الحكومة الجزائرية تحضّر لفرض «قيود جديدة» على المنظمات الأجنبية

عاملون في جمعية أجنبية رفعوا تحفظات إلى الرئاسة

رئيس «مرصد المجتمع المدني الجزائري» (يمين) مع المقرر الأممي لحرية التجمع في سبتمبر 2023 (المرصد)
رئيس «مرصد المجتمع المدني الجزائري» (يمين) مع المقرر الأممي لحرية التجمع في سبتمبر 2023 (المرصد)
TT

الحكومة الجزائرية تحضّر لفرض «قيود جديدة» على المنظمات الأجنبية

رئيس «مرصد المجتمع المدني الجزائري» (يمين) مع المقرر الأممي لحرية التجمع في سبتمبر 2023 (المرصد)
رئيس «مرصد المجتمع المدني الجزائري» (يمين) مع المقرر الأممي لحرية التجمع في سبتمبر 2023 (المرصد)

أعدت الحكومة الجزائرية ترتيبات جديدة، تخص الجمعيات الأجنبية والمنظمات الدولية غير الحكومية، تتمثل في فرض قيود وموانع يترتب على عدم احترامها، الحظر، وإبعاد العاملين بها إن كانوا غير جزائريين.

وقال ناشطون بفروع تنظيمات أجنبية، تعمل في مجال الإغاثة وحقوق الإنسان بالجزائر، إن معلومات وصلتهم تفيد بأن وزارة الداخلية أعدت تعديلات تخص قانون الجمعيات الصادر في 2012، مؤكدين أن الحكومة لم تطلعهم عليها، وأنهم يترقبون إحالتها على مجلسي الحكومة والوزراء حتى يعرفوا مضمون هذه التعديلات، وسيدرسها البرلمان في مرحلة لاحقة، قبل المصادقة عليها.

وزير الداخلية صرح في مارس 2024 بأن الرئيس طلب نسخة ثانية من تعديل قانون الجمعيات (وزارة الداخلية الجزائرية)

وكانت صحيفة «الوطن» الفرنكوفونية، قد كتبت في عدد الاثنين الماضي أن مسعى الحكومة يوجد حالياً في مرحلته التمهيدية، مؤكدة أن التغيير الذي تقترحه «يهدف إلى إدخال أحكام جديدة تقيد الإطار القانوني، الذي يتيح تأسيس المنظمات الأجنبية في الجزائر».

ووفق «الوطن»، سيكرس القانون في صيغته الجديدة المرتقبة تغييراً في تسمية الجمعيات الأجنبية. فبعد اعتماد المشروع الجديد ستدعى «جمعية صداقة وتبادل مع الأجانب». كما لن يكون ممكناً إطلاق جمعية أجنبية إلا في وجود معاهدة صداقة، أو تبادل في مجال اختصاص الجمعية، بين الجزائر وبلد منشئها.

وتلزم التعديلات الجديدة، الجمعية الأجنبية، بالحصول على موافقة وزير الداخلية على فتح مكتب لها، وقبل أن يعطي موافقته يستشير وزير الخارجية في الأمر. كما يشترط توفر 25 عضواً مؤسساً على الأقل، 10 منهم يجب أن يكونوا من الأجانب المقيمين بالجزائر. وهذه الشروط غير موجودة في القانون الحالي.

وأفاد عاملون بمكتب جمعية أجنبية بأنهم رفعوا تحفظات إلى الرئاسة، بعد اطلاعهم على المسودة الأولى من القانون في بداية 2024، مؤكدين أن بعض مواد النص «تتعارض مع الدستور»، من دون توضيح ما هي تحفظاتهم، ولا النصوص التي لا تتلاءم مع الدستور.

الرئيس تبون طلب قراءة ثانية للمشروع التمهيدي للقانون الذي يحدد طريقة تأسيس الجمعيات (د.ب.أ)

وفي مارس (آذار) من العام الماضي، صرح وزير الداخلية إبراهيم مراد للصحافة أن الرئيس عبد المجيد تبون «طلب قراءة ثانية للمشروع التمهيدي للقانون، الذي يحدد طريقة تأسيس الجمعيات». ولم يذكر الوزير أسباب هذا الطلب، علماً بأن القانون يغطي الجمعيات المحلية والأجنبية في الوقت نفسه.

وكلف وزير الداخلية «المرصد الوطني للمجتمع المدني» بإطلاق استشارة بهذا الخصوص على منصته الإلكترونية، يطلب فيها من الجمعيات مقترحاتها بشأن تطوير القانون، لكنه لم ينشر أي تفصيل بشأن مشروع تعديل القانون.

ولما زار مقرر الأمم المتحدة لحرية التجمعات، كلمنت فول، الجزائر، في سبتمبر (أيلول) 2023، استعلم حول قانون الجمعيات واجتمع مع النشطاء بخصوصه، كما تباحث مع أعضاء بالحكومة، و«مرصد المجتمع المدني»، بشأن ظروف عمل المنظمات الدولية غير الحكومية.

أما عن تأسيس الجمعيات المحلية، فيعتمد المشروع على «نظام التصريح» مثلما نص عليه الدستور، بعد مراجعته في 2020. وبكلام آخر، يكفي أن يقدم مؤسسو «جمعية أوراق» طلب الاعتماد بوزارة الداخلية ليتم الترخيص لهم بالنشاط. وبدلاً من الدعم المالي، الذي تقدمه الحكومة كل سنة للجمعية، ينص المشروع الجديد على أنها مطالبة بإطلاق مشروعات مربحة، تتعهد الحكومة بمرافقتها وإسنادها.

وكانت سلطات البلاد قد أوقفت عمل جمعية «كاريتاس» الخيرية الكاثوليكية عام 2022، بدعوى أنها «غير مرخصة»، على الرغم من أن لها 60 سنة من النشاط في الجزائر في عدة مجالات، من بينها تقديم مساعدات للمهاجرين.

وتفرض الجزائر رقابةً صارمةً على الأنشطة، التي تؤديها الجمعيات والمنظمات الأجنبية، خصوصاً في مجالات حقوق الإنسان والإصلاح السياسي. وغالباً ما تتعامل مع هذه المنظمات على أنها «قد تكون لها أجندات سياسية قد تضر بالاستقرار الداخلي».


مقالات ذات صلة

الموت يُغيّب أحمد غزالي رئيس حكومة الجزائر الأسبق

شمال افريقيا سيد أحمد غزالي (موقع الشرق الأوسط)

الموت يُغيّب أحمد غزالي رئيس حكومة الجزائر الأسبق

توفي، الثلاثاء، سيد أحمد غزالي، رئيس حكومة الجزائر الأسبق بمستشفى عين النعجة العسكري في العاصمة الجزائرية، عن عمر ناهز 88 عاماً.

شمال افريقيا الشريف آيت علي (يسار) مع رشيد ولد براهم... المغنيان الأمازيغيان اللذان أدانهما القضاء (الشرق الأوسط)

الجزائر: السجن لناشطين بتنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل

إدانة عضوين في تنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل الأمازيغية بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ لأحدهما، و5 سنوات مع التنفيذ بحق الثاني.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

أكبر حزب «إسلامي» جزائري يبدي قلقاً من حديث تبون عن «التطبيع»

أبدى أكبر «حزب إسلامي» في الجزائر قلقاً من تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون أكد فيها استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل عندما تقوم دولة فلسطينية كاملة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد اجتماع لمجلس الوزراء الجزائري يبحث خطة 2025 لترشيد الإنفاق (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر تتخذ إجراءات صارمة للسيطرة على الإنفاق العام

وجهت الحكومة الجزائرية تعليمات صارمة للوزارات والأجهزة والهيئات التابعة لها، تتعلق بتقليص الإنفاق الحكومي، والسيطرة على المصروفات والاستهلاك العام.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

مفاوضات بين الجزائر وبروكسل لإعادة التوازن في «اتفاق الشراكة»

أطلقت الجزائر والاتحاد الأوروبي جولة أولى من المفاوضات حول «اتفاق الشراكة»، الذي يجمعهما منذ عام 2005.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

حكومتا ليبيا تؤكدان رفضهما تهجير سكان غزة

حكومتا ليبيا تؤكدان بشكل قاطع رفضهما تهجير سكان غزة (د.ب.أ)
حكومتا ليبيا تؤكدان بشكل قاطع رفضهما تهجير سكان غزة (د.ب.أ)
TT

حكومتا ليبيا تؤكدان رفضهما تهجير سكان غزة

حكومتا ليبيا تؤكدان بشكل قاطع رفضهما تهجير سكان غزة (د.ب.أ)
حكومتا ليبيا تؤكدان بشكل قاطع رفضهما تهجير سكان غزة (د.ب.أ)

رفضت حكومتا ليبيا بشكل مطلق الممارسات الهادفة إلى تهجير سكان غزة، وأكدتا على موقفهما الثابت والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على لسان وزارة خارجيتها، الخميس، إنها ضد «التهجير القسري أو الطرد التعسفي للفلسطينيين، أو تغيير التركيبة الديمغرافية للأراضي المحتلة، أو فرض سياسات عنصرية تكرّس الاحتلال»، مؤكدة موقفها «الثابت والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، بما يحقق تطلعاته العادلة في الحرية والكرامة والعدالة».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة (الوحدة)

كما شدّدت «الوحدة» على رفضها المطلق لأي ممارسات تهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للأراضي المحتلة، أو فرض سياسات عنصرية تكرّس الاحتلال، وتنتهك أبسط حقوق الإنسان، وأدانت أي أعمال عنف تستهدف المدنيين، أو تُستغل ذريعة لاستدامة الاحتلال، وتقويض فرص تحقيق السلام العادل.

وأضافت حكومة «الوحدة» أنها «في ظل التصعيد الخطير للخطاب العنصري والممارسات القمعية ضد الشعب الفلسطيني»، تُعرب عن «استنكارها الشديد» لأي شكل من أشكال العنف السياسي، أو جرائم الكراهية التي تستهدف الفلسطينيين. ورأت أن مثل هذه الممارسات «تشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الجنائي الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما تمثل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الإقليمي والدولي، وتقوّض الجهود الرامية إلى تحقيق الحل الشامل».

ورأت حكومة «الوحدة» أن «الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم، وذلك من خلال تفعيل مبادرة السلام العربية، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة».

كما حثت حكومة «الوحدة» المجتمع الدولي على تحمّل مسؤولياته «بجدية أكبر»، وعدم السماح باستخدام القوة وسيلة لفرض واقع جديد على الأرض، وانتهت إلى أن «السلام العادل ليس مجرد خيار أخلاقي، بل هو ضرورة استراتيجية لاستقرار المنطقة والعالم»، داعية جميع الأطراف إلى التمسك بالحوار.

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الاستقرار)

في السياق ذاته، شدّدت حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب الليبي، على «رفضها القاطع» لجميع الممارسات، التي تهدف إلى تقويض حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك «شرعنة الاستيطان، وضم الأراضي، والتهجير القسري، سواء كان بشكل مؤقت أو دائم». وحثت المجتمع الدولي على الوقوف ضد محاولات تهجير الفلسطينيين من غزة، مؤكدة ضرورة استدامة وقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع، كما دعته إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في «وقف الانتهاكات المستمرة من الكيان المحتل».

وانتهت حكومة حماد إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتحقيق العدالة والسلام الدائمين.

يُشار إلى أن حكومتي الدبيبة وحماد تتصارعان على السلطة، ونادراً ما تجتمعان على تأييد قضية واحدة.