الجزائر: السجن لناشطين بتنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل

موازاة مع اعتقال عضو بارز في إضراب طلاب الطب

الشريف آيت علي (يسار) مع رشيد ولد براهم... المغنيان الأمازيغيان اللذان أدانهما القضاء (الشرق الأوسط)
الشريف آيت علي (يسار) مع رشيد ولد براهم... المغنيان الأمازيغيان اللذان أدانهما القضاء (الشرق الأوسط)
TT
20

الجزائر: السجن لناشطين بتنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل

الشريف آيت علي (يسار) مع رشيد ولد براهم... المغنيان الأمازيغيان اللذان أدانهما القضاء (الشرق الأوسط)
الشريف آيت علي (يسار) مع رشيد ولد براهم... المغنيان الأمازيغيان اللذان أدانهما القضاء (الشرق الأوسط)

أكد محامون وحقوقيون في الجزائر أن محكمة مدينة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة) أدانت، الثلاثاء، عضوين في تنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل الأمازيغية بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ لأحدهما، و5 سنوات مع التنفيذ بحق الثاني. كما جرى الوقت نفسه إيداع طالب بـ«كلية الطيب» الحبس الاحتياطي (غرب البلاد)، وهو يعد أحد قيادات إضراب تشنه كليات الطب منذ 3 أشهر.

فرحات مهني زعيم التنظيم الانفصالي ماك (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)
فرحات مهني زعيم التنظيم الانفصالي ماك (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وشمل حكم السجن المغني المعروف محند شريف آيت علي بلقاسم (69 سنة)، ورفيقه في الفن رشيد ولد إبراهيم (60 سنة)، وقد اتهمت النيابة الأول بـ«الانتماء إلى الحركة من أجل الحكم الذاتي في القبائل»، المعروفة اختصاراً بـ«ماك»، و«إهانة رئيس الجمهورية»، و«الاتجار بالأسلحة»، و«ازدراء الرسول»، بينما وجهت لصديقه تهمة الانتماء للتنظيم المصنف «جماعة إرهابية» ضمن قانون العقوبات.

واعتقل محند شريف في 23 من أبريل (نيسان) 2024 في مطار الجزائر العاصمة أثناء عودته من فرنسا حيث يقيم. وفي اليوم نفسه اعتُقل صديقه الذي يتحدر من قريته بأعالي محافظة تيزي وزو، ووضعهما قاضي التحقيق يومها تحت الرقابة القضائية، وسحب منهما جوازي السفر، على أساس تهم «إرهاب».

ووفق مصادر قضائية على دراية بالملف، تتضمن لائحة التهم ضد الشخصين وقائع تخص نشاط «ماك» في إطار إطلاق حكم ذاتي في المحافظات الناطقة بالأمازيغية، وهي تيزي وزو كبرى مدن القبائل، وبجاية والبويرة وبومرداس، وكلها تقع بالشرق.

اليوتيوبر أمير بو خرص المطلوب من القضاء الجزائري (متداولة)
اليوتيوبر أمير بو خرص المطلوب من القضاء الجزائري (متداولة)

وسبق للسلطات أن اتهمت «ماك» بـ«إرسال أسلحة» إلى هذه المناطق، انطلاقاً من موانئ فرنسية، خصوصاً ميناء مرسيليا بالجنوب. وجرى الصيف الماضي اعتقال شخص ببجاية كان عائداً من مرسيليا، وقالت وسائل إعلام إنه «كان يخبئ أسلحة بسيارته». كما تم اتهام التنظيم ونشطائه بالوقوف وراء حرائق مستعرة بمنطقة القبائل صيف 2021، خلَّفت خسائر بشرية ومادة كبيرة. وسجن في هذه القضية العشرات من الأشخاص.

والمعروف أن القضاء الجزائري أدان رئيس التنظيم المطرب الأمازيغي المعروف، فرحات مهني (72 سنة)، بالسجن 20 سنة مع التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وأطلق مذكرة اعتقال بحقه وطالب فرنسا، حيث يقيم لاجئًا سياسياً، بتسليمه.

الوزير السابق عبد السلام بو شوارب الذي تطالب الجزائر بتسلمه من فرنسا (الشرق الأوسط)
الوزير السابق عبد السلام بو شوارب الذي تطالب الجزائر بتسلمه من فرنسا (الشرق الأوسط)

وكان الرئيس عبد المجيد تبون، قد تناول قضية مطلوبين لدى القضاء يعيشون بفرنسا، في مقابلة مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية نشرتها، الأحد الماضي، مؤكداً أنه «من الغريب أن باريس تمنح الجنسية أو حق اللجوء لأشخاص (جزائريين) ارتكبوا جرائم اقتصادية، أو شاركوا في نشاطات تخريبية على الأراضي الفرنسية»، مبرزاً أن «بعضهم، وفقاً لمعلوماتنا، تم تجنيدهم من قبل جهاز الأمن الفرنسي كمخبرين». وقال أيضاً: «نود أن توافق فرنسا على طلباتنا المتعلقة بتسليم المجرمين، كما فعلت إسبانيا وإيطاليا وألمانيا».

وأهم الموجودين بفرنسا، ممن تطالب بهم الجزائر، ضابط الأمن سابقاً هشام عبود، ووزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب، و«اليوتيوبرز» أمير بو خرص.

وفي سياق إضراب يشنه طلاب الطب منذ 3 أشهر، أودع قاضي التحقيق بمحكمة تلمسان (غرب) الناشط البارز في حركة الاحتجاج، شرف الدين طهراوي، الحبس الاحتياطي في 28 من الشهر الماضي، حسبما أعلنه محاميه كمال رشيد لوح، الاثنين، لصحافيين.

من إضراب طلاب الطب (متداولة)
من إضراب طلاب الطب (متداولة)

وأفادت مصادر قضائية بتلمسان أن ممثل المضربين بكلية الطب المحلية، الشاب طهراوي يقع تحت طائلة تهم «نشر معلومات كاذبة» (تخص ردود الحكومة على مطالب المضربين)، و«المسّ بالنظام العام»، و«المسّ بالمصلحة الوطنية».

ومنذ أشهر توقف طلاب العلوم الطبية عن الدراسة، ما أدى إلى شلل في أهم كليات الطب في البلاد. ومن أهم مطالبهم رفع عدد المناصب في برنامج الإقامة الطبية، والمصادقة على شهاداتهم للاعتراف الدولي بها، وتحسين ظروف التدريب في المستشفيات الجامعية، بالإضافة إلى ضمانات تخص التوظيف بعد نهاية فترة التدريب.

ويعد طهراوي أحد أبرز المتحدثين باسم حركة الاحتجاج. ومنذ الإعلان عن وضعه رهن الاعتقال، أُطلقت حملة واسعة من التضامن من قبل زملائه، داعين إلى إطلاق سراحه.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا بقايا المسيرة بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)

الجزائر تحمل بشدة على جيرانها في الساحل بسبب «قضية إسقاط المسيَّرة»

الحكومة الانتقالية في مالي وجهت اتهامات خطيرة إلى الجزائر ترفضها بقوة، وهي محاولات يائسة تتجلى في مختلف السلوكات المغرضة التي لا أساس لها من الصحة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا محكمة فرنسية (أرشيفية - متداولة)

محكمة فرنسية تقضي بسجن جزائري مدى الحياة لإدانته بتفجير عبوة في 2019

قضت محكمة فرنسية، الاثنين، بالسجن المؤبد في حق جزائري مؤيد لـ«داعش»، بعد إدانته بمحاولة القتل عبر تفجير عبوة ناسفة أسفر عن إصابة 13 شخصاً بجروح.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا 
من استقبال الرئيس تبون للوزير الفرنسي والوفد المرافق له (أ.ف.ب)

الجزائر وفرنسا تطويان صفحة التوتر

طوى الجزائريون والفرنسيون صفحة التوتر بينهما، والأزمة الخطيرة التي مرت بها العلاقات الثنائية منذ اعتراف باريس بـ«مغربية الصحراء»، في نهاية يوليو (تموز) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي (أ.ف.ب)

إقرار صلح بين الجزائر وباريس بعد توترات لامست القطيعة

جرى، الأحد، إقرار صلح بين الجزائر وفرنسا، تبعاً لما اتفق عليه تبون وماكرون، خلال اتصال هاتفي، يوم 31 مارس (آذار) الماضي، حيث أكدا «قوة الروابط بين البلدين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«هدنة غزة» تقترب من «تهدئة محدودة» مع «تفاهمات اضطرارية»

تصاعد الدخان في الأفق شرق مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان في الأفق شرق مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة» تقترب من «تهدئة محدودة» مع «تفاهمات اضطرارية»

تصاعد الدخان في الأفق شرق مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان في الأفق شرق مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يشهد مسار محادثات الهدنة في قطاع غزة تحركات مكثفة، وسط تفاؤل أميركي وحديث عن «تقدم واحتمال إطلاق رهائن قريباً».

ويعزز ذلك وصول وفد من «حماس» إلى القاهرة، السبت، لبحث مستجدات محادثات الهدنة التي تعثرت طوال الأسابيع الماضية، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يقود إلى تهدئة محدودة وجزئية وليست شاملة، مؤكدين أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يتحدث عن تقدم لولا أنه واثق من أن حركة «حماس» قدمت «مرونة»، و«تفاهمات اضطرارية» لتجاوز مأساة قطاع غزة الحالية.

وتحدث مصدر فلسطيني مقرب من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، عن أن وفداً من الحركة سيصل السبت إلى القاهرة، للقاء المسؤولين المصريين لبحث مستجدات في ملف اتفاق الهدنة، غير أنه قال إنه «لم يعرض على الحركة بعد تفاصيل كاملة (عما هو مُقترح) وربما يظهر ذلك في اللقاء المرتقب».

وتأتي الزيارة بعد ساعات من حديث ترمب عن أن «تقدماً» يتحقق فيما يتعلق بوقف إطلاق النار بغزة، وأن واشنطن تتواصل مع إسرائيل والحركة الفلسطينية، بحسب وكالة «رويترز»، في أول تفاؤل أميركي يطرح علناً منذ انهيار وقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، مع استئناف الجيش الإسرائيلي الحرب، عقب عدم التوصل لتفاهمات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة الذي بدأ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي وانتهت مرحلته الأولى مطلع الشهر الماضي.

ولم يوضح ترمب المتفائل بقرب حدوث اتفاق طريقة التواصل مع «حماس»، غير أن «نيويورك تايمز» الأميركية، كشفت في 10 أبريل (نيسان) الحالي، عن أن مسؤولين أميركيين سبق أن التقوا بـ«حماس» ثلاث مرات في مارس الماضي، مخالفين بذلك سياسة منع التواصل مع جماعة تعدها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، لكن المعارضة الإسرائيلية وتغيّر المواقف من الحركة «أفشلا هذه الجهود».

وسبق تفاؤل ترمب إبلاغ مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عائلات الرهائن الإسرائيليين بأن «صفقة جادة على الطاولة و(أنها) مسألة أيام قليلة حتى يتم عقدها»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الخميس، لافتة إلى أن الاتفاق المرتقب جزء من صفقة شاملة تشمل نهاية للحرب.

وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، في رسالة بمناسبة عيد الفصح اليهودي الذي يحل في 20 أبريل (نيسان) الحالي، تعهده بإعادة الرهائن، بعد ساعات من قوله في اجتماع مع وزرائه الخميس: «إننا نقترب من إعادتهم».

الخبير في الشؤون الإسرائيلية، بمركز الأهرام للدراسات، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التطورات في الخطاب الأميركي والإسرائيلي أو في زيارة «حماس» للقاهرة «تقول إننا إزاء هدنة مؤقتة ومحدودة وليس إنهاء للحرب باعتبار ذلك احتمالاً صعباً حالياً ولن يقبل به نتنياهو الذي يريد نزع سلاح (حماس) والاستمرار في الحكم مستغلاً مواقف الحركة في تأمين بقاء حكومته وعدم تعرضه للمحاكمة لاحقاً»، مؤكداً أن حديث ترمب أيضاً يكشف عن أن «حماس ربما غيرت من مواقفها السابق التي أفشلت اللقاءات المباشرة مع الإدارة الأميركية وقبلت باتفاق في الكواليس تحت تفاهمات اضطرارية».

امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل جثة رضيع مُكفَّنة قُتل في غارة إسرائيلية على حي الشجاعية خلال وقت سابق (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل جثة رضيع مُكفَّنة قُتل في غارة إسرائيلية على حي الشجاعية خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، أن «حديث ترمب يعكس تفاؤلاً واقعياً، لكن يجب أن يكون بخطوات أميركية لإنهاء الحرب»، مشيراً إلى أن «الحركة لا تزال متمسكة بروح الاتفاق الأول ومع ذلك هناك انفتاح من جانب الحركة لتقديم مبادرات مرنة، بشرط أن تضمن وقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار، لا مجرد تهدئة مؤقتة في ظل رفض المقاومة الفلسطينية، صيغة الأسرى مقابل الهدوء المحدود».

ووسط تلك التطورات بشأن مفاوضات الهدنة، أشار وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي بأنطاليا التركية، عقب اجتماع عربي - إسلامي، وآخر موسع بحضور أوروبي بشأن غزة، الجمعة، إلى أن بلاده «تواصل المفاوضات بين طرفي النزاع، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، لاستئناف اتفاق وقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية».

عائلات فلسطينية تغادر القطاع الشرقي من قطاع غزة عقب غارات جوية في وقت سابق (أ.ف.ب)
عائلات فلسطينية تغادر القطاع الشرقي من قطاع غزة عقب غارات جوية في وقت سابق (أ.ف.ب)

وأفادت القناة الإخبارية «الـ13 الإسرائيلية»، الجمعة، بأنه «تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري الأمني المصغر الكابينيت، الخميس، من قبل رئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية رون دِيرمر، نلاحظ تغيّراً في موقف (حماس) وأن الوسطاء يعملون على صياغة اقتراح جديد وجدي».

ووفق «القناة» ذاتها «تتبلور بين الولايات المتحدة ومصر مقترحات جدّية تقترب مما يمكن لإسرائيل أن توافق عليه سواء من حيث عدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم، أو من حيث عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في المقابل والحديث يدور عن إطلاق سراح أكثر من 5 رهائن أحياء».

ويتوقع عكاشة أن يكون المقترح المصري المثار حلاً وسطاً يطلق سراح بين 7 أو 8 رهائن ويتجاوز المقترحات السابقة لاسيما الإسرائيلية التي كانت تتمسك بـ11 رهينة، مشيراً إلى أنه «ليس أمام (حماس) سوى القبول بالهدنة المؤقتة والقبول بتفاهمات اضطرارية في الكواليس لعل الأمور تتغير لاحقاً بعد تسليم الرهائن، خصوصاً أن ورقة الرهائن التي لدى الحركة تضعف».

في المقابل يعتقد المدهون أن «(حماس) تتجاوب بإيجابية مع الجهود المصرية والقطرية، وتؤكد استعدادها للتفاعل مع أي وساطة جادة تهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار، لا إلى تهدئة محدودة أو جزئية»، مشيراً إلى أن «المقترحات ما زالت تكراراً لأفكار سابقة، ولا تتضمن وقفاً شاملاً ودائماً للعدوان، ولا وقفاً حقيقياً للإبادة الجارية حتى اللحظة، ومن الصعب الجزم باتفاق قريب، خاصة أن هناك موقفاً ثابتاً لدى الحركة يتضمن أن الاتفاق الحقيقي الذي يمكن أن يُقبل يجب أن يتضمن وقفاً دائماً للعدوان، وانسحاباً كاملاً للاحتلال من غزة».