قدمت الحكومة المصرية، مؤخراً، تيسيرات جديدة للمصريين المقيمين في الخارج، عبر مبادرة تتيح لهم فتح حسابات مصرفية في البنوك المصرية؛ ما يمكنهم من تحويل مدخراتهم إلى مصر «بأقل عمولة»، وبينما أشاد مراقبون بالخطوة، رأوا ضرورة تقديم مزيد من المزايا عبر المبادرة بما يسهم في زيادة التحويلات.
وأعلن مجلس الوزراء، الثلاثاء، عبر صفحته على «فيسبوك»، خطوات فتح الحساب، والتي لا تستغرق أكثر من 3 أيام، حيث يقدم المغترب الأوراق المطلوبة بعد الاستعلام عنها إلكترونياً عبر السفارات والقنصليات.
وأعلنت الحكومة عن المبادرة لأول مرة في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي «ستُسهم في تشجيع تحويلات المصريين بالخارج إلى البنوك المصرية، وتعزيز استثمارهم لمدخراتهم في الأوعية الادخارية المتاحة داخل مصر، فضلاً عن تيسير الخدمات المصرفية المقدمة لهم»، وفق محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه تحويلات المصريين في الخارج زيادة بنسبة قاربت على الـ50 في المائة، وسط احتفاء رسمي، ووصف الأمر بـ«القفزة التاريخية»، حيث باتت هذه التحويلات «مصدراً رئيسياً في الحصيلة الدولارية للدولة» وفق النائب في لجنة الاقتصاد بمجلس النواب (البرلمان) محمود الصعيدي.
وسجلت تحويلات المصريين في الخارج 23.2 مليار دولار (الدولار 47 جنيهاً)، خلال أول 7 أشهر من عام 2025 بنسبة زيادة 49.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات رسمية في سبتمبر (أيلول) الماضي. وحقق شهر يوليو (تموز) الماضي وحده 3.8 مليار دولار كأعلى مستوى شهري على الإطلاق.
وأرجع الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، القفزة الكبيرة في تحويلات المصريين بالخارج إلى السياسات النقدية والاقتصادية للحكومة، وفي مقدمتها تحرير سعر الصرف، قائلاً بفضل هذا القرار تم القضاء على السوق الموازية (السوداء)، التي كانت تذهب إليها كثير من تحويلات المصريين في الخارج، في ظل التفاوت في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في كل منها.
وقررت الحكومة في مارس (آذار) من عام 2024 تحرير سعر صرف الجنيه، وارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى نحو 50 جنيهاً، بدلاً من نحو 30 جنيهاً.
وأضاف النائب البرلماني: «هذا القرار بالإضافة إلى المبادرات التي سبق أن أطلقتها الحكومة مثل مبادرة السيارات أو إتاحة شراء أرض للمغتربين في الداخل، ومؤخراً مبادرة فتح حسابات في البنوك المصرية كلها ستتيح زيادة العائدات الدولارية للمصريين في الخارج؛ ما يدعم الاقتصاد بوجه عام.
وأطلقت وزارة المالية المصرية في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2022، مبادرة تتيح للمصريين في الخارج استيراد السيارات بتيسيرات جمركية. وفي فبراير (شباط) الماضي، أطلقت مبادرة جديدة لتمكين المصريين في الخارج من شراء منازل وأراضٍ في مصر.

ورحب المصري المقيم في السعودية سامح إبراهيم (36 عاماً) بالمبادرة الحكومية، والتي ستتيح لهم تحويل أموالهم بأقل عمولة ممكنة، بدلاً من الاعتماد على المحافظ الإلكترونية أو الحوالات من الخارج، بالإضافة إلى تمكنهم من ادخار أموالهم داخل مصر، خصوصاً أنه يفكر في العودة والاستقرار في مصر، وفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى سهولة تفاعلهم مع المبادرات إذا كان لهم حساب في بنوك مصرية.
ورغم الإشادات بالمبادرة، يرى الخبير الاقتصادي وائل النحاس أنها «غير كافية»، مطالباً بتقديم حوافز إضافية لتشجيع المصريين في الخارج على التفاعل معها، مثل طرح أوعية ادخارية دولارية بفائدة مرتفعة نسبياً للمصريين في الخارج.
وكان رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، أعلن في مؤتمر صحافي في 6 أغسطس (آب) الماضي، أن الحكومة تبحث مع البنك المركزي طرح أوعية ادخارية مميزة للمصريين بالخارج.
وأشار النحاس في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى عوائق قد تواجه هذه المبادرة مثل «شكاوى سابقة لبعض المغتربين من تعقيدات عند اللجوء إلى السفارات والقنصليات المصرية، أو ارتفاع رسوم المبادرة أو تخوف العميل من الكشف عن بياناته».









