اعتقال مدير سجن ليبي في إيطاليا يفتح ملف المطلوبين «للجنائية الدولية»

وسط دعوات حقوقية لإنهاء «الإفلات من العقاب»

أسامة نجيم رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل بطرابلس (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)
أسامة نجيم رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل بطرابلس (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)
TT

اعتقال مدير سجن ليبي في إيطاليا يفتح ملف المطلوبين «للجنائية الدولية»

أسامة نجيم رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل بطرابلس (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)
أسامة نجيم رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل بطرابلس (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)

فتح إلقاء السلطات الإيطالية القبض على أسامة نجيم، مدير سجن بالعاصمة الليبية طرابلس، ملف المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم التعذيب والإخفاء القسري، وانتهاك حقوق الإنسان في ليبيا.

وكانت السلطات الإيطالية قد أوقفت نجيم، رئيس جهاز الشرطة القضائية ورئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس (الرئيسية)، دون الكشف عن أسباب ذلك، لكن وسائل إعلام إيطالية قالت، مساء الاثنين، إن اعتقال نجيم في مدينة تورينو جاء بناءً على مذكرة اعتقال صادرة عن «الجنائية الدولية».

وزيرة العدل في حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في زيارة لأحد السجون (وزارة العدل)

ونقلت وسائل إعلام محلية عن وسائل وصحف إيطالية، من بينها «ريبورت ديفسا» و«لا ريبوبليكا»، أن اعتقال رئيس جهاز الشرطة القضائية، التابع لـ«ميليشيا الردع»، جاء لاتهامه في عمليات «تعذيب» بسجن معيتيقة بطرابلس.

ولم تؤكد السلطات الأمنية في طرابلس أو تنفي هذه الاتهامات، لكن حقوقيين ونشطاء سياسيين تفاعلوا مع عملية توقيف نجيم، حيث قال الإعلامي الليبي خليل الحاسي: «من الطبيعي أن نسمع عن إلقاء القبض في إيطاليا على نجيم (...)»، لافتاً إلى «وجود بعض التغييرات التي طرأت في نظام العقوبات الخاص بالملف الليبي، والتي ستجعل سفر المجرمين من ليبيا صعباً للغاية حتى إلى الدول القريبة».

النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قد أعلن عن قائمة تضم عديد المطلوبين للمحكمة الجنائية، تم تحديد 6 أسماء من بينهم بتهم تعذيب وقتل، وليس من بينهم نجيم، وسبق أن تضمنه تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكّلة من المجلس التنفيذي لحقوق الإنسان.

وعقب توقيف نجيم توقع سياسيون ونشطاء ليبيون أن القائمة، التي تحدث عنها خان، تضم مطلوبين آخرين لم يأت على ذكرهم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أعلن خان رفع السرية عن مذكرات القبض الست الصادرة بحق مطلوبين في جرائم «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة (95 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس).

والمطلوبون للمحكمة الجنائية هم: عبد الرحيم الكاني، ومخلوف دومة، ومحمد الصالحين، وناصر مفتاح ضو، وفتحي الزنكال، وعبد الباري الشقاقي.

ووسط توقع مزيد من الاعتقالات في صفوف القيادات الأمنية المتهمة، المحسوبة على الكتائب المسلحة، رحبّت «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» بخبر اعتقال نجيم، بناءً على ما وصفته باتهامات تتعلق «بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان» في البلاد.

أعضاء هيئة البحث عن المفقودين تبحث عن جثث مفقودين في ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

وفيما عدّت المنظمة هذه الخطوة «تطوراً مهماً في مسار محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والمستمرة في ليبيا»، طالبت السلطات الإيطالية «بضمان تقديم المتهم إلى العدالة الدولية، وعدم تسليمه إلى السلطات الليبية».

وشددت المنظمة على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب في ليبيا، وجددت التزامها بمواصلة توثيق الانتهاكات وتعزيز جهود المحاسبة ومناصرة الضحايا».

وترصد منظمات حقوقية كثيراً من الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في السجون والمعتقلات بجميع أنحاء ليبيا. وكان حقوقيون ونشطاء ليبيون قد تداولوا على نطاق واسع مقاطع فيديو، غير معلوم تاريخها، قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات (شرق)، تُظهر اعتداءات عنيفة على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب المتواصل، وهم يتقافزون من شدة التعذيب والألم، فيما يتوسل بعضهم بلكنات غير ليبية.

وشحات الواقعة في شمال شرقي ليبيا تابعة لنفوذ القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، ولحكومة أسامة حمّاد، التي لم تعلق على وقائع التعذيب التي أثارت استنكاراً واسعاً بين الليبيين، وفتحت الباب للمطالبة بضرورة التحقيق فيها.

والأسبوع الماضي، قالت «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» إنها أرسلت خطاباً عاجلاً إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، تطالب فيه بتسريع التحقيقات، وإصدار مذكرات قبض ضد المسؤولين عن الجرائم المُرتكبة في مجمع سجون قرنادة.

غير أن الحديث عن سجن «قرنادة»، وما يشهده من أعمال «تعذيب»، أعاد الحديث عن بقية السجون الليبية، وما يرتكب فيها من انتهاكات بحق الموقوفين، من بينها «معيتيقة»، و«الهضبة»، و«صرمان».

ورصدت الأمم المتحدة في تقرير سابق قدمته إلى مجلس الأمن، احتجاز آلاف المواطنين، في مرافق تخضع اسمياً لسيطرة وزارتي الداخلية والدفاع التابعتين للسلطة في طرابلس، أو في مرافق تديرها جماعات مسلحة، و«لم تتح لهؤلاء المحتجزين فرصة للطعن في مشروعية احتجازهم».

ويُنظر إلى هذه السجون والمعتقلات، وفقاً لروايات من دخلوها وعايشوها، على أنها «عالم سري مخيف، ليس لتنفيذ محكومية محددة بحكم قضائي مُعلن، بقدر ما هي غياهب يُلقى فيها من يُراد له الاختفاء، مؤقتاً أو بشكل دائم».

وفور انتهاء الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس مطلع يونيو (حزيران) 2020، عثر مواطنون في ترهونة على مقابر، ضمت مئات الجثث من مختلف الأعمار، كما أظهرت مقاطع فيديو عمليات الكشف وانتشال عشرات الجثث لأشخاص بعضهم مكبل اليدين، بينهم أطفال، الأمر الذي أحدث ردود فعل محلية ودولية واسعة.

وكان الساعدي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، قد دخل على خط الأزمة، وقال مدافعاً عن نجيم، عبر حساب منسوب له على منصة «إكس»: «عاملني معاملة طيبة عندما كنت في سجن (قوة الردع)، أتمنى أن يعود سالماً في أقرب وقت».


مقالات ذات صلة

هولندا تتعهد بضمان استمرار عمل المحكمة الجنائية الدولية

أوروبا رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف (إ.ب.أ) play-circle

هولندا تتعهد بضمان استمرار عمل المحكمة الجنائية الدولية

أكد رئيس الوزراء الهولندي، الجمعة، أن بلده سيسعى لضمان استمرار عمل المحكمة الجنائية الدولية، التي يقع مقرها في لاهاي، رغم العقوبات الأميركية المعلَنة ضدّها.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

ترمب يُعاقب المحكمة الجنائية الدولية بسبب اتهاماتها ضد إسرائيل

فرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، عادّاً أن تحقيقاتها «تُهدد الأمن القومي» للولايات المتحدة وحلفائها، في إشارة إلى إسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز) play-circle

بعد عقوبات أميركية عليها... إسرائيليون يواصلون العمل مع «الجنائية الدولية»

قالت محامية تمثل مصابين وعائلات قتلى إسرائيليين في هجوم حركة «حماس» الذي أشعل الحرب بقطاع غزة إن موكليها سيواصلون العمل مع المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (أ.ب)

79 دولة تحذّر من تأثير عقوبات ترمب على المحكمة الجنائية الدولية

أكدت 79 دولة، الجمعة، دعمها المستمر والثابت لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية وحيادها ونزاهتها، محذرة من اتخاذ أي تدابير عقابية ضدها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

شولتس: ترمب أخطأ في فرض عقوبات على «الجنائية الدولية»

قال المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الجمعة إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخطأ في فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لأنها تهدد مؤسسة مهمة.

«الشرق الأوسط» (لودفيجسبورج)

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة بدء عملية التعافي المبكر لقطاع غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي السيناتور كريس فان هولن عضو مجلس الشيوخ الأميركي بواشنطن («الخارجية» المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي السيناتور كريس فان هولن عضو مجلس الشيوخ الأميركي بواشنطن («الخارجية» المصرية)
TT

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة بدء عملية التعافي المبكر لقطاع غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي السيناتور كريس فان هولن عضو مجلس الشيوخ الأميركي بواشنطن («الخارجية» المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي السيناتور كريس فان هولن عضو مجلس الشيوخ الأميركي بواشنطن («الخارجية» المصرية)

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الاثنين، ضرورة بدء عملية التعافي المبكر لقطاع غزة، وإزالة الركام، وإعادة الإعمار ضمن إطار زمني محدد، و«دون خروج الفلسطينيين من أرضهم التي يتمسكون بها».

وشدد عبد العاطى، خلال لقائه السيناتور كريس فان هولن، عضو مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن، على أهمية إيجاد أفق سياسي للقضية الفلسطينية يسفر عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتمتُّع الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير.

وشدَّد وزير الخارجية المصري، في بيان، على وجود توافق عربي كامل على مسألة رفض تهجير الفلسطينيين.

وقال تميم خلاف، المتحدث باسم «الخارجية» المصرية، إن اللقاء تناول سُبل دعم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وأن الوزير عبد العاطي أشار إلى ما تُشكله «الشراكة المصرية الأميركية والتعاون المشترك من ركائز أساسية في سبيل دعم هذه الجهود».

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، أن القاهرة ستستضيف قمة عربية طارئة في 27 فبراير (شباط) الحالي؛ لبحث التطورات «المستجدّة والخطيرة» للقضية الفلسطينية.

تأتي القمة وسط تنديد إقليمي وعالمي واسع النطاق لاقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب «السيطرة على قطاع غزة» من إسرائيل، وإنشاء ما وصفها بـ«ريفييرا الشرق الأوسط» بالقطاع، بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى.