»، وانتهى إلى أنه «يفترض في تأمين أي فعالية جماهيرية وجود قيادات في المكان، يرجع إليها أي عنصر قبل اتخاذ أي خطوة، لكننا لم نشاهد تلك القيادات».